الموضوع: وجوبُ إقامة الإسلام في جميع الأبعاد- الاهتمام بالمصادقة على الدستور
خطاب
الحاضرون: نساء مدرسة الزهراء- وحرس الثورة في قم
عدد الزوار: 61
التاريخ 28 خرداد 1358 هـ. ش/ 23 رجب 1399 هـ. ق
المكان: قم
الحاضرون: نساء مدرسة الزهراء- وحرس الثورة في قم
بسم الله الرحمن الرحيم
تقدّم السيِّداتِ البنّاء
أشكركنّ أيتها السيدات اللاتي اتيتن من بعيد، وحضرتنّ لقائي، وأدعو لكنّ أن يسعدكنّ الله، وأشكركنّ أن كنتنّ متقدّمات في هذه الثورة. سيدات إيران كنّ متقدّمات في هذه الثورة، مثل سيّدات صدر الإسلام. وثورتنا تقدّمت بهنَّ، وآمل أن تتقدّم بكنّ.
خدمة الحرس الجليلة
والشيء الذي يجب أن أعرضه على السيدات وعلى السادة الحرس بعد أن أشكركم أنتم الشبّان الأقوياء الذين تنفقون أعماركم وشبابكم في سبيل الإسلام، وهذا هو الإسلام الذي يحفظكم يقظين في أعماق الليل الذي يجب أن يرقد فيه الشابّ، وهذا هو الإيمان الذي يحمل الشابّ أن يأتي من موضع الأمن إلى مورد الخطر، من سرير راحته بمنزله المطمئن ومحلّ نومه إلى الأزقّة والشوارع يحرسها في حال فارق النوم فيها عينيه وما فارقه الخطر. هذه خدمة جليلة، ولستم ملزمين بها، أنتم بأنفسكم جئتم. وجلال هذه الخدمة هو أنكم جئتموها من دون أن يدعوكم إليها أحد، أنتم اخترتم هذه الخدمة. وهكذا السيدات، فهنّ شريكات في هذا المعنى، ففي الوقت الزاخر بكل الأخطار ذهبتم كلكم إلى الشوارع، وكذا السيدات المحترمات أيضا. وما من أحد ألزمكم أن تنزلوا إلى الشارع أو تعلوا السطوح هاتفين الله أكبر، في حال ربّما تُصابون فيها بالرصاص. كانت هذه قدرة الإيمان التي جرّتكم أنتم والسيدات إلى الشوارع. وهذه قيمة العمل. أحياناً تكون مؤسسة عليها إلزام الإنسان أن يخرج، ويلقي نفسه في الخطر، وأحيانا لا يكون هذا، فليس من مؤسسة تلزمه بشيء وإنّما هو يتطوّع أن يذهب ويخدم. وهذا ما يعطي الخدمة والعمل قيمة كبيرة، وهو هذا المعنى أي: أنكم مع جميع المشكلات ومع جميع الأخطار أول الثورة ذهبتم كلكم إلى الشوارع، وجابهتم المدفع والدبابة من دون أن يلزمكم أحد بذاك. وهاأنتم أولاء الآن حاضرون جميعاً وتحرسون معاً، وقيمة هذه الحراسة كبيرة جداً. وآمل أن يجعلنا الله كلنا، ويجعلكم كلكم من حرس الإسلام، وأن تكونوا جميعكم في خدمة إمام الزمان.
حفظ قدرة الإيمان
الشيء المهمّ الآن هو أنّ هذه الحراسة التي تؤدونها، وأدَّيتنها أنتنّ أيتها السيدات، وأوصلتم الثورة إلى هنا، وحققتم أمراً إعجازيّاً ومعجزاً، وهزمتم القدرة الكبرى، فيجب أن تبقى قدرة الإيمان هذه محفوظة. إن تريدوا أنْ تبقوا على الغاية التي جئتم بها منذ البدء، وأردتم الإسلام واخترتم الجمهورية الإسلامية، إن تريدوا أن تتحقق الجمهورية الإسلامية في الواقع بكل ما فيها من المعاني، وبكل ما تضمّه من معنى، فعليكم من الآن فصاعداً أن تحفظوا ذلك الإيمان وتلك القدرة. كونوا معاً. وليكن فكر الجميع هو أن تتحقق الجمهورية الإسلامية لا بالمعنى الذي نقول فيه: نحن نريد الجمهورية الإسلامية، أو نصوّت لها. فإعطاء الرأي لا يكون سبباً أن تتحقق الجمهورية الإسلامية. بلى، الآن قطعاً البلاد جمهورية إسلامية، لكنّ في الجمهورية الإسلامية يجب أن تسود أحكام الإسلام، يعني يجب أن يكون الإسلام في كل مكان من إيران في إدارتها، في وزاراتها، في أسواقها، في محلّاتها، في جامعاتها، في محكمتها، في كل مكان منها. هذا ما يريده شعبنا ويريده الله أن نكون، أن نجعل كل مكان من بلادنا في صورة إسلامية في حين كان كل مكان خراباً في زمن الطاغوت، وما زال هذا الخراب الآن.
