الموضوع: بيان دوافع قيام 15 خرداد وأهدافه- ايضاحات حول النخبة المتغربة
خطاب
الحاضرون: جمع من مراجع وعلماء الدين والفئات المختلفة
عدد الزوار: 125
التاريخ: 15 خرداد 1358 هـ. ش/ 10 رجب 1399 هـ. ق
المكان: قم
المناسبة: ذكرى قيام 15 خرداد
الحاضرون: جمع من مراجع وعلماء الدين والفئات المختلفة
بسم الله الرحمن الرحيم
هدف القيام
لماذا حدث 15 خرداد؟
وما مبدأ وجوده؟
وماذا لَحِقه؟
وماذا سيكون؟
ومتى وقع 15 خرداد؟
ومَنْ تعقّبَه؟ ومن يتعقّبه الآن؟
وعلامَ ينعقد الأمل بعد هذا؟
ولأيّ قصد كان 15 خرداد؟
ولأيّ قصد هو حتّى الآن؟ ولأيّ قصد سوف يبقى؟
اعرفوا 15 خرداد، واعرفوا قصد 15 خرداد، واعرفوا من صنعوا 15 خرداد، واعرفوا من اتّبعوا 15 خرداد ومن يأملون اتّباع اولئك.
واعرفوا مناوئي 15 خرداد وقصدِه.
بدأ 15 خرداد من هذه المدرسة، فعصر عاشوراء كان في هذه المدرسة اجتماع عظيم جرت فيه أحاديث وتصريحات انتهت ب- 15 خرداد الذي كان من أجل الإسلام وباسمه وبنهجه وهداية رجال الدين وهذه الجموع الآن هنا.
هؤلاء هم الذين صنعوا 15 خرداد، أمثال هذا الجمع هم الذين صنعوا 15 خرداد، ومنهم من قُتلوا.
هذه الطبقة الإسلامية التي قامت من أجل الإسلام، وما كان لها من شيء سوى الإسلام ساعة أبدعت 15 خرداد.
هذه الجماعة التي لا قصد لها غير الإسلام هي التي تابعت 15 خرداد حتّى الآن والأمل أن تستديم هذه الجماعة استقامتها حتّى تُثمر ثورتنا.
ملحمة 15 خرداد
لابدّ من معرفة أولئك الذين صنعوا 15 خرداد هذه الجماعة التي قدمت خمسة عشر ألف فدائي، وهي التي ذاقت القتل الذريع في 15 خرداد وما تلاه من سنوات القمع، وبَقِيَت في ميادين الكفاح، فيالها من جماعة! من هم هؤلاء؟
اولئك الذين صنعوا 15 خرداد، ومازالوا يُتابعونه حتّى الآن وقد فعلوا مافعلوا ليهدُّوا سَدَّ القَهْر، فهم الذين انصبُّوا في الشوارع، وكبَّروا في وجه الاستبداد.
فالحقّ لهؤلاء، ولا شيء منه للآخرين، فمَن ذا الذي يسعى الآن أن يحرف مسير شعبنا؟
أيّ الفئات هذه التي تريد أن تحرف الثورة الإسلامية عن إسلاميتها؟
هذه فئات عِدَّة منها لا تعلم القضايا، جاهلة، وعِدَّة عالمة تُخالف الإسلام عَمْدا.
فهؤلاء الجاهلون يجب إرشادهم والقول لهم: لا تتخيّلوا أيّها السادة شيئاً يمكن أن يتقدّم في إيران غير الإسلام.
يامن تظنون قدرة غير الإسلام أسقطت ذلك الحكم، يامن تحسبون أنّ لغير الإسلام والمسلمين أثراً في ذلك طالعوا وحقّقوا فيمن بذلوا أرواحهم في 15 خرداد، وانظروا شواهد قبورهم، لتعرفوا من كانوا.
فإن وجدتم شاهد قبر لغير الإسلاميين، فلهؤلاء شركة.
لكن لن تجدوا، فكلّ ماهو موجود هو هذا الفلّاح والعامل والتاجر المسلم والكاسب المسلم وعالم الدين الملتزم.
كل ماهو موجود هو من هذه الطبقة، و 15 خرداد هي صنعته باتباعها الإسلام، وهي تحفظه باتباعها الإسلام، وبه تَرْعاهُ.
ومن يظنون أنَّ قدرة غير الإسلام كانت تستطيع هدم مثل هذا السدّ هم في خطأ.
الانتهازيّون المتظاهرون بالثورية
وأما تلك الطبقة التي تخالفنا لمخالفتها الإسلام، فتجب معالجتهم بالإرشاد إذا أمكن العلاج، وإلّا سَتُزيلون هؤلاء المرتبطين بهذه القبضة التي أزلتم بها ذلك النظام.
