الموضوع: تعاون الشعب والقوى المسلَّحة العسكرية وقوات الشرطة لصون البلاد
خطاب
الحاضرون: فلّاحي، وليّ الله (قائد القوّة البرية)- جمع من معاوني وقواد قوات سلاح الجو (المروحيات)
عدد الزوار: 121
التاريخ: 19 خرداد 1358 هـ. ش/ 14 رجب 1399 هـ. ق
المكان: قم
الحاضرون: فلّاحي، وليّ الله (قائد القوّة البرية)- جمع من معاوني وقواد قوات سلاح الجو (المروحيات)
بسم الله الرحمن الرحيم
واجب القوّات في الأزمات
هذه القوات المختلفة في البلاد وكل بلاد لكلّ منها وظيفة، فإحداها تكون في الحدود، والأخرى في البحار، وغيرهما بين المدن وداخلها.
وهؤلاء هكذا في الأوقات المعتادة، ففي هذه الاوقات يؤدّون واجبهم حيثما كانوا أداءً مألوفاً.
أما إذا طرأ ما يخالف المألوف الدائم، فليس من شرطيّ يقول: أنا لست معنيّاً بالحدود، ولا من هو على الحدود يقول: أنا لست معنيّاً بما بين المدن.
وهم في هذا نظيرمن هم داخل المدن، ولكلّ منهم شغله الخاصّ به في الوقت الطبيعي، لكن لو حدثت زلزلة ودمار، لايبقى لإداري حق عندئذ أن يقول: أنا الآن خلف منضدتي مشغول بتحقيق الامور الإداريَّة، ولا للكاسب أن يقول: أنا شغلي في السوق، فما يجب أن أفعل.
كل هؤلاء مكلّفون بمقتضى الوجدان والعقل والشرع أن يُهْرَعُوا، ويُنقذوا المصابين بالزلزلة.
المسؤولية عامَّة في الأزمات
تعلمون أنّنا الآن في ثورة، وقد قطعنا مسافة، لكنّنا ما زلنا في الثورة، وهي حال غير طبيعية، ووضع حدودنا في هذه الحال غير صحيح، إذ تأتينا الأخبار كل يوم بدخول الأسلحة والمخدِّرات وتزايد المهرّبين والفتن بين المدن، ووجود العناصر المعادية للثورة داخل المدن.
فوضعنا الثوري الآن يقتضي أنْ تنهض كل القوى بكل الواجبات.
فإذا شاهدَ من هو على الحدود من يريدون القيام بالثورة والعمل ضد الثورة والقيام بالأعمال التخريبية في الداخل، والقوَّة التي داخل المدن لاتستطيع صدَّهم، فعليه هو أنْ ينهض بهذا العمل وذاك، فحماية الحدود حفظ للبلاد في كل مكان وزمان.
وإذا رأت الشرطة المكلّفة حفظ النظم في داخل الحدود مضطربة منتهكة، فلاحقّ لها أن تقول: نحن مكلّفون حفظ ما بين المدن.
وكذا القوى التي في المدن الجوية والبرية كلها مكلّفة الآن أنْ تُراقِبَ البلاد بأجمعها، وهكذا الشعب كله، ولاتنحصر المراقبة بالشرطة.
يجب ألّا نقعد، ونقول: حفظ الأمن بعاتق الشرطة، لا، فهذا في الوقت الطبيعي، أمَّا في غيره، فالشعب كله موظّف أن يساعد الشرطة في أداء الواجب، ولايدعها وحدها.
الحرس مسؤول أيضاً، والشعب نفسه مسؤول كذلك.
كلنا نحن وأنتم مسؤولون في هذا الوقت الذي لم يستتب فيه الهدوء على مانريد أن نُراقب الأوضاع جميعاً.
فإذا رأينا مثلًا في مدينة ما ارتفاع صوت على خلاف المألوف، حدث مثلًا انفجار مهمٍّ في محلٍّ ما من تلك المدينة يجب على أصحاب المناصب السماحُ لمنْ في عهدتهم وأمرهم أن يذهبوا إلى ذلك المحلّ، لِيَروا ما يلزمهم.
وكذا الشرطة، فإذا رأت الحدود تضطرب، وجب عليها ألّا تقعد، وتقول: على الجيش أنْ يتلافى ذلك.
فمهمتها أن تنطلق إلى هناك، وتُساعد في تحقيق المراد، ومثلها كل الشعب.