المشاكل الكثيرة عند جميع شرائح الشعب الايراني
بناءً على هذا نحن الآن في وسط الطريق لم نبلغ الغاية، ومن كان في عرض الطريق يجب أن يكون كل همّه أن يبلغ مقصده. أنا أعلم أنّ بين جميع الطبقات مزعجات، مشكلات، وليست على نحو لا أعلمُه. طيّب، نحن مبتلون كلّ يوم تقريباً على نحو ما جئتم اليوم تبثّون مشكلاتكم يأتوننا من الأطراف، ويعرضون المشكلات، ونحن نعلم أنّ المشكلات كثيرة، لديكم مشكلات، ولدى الجيش مشكلات كثيرة، ولدى الشرطة مثلها، ولدى الدرك مشكلات كثيرة، وبين الحرس نفسه كثير، وبين اللجان كثير، وفي المحاكم كثير. كل هذه ليست بشيء غير ظاهر. كلنا نعلم أنّ المشكلات كثيرة، وهذه المآخذ موجودة بعد كل ثورة، لا يمكن أن تقع ثورة، وخاصة مثل هذه الثورة الكبرى التي يقولون عنها في الغرب: إنّها معجزة وقعت، فهذه الثورة أبطلت الحسابات إذ وقعت، إذ طوت خمسين عاماً ونيِّفاً أخربت فيها الأيدي غير الطاهرة خارجاً وداخلًا بلاد إيران هذه. كلهم مَلأوا جيوبهم ما استطاعوا من المنافع، وتركوا البلاد خربة. وبعد الثورة ومع خراب البلاد لا يتوقّع إصلاح كل شيء، لأنّ هؤلاء ذهبوا.
التعاضد لبناء بلاد إسلامية
علينا الآن جميعا أن نتكاتف ونتعاضد، ونعمر هذه الخربة. وإذ نقول كلنا معاً، فإننا نعني كل إنسان في كل مكان، وأنّ عليه أن يعمل هناك جيداً. ولا تتوقَّعوا أنْ انجز أنا جميع الأعمال. ولا أتوقع أنا أنْ تنجزوا أنتم كل الأعمال. أنا طالب الحوزة أستطيع أن ادير عملي إدارة حسنة. وأنت الشرطيّ كلّ شرطيّ يستطيع إنجاز عمله إنجازاً حسناً. وهؤلاء السيّدات اللاتي لهنّ عمل آخر يُؤدِّين عملهن أداءً طيّباً، والوزارات أيضاً تجوّد عملها، والفلّاحون يقومون بعملهم قياماً طيّبا. والعمّال يعملون عملهم جيّداً. حين تكون الطبقات كلّها إسلامية، ويفكّر الجميع أن يديروا بلاداً إسلامية هي جمهورية إسلامية يُرَمّمون الخراب. نحن طبقة لا نستطيع النهوض بترميم الخراب كلِّه، ولا أنتم أيضا أن تحرسوا إيران كلّها. نحن أيضا لا نستطيع أن ندير إيران كلّها إدارة صحيحة. فعلينا كلّنا نحن الشعب الإيراني أن نبني إيران. أنتم في قم حرس، وكل حارس منكم مكلّف أن يُؤدِّي حراسته أحسن الأداء، أن يُؤدّيها بصدق، أن يُؤدّيها بأمانة، أن يُؤَدِّيها لله. وأنا الطالب الدينيّ عليّ أداء مهمّة الطالب الديني هكذا. وكلّ السادة مكلّف أن يؤدِّي ما عليه، وحين تنهض كلّ طبقة بواجبها تتحسَّن البلاد.
سقوط امبراطوية 2500 سنة
البلاد عبارة عن هذا الماء والتراب، وسكّانها عبارة عن هذا الشعب، وهذا الماء والتراب لهذا الشعب، وحينما يتضامن الشعب، أي: أن يدير كلّ منهم المكان الذي هو فيه إدارة حسنة فالبستانيّ يصلح البستان الذي هو فيه إصلاحاً طيّباً، والفلّاح يُحسن زراعة السهل الذي هو فيه، ورئيس الوزراء يُجيد رئاسة وزرائه، وهكذا الوزراء، وكذا الإدارات الأخرى، وهكذا الشرطيّ. فإذا سادَ مثل هذا الفكر في العمل، وعلى نحو ما اقتلعتم جبلًا عظيماً بهتاف الله أكبر. وأسقطتم امبراطورية 2500 سنة. وكان هذا ما فعله الإيمان، وهذا ما أنجزه الإسلام. وتستطيعون أنتم فعله.
البلاد بيدكم الآن، وتستطيعون أن تديروها بأنفسكم بشرط مراعاة أصول وقضايا قائمة الآن، فالدستور يجب أن يتم، يجب أن يُصَوّت له، وبعده يجب أن يقوم مجلس الشورى الوطنيّ باستفتاء صحيح.
