الموضوع: مسؤولية الحراسة الثقيلة
خطاب
الحاضرون: لجنة الثورة الإسلامية للمنطقة الثانية عشرة بطهران
عدد الزوار: 122
التاريخ: 6 تير 1358 هـ. ش/ 2 شعبان 1399 هـ. ق
المكان: قم
الحاضرون: لجنة الثورة الإسلامية للمنطقة الثانية عشرة بطهران
بسم الله الرحمن الرحيم
حراسة العدل
مثلما أنّ لثورتنا الإسلامية مقاصِد شتى: فهي ثورة لإسقاط النظام الفاسد، وثورة لإقامة نظام الحقّ. والأمل أن تكون ثورة لصنع الإنسان وبناء بلاد إنسانية وأن يَحْرسها الحرسُ حراسة ثورية، فإلى الوقت الذي كانت فيه الثورة لهدم السدّ كان الحرس يحرسها، أي أنه يجب على هذه الفئة الثورية أن تقوم، وقد قامت وهتفت وجابهت الجنود الإبليسيين كلهم. وقد انتصرتم بحمد الله في هذه الجبهة الثورية، لكنّ الثورة انتصرت في جانب منها، وذلك الانتصار غير تامّ، فقد زال أكثر هذا السدّ، وبقيت منه أنقاض ضئيلة والأمل أن تزول. فالثورة الإسلامية لتحقّق حكومة العدل والجمهورية الإسلامية في الخطوة اللاحقة، وعلى الحرس أن يحرسوا في هذا المعنى، وعلى الجميع أن يُمارسوا الحراسة. كونوا جميعاً حرس الإسلام وحكومة الحقّ. والحراسة هنا تبلغ حقيقتها، فهذه الحكومة حكومة العَدْل، والحراسة حراسة العدل، وحراسة العدل هي أن يكون الحارس نفسه موصوفاً بالعدالة ليستطيع أن يحرس العدالة، فإذا كان- لا سمح الله- حارس أو فئة في مجتمعنا غير موصوفين بالعدالة، وكانوا على نحو ما كان عليه الجهاز السابق جهاز ظلم وتعدٍّ وعدوان على الناس. وهذه الفئة أو هذا الحارس أو هذه الجمعية أيّاً كان إذا مارسوا ما ارتكبه النظام السابق من أعمال على قدر استطاعتهم لا يمكن أن يكونوا حُرَّاساً. إذا فرضتم أننا مدَّعون بأننا حرس الإسلام في هذه الثورة وفي جهة تثبيت حكومة العدل الإسلامي منها إذا كنّا مدَّعين بحراسة الثورة في ذلك المكان الذي كان فيه الخراب والضرب والقتل والقتلى، فقد جئنا صحيحاً، كنا أوفياء لثورتنا.
في هذه المرحلة مرحلة بناء حكومة عدل إسلامية إذ لم تكن حراستنا لهذه الحكومة- لا سمح الله- صحيحة، فهذا يعني أننا لسنا ثوريين في هذه المرحلة، أي لم نصنع أنفسنا لنكون موصوفين بالعدالة حتّى نصير حرّاس العدالة حرّاس حكومة عادلة، مثلما أنه إذا لم تكن حكومتنا حكومة عدل، فلا نستطيع أن نقول: إنّ هذه الجهة من ثورتنا قد تحقّقت وهي قيام حكومة العدل الإسلامي. أو إذا فرضتم أنّ في إدارتنا، في سوقنا، في سائر الأماكن الأخرى
أفراداً إيرانيين لهم مستقرّات وهم مشغولون بعملهم فيها، ولا يُراعون العدل الإسلامي، فليسوا بثوريين إسلاميين.
أداء واجبات الحراسة
الحارس سواء أنتم المشغولين بالخدمة بهذا الاسم وسائر الطبقات، ومنها علماء الدين الذين هم حرس برغم أنّ لفظ (حارس) لا يُطلق عليهم، لكنّهم في الواقع حرس الإسلام. إذا كان هذا المجتمع لا يرعى هذه الوِجْهة من الثورة بذاك النحو الذي يُحِلّ فيه مجيء الثورة نظاماً عادلًا محلّ نظامٍ فاسد إذا لم يَرْعَوا في هذه المرحلة هذه الجهة الثورية، هذه العدالة الإسلامية التي تبدأ من نفس الإنسان، وتمتدّ إلى كل مكان: العدالة مع النفس ومع الرفيق ومع الجار وابن المحلّة وابن البلدة وابن المحافظة وابن البلاد، والعدالة مع البلدان المجاورة لنا، والعدالة مع جميع البشر. إذا لم يحصل هذا المعنى، فلا الحكومة إسلامية، ولا حارسها حارس الإسلام. فحين أدَّعي أنني حارس الإسلام ادّعاءً مجرّداً من باب أنني طالب ديني والطالب الديني شغله الحراسة، يبقى هذا ادِّعاءً فقط ما لم يكن له مثال وبيان وعلامة. وافرضوا أنني أستطيع أنْ أدّعي هذا الادعاء بين الناس، بيد أنّه يبقى واضحاً عند الله أنّه ليس صحيحا. فاسعوا في هذه المرحلة التي نحن فيها وفي المراحل الأخرى اللاحقة أن تكونوا حرسا. أنتم الذين حرستم حتى الآن- أيّدكم الله جميعاً- جِدُّوا في هذه المرحلة الثانية مرحلة حكومة العدل، النظام العادل، نظام الإسلام، الجمهورية الإسلامية أن تقوموا بواجبات الحراسة في هذه المرحلة. والحراسة في هذه المرحلة أن تحرسوا العدالة وحكومة العدل. افرضوا- لا سمح الله- أنّ شابّاً يدعونه حارساً يتعدَّى على رفيقه، أو منزل أحد، أو دار آخر، أو مال إنسان، فهو مخلوع من هذه الحراسة تلقائيّا. لكن جدّوا امّا أن تهدوه، وإمّا أن تخرجوه من صفِّكم، فمن الممكن أن يرتكب أحد منكراً في مجتمع، ويتلوّث به كل ذلك المجتمع، يقولون: كل الحرس هكذا. كