الموضوع: سيادة القانون في الحكومة الإسلامية
خطاب
الحاضرون: حرس الثورة الإسلامية لقرجك وورامي
عدد الزوار: 44
التاريخ: صباح 4 تير 1358 هـ. ش/ 30 رجب 1399 هـ. ق
المكان: قم
الحاضرون: حرس الثورة الإسلامية لقرجك وورامي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحكومة الإسلامية حكومة القانون
نحن مكلّفون الآن إذ صارت الجمهورية الإسلامية نظامنا الرسميّ أن نعمل جميعاً على وفقها. والجمهورية الإسلامية تعني النظام الذي يريده الشعب، وأحكامه أحكام الإسلام. والنظام الذي يريده الشعب تحقّق بانتخاب 99% إيّاه. ونظامنا الرسميّ الآن هو الجمهورية الإسلامية، وبقيَ أن تكون الأحكام إسلامية، وليست الغاية أن يكون النظام إسلامياً وإنّما الغاية أن يحكم الإسلام فيه، وأن يسوده القانون لا أن يحكم الناس برأيهم وفكرهم. ولا يَرَ مَنْ يتخيّلون أنفسَهم ذوي رأي، ويحسبون أنفسَهم مفكّرين ومثقّفين، لا يَرَ هؤلاء، فآراء الناس لا تقابل حكم الله، وهي ضلال. نحن نريد إقامة أحكام الإسلام في كل مكان، وسيادة أحكام الله- تبارك وتعالى- فالحكومة في الإسلام هي حكومة القانون. حتى إن حكومة رسول الله وحكومة أمير المؤمنين سلام الله علي هي حكومة القانون أي أنّ القانون جاء بها إلى العمل (أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ) 1 هذا هو حكم الله، وهؤلاء واجبوا الإطاعة بحكم القانون. فالحكم إذن للقانون، وهو الذي يحكم في البلاد الإسلامية ولا حكومة غيره.
وجوب الالتزام بالقانون
إذا وجد في الدولة الإسلامية رئيس جمهورية، فالقانون يجعله رئيس جمهورية بالرأي العام الذي يضمّ رأي الفقيه أيضا، أو نصب الفقيه الذي هو نصب الله. فالقانون هو الحاكم في كل مكان، ولا ترون مكاناً في الحكومة الإسلامية مستقلًا بنفسه عاملًا برأيه، حتى الرسول الأكرم - صلّى الله عليه وآله - ما كان له رأي، فالرأي كان القرآن والوحي. فكل ما تفضّل به كان ينبع من الوحي (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى* إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى* عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى) 2 وهكذا الحكومات التي هي إسلامية تابعة للقانون، رأيها القانون، فالحكومة حكومة الله، حكومة القانون.
الجمهورية الإسلامية بمضمون إسلاميّ
نحن ما أردنا جمهورية إسلامية لفظاً، وكلّ ما نوصي به دائما في هذا الشأن هو أنه إذ صار النظام إسلامياً يجب أن يكون مضمونه إسلاميا، فالبلاد المدّعية أنّها مسلمة، وأفرادها مدّعون أنهم مسلمون، يُشاهد في كثير من الأمكنة أنّهم غير متمسّكين بأحكام الإسلام، وكثير من الناس يدّعون بالإسلام ادِّعاءً، لكنكم حين تشاهدونهم في العمل لا تجدون للإسلام خبرا. ونحن إذ نقول الحكومة الإسلامية هكذا يكون محتواها إسلامياً أيضا، أي أينما تذهبوا إلى كل وزارة وكل إدارة في كل زُقاق ومنزل، وكل سوق، وكل مدرسة وجامعة تروا الإسلام، تروا أحكامه. وهذا لأننا أردنا حكومة إسلامية، ولم نُرد جمهورية إسلامية لفظاً. أردنا أن تقوم حكومة الله في بلادنا وفي سائر البلدان إن شاء الله.