هذه الأصول قائمة الآن، والشياطين منهمكون الآن في إغراء كل فرد باختلاق المآخذ يحثّونه على الإشكالات. يذهبون إلى الفلّاحين مثلًا يقولون لهم... قامت الآن الجمهورية الإسلامية، لكنهم لم يفعلوا من أجلكم شيئاً. كأنهم يقولون لهم: يجب أن تجعل الجمهورية الإسلامية كلّ هذا الخراب أرضاً خضراء. أو يأتون إلى الحرس يقولون لهم: حسناً، الآن جمهورية إسلامية حسناً، وهذه الأشياء المختلفة من الناس السيئين موجودة الآن، فالتنصيب السيِّئ موجود، والانتخاب السيِّئ موجود، ويوجّهون الجميع إلى أشياء غير القضية التي نحن بصددها الآن. وهذا نظير ما كنتم تكبّرون في ذلك اليوم، وتسعون لهدم ذلك السدّ وهم يأتونكم يسألونكم ما حال رئيس الإدارة الفلانية مثلًا. ليس الآن وقت هذا الكلام. الآن وقت أن نذهب ونهدم السدّ. والآن أيضا هذا واجبنا. فالوقت الآن ليس وقت التفات السيدات إلى مآخذهن وأحوالهن، ولا وقت التفاتكم أنتم أيها الإخوة إلى مآخذكم الذاتية وأحوالكم الخاصّة، ولا أنا ولا السيد، ولا الآخرون. ليس وقت هذا الآن ما دامت الأصول غير مستقرّة. أي: أننا نريد بلاداً، وحين تتحقق نقول في ذلك الوقت: من حارسها؟ ومن علماء دينها؟ ومن سيّداتها؟ وسوى ذلك. الوقت الآن وقت أن نجعل البلاد مستقلّة حُرّة قانونها إسلامي. وقت أن تتمّ كلّ شؤونها. وبعد شهرين أو ثلاثة يتحقّق هذا المطلب إن شاء الله، أي: الجمهورية الإسلامية، انتخاب رئيس الجمهورية والمصادقة على الدستور وجريان الاستفتاء عليه، وقيام مجلس الشورى الوطنيّ، وعندها يرتفع التزلزل في العمل.
الاهتمام بالمصادقة على الدستور
الحكومة الآن انتقالية. جاءت لتنقل القدرة إلى شخص آخر، لتتمركز هذه القدرة، وحين تحلّ جميع الأمور في موقعها. ومع أن الحكومة الآن انتقالية تنجزُ أعمالًا أساسية، فهذا البناء تمارسه الآن، وتهيئة البيوت المقرّر أن تُباشِرها، وإقامة الجسور وفتح الشوارع والمهمات الأخرى تؤدّيها. ولكنّ المهمّ الآن ألّا ننسى ذلك الأصل، وهذا الأصل هو أنها تريد أن يضعوا الدستور الذي انهمك الشياطين ألّا يَدَعُوه يظهر. فلنقف معاً مقابل هؤلاء بأننا، لا نريد ما تقولون، نريد ما اقترحتْه الحكومة ورسمتْه، فهو عرض حسن. هذا ما نريده، ولا نريد مجلساً مؤسسيّاً كما يقول الغربيون، لا نريد هذا. نريد هذا المعنى الذي أعلنته الحكومة وهو يتمّ سريعاً، لا ذاك الذي ربما يطول عاماً أو اثنين أو ثلاثة، أو أربعة، أو خمسة حتى- لا سمح الله- تتزلزل الأسباب، تضطرب الأوضاع، والآن هو وقت هذا المعنى.
وأنا أدري أن هذه الأشياء التي قلتموها لستم وحدَكم فيها، فالجميع غير مرتاحين منها، لكن دعوا عدم الارتياح إلى وقت آخر. تأمَّلُوا قليلًا، ودعوها إلى وقت آخر، وأحكموا ما بأيديكم من الوظائف، وأدُّوها أداءً حسناً، فهذه الوظيفة لله لم يَحْمِلكم عليها أحد، وليس فيها ما يدعوكم إلى الطمع فيها. ليس هذا العمل شيء. قبضة فقراء. قبضة محتاجين. القضايا الآن إلهيَّة ربّانية، والقضايا الإلهية أهميتها أكثر. ونحن- إن شاء الله- نأمل أن نقيم الإسلام معاً، وتكون الطبقات كلّها إسلامية، وتكون العدالة الإسلامية للجميع، ليس لأحد أن يتقدّم على آخر في ظِلِّها، إلّا بالتقوى.
حفظكم الله- إن شاء الله- ووفّقكم، وأنا أدعو لكم كلكم، وأنا خادمكم جميعكم. ليحفظكم الله كلّكم إن شاء الله.
* صحيفة الإمام، ج8، ص: 171,168