الموضوع: الحكومات الإسلامية- الخيانات والخلافات- الاتحاد عامل النصر
خطاب
الحاضرون: وفد عُماني، معاون وزير الخارجية والسفير وبعض مسؤولي الخارجية وسفارة عمان
عدد الزوار: 57
التاريخ: 6 تير 1358 هـ. ش/ 2 شعبان 1399 هـ. ق
المكان: قم
الحاضرون: وفد عُماني، معاون وزير الخارجية والسفير وبعض مسؤولي الخارجية وسفارة عمان
بسم الله الرحمن الرحيم
الحكومات الإسلامية مشكلة الإسلام الأساسية
آمل أن نستطيع أن نعرض الإسلام على حقيقته بمساعدة جميع المسلمين، فهذه المدرسة بضاعة ثمينة جدّا، وأنا راجٍ أن يعود المنحرفون عن انحرافهم.
والشيء المهمّ في نظري وهو من جملة المشكلات هو الحكومات الإسلامية، فإنها لو عملت بواجباتها، ونفضت أيديها من خلافاتها، وانضوت جميعاً تحت كلمة الإسلام، لَحُلّتْ مشكلاتها جميعاً، وما نأسف عليه هو أن نرى أيدي الأجانب غير الطاهرة بين الشعوب لا تدع التفاهم يجري بين الدول الإسلامية، مثلما توجد الاختلاف بين الشعوب أيضا. ولو استيقظنا وتعلّقنا بتبليغات الإسلام التي من أكبر تعليماتها هذه الآية الحكيمة: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا) 1 وعملنا بهذا الأمر سوف تُحلّ جميع مشكلات البلدان، غير أنّ ما نأسف عليه أن كثيرا من دولنا لا تهتمّ بهذه القضايا أصلًا.
رأينا الدولة العثمانية مع أنها لم تكن إسلامية بتمام المعنى كانت قدرة شاملة استطاعت أن تهزم اليابان أو روسية ساعة جابهتها. فجاؤوا في الحرب العالمية، وجعلوها قطعة قطعة، وأسّسوا منها عدّة دول صغرى، وجعلوا عملاءهم حكّاماً على تلك القطع، وأضعفوا المسلمين والدول الإسلامية.
الاتحاد والانسجام رمز النصر
ويجب أن يعتبر المسلمون بهذا المعنى، فماذا حدث، فجاؤوا بعد الحرب وبعد انتصارهم وجعلوا تلك الحكومة الكبرى قطعة قطعة، وإرْباً إرْبا، ونصبوا على كلٍّ منها حكومة مطيعة لهم؟ كان هذا لأنّهم كانوا يخافون قدرة الإسلام والمسلمين، ورأوا أنّه إذا بقي مثل تلك القدرة واتّصل بها سائر المسلمين، فلا مكان لهم فيها، ولن تبقى لهم منفعة في البلدان الإسلامية، من هنا قسموا تلك الدولة الواحدة على عدّة دول صغيرة صغيرة. فعلى الدول الإسلامية أن تعتبر بهذا، وتعلم أنّ رمز نصرها هو وحدة الكلمة ورفع الخلافات. وأملي أن يعتبروا بقصّة إيران، فوحدة كلمة شعب لا يملك شيئاً من وسائل الحرب مكّنتْه أن يُجابه كل وسائل الحرب التي كانت بيد الشاه وجميع الدول كانت تدعمه، ومع ذلك مكّنتْ وحدة الكلمة والاتّكال على الله الشعب الإيرانيّ أن يهزم أولئك، ولم تستطع القوى الكبرى أن تحفظ شاه إيران المخلوع. هذه أمور يجب أن تدرس في البلاد الأخرى، وأن تهتم الحكومات بها، وإذا أرادت أن تنطلق من نير الأجنبي عليها أن تغيِّر البرامج الفعلية، وتضع برنامجاً إسلاميّاً، أي: توجد دولة إسلامية تبقى فيها كل حكومة في موضعها، لكنّها متَّحدة.
وأنا أسأل الله- تبارك وتعالى- أن يُوقظ جميع المسلمين والحكومات الإسلامية خاصّة أن تفكّر بشعوبها وبخراب بلدانها، وتُصلح كل شيء إن شاء الله تحت لواء الإسلام.
وأدعو أن تقصر أيدي الأجانب عن هذه البلدان فهذه... موجودة في كل مكان، وهي أمّ الأجانب، ويجب على الشعوب أن تحترز منها، وتهديها، وتقول لها: كل ما تريدون أحسنه في الإسلام. وهذه الأشياء التي ترونها في البلدان الأخرى، وتحسبونها تحضّراً إذا تأمّلتموها جيّداً لا تجدونها تحضَّراً، بل توحُّشاً، لأنّ كلّ ما صنعوه من الأسلحة الحديثة هو لقتل جنسهم وإبادة البشر جميعا، وهذا أفظع الوحُّش الذي لا يجري أقلّه بين الحيوانات فضلًا عن البشر. والإسلام يدعو الجميع إلى السِّلْم، ويريد أن يعيش الجميع في رفاهية، والتحضّر الصحيح في الإسلام مثلما أنّ الحرية الصحيحة فيه.
هؤلاء باسم شيوعي وأسماء أخرى ينتشرون في الشعوب بعضهم مخدوعون، وبعضهم قاعدة الأجانب، ورجائي أن يهتدوا، وعلى الشعب أن يسعى أن يهديهم، فإن لم يهتدوا، فعليه أن يعرض عنهم، هدانا الله جميعا إلى الصراط المستقيم إن شاء الله.
آمل أن تجتمع كل الدول والشعوب تحت لواء الإسلام إن شاء الله. وإذا أرادوا أن يجدوا السعادة، فيجب أن ينضووا تحت لواء الإسلام، لكي لا تستطيع المدارس الأخرى التغلغل فيهم، وكي لا تقع الانحرافات بينهم. ولا مكان لهذه القضايا والمشكلات في ظلال الإسلام.
إن الإهتمام بالإسلام مهم والأمر الذي جعل إيران تنتصر هو أن الشعب الايراني تحوّل الى صورة لما كان في صدر الإسلام، وكلّهم يتمنّون ويُريدون أن يُسْتَشْهَدوا، ومن هنا انتصروا.
إن شاء الله يبلغ الجميع النصر، ودعائي أن يمنّ الله- تبارك وتعالى- علينا بيقظة المسلمين ونصرهم.
وأملي أن تسري نهضة إيران هذه إلى كل مكان، وأن يسير الجميع في المنحى الذي سارت فيه إيران.
* صحيفة الإمام، ج8، ص: 243,242
1- آل عمران: 103.
2011-05-08