كلّ ماحصل وتحقّق منذ 15 خرداد حتّى الآن إنَّما كان بفعالية هذه الطبقة وبذل هذا الشعب وسكبه الدّماء.
وهؤلاء هم الذين لهم الحقِّ أن يَرَوا رأيهم في كلّ ما يجب إنجازه.
وأولئك الذين كانوا في الخارج وجاؤوا الآن، وأولئك الذين كانوا خارج الصفَّ ووردوا الصفّ الآن لاحقّ لهم في هذه الثورة، ولا قيمة لرأيهم.
فالمنظور إليه هو رأي الشعب الذي صنع هذه الثورة، وهزم القوى الكبرى، وسيبقى في تعقُّبِها، وهو صاحب الحظّ كلِّه.
فرأيُ هؤلاء هو الميزان، ورأي الآخرين إذا وافقَ هذا الميزان، إذا اتّبع الإسلام، والتزم حفظه، ورعى أحكامه، فأهلًا به وسهْلا.
وإن كان رأيهم منحرفاً عَمّا ذكرنا، فعليهم أن يذهبوا إلى حيث كانوا قبلًا.
من أين نعرف الانحرافات؟
من أين نعرف الاختلاف بين الجماعة التي صنعت الثورة والفئات المخالفة لها؟
من أين نفهم؟
من كتاباتِهم، ومن أقوالهم، ومن اجتماعاتهم، ومن استعراضاتهم.
كلّ اجتماع على أساس الإسلام وقوانينه هو على مسير هذا الشعب.
وكل اجتماع ونطق وخطاب وكتابة على خلاف الإسلام مهما كان هو على خلاف هذه الثورة.
مُخالِفوكم يريدون أن ينتفعوا بالدماء التي بذلتموها.
مخالفوكم يريدون أن يقطفوا ثمار ما تجشّمتُمُوه من مصاعب.
مخالفوكم أيها الشعب المظلوم لم يَمْسسهم سوء أيّام الطاغوت، ولا ذاقوا مرارة، لأنّهم كانوا تبعاً له، أو موافقين له، أو ساكتين عنه.
وإذا بسطتم السُّفرة الآن جلسوا إليها ابتغاء الانتفاع.
وليتهم قالوا: أنتم شركاؤنا.
فهم يقولون: نحن، لا أنتم، ولا رجال الدين.
يقولون: نحن، لا غيرنا من الفئات.
يريدون كل شيء لأنفسهم، يقولون نحن ولا الإسلام.
حديث للمتغربينَ الغرباء على 15 خرداد
أيها المتغرّبون، أيّها المأخوذون بالأجنبي، أيّها الناس الفارغون، أيّها الناس الذين لا محتوى لهم عودوا إلى أنفسكم، ولا تُغرِّبوها.
انظروا لما في الغرب، تأمّلوا جمعية حقوق الإنسان في الغرب، لتروا مَنْ هم، وما غاياتهم.
أيريدون رعاية حقوق الإنسان، أم مصالح القوى الكبرى؟
هؤلاء تبع للقوى الكبرى، وينشدون تأمين مصالحها.
فلا تذهبوا أنتم يا حقوقيّينا، يا منظمة حقوق الإنسان خلف هؤلاء الحقوقيين.
أنتم مثل هذه الطبقة الكادحة اصدعوا بالحق، فهذه الطبقة هي جمعية حقوق الإنسان، وهي التي تشقى من أجل هذه الحقوق، وتُؤمِنُ راحة البشر.
أنتم تقولون، وهؤلاء يعملون.
هؤلاء العمّال والفلّاحون هم جمعية حقوق الإنسان، وهم الحقوقيّون.
فهؤلاء يعملون، وأنتم تكتبون.
لا أحد منكم يجدّ في إيصال الناس إلى حقوقهم.
والمجدّ في هذا السبيل هو هذه الجماعة التي ثارت اليوم ويوم 15 خرداد.
وهؤلاء هم المحترقة قلوبهم من أجل البشر، لأنّهم مسلمون، والإسلام محترق القلب للبشر.
وأنتم الذين سبيلكم غير الإسلام لاتعملون شيئاً من أجل الإنسان.
تكتبون لتحرفوا الثورة، وتقولون لتحرفوها.
التواضع للشعب وتكريمه
منذ 15 خرداد حتّى الآن الذي حضرنا فيه بذلنا دَماً، أي: أنتم بذلتم دَما، ولاحق لي أنا القاعد هنا، فهو لكم أنتم الباذلي الدماء، إذ نزلتم إلى الميدان، وكافحتم.
ولاحق لنا نحن فيما نلتم، وما علينا إلّا أن نخدمكم، وليس لنا أن ننتفع في بلوغ منصِب، ثكلتني أُمّي إن طلبتُ بكم منصبا، ثكلتني أُمي إن اردت أن يُراق دمكم وأعلو أنا.
