الموضوع: عجز القوى الكبرى عن مجابهة إرادة الشعوب وإيمانها
خطاب
الحاضرون: جمع من رياضي بابُل ومعلّميها
عدد الزوار: 61
التاريخ: 30 خرداد 1358 هـ. ش/ 25 رجب 1399 هـ. ق
المكان: قم
الحاضرون: جمع من رياضي بابُل ومعلّميها
بسم الله الرحمن الرحيم
منطلق سعادة الشعب
للإنسان بعدان: أحدهما معنوي والآخر ظاهري ومادّي، وللإنسان في بعده المعنوي نوع من التعاليم، وفي بعده الظاهري والمادي نوع آخر من التعاليم. وإذا اجتمع هذان النحوان ظهر للوجود إنسان بتمام المعنى. وأنا مسرور أن يقوِّي ناس الجهة المعنوية، وناس يقوّون الجهة المادِّية أيضا، والأمل أن يجمعوا كلتي الجهتين: المادية والمعنوية. وأنتم المعلمين المحترمين والسادة الرياضيين الأعزاء إذا قويتم هاتين الجنبتين- وقَوِيت هاتان الجهتان في طبقات البلاد كلها- الجهة المعنوية بتلك التعاليم التي جاء بها الإسلام، والجهة المادية بتلك الأساليب اللازمة يَسعد هذا الشعب. أولئك الذين لهم بعدان: رياضي ومادي، أولئك هم الشبّان الذين تنشط قواهم البدنية وتتأهَّب بهذه الرياضة، وعندئذ يُقبلون على المعنويات والإيمان أسرع من غيرهم.
حيناً تكون الرياضة والتعليم والتربية في خدمة الطاغوت، حينئذ لا تثمر للبلاد غير الخسران، لكن حين تكون هاتان القوّتان العظيمتان في خدمة الله يقوى فيهما الإيمان، وتنشأ فيهما قوّة عظيمة لتقدُّم مقاصد الإسلام لا تستطيع قوة أن تصدَّها.
عجز القوى الكبرى إزاءَ إيمان الشعوب وإرادتها
مثلما رأيتم عِياناً أن التجماعات تقدّمت إلى هذا الحد بالقوى المادية والمعنوية وطاقة الإيمان، وأقامت هذه الثورة العظيمة، وهزمت تلك القوى الشيطانية وتلك القدرة الطاغوتية الكبيرة المجهّزة بكل الأسلحة الحديثة، وكان خلفها القوى المادية وجميع القوى الكبرى تؤيّدها، وأميركا طبعاً كانت تؤيدها أكثر من غيرها. ومع هذه الحال ومع كل هذه القوى ما استطاعوا أن يزيلوا قدرة الإيمان هذه التي نشأت في بلادنا وشعبنا، ولا تمكّنوا من أن يحفظوا أنفسهم ومصالحهم. لم يكن لدينا أسلحة في ذلك الوقت. وهذه المسدسات القليلة التي بأيدي الحرس الآن هي غنائم حربية. لم يكن لنا أسلحة قبل الثورة وحال الثورة بينما كان لأولئك كل شيء. وبناء على الحسابات التي كان الماديون يرونها ما كان ممكناً أن تنهزم قدرة بتلك العظمة التي تقف خلفها جميع القوى حتى الحكومات التي تدعى إسلامية وتعضدها. كانت القوى الكبرى مثل أميركا والاتحاد السوفييتي والصين وبريطانية كلها ظهيراً للقدرة الطاغوتية.
