التاريخ 23 خرداد 1358 هـ. ش هـ. ش/ 18 رجب 1399 هـ. ق
المكان: قم
الحاضرون: الحرس وكسبة طهران
بسم الله الرحمن الرحيم
تحقّق أحكام الإسلام
آمل أن نكون جميعاً حرس الدين الإسلاميّ المبين وحماته، وأسأل الله- تبارك وتعالى- أن يسجّلكم أيها الأخوة مع حرس الإسلام ومحبّي أهل البيت- عليهم السلام.
طبعاً كل طبقات الشعب شاركت في هذه الثورة، وأنتم أيها الحرس شاركتم.
كل شبّاننا كانوا شركاء، وأملنا أن يظلوا مشاركين فيها من الآن فصاعداً.
والمهمّ أن نعرف واجبنا في الحال والاستقبال، فما مضى مضى بحمد الله حسنا، وبقيَ المهمّ في الحاضر والآتي.
والجمهورية الإسلامية لم تتحقق على النحو الذي نريد، فالنظام الآن على حسب الاستفتاء الذي جرى جمهوريّ إسلاميّ، لكن لم تكن غايتنا التصويت للجمهورية الإسلامية فقط والذهاب جانبا.
نحن نريد جمهورية إسلامية تقام فيها أحكام الإسلام في أرجاء البلاد، وإن شاء الله في بلاد المسلمين من أقصاها إلى أقصاها، والأمل أن تعمّ كل بلدان المعمورة.
الحرية في الإسلام
إنّ ما يثير القلق في الجملة هو أنكم أيّها السادة وكل الشعب تحسّون الآن بالحرية وأنتم أحرار، لكنّ العمل بالحرية كما يجب ليس واضحاً للجميع.
فلنرَ ماذا نفعل بالحرية التي ننعم بها الآن؟
نحن الآن مطلَقون من كل قيد وغُلّ كان في الحكم السابق، ولهذا جئتمونا أحراراً، وما كنتم تستطيعون هذا سابقا.
ونحن أيضاً نتحدّث إليكم أحرارا، وهكذا أنتم.
فماذا يجب أن نعمل بهذه الحرية؟
فهل نلقي كل الضبط والانضباط الآن جانباً مادمنا أحرارا؟
وهل لنا أن نقول مانريد ونفعل مانريد لأنّنا احرار؟
هذا معناه أن الحرية في الجمهورية الإسلامية هي أن ترتفع كل الضوابط، ويكون لكل إنسان أن يتحدّث بما يريد، ولو خالف الشعب والإسلام والقرآن المجيد.
أو أنّ الحرية التي نريدها هي الحرية التي أعطاناها الإسلام.
الحرية في حدود القانون، وهذا في كل مكان.
فحرية كل شعب هي في نطاق القانون، وليس لأحد أن يمسّ القانون باسم الحرية.
ليست الحرية أن تقفوا مثلًا في الزُّقاق و تنبزوا كل مَن مرَّ فيها بلقب- لا سمح الله- أو تضربوه بِعَصَا.
وليست الحرية أن تتناولوا أقلامكم، وتكتبوا ما تشاؤون ولو خالف الإسلام والقانون.
خطر استغلال الحرية
هذه الحرية وهبها الله- تبارك وتعالى- لنا، ليمتحننا.
فما كنتم تستطيعون شيئاً، والآن لطف الله بكم، وأخرج أولئك الذين كانوا يحدّون حريتكم من هذه البلاد.
وهو الآن يمتحنكم بِمنّه عليكم بإخراج أولئك عنكم وبإعطائكم الحرية.
ونعم الله امتحان لعباده.
لننظر الآن إلى النعمة التي آتانا الله إياها أنكفر بها أم نشكرها له؟
والكفر أن نجعل الحرية وسيلة للقبائح بدعوى (أنا حرّ أفعل ما أشاء) حتى...
وشكر النعمة أن أتمتّع بالحرية فيما أمر الله- تبارك وتعالى.
هذه الحرية التي رحمنا الله بها، وأهداها إلينا إذا خنتموها يمكن أن يستردّها الله- تبارك وتعالى- منا، ويمكن أن نعود إلى الحال السابقة التي كنّا عليها.
فلْننتبه جميعنا على ألّا نستغل الحرية.
والغلاء أحد ألوان الاستغلال إذ يقول أحد: أنا حرّ، ويجحف بهؤلاء المحتاجين على ما يشتهي، ويرفع الاسعار، ويعيد السوق إلى وضعه الطاغوتيّ.
