يتم التحميل...

‏الموضوع: وجوب اعتبار الدول بمصير الشاه - الفرق ما بين حكومة شعبية وحكومة عميلة

خطاب

الحاضرون: يزدي، إبراهيم وزير الخارجية، وكندورزركجون وزير خارجية تركية

عدد الزوار: 133

التاريخ 21 خرداد 1358 هـ. ش/ 16 رجب 1399 هـ. ق‏
المكان: قم
الحاضرون: يزدي، إبراهيم وزير الخارجية، وكندورزركجون وزير خارجية تركية

بسم الله الرحمن الرحيم

دعوة الشعوب والدول لاتباع الإسلام‏

احيّي الشعب التركيِّ والسيد رئيس الوزراء بما حَيُّونا.

والواجب أن نبيّن لكم ولدولتكم أساس هذه الثورة مُجمَلا.

نبعت الثورة الإسلامية مِن ينبوعين:

أحدهما شدّة الضغط الخارجيّ والداخلي والنهب الخارجي والداخلي والقمع الخارق للمألوف إذ لم ير الشعب الإيراني يوماً طيّبا واحداً طوال خمسين عاما ونيّف، وشهد القتل الذريع الذي عمّ أكثر البلاد، وهذا ما حمل الشعب الإيرانيّ على الانتماء للثورة.

والآخر هو امنيتنا أن تكون لنا حكومة إسلامية عادلة ونظام يُجابِهُ الأنظمة الطاغوتية ونقيم الأحكام الإسلامية في إيران كإقامتها في صدر الإسلام.

وأملنا أنْ تلتحق بقية الشعوب والدول بهذه الثورة الإسلامية، ويكون مقصدها الإسلام، فهو نظام لجميع البلدان فيه كل شي‏ء تبتغيه و غير أنّ الدعايات الخارجية وما يتبعها من الدعايات الداخلية هي التي عزلت شعوبنا وحكوماتنا عن الإسلام.

وما يُؤسف عليه أنّ الدعاية جعلت شبّان الشرق يعلّقون كل آمالهم على تحقق الغايات الغربية، ويُضحُّون بكل كرامتهم الوطنية فداء للغرب.

وكانت هذه هزيمة روحية أكبر من كل مابُئْنا به من الهزائم.

وليس نظرنا للاقتصاد مع أنّه وسيلة، وإنّما نظرنا للثقافة الإسلامية التي أبعدوها عنّا، فقد تغلغل الغرب في الشرق تغلغلًا خسر به الشرق هُوِيّتَه، وسلب محتوى الكثير من شبّاننا.

ونرجو أن تنعطف كل الشعوب والدول على أنفسها، لِتُبدِّدَ عنها آثار هذه الهزيمة الروحية.

ولا يظن شُبّاننا أنّ كل مافي الوجود هو من الغرب، وهم لايملكون شيئا.

الجيش في صدر الإسلام‏

أشرق الإسلام ليواجه كل الحكومات الطاغوتية بصنع الإنسان، فهذه مهمَّة القرآن.

ولو تحقّق هذا الإنسان في البلاد الإسلامية، وصار الإسلام منهاج الحكومات والشعوب، لما استطاع الآخرون استغلالنا.


فيجب أن يتبع اقتصادنا وثقافتنا الإسلام، ويكون جيشنا إسلامياً.

فقد كان الجيش في صدر الإسلام ملاذاً للشعوب، وماكان منفصلًا عنها، ولا مُرْعِباً لها.

ولو عمل الجيش والحكومة بواجبهما الإسلامي، لسادت البلاد المحبّة، والهدوء الروحي.

وهذه السيادة مفيدة للشعب والدولة والجيش.

وإذا كان الجو جو إرعاب- كما في ظِّل الحكومات المستبدّة- كان سيِئاً للشعب والحكومة والجيش.

وإنّما ينشر الطغاة الرعب والوحشة، لأنّهم لم يعملوا لشعوبهم شيئاً، وانفصلوا عنها، وهم يخشونها.

من هنا يجعلون المحيط محيط رُعب وقسوة، ليقمعوا الشعب.

ولم تكن هذه المعاني في صدر الإسلام، وما كان جيش الإسلام منفصلًا عن شعبه، ولاكان المحيط محيط خوف يوماً ما، ولا كانت الحكومة مختلفة عن الناس قطّ، بل كانت حياتها أدنى من حياتهم.

فالحاكمون ماكانوا يريدون أن يحكموا، وإنّما كانوا يريدون أن يخدموا.

فالإسلام كلّف الحكومات أن تخدم لا أن تحكم، فالجيش يجب أن يكون في خدمة الشعب، وهكذا الحكومة.

وإذا ساد مثل هذا المنهج، زال الرعب، وحلّتِ المودَّة والأخُوّة.

وجوب اعتبار الدول بمصير الشاه‏

حينما يكون المحيط أخويّاً يقف الشعب مع الحكومة، وإذا حصل هذا الوقوف لاتسقط الحكومة.

