يتم التحميل...

الموضوع: هدف الثورة الأصلي هو إقرار النظام الإسلامي في العالم‏

خطاب

الحاضرون: نساء أهواز وقم وبروجرد

عدد الزوار: 162

التاريخ: 11 خرداد 1358 هـ. ش/ 6 رجب 1399 هـ. ق‏
المكان: قم‏
الحاضرون: نساء أهواز وقم وبروجرد

بسم الله الرحمن الرحيم

النهضة إلهيَّة إسلامية

كانت هذه النهضة حتَّى الآن- بحمد الله- مثمرة كثيرا، ولو أنّنا في بداية الأمر.

فهذه النهضة هي التي دعتنا نحن وأنتم أن نجتمع، ونتناول ما لدينا من قضايا، وما كان هذا ميسوراً من قبلُ، فقد كنّا في جانب، وأنتم في جانب آخر، وعامَّة الشعب في حالة التشرذم.

فأوجبت هذه النهضة الإلهية أن تجتمع تلك المتفرّقات، وتعرض فيما بينها تلك الأمور التي يجب أن تستمع إليها وتقولها، لتحلّ- إن شاء الله- ونبلغ نحن مالدينا من غاية.

القضايا كثيرة، لكن المهمّ الآن ونحن في عرض الطريق، ولمّا نبلُغ المراد هو أنّنا رفعنا الحواجِز، وإلّا فالمقصد أسمى من هذه المعاني.
المهمّ هو أن تبقى الثورة محفوظة.

هذه الثورة التي كان لها هذه القدرة التي هزمت مثل هذه القدرة الشيطانية ومحمد رضا الذي كان في الوقت نفسه قدرة عظيمة خلفها كل القدرات، كل القدرات التي كانت في العالم كانت موافقة له ومعارضة لنا.
مع ذلك انتصرت هذه الثورة، لأنها إلهية، لا مادّية ولا وطنية.

كانت هذه الثورة إلاهية إسلامية، ومن هنا انتصرت، وما استطاعت كلُّ القوى أن تحفظ هذا الشيطان، فولَّى، وماله من رجعة، لكنّ المسألة لم تكن أن يذهب.
كانت المسألة أَنْ تقطع أيدي جميع القوى بعد ذهابه، وهذا ماحصل أيضا.

ولهذه القضية جذور طبعاً، وستزول إن شاء الله.

ولكنّ هذه لم تكن هي المسألة أيضا.

فما كانت مسألتنا الأساسية هي أن يذهب الملِك، وتُقطع أيدي الآخرين.

فهاتان كانتا مقدّمة لمسألتِنا الأساسية، وهي الإسلام.

فالأنبياء إذ كانوا يُحاربون مُخالفي التوحيد لم تكن غايتهم أن يحاربوا، ويُزيلوا مُخالِفَهُم.

كانت غايتهم الأصلية أن ينشروا التوحيد في العالم، ويبسطوا الدِّين الحقِّ فيه، وكان أولئك مانعاً لهم، وكان أولاء يرون وجوب إزالة هذا المانع، ليتسنَّى بلوغ الغاية.

لم يكن قصد الرسول الأكرم- صلّى الله عليه وآله- أَنْ يزيل مشركي مكّة أو مشركي جزيرة العرب، بل كان قصده أن ينشر دين الإسلام، وتكون الحكومة حكومة القرآن، حكومة الإسلام.

ولأنّ أولئك كانوا مانعاً لتحقّق الحكومة الإسلامية آل الأمر إلى الحرب والمنازلة.

فالمشركون كانوا يعارضون الحكومة الإسلامية، والمؤمنون كانوا يقابلونهم.

والحروب الكثيرة التي قادها الرسول الأكرم كانت كلّها من أجل هذا المعنى، وهو أن يُزيل الموانع عن طريق هذه الإرادة الإلاهية.

فقد كان قصده الأعلى هو تحكيم الحكومة الإسلامية، أي: حكومة الله والقرآن على الجميع.

ولو لم يُعارضوا قيام الحكومة الإسلامية لما كان معلوماً أن تقع الحرب.

عارضوا وما سمحوا للحكومة الإسلامية أن تقوم، فوقعت الحرب.

مقدّمات إقامة الحكومة القرآنية

ليس قصد الشعب الإيراني وقصدنا وما كان أن يذهب محمد رضا فقط، ويزول الحكم الملكيّ، وتُكفّ أيدي الأجانب عنّا، فكل هذه كانت مقدّمة، والغاية هي الإسلام.