(يتعالى بكاء الحاضرين أن يحيا الخمينيّ)
المرفهون الذين ماكان لهم من فعالية ومالديهم من مخالفة أيضاً لا حقّ لهم، ولا ينبغي لهم، لكنهم إذا خَدموا الآن، استحقوا، وأنا آيس من أن يخدموا.
أولئك المنحرفو النظر، اولئك الذين ينظرون إلى الإسلام والشعب نظرة الخيانة، أولئك الذين يرون إسلام 1400 سنة غير كاف يجب فصل حسابهم عن الشعب، وهو مفصول فعلًا.
نحن من الآن فصاعداً محتاجون إليكم، ولاحاجة بنا إلى هذه الطبقة، ولا إلى أمثالها.
معارضو تطبيق الإسلام
هذا اليوم هو اليوم الذي يجب أن يُطبَّق فيه الإسلام، ولا عبرة بهذه الحجج التي تُقال من قبيل: مازال الأمر مبكّرا، اصبروا الآن، فهي مثل ماكان يقال.
إذا لم نطبّق الإسلام في هذه الثورة، ولم نُقِمْ أحكامه في هذه النهضة، فمتى نفعل؟
أيَّ وقت يتحقّق مثل هذه الثورة؟
إذا خبت الثورة وانطفأت- لا سمح الله- من يستطيع أنْ يذكر اسم الإسلام؟
إذا لم نطبّق قوانين الإسلام اليوم، فمتى نفعل؟
ونقول للسادة الذين يقولون: لا يمكن، إذن متى يمكن؟
إذن قولوا: لا وقت للإسلام أبدا، قولوا: الثورة مطروح منها الإسلام، مثلما قلتم: الإسلام مطروح منه علماء الدين.
إذا لم تُطبّقوا الإسلام، وتُقيموا أحكامه كاملة بهذه الثورة، فايْئِسُوا أن يكون بعدُ.
من يعتقدون بالإسلام، وتنبض قلوبهم بالقرآن عليهم أن ينشطوا اليوم، ف- 15 خرداد لهذا التطبيق كان، والإسلام كان قبل 15 خرداد، لكن بلاتطبيق، ولذا كان قيام علماء الدين في 15 خرداد، ومازال المسير إلى هذه الغاية، أَلا وهي تطبيق الإسلام.
نحن لا نريد غير الإسلام، وهو مناسب للتطبيق في كل الأوقات، ولا سيّما في هذا الوقت.
إنذار وتحذير
التفتوا أيها السادة إلى أقوالكم، وانظروا في كتاباتكم، واذكروا أنَّ الإسلام أطلقكم من السلاسل والأغلال، وأعادكم إلى وطنكم، وأخرجكم من الزوايا، وبعثكم من مخابئكم، وحَرَّرَكم، وحَرَّر بيانكم، واليوم تُواجِهُونَه!
أيستطيع المسلمون أن يروكم تجابهون الإسلام الذي حرَّركم هو ودماء المسلمين؟
تكتبون عليه!
هذا كفر للنعمة، شكر ما أنعمَ الله عليكم هو أن تلتزموا الإسلام.
فتوبوا مِمّا تقولون، وتوبوا ممّا تكتبون، واتّبعوا الإسلام، وارغبوا في الطبقة الدُّنيا التي تَرونَها دونَكُم، وهي أسمى منكم، فهؤلاء هم صورة الإسلام المشرقة، وهم المسلمون الذين يُحِبُّهم رسول الله، وهم أحبّاء الله فانضمُّوا إليهم، وانسجموا معهم، واجعلوا رأيكم رأيهم.
كم تَتَشدَّقون بالغَرْب!
ما أعظمَ فراغكم!
يجب أن نقارن بين أحكام الإسلام وأحكام الغرب.
يا للغلط!
شكر النعمة هو أن تكونوا أوفياء للإسلام، وأنا احرِّضكم أن تفوا له، وأنصح لكم بموالاته.
وقد نصحت للملِك في هذه المدرسة، وما سَمِع، ولستم بشيء.
قلت له عصر عاشوراء: لا تفعل ما يطردُكَ به الشعب.
فلم يسمع، وفعل ما طردَهُ به الشعب.
(تأييد الحاضرين لقول الإمام وهتافهم بتحيَّتِه)
إخواني من أيّ طبقة أنتم، لم يمض الوقت، ومازالت التوبة بأيديكم، فهلموا آخُوا هذا الشعب ورافقوه في هذا الطريق، فما في هذا الجمع أحد منكم حتّى نفس واحدة.
فأقبلوا على هذا الشعب، وخُذُوا برأيه، وعرِّجوا على الإسلام الذي أنجاكم جميعا.