حكومة الله على الناس
الحرّية في حدود القانون، وبناءً عليه يرتفع التوهّم أنّه ما دامت الجمهورية الإسلامية قد قامتْ فلكل إنسان أن يفعل ما يحلو له، فقد تحقّقت الحرية وللحرّ أن يفعل ما يريد. فهذا مرفوض. الحرية في حدود القانون، أي: أننا أحرار في حدود ما سَمَحَ الله- تبارك وتعالى- لنا به من الحرية، ولسنا أحراراً في أن نفسِد، ولا أحراراً في أن نفعل ما يخالف العفاف، ولا يوجد إنسان له الحرية في أن يُخالِف العفّة، ولا يحقّ لإنسان أن يؤذي أخاه. الحرية في حدود القانون، وهي ذلك المقدار الذي أعطاه الله- تبارك وتعالى- الناس، وهذا المقدار من الحرية الذي أعطاه الله- تبارك وتعالى- الناس أكثر من تلك الحريات التي أعطاها الآخرون، فأولئك أعطوا حرية غير منطقية، وهنا الحرية منطقية، وما أعطاه أولئك ليس حرية، فالحرية يجب أن تكون معقولة وعلى وفق القانون. وما نريده بناءً على هذا هو حكومة الله، حكومة الربّ، نريد أن يحكم علينا القرآن، وأن تسودنا قوانين الإسلام، ولا نستطيع أن نقبل حكومة ما غير حكومة الله، ولا نرضى بجهاز ما يخالف قوانين الإسلام، وما نقبل رأياً يخالف الإسلام فردياً كان أم جمعيّاً. نحن نقبل ذلك الذي يحكّم قانون الإسلام، فنحن تابعو الإسلام وملتزمو قانونه، وشّباننا بذلوا دماءهم من أجل الإسلام، وجَدّوا جدَّاً عظيما، وهتفوا أن نريد الإسلام، نريد أحكام الإسلام.
الحكومة الإسلامية تتحقق بإصلاح النفس
واجبنا الآن هو أنّ على كل منّا في كل مكان كنّا وفي كل حدّ أن نجدّ أن نبدأ إقامة أحكام الإسلام على أنفسنا، فإذا لم نصلح أنفسنا بأنفسنا، ونُقِمْ عليها أحكام الإسلام لا نستطيع تأسيس حكومة إسلامية. فإذا لم يصلح من هو رأس الحكومة أي: رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء مثلًا نفسَه، ولم يتبع قوانين الإسلام، ويُنفِّذْها على نفسه لا يستطيع أن يقيم حكومة إسلامية، ولا أن يكون حاكماً إسلامياً. وكل أصحاب القدرة أولئك الذين في رأس السلطة مثل رئيس الأركان أو مدير الشرطة وسائر المسؤولين لا يستطيعون أن يكونوا إداريين إسلاميين ما لم يطبِّقوا قوانين الإسلام على أنفسهم. فالإسلام لا يقبل مديراً يعمل خلاف قوانينه. جيش الإسلام لا يرضى أن يكون على رأسه أحد لا يعمل بالإسلام، ولا يقبل إدارة لا تجري فيها أحكام الإسلام. نحن الآن لدينا نواقص ونواقص كثيرة، وبلادنا الآن ليست إسلامية، وأينما وضعنا أيدينا لمسنا أثراً من آثار الطاغوت واثراً من المتآمرين ضدنا، ولا نستطيع أن نقبل أن يكون في الوزارات والإدارات مُؤامِر. فيجب إصلاح هذه المؤسسات وجعل بلادنا إسلامية، وإلّا كانت بلاداً نُحِّي منها فئة، وجيء بفئةٍ غيرها تمارس ما كان من الأعمال، وما أردنا مثل هذا الشيء، وما بذل الناس دماءهم ليذهب محمد رضا، ويأتي محلّه آخر يمارس تلك الأعمال نفسها.
إنذار للمقتدرين
وبناء على هذا يجب عليكم أنتم الحرس أن تصلحوا أنفسكم، ولا تتخيّلوا أنّنا الآن أحرار، ولدينا بنادق أيضا، ويجب أن نؤذي الناس. أنتم الآن مكلّفون، وتحت النظر، تحت نظر الله، ونظر إمام الزمان- سلام الله عليه- وهم يُراقِبونكم، وصحائف أعمالكم تُعرَض على إمام الزمان مرَّتين كل أسبوع على حسب روايات تذكر عرض أعمالنا. فيجب أن تنتبهوا ألّا تكونوا- لا سمح الله- قدرة ظالمة بما وجدتموه من الإمكانات والقدرة، وبخروجكم من قهر تلك القدرة الظالمة. لا كان أن تتعدّوا على إخوانكم، ولا كان أن تأخذوا أحدا بلا دليل، أو تحاكموا أحداً بلا سبب بغايةٍ خاصةٍ بكم، أو تحكموا على أحد من غير برهان، فهؤلاء تحت المراقبة، والله- تبارك وتعالى- سيسألنا. وفّقكم الله جميعاً إن شاء الله، ووفّقنا جميعاً أن نكون إنسانا.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
* صحيفة الإمام، ج8، ص: 226,224
1- النساء: 59
2- النجم: 3- 5