نحن نريد أن يحكم الإسلام في هذه البلاد، وتقوم أحكامه فيها.

ولو زال الحكم الملكيّ فرضاً، وحلَّ محله حكم آخر يقطع أيدي الأجانب عن بلادنا وهو مخالف للإسلام، لما تحقّقتْ غايتنا.

إذا كانت الغاية أن يذهب محمد رضا، وتقطع أيدي الأجانب عنّا، فقد حصلت.

وإذا كانت غايتنا الأساسية هي أن يتحقق الإسلام، إذا كانت غاية الشعب الإيراني الأساسية هي أن تقوم جمهورية إسلامية، وتظهر حكومة العدل الإلهي، فذهاب أولئك كلهم مقدمة لهذا الأمر.
ولا يقعنّ هذا الاشتباه، وهو أننا كُنا نريد أن يذهب الملك.

ذهب وانتهى الأمر، لا ماتمّ، فقد كان مانعاً للعمل، ولأنه كان يصدّنا عن الوصول إلى غايتنا عارضناه.

لم يكن يسمح أن يتحقق العدل الإلهي، ولم يكن يسمح أن تكون بلادنا إسلامية تُديرها حكومة عادلة.

من هنا نشأت المعارضة لذلك الحكم، وذهب.

ولو حلّ محلّه حكم آخر يُشبِهُه في أوربّة مثلًا كالحكم الفرنسي على سبيل المثال، لكنّا قد أطحنا بحكم محمد رضا، وجئنا بحكم كحكم فرنسة لا صلة له بالإسلام.

ولو حصل مثل هذا الأمر، لكان خسراناً مُبينا، فما اريقت دماء شعبنا من أجل أن تكون بلادنا غير إسلامية، ولو كانت غير ملكيّة.

لا، لانريد هذا، فكثير من الأنظمة حرَّة ومستقلّة أيضاً، وتُتِيْحُ الحرية، لكن الحرية التي لا توافق الإسلام، فأحكامها وأنظمتها ليست بإسلامية، وعدالتها لاتُشبه ما في الإسلام أيضا.
وما كنّا نريد مثل هذا الشي‏ء، ولا نريده.

الطريق الطويل لتحقّق الحكومة الإسلامية

إذ نقول الآن: جمهورية إسلامية، فليس معناه أنّنا اخترنا الجمهورية الإسلامية، وما عاد لنا شأن بسائر الأمور.

فمعنى الجمهورية الإسلامية أن يختارها الشعب كله، أو أغلبه، وأن تكون أحكامها إسلامية.

فالجمهورية الإسلامية هي التي يكون قانونها إسلاميا.

أما التي لا يكون قانونها إسلامياً، فليست هي التي يريدها شعبنا، ولا التي صَوَّت لها.

فكل هذه الدماء أراقها الشعب ابتغاء سيادة الإسلام اقتفاءً للأنبياء ورسول الله الخاتَم وأمير المؤمنين وسيّد الشهداء.

فسيد الشهداء بذل دمه ليسود الإسلام الذي أراد يزيد أن يُزيلَه، ونحن نسعى أنْ يسود الإسلام، ولسنا بصدد الاسم، حتى نقول إن اسم الجمهورية الإسلامية الذي نِلْناه كاف لنا الآن.

نحن في كل أمر وفي كل شأن من شؤون بلادنا نريد أن تظهر أحكام الإسلام، ويحكم القرآن، ويحكم علينا قانون الإسلام لا شي‏ء سواه، ونحن الآن في عرض الطريق لمّا نبلُغ المراد.

خوف الأجانب من الإسلام وعلماء الدين‏

ما نأسف عليه هو أن نرى المفسدين يسعون في الأطراف وأطرافكم خاصَّة يريدون أن لايتِمَّ الأمر.

وهؤلاء عملاء الخارج، وليسوا بناس تحترق قلوبهم لشعبنا، وهم يريدون أن لا تكون هذه الجمهورية الإسلامية التي يخافونها ويَخاف أسيادهم اسمها، ولذا سلك عملاؤهم هذا السبيل وهو أنه لا ضرورة أن تكون الجمهورية إسلامية، لِتكن جمهورية إيرانية أو جمهورية ديمقراطية.

وإنّما حصل هذا، لأنّ هؤلاء يَخْشَون الإسلام، فقد رأوا منه مايجب أن لا يروه، إذ لَطَمَ أفواههم، وقذفهم خارج البلاد، ومن هذا يخافون، ويسعون هم وعملاؤهم كل السعي أن لا يكون لكلمة الإسلام أثر في العمل مهما حلّ محلّه.