فشكر النعمة للإسلام أن تفوا له، وتكونوا في سبيله.
إخواني، ما تريدون هو في الإسلام، وما تُحبّون هو في زوايا هذه المدرسة، تأمَّلوا حياتهم، وقيسوها بحياة أولئك الذين تخفق قلوبهم من أجل الإنسان بالقلم والبيان، لتروا حالَهم، وتعرفوا حياة علماء الدين.
انظروا إلى حياة هذه الطبقة العاملة، وإلى حياة الفلّاحين والكسبة، لتروا ماهي.
فكّروا بحال هؤلاء، فليست حرقة القلب أن تحملوا أقلامكم على الإسلام، وتكتبوا مايسوؤُه.
كونوا مع هؤلاء باسم حقوق الإنسان وباسم الحقوقيين.
أنتم لم تنفقوا على الشعب شيئاً من جيوبكم حتّى الآن، وأنا أرجِعُكُمْ إلى مروأَتِكم أنتم يا أولئك الذين تألَمون للمحتاجين وللنساء في ضواحي قم وجنوب طهران وجنوب كل المدن والجنوب في نظرِكم هو الأدْنى لِتَعُوا أَنّ هؤلاء يعرفون حقوق الإنسان كل المعرفة، ويرعونها حقّ الرعاية.
فهؤلاء جاؤوا وقدَّموا ما ادَّخروه من ذهب في خمسين عاما، في عشرين، في ثلاثين للبائسين.
فما فعلتم أنتم؟
قولوا: ما فعلتم.
كونوا مع هؤلاء المحتاجين، وانتموا لهذه الطبقة، لا أقول: أعطوهم نقدا، ولكن ليكن قلمكم لهم، وقدمكم معهم، وافقوهم في حفظ الإسلام، فذلك خير لكم الإسلام خير لكم، خير لدنياكم إذا كنتم لا تؤمنون بالآخرة فالإسلام ينفعكم في الدنيا.
لا تُعارضوا علماء الدين، فذاك خير لدنياكم، فهم طبقة ملتزمة، يعيشون اثنين اثنين، أو ثلاثة ثلاثة في هذه الحُجر الصغيرة حتّى أخرجوهم منها.
وسُكّان الأكواخ في ضواحي المدن الذين يعيش كل ثمانية منهم أو سبعة في ثقب يعرفون حقوق الإنسان أكثر منّا.
هؤلاء جماعة تألم للإنسان، هؤلاء هم جمعية حقوق الإنسان، لا أنا ولا أنتم.
فتعالوا فكّروا بهم، وعلى الحكومة والشعب أن ينظروا إليهم، لأنهم اولو حقّ، وعليكم أن تؤدّوا حقّهم إليهم، وهم الذين يُؤدّون حقوق الإنسان.
موعظة ونصيحة أدعياء الثقافة
أنصح لكم أنتم الجمعيات التي تجلس معاً كلَّ مدّة- وأنا راجٍ أنْ يسعد الجميع- أَلّا تفترقوا عن الإسلام، ولا تنأوا عن علماء الدين، فهي قدرة إلاهيّة، فلا تخسروا هذه القدرة، فإنّها إن ذهبت ذهبتم.
هذه قدرة علماء الدين هي التي تجتذب الناس إلى الشوارع، إنّها قدرة الإسلام هذه التي تَسْري على ألسنة علماء الدين، فلا تكسروها- وأنت ياربِّ تعلم أنّني لا ادافع عن علماء الدين لأَنّني منهم- وإنّما لأنَّ هذه الطبقة هي التي تستطيع إنقاذ الشعب، وهي الطبقة التي يُحبُّها الشعب.
والمساجد هي هيَّأتْ هذا، وهي التي صنعت هذه الثورة.
وكان المسجد مركز السياسة في عهد رسول الله ومُدَّةً بعده، وكان مركز تجييش الجيش، والمحراب يعني مكان الحرب حَرْب الشيطان وحرب الطاغوت أيضا.
فيجب أن تنطلق الحرب من المحاريب، ولأنّها تنطلق من المحاريب في الأكثر، فهي تنطلق من المساجد.
فاحفَظوا مساجدكم أيُّها الشعب، احفظوا المساجد أيّها المثقفون، ولا تكونوا مثقّفين متغرِّبين، لا تكونوا مثقّفين مستورَدين.
احفظوا المساجد أيُّها الحقوقيّون، اذهبوا إليها، ألا تذهبون؟
احفظوها، لتثمرَ هذه الثورة، وتنجو بلادكم، والله يحفظ هذه المساجد إن شاء الله، ويحفظ لنا علماء الدين، ويهدي المُخالفين، ويُسعد هذا الشعب إن شاء الله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
* صحيفة الإمام، ج8، ص: 55,49