الموضوع: وجوب الأخذ بنظر ذوي النظر في شأن أصول الدستور وموادّه
خطاب
الحاضرون: ممثّلو محافظة سيستان وبلوشستان والسواحل الجنوبية
عدد الزوار: 44
التاريخ 30 خرداد 1358 هـ. ش/ 25 رجب 1399 هـ. ق
المكان: قم
الحاضرون: ممثّلو محافظة سيستان وبلوشستان والسواحل الجنوبية
بسم الله الرحمن الرحيم
خسائر الشعب الايراني من النظام الملكي
أشكر لكم أيها السادة يا من حضرتم من مكان بعيد لتعرضوا ما لديكم، وتسمعوا ما لدينا وأشكر للأخوات المحترمات اللاتي جئن. والمواضيع التي يجب أن أعرضها عليكم هي أوّلًا أنّ المشكلات التي ذكرتموها صحيحة لا ريب فيها.
وأنتم إمّا تعلمون، وإمّا يجب أن تعلموا أنّ هذه المشكلات لا تختصّ بناحية سيستان، ولا بمازندران، فأينما ذهبتم في أرجاء هذه البلاد، وكل جماعة وفدت علينا من أهالي أنحائها المختلفة ذكروا هذه المشكلات وشبيهها، حتى الرحيل من محلّة إلى أخرى كان في مناطق أيضا وما زال مثل البختيارية وعشائر أخرى. ولا شكّ في أن النظام السابق كان بناؤه أنْ يشتّت الشعب، ويكدّر حياتهم، وعلى هذا صمّموا أن يقضوا على زراعتنا، ويجعلونا محتاجين لأميركا، ومن هنا أرادوا أن يمحوا ثقافتنا، ويدعونا محتاجين لأميركا والبلدان الأخرى في الحصول على الطبيب والمهندس وكل شيء. هكذا كان الوضع بلا جدال فيه، ولا ريب أيضاً في أن خُطّة الإسلام خلاف هذا. فلو ظهر الإسلام وتحقّقت الحكومة الإسلامية على ما تريد قلوبنا، لما كان المسير هذا المسير، فليست هي على النحو الذي تساعد فيه على ظهور البلبلة والاضطراب، إنما الحكومة الإسلامية للإصلاح.
الدستور ضامن استقلال إيران
ما أريد أن اعرضه الآن أساسيّ، وأنا الآن مكلّف أن أقوله لكل طائفة تأتيني، وهو أننا الآن مبتلون بمعضلة أساسية إذا لم ترتفع، ولم نستطع الانتصار عليها، فلا أمل بعد أن تصلح سيستان وتصلح بلوشستان، ولا أمل أن تصلح طهران وقم وسائر الأماكن. ومن الممكن- لا سمح الله- أن تعود إلى وضع أسوأ، إلى الأحوال السابقة. وتلك المعضلة هي أننا يجب أولًا أن نوطّد أساس الاستقلال لبلادنا، فتكون البلاد بلاد إيران لنا ولا يستطيع أحد آخر أن يتصرّف فيها. إذا لم نوفّر على بلادنا استقلالها ونضمنه، فلن تصلح بقية الأشياء. فالواجب الآن إذن هو أنّ على جميع الإخوة والأخوات وكل طبقات الشعب أن يتعاضدوا في هذا الأمر الذي هو أصل الأمور. ألا وهو الدستور فأساس البلاد هو دستورها، فعلى جميع القوى أن تلتئم. وقد طرح الدستور الآن، وقُدّم للناس، وعلى أصحاب الرأي الإسلاميين، العلماء أصحاب النظر، عارفي الإسلام الذين يعرفون حقيقة الإسلام أن يحقّقوا، ويُعطوا رأيهم، ويكتبوا، وينشروا في الصحف، ولا يدعوا الآخرين يشتغلون بالكتابة، ويرسموا لنا مصيرنا.
الواجب العامّ إزاء الدستور
أنتم أنفسكم، كل من يستطيعون أن يفهموا القانون، ويستطيعون أن يفهموا الإسلام عليهم أن ينظروا هل تنطبق المادة الفلانية على قوانين الإسلام، أو لا؟ وما هو الصلاح للبلاد الإسلامية؟ والشيء المهم الآن هو هذا المعنى، وهو أن تنظروا معاً في الدستور. ويعطي أهل النظر منكم الحقوقيون الإسلاميّون، المثقفون الملتزمون بالإسلام، المهندسون، علماء الدين، كل هؤلاء عليهم الآن أن يعطوا رأيهم في الدستور، ولا يدعوا الآخرين يرون لهم، ويروا فيما بعد ماذا سيكون؟ الآن هم يعطون رأيهم، فكل مادة من الدستور يعرف علماء الدين خلافها للإسلام، وسائر الطبقات أيضا أولئك الذين يعلمون ما يخالف الإسلام يقدّمون رأيهم، وأولئك الذين لا اطّلاع لهم على هذا الأمر يتبعون وهذا ما يراد منهم.
وبعدما نجتاز هذه المرحلة لدينا مرحلة أخرى مهمّة جداً، وهي أنه بعدما قدِّم الدستور للرأي العامّ حَدّدوا له شهراً يقلّبه فيه، ومجلساً مؤلفاً من سبعين و خمسة وسبعين عضواً في إيران كلها يُعيِّن له أهالي كل ناحية من يمثلهم فيه، ليتناقشوا في الدستور، ويحسموا القول فيه ليقدّموه بعد ذلك للرأي العام. والشيء الضروريّ لنا الآن هو ماهية الأفراد الذين يعيّنون في كل ناحية، فمن الممكن أن يكون بينهم منحرفون، وهؤلاء المنحرفون يكونون سبباً للانحراف. يجب أن يفكّروا، ويتعقّبوا، ويتحقّقوا أن يكون المعيّنون من المؤمنين بهذه الثورة والمصلحة العامّة، ويريدون أن يعملوا.
الأولوية للمناطق المحرومة في البناء والإعمار
وانجزتِ الآن تحقيقات، وقُدِّمت طروحات، وربما سمعتم الآن الإذاعات أنّ مشاريع قامت لتشغيل العاطلين، ولصناعة أشياء، ولإنشاء المساكن في عموم البلاد، ولتعبيد الطرق فيها. والمناطق المحرومة مقدَّمة على غيرها طبعاً، وليس على ما كان العمران سابقاً منحصراً بالمراكز، لا، فالمناطق النائية احتياجاتها أكثر، ولذا يجب أن تُقدَّم.
أسأل الله أن تدعوا- إن شاء الله- أن نوفَّق، وأن نفكر على ذلك النحو الذي قالت لي تلك الأخت المحترمة، ونشتغل على هذا النحو بأساس الموضوع. وتلك الحاجات تسدّ في حينها إن شاء الله بصبر وأناة. ولابد من سد هذه الحاجات طبعاً، لكن بصبر، ونحن الآن في ثورة، وثورتنا لم تتمّ حتى الساعة، فجمهوريتنا لم تكمل، اخترناها فقط، وما استكملت شؤونها الأخرى التي ستكمل إن شاء الله تدريجياً. آمل أن تصلح كل هذه الأمور، وأدعو الله أن يوفّقكم، ويلطف بكم تبارك وتعالى- مثلما لطف بكم- تبارك وتعالى- وتقدّمتم، وستتقدّمون أيضاً بلطف الله من الآن فصاعداً إن شاء الله. وتحَلُّ المشكلات إن شاء الله، وفّقكم الله جميعا.
* صحيفة الإمام، ج8، ص: 184,182