وهؤلاء راضون أنْ تضعوا أي كلمة مكان الجمهورية الإسلامية، لتكن ما كانت إلّا الإسلام.

ولا يريدون أن تكون قدرة في بلادنا لرجال الدين، ولو اقتدر فيها الشيوعيّون، فهؤلاء يخشون رجال الدين والإسلام.

ولخوفهم من الإسلام يخافون مَنْ يبلِّغُونَه، ويُرعِبُهم من يصعدون المنبر، لأنَّه مُروِّج الإسلام.

ويفزعون من رجل الدين وصاحب المحراب، لأنّه ينشر الإسلام.

وهَلَعُهم مِن الإسلام جعلهم يخشون كل ما يتصل به وينشره ولا يريدونه.

ولهذا تعالت كلمة لا ضرورة للإسلام، ولِتكن جمهورية، ولتكن جمهورية ديمقراطية، ولا داعي أن تكون كلمة الإسلام إلى جانبها.

وليكن الإسلام ناقصاً رجال الدين، أي: ليكن الإسلام بلا رجال الدين، وهذا معناه: ليكن الإسلام بلا جوهره وحقيقته.

فلو لم يكن رجال الدين، لما استطاع أحد أن يحفظ الإسلام.

وأساس خُطَّتِهم هو أن لايكون الإسلام، لأنّهم نالوا منه صفعة، وأحسُّوا الآن أنّ الإسلام هو الذي أنجز هذا النصر، وأنّ الشهادة هي التي أنجزت هذا النصر، وهي حافظة الإسلام الذي تقدَّم بها منذ البدء، وها أنتم أُلاءِ ترون شبَّاننا يُحبّون الشهادة، واليوم إذ كنتُ واقفاً في الخارج هتف شابٌّ قويّ من بعيد أن: ادعوا لي أن أُسْتَشْهدَ.

كان هذا الحِسُّ الذي قَدَّمَ أُولئك وقدَّمَنا هو حسّ الشهادة.

وحسّ التقدُّم للشهادة من أجل الإسلام هو الذي قادنا للنصر، وهو ما يخشاه هؤلاء، فهم يخشون الإسلام.

تشجيعُ الثائراتِ للثائرين‏

تأمّلوا هذا المعنى الإسلامي هذه الجمهورية بمعناها الإسلامي الذي عَرَضْتُه، وهو أن يكون محتواها الإسلام في الجامعة والمحكمة والوزارَة والإدارة والسوق والصحراء والمدينة وكل مكان، فاجتهدوا أن يتجلَّى هذا المعنى، فإنّكم منتصرون إذا تجلَّى.

فكونوا جميعكم معاً، اجتمعوا كلكم، إنّ لكنّ الخطّ الأكبر في هذه الثورة.

ويمكن القول بأنّ السيّدات هنّ اللاتي قدَّمن هذه الثورة، فقد خرجن الى الشوارع في حال ما كان يفترض عليهن أن يخرجن الى الشوارع، وهذا ماذهب بكل تراخٍ كان يحتمل في الرجال، فالرجل إذا رأى النساء أقبلن على العمل تشجَّعَ.

فأنتُنَّ جعلتُنّ النصر نصيب الإسلام، ولكنّ الحظُّ الأوفر فيه، فاحفظن هذا الحظَّ.

وكان هذا النصر بعد تحوّل الجميع تحوُّلًا روحيّاً شَعَّ فيكم من عالم الغيب، فاحفظوا هذا التحوّل الروحي.

احفظوا وحدة الكلمة، فنحن في عرض الطريق، وعلينا أعمال كثيرة لتقوم أحكام‏ الإسلام كلها.

نحن في الطريق، ومتى قامت أحكام الإسلام كلها بلغنا غايَتنا في ذلك الوقت، والغاية هي الإسلام.

فاحفظوا هذه، احفظوا وحدة الكلمة التي نشأت، والإسلامية التي تجلّت، وهذا التحوُّل الروحي الذي سطع.

احفظوا هذا وأنتم منتصرون إن شاء الله.

نصركم الله- إن شاء الله- وأسعدكم، وسرَّكم في الدنيا والآخرة، وأنتم مبتهجون إن شاء الله.


* صحيفة الإمام، ج‏8، ص: 43,39

2011-05-08