فالإجحاف في المعاملات وعدم الإنصاف فيها أمر لايقبله العقل، والله- تبارك وتعالى لا يرضاه، فيجب أن نجعل الأسواق إسلامية.
الفرق بين الجمهورية الإسلامية والديمقراطية
الجمهورية الإسلامية يجب أن تكون كل أمورها إسلامية، ولابدّ أن تكون إداراتها إسلامية متحوّلة، وهذا غير حاصل الآن.
والمحكمة يلزم أن تكون إسلامية والقضاة يجب أن يكونوا على ما رسم الإسلام لهم من القضاء، ولم يتحقّق هذا حتى الآن.
والثقافة لابدّ أن تكون إسلامية، وأن تخرجوا من هذه الثقافة المرتبطة والتابعة والاستعمارية، وهذا غير جار الآن.
والسوق الآن بيد ناس متدينين في الظاهر يقولون: ليس هنا من يضغط علينا، ويحدد السعر.
يجب ألّا يُجحفوا، وعلى الحاكم الآن أن يقف في وجوههم، ومن الممكن أن نأمر بذلك.
" نحن أحرار، فنبيع الهيروئين والخشخاش، ونحن أحرار فنفتح دار قِمار، ونحن أحرار فنفتح حانة ونبيع شرابا".
مثل هذا ليس من الحرية في شيء.
هذه حرية غربية تعنى بهذه الأمور.
والحرية التي في الإسلام في حدود قوانين الإسلام، فما نهى الله عنه يجب ألّا يكون، ولستم أحراراً أن تفعلوه.
ليس من الحرية أن يُقامِرَ أحد، ويقولون: هو حرّ، هو يدري.
أجل، إذا كانت الحرية حرية ديمقراطية، والجمهورية ديمقراطية، وتلك الحريات بحسب قواعدها، من أراد فتح حانة فله أن يفتح، ومن أراد فتح دار قمار، فله أيضا.
ولامانع من دور البغاء في الجمهورية الديمقراطية.
ومن يريدون الجمهورية الديمقراطية يريدون هذا، يريدون مثل هذه الحرية.
والجمهورية الإسلامية التي نريدها يجب أن تقوم على قواعد الإسلام، وتغلق فيها دور البغاء، ولايردها شبّاننا.
خيانة البهلويين للشبّان
ربَّوا شبّاننا تربية سيئة، فشبّوا على الهيروئين والخشخاش والقمار والشراب.
وضربوا بلادنا ضربة كبيرة، إذ سلبوها طاقتها الإنسانية، وبَدّدوها هدرا.
في الجمهورية الإسلامية يجب أن تحفظ الطاقة الإنسانية، وتُوَجَّه توجيهاً صحيحاً، لينجو بلادنا.
فلدينا الآن بلاد مرّ عليها سنون طويلة ولاسيّما هذه النيِّف والخمسون سنة التي حكم فيها هذا الأب والابن الجانيان، وقضوا على طاقتنا الإنسانية.
وعليكم الآن أن تحملوا مصباحاً، وتدوروا عسى أن تجدوا فيها إنسانا.
لم يدعوا فيها إنسانا يتجلّى.
لم يدعوا الجامعة تكون إسلامية إنسانية، ولا تركونا ندرس دراسة صحيحة في مدارسنا، إذ ساد الضغط والقمع في عهد الأول وعهد الثاني في كلّ منهما بنحو من الأنحاء.
فقد أعدّوا دور البغاء لشبابنا، وشجّعوهم عليها.
ويقال: إنّ دور البغاء كانت أكثر من المكتبات، وهو كذلك، وأملي أن تكون الآن قد انحسرت.
والصدمة التي نزلت بطاقة إيران الإنسانية أشدّ مما نزل باقتصادها وشؤونها الأخرى.
الاقتصاد يمكن جبره سريعاً، لكنّ الطاقة الإنسانية تحتاج إلى سنين طوال لتبلغ الرشد.
وأنا آمل أن تحرسوا أنفسكم مثلما تحرسون الإسلام، احفظوا أنفسكم عليكم، ولاتدعوها تعصي، فترتكب ما تشتهي.
اكبحوا جماح أنفسكم، لتتبع الإسلام، واعملوا ما يريد الله.
وفّقكم الله جميعاً، وإن شاء الله تبلغ هذه البلاد الازدهار، وتسعدون جميعا.
والله يحفظكم.
* صحيفة الإمام، ج8، ص: 104,101