ولو سمع الشاه نصائح علماء الدين، وخدم الشعب، لما سقط، لكنّه خان، وماخدم، فخسر نُصْرة الشعب الذي ابتهج عندما علم أنّه ذهب مثلما ابتهج بذهاب أبيه.

وعلى الحكومات أن تعتبر بما جرى في إيران، وأن تعلم أنّ أولئك ضغطوا على الشعب حتى انفجر، فَلْيتآخوا، ويُحبّوا شعوبهم، حتّى يحسّ الشعب أنّ حكومته منه، وأنّها خادمة له.

يجب أن تشعر الشعوب أنّ الجيوش منها، وأنّ الجيش الذي ينزل إلى الشوارع، إنّما ينزل إليها لينثر الشعب عليه الورد، لا ليهرب منه.

فالأساس في البرامج الحكومية هو أن تكون في محيط أخلاقيّ تشيع فيه الأخوّة، فإذا تحقّق هذا وأرادت الدولة أمراً أيّدها الشعب كله، فما تجري أمراً، إلّا والشعب في خدمتها.

الحكومة الشعبيَّة والمناهضة للشعب‏

إذا أردنا قياس الحكومة التي كانت في إيران بالحكومة القائمة فيها رأينا الشعب غير موافق للأولى، بل يسعى لعرقلة أعمالها، بينما يقف مع حكومتنا صفّاً، ويقترح علينا من كل جانب عارضاً خدمته، فكل طبقاته تقول: نحن مستعدون لتنفيذ هذا البرنامج بأرواحنا وقلوبنا.

وحين تريد الدولة تنفيذ خطّة يعلن الشعب استعداده لذلك بنحوٍ مُعْجِب.

هذا ماحدث في الوقت الذي ما استطعنا فيه أن نطبِّق الإسلام كاملًا في إيران.

فنسيم هبَّ منه على إيران أثمر حكومتنا الشعبية التي يحبُّها الشعب ويؤازرها.

فرئيس وزرائنا لا يخشى أن يسير بين الناس ويجلس معهم، ويكلّمهم على خلاف رؤساء الوزارات في الحكم الداثر، فما كان لهم أن يكونوا بين الناس، لأنّ الشعب كان عدوّاً لهم مثلما كانوا هم عدوّاً له.

فإذا التفتت الحكومات للإسلام، وغرسته في النفوس وفي أنفسها، رأت الخير، وعمَّ الصلاح بلدانها، وأنجزت خططها بأسهل مايكون الإنجاز.

الأمل في الوحدة الإسلامية

آمل أن تسود الدول الإسلامية اخوّة هي الأخوّة الإسلامية التي تفضّل بها القرآن، فإنّها إذا سادت كانت هذه الدول قوّة عظيمة لا تستطيع أي من القوى العظمى أن تبلغ قَدَمَها.

أسأل الله- تبارك وتعالى- أن يتحقّق هذا الأمر لجميع الدول المسلمة، وتفوز بأن تكون للإسلام، وتحفظ اخوتها الإسلامية، وتخدم شعوبها، وتحظى بتأييد هذه الشعوب.

(هنا شكر وزير الخارجية التركيّ للإمام، وقال: من شأن اجتماع السياسة والدّين أنّه يجعل الناس أقوياء، ومن أصول الديمقراطية ألّا يكون اختلاف بين الشعب وحاكميه، فقال الإمام بعد حديثه:)

شعار الديمقراطية خدعة من الغربيين‏

تُثمر تربية شعب ما إذا كانت ثقافته صحيحة، فاسعَوا أن تكون الثقافة إسلامية سليمة فالشبَّان الذين ينشؤون بهذه الثقافة هم الذين تكون بأيديهم مقدّرات البلاد.

فإذا نما هؤلاء أسوياء، فكلهم خدم للشعب، وأمناء على بيت المال، وكل هذه الأمور تتحقّق بقيادة الإسلام للحياة.

إذا كان شعب ذا ثقافة إسلامية أصيلة غنيّة، كانت بلاده مطمئنّة مترقّية.

أمّا ما تقولون من الديمقراطية، فهو صحيح، لكن المأسوف عليه أنّهم في البلدان الغربية يأخذون بذيل الديمقراطية، وهكذا في بلداننا، فلا خبر من الديمقراطية.

والغربيّون يريدون أن يُخْرِبُونا بهذه الأسطورة، ويستغلّونا.

ونحن إذا لم نكن تحت لواء الإسلام، لا نستطيع أن نعمل العمل الصحيح بالديمقراطية.

أسأل الله- تبارك وتعالى- أن يوفّق كل حكوماتنا الإسلامية، وأن يجمعها تحت ظلال الإسلام ولوائه متآخين متحابّين، ليتغلّبوا على جميع مشكلاتهم.


* صحيفة الإمام، ج‏8، ص: 78,75

2011-05-08