يتم التحميل...

الموضوع: تكامل المجتمع الإيراني وحيويته‏

خطاب

الحاضرون: جرحى الثورة ومعوّقوها من زنجان- نساء جهاد البناء في كازرون‏

عدد الزوار: 44

التاريخ: 23 خرداد 1358 هـ. ش/ 18 رجب 1399 هـ. ق‏
المكان: قم‏
الحاضرون: جرحى الثورة ومعوّقوها من زنجان- نساء جهاد البناء في كازرون‏

بسم الله الرحمن الرحيم

تحوّل مُثير ومطمئِن‏

أنتم أيتها الجماعات، أعزّاء، ويجب أن أتحدّث لكل منكم، لكن لأنّني لا وقت لي، ولأن حالي ليست على ما يرام فإنني سأتحدَّث إليكم معاً بأمر مطمئِن لي وسارّ، وهو مشترك بينكم أيتها الجماعات الثلاث وبقية الجماعات الإيرانية، وهو هذا التحوّل في شبّاننا وشِيبنا وأطفالنا وطبقاتنا.

وهو تحوّل باعث على الاطمئنان، وقد كرّرت أنّه من ذلك النصر الذي كان عظيماً جدّاً.

فيا له من تحوّل هذا الذي اصبتم كلّكم به بالرصاص وفقدتم بعض أعضائكم، وكنتم في مَشقَّة، ومع ذلك جئتم تعرضون أنفسكم مرّة أخرى على الإسلام!

فما أعظم أن نفتدي الإسلام بأرواحنا!

ولله تحوّل يحمل النساء أن ينهضن من مكان بعيد، ويقصدن مواقع المجابهة والقتال وجميع المشاكل، ليساعدن إخوانهنّ!

وأكرم بتحوّل تفدُ به النساء من كازرون إلى هنا، وهن يُعلِنَّ ثانية: نحن على استعداد أن نفتدي الإسلام!

مَنْ بعث هذا التحوّل؟

هل يستطيع أحد غير الله أن يبعث هذا التحوّل في شعب، لا في جمع، ولا فيكم أنتم الحاضرين في هذه الغرفة، ولا في أهل محافظة أو ناحية، وإنّما في بلاد تزخر بنيِّف  وثلاثين مليونا وفي خارجها أيضا.

المجتمع الحيّ وصوته‏

قبل أيام خلت، جاءت جماعة هنا أظنّها كانت من أمريكة، جاءت للمشاركة في جهاد البناء.

شبّان ينهضون إلى هنا، ليشاركوا شعبهم، ويعاونوا هؤلاء المحتاجين منه.

وقلت لهؤلاء: مع أنكم لستم متمرسين في الحصاد، ولا تبلغون فيه مبلغ الفلّاحين، لكنّ عملكم هذا ثمين جدّا، فحين يرى الفلّاحون جماعة تأتي من أمريكة، لتساعدَهم  وتواسيهم تتضاعف قدرتهم.

فأنتم تمدّونهم بالطاقة حين تكونون بينهم.

وهؤلاء السيدات اللاتي نهضن من مكان بعيد، ومضين إلى مركز الخطر عملُهنّ يُمِدّ المجتمع بالقوّة ويُحيِيه.

هؤلاء السيدات اللاتي حضرن هنا، من مكان بعيد يقُلْن: نحن مستعدات للفداء على أيّ نحو.

فهنّ مثلكم جميعاً، كلكم تقولون هذا، وهو صوت يرتفع من مجتمع حيّ، وما كان هذا المجتمع قبلًا هكذا.

وما كنتم مستعدّين في زمن الطاغوت أن تخطوا خطوة تحتملون فيها الأذى، ما كنتم مستعدّين لهذا أصلا.

وهؤلاء ما كانوا مستعدّين لو وقعت حرب في عهد الطاغوت أن يذهبوا، ويعرضوا أنفسهم للمساعدة، ولا كانوا مستعدّين أن يقدّموا للطاغوت شيئا.

خير الأمور طاعة الله وخدمة عباده‏

أن تعلموا أنّ الإسلام كله للجميع، وأنّه حكومة إلهية عادلة يحملكم أن تعملوا لله، وتَرَوا هذه الأعمال كلها له، وهذا التحول أيضاً حصل بلطفه، وما من أحد سواه يستطيع  تحويل القلوب من حال إلى حال، فمقلّب القلوب هو الله- تبارك وتعالى- ومحوّل الأحوال هو الله- تبارك وتعالى.

فالحمد لله مقلّب القلوب ومحوّل الأحوال الذي حوّل حالكم إلى أحسن الحال.