واجب الدفاع على الرجال والنساء
على نحو مافي الإسلام حين يجب الدفاع ترتفع قضايا من قبيل: يجب أن يكون رجلًا بالغاً ونحوهما.
فعندما يجب الدفاع عن بلاد إسلامية لابُدَّ أن يهبّ الصغير والكبير والمرأة والرجل للدفاع عنها.
فللقضايا المألوفة شأن، ولغير المألوفة شأن آخر.
وفي الأوقات الطارئة يتعاظم الانضباط وطاعة الأدنى للأعلى وحفظ النظام واحترام المراتب والسلّم الوظيفيّ.
وهذه أمور مهمة في الأحوال الطبيعية، وهي أهمّ في غيرها، لأنّه إذا كان المرء لا يسمع كلام الآخر في الأحوال الطارئة، ولا ينضبط بدواعي النظام، فإنّ البلاد تذهب مع الرِّيح.
مراعاة السلّم الوظيفي واحترام المراتب
وعلى ما تقدم يجب على كل القوى أنْ تحفظ سلسلة المراتب، وتطيع أوامر الكبار الواجب امتثالا بحسب القواعد السارية فيها، يجب أن تطيع هذه الأوامر والنواهي.
وعلى أصحاب المناصب طبعا أن يلتفتوا إلى أنَّ هذا العهد ليس عهد الطاغوت الذي يعملون فيه ما يريدون، ويظلمون كما يشتهون.
عليهم أن يسلكوا في قوّاتهم سلوكاً أبويّاً مشفوعا بكمال الاحترام، وعلى أولئك أن يطيعوهم.
والوضع الآن غير طبيعيّ، فيجب الالتفات فيه إلى رعاية الضبط والانضباط الأتمَّين.
على كل حال أسأل الله أن يحفظكم وأنا شاكر لكم ما ساعدتم في وقت سالتْ فيه الدماء وتأجّجت الثورة.
وللشرطة نصيب كبير في هذا الباب، حفظهم الله جميعاً، ووفقنا كلنا لنعيد هذه البلاد إلى وضعها الطبيعيّ الذي تستطيع فيه الاكتفاء الذاتيّ والاستغناء عن كل جهة.
عساكم سالمين موفّقين.
(وقال الإمام مجيباً أحد المتحدِّثين:)
أعتقد أنّه ما مِن أجر أسمى من ذلك الأجر الذي يقدّمه الله- تبارك وتعالى- لكم وللعاملين في سبيله.
وما من ذخيرة أسمى من الإيمان، فحين يؤمن قوم أو جماعة بالله، ويرون أنفسهم مكلَّفين العمل على حسب هذا الإيمان، فإنّ هذا العمل أرقى من كل كنز لهذه الجماعة.
وأنا طبعاً أشكر لكم، والشعب يُقدِّركم و وماهو بالغافل عن التقدير، وإنّما هو موفيهِ لكم.
ونحن أيضاً نقدِّركم وكل قوى الشرطة، فأنتم ساعدتم البلاد في وقت كانت تشتعل فيه، وكان هذا العمل هو النّفيس الذي لاينسى.
أيّدكم الله جميعاً، وحفظ ظهورَكم، والشعب ظهيركم، وأنا داعٍ لكم.
(وتفضّل الإمام بعدَ متحدِّث آخر:)
على كل ذكِّروا هؤلاء، ونحن لا نتوقّع أنّ بلداً إسلامياً انتفض للإسلام ولدفع مخالفيه ومعارضي مصالح المسلمين والأيدي التي تُعينهم أن يُخالف حركة أسلامية.
ولا نحتمل أن يفعل هذه شعبنا الذي ثار للإسلام بفكرته وقدرته، ولا نحسب المسلمين والدول المسلمة ترتكب هذه المخالفة لا سمح الله.
فمخالفة هذه مخالفة للإسلام، أو- لا سمح الله- موافقة لأجهزة تريد قَهْقَرةَ الإسلام والإتيان بنظام فاسد مكانه.
نحن لا نتوقّع مثل هذا مِن الحكومات التي تسيّر بلاد المسلمين.
وما ننتظره هو أن تُقوِّي الدول الإسلامية شعبنا، لا على ما يقال، ويجب ألّا يُصدَّق من أنّ دولة الكويت تُساعد معارضي الإسلام والمنحرفين عنه.
وإذا صحَّ هذا، فهو على خلاف مصالِحكم ومصالح المسلمين، وهذا في حدود ما قيل.
* صحيفة الإمام، ج8، ص: 66,64