الإيمان والمعنوية منشأ قدرة الشعب
لم يكن بلا سبب رفضهم السماح لي عندما أردت أن أعبر الكويت، وما كان تشديد الحكومة العراقية علينا صدفةً إمّا أن نسكت، وإمّا ألّا نكون هناك، فذلك لأنّهم جميعاً بعضهم مع بعض وكانت القوى الشيطانية معاً. وحيث رأيتهم في ذلك الوقت منعوني حتى من الذهاب من الكويت، وقالوا: ارجع من حيث أتيت، واجبرنا أن نعود إلى العراق. وليس المهمّ في المسألة أنّ الكويت فقط هكذا. فهذه البلدان المسماة إسلامية كلها مشتركة المصالح، وجميعها إحداها ظهيرة الأخرى، ولن تدعنا نبقى هناك، ولذا بنينا أن نذهب إلى بلاد لا تكون تحت التأثير. وانتخبنا فرنسا، وذهبنا إلى هناك. وندم أولئك، العراق والكويت وإيران، لأنّ يَدَنا كانت طليقة في التبليغ. وقد أوصلنا مطالب إيران وقضاياها إلى كل مكان في الدنيا. وجرت مقابلات لِعدّة من الوافدين علينا من أميركا، وانتشرت في أميركا كلها- على ما كانوا يقولون- وفي كثير من المناطق مثل كندا، وذاعت مطالبنا في أميركا أيضا. وَظاهر أولئك الذين ينسبون أنفسهم إلى الإسلام وكذلك أولئك الذين كانوا خارجين عن الإسلام ظاهروا الطاغوت، لكنّ شعبنا تقدّم بقوّة. هل كان بيد الشعب بندقية في ذلك الوقت؟ هل بيده رشاش؟ هل له دبابة؟ هل لديه مدفع؟ ما كان لديه شيء، لكن كان لديه شيء آخر، وهو المعنوية والإيمان بالله. والإيمان أعطى الشعب قدرة جعلت أبناءه الذين كانوا يخافون قبلًا حتى صوت البندقية لا يعطون حتى الخوف من الدبابة إلى قلوبهم سبيلًا. وذاك الذي كان قبل سنتين يخاف حتى من ظِلّ الشرطي صار لا يخاف حتى الفريق. قال أحد أصحابنا: اجتمع صبيان على أحد كبار المسؤولين في شيراز، وقالوا له: قل يحيا فلان، والموت على فلان، فبقي على الوقفةِ التي كان عليها، وهو يقول: اذهبوا، وحينما رآني قال: هلُّمَ يا سيّد وخلّصني من هؤلاء، ثمّ وقف، وهتف بما طلبه الصبيان منه.
اجتماع القوى الروحانية والمادية
كل شعبنا جميعاً كانوا يهتفون بمطلب واحد، وهو ما بعث القوى الروحانية والمادية أن تجتمع، وهذا ما لا يتسنى لغير الله. هذه القدرة قدرة إلهية. جاءني أحدهم في باريس كان يحدّثني بأحوال الريف الذي جاء منه، ويقول: عندما يحين الصبح يتقدّم عالِمُ القرية ويتظاهر الناس خلفه. قال: كل الريف صار هكذا، وذكر اسم قرية ذهبت إليها هي قلعة في الصحراء قرب جبل. قال: رأيت هؤلاء كانوا يقولون هذا المعنى. في ذاك المكان اعتقدت أنّ في الأمر يداً غيبية. فالأعمال البشرية ذات شُعاع خاصّ. هذه العقيدة والإيمان اللذان كانا في صدر الإسلام. في ذلك الوقت كان لعشرة مسلمين أو خمسة عشر منهم جمل. وكان لِعِدَّة من جيش رسول الله وجيش المسلمين سيف واحد، وذاك السيف قديم أيضا، لكنهم بهذه الحال غلبوا امبراطوريتي إيران والروم. كان مع قائد الروم ستون ألفاً، خلفه سبع مئة أو ثماني مئة وثلاثون ألفا، فقال أحد قادة الإسلام: أريد ثلاثين رجلًا يأتون معي، لأقابل هؤلاء الستين ألفا، وعلى ما ورد في التاريخ برز ستون رجلًا ليقابل كل واحد منهم ألفاً من الروم، وذهبوا وانتصروا. وكان هذا، لأنّ الملائكة كانت خلفهم، والله لطف بهم. وفّقكم الله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
* صحيفة الإمام، ج8، ص: 181,179