وأحسن الحال هو أن تعملوا له، وتخدموا عباده، وتكدحوا لإقامة أحكامه.

وأنتم بحمد الله تعملون له، وتخدمون عباده، وهذه أحسن حال لنا ولكم.

وأنتم بحمد الله موفّقون، والله يزيدكم توفيقاً على توفيق.

ضرر تبيين النواقص بشكل مستمر

وهنا موضوع آخر يجب أن أعرضه عليكم، ونحن مبتَلَون به، ولعلّنا نواجهه في أكثر الأيام، واليوم أيضا كان هنا غيركم والموضوع هو نفسه، تسقط العثرات والكشف  عنها في كل ناحية. فحيثما تذهبوا تَرَوها، ونحن نعلم بها، لكنّ الوقت ليس وقت بيانها.

فبيان الإشكالات أكثره يبعث على ظهور الفتور في الشعب ولون من الخوف فيه.

فيجب حفظ الطمأنينة اللازمة لشعبنا، وهي متوفّرة عليه الآن بحمد الله.

فالفتنة التي حصلت في كردستان أجّجتها يد الأجانب والأحزاب التي كانت مرتبطة بهم، وكانت فتنة كبرى أطفأها شعبنا وحكومتنا، وقضوا على الخاطئين فيها، ومنهم  الآن شراذم ضئيلة في اطراف هناك كالغابات والأرياف.

لكن لا تتخيّلوا أنّ الفتنة انتهت، فالمؤامرة باقية، لكنّها ليست بشي‏ء حتى حين جرت.

فشعب هزم قوّة شيطانية بهذه العظمة، وأحبط مؤامرة الانقلاب العسكري الذي رسموها ونحن في طهران ليقتلوا أعيان القوم، ويفعلوا ما يفعلون، فقد أخبرني المرحوم الفريق القرني هنا: أنّ معركة الشعب والطاغوت استغرقت ثلاث ساعات ونصف الساعة.

والشعب الذي هزم الدبابات والمدافع والرشّاشات بيد خالية يجب ألّا يخشَى بعدُ حزباً أو شرذمة تعارض في كردستان.

فأولئك ما عادوا همَّاً لهذا الشعب، وهم يبعثون على الانزعاج، ويتسبّبون في قتل عدَّة من الأبرياء، لكن لا يمكن أن يصدر عنهم عمل يكون خطراً علينا.

لاخطر بعدْ من هؤلاء.

عدم خوف الشعب من المكاره‏

إيران بحمد الله بعيدة عن الخطر في ظِلّ تحوّل سرى في هذا الشعب، فانهدرت جموع النساء في الشوارع، وسبقن الرجال، وشجعنّهم، فهزموا هذه القوّة.

فممَ يخاف شعب لديه مثل هؤلاء النساء وهؤلاء الشبّان؟

لاخوفَ في الأمر.

إذا كان ذلك النظام السابق وأولئك الخاملون والباردون، فالخوف مقيم، أما في هذا الوضع القائم حالياً في إيران التي يذهب منها علم مجاهد 1، فتنبعث فيها ثورة كهذه وانفجار مثل هذا.

فهنا شعب حيّ، ولا خوف لديه، ومع أنّ فقدان ذلك العَلَم مثلًا كان مؤلماً، لكن بلاخوف، فالشعب الآن يؤدّي عمله، وما عدت أنا ولا أحد غيري في الحُسبان، فالأساس هو  الشعب نفسه وهو يسيّر الأمور.

الانتخابات البرلمانية والرئاسية

أسأل الله- تبارك وتعالى- أن تبقى هذه الروحية وهذا القلب المفعم بالإيمان اللذين أسداهما إليكم محفوظين، وأن تتكاتفوا، وتنبذوا الخلافات، وتُقلوا النزاعات، لتبلغ هذه الثورة غايتها، والمهم في هذه المراحل الأولى مجلس الشورى الوطنيّ ورئيس الجمهورية، وسيتحقّقان.

ومجلس الشورى الذي مجلسكم هو الذي ينهي كل الاضطرابات، فيجب أن تسعوا إلى أن تنتخبوا بأنفسكم الملتزمين المتدينين الوطنيين، غير اليساريين ولا اليمينيين.

انتخبوا هؤلاء، وإذا حصل مثل هذا المجلس- إن شاء الله- المنتخب من أنفسكم والمؤلّف من رجالكم وباختياركم، فما لدينا بعدُ من خوف، إن شاء الله.

* صحيفة الإمام، ج‏8، ص: 125,122


1- الشهيد مرتضى المطهّري- رحمه الله.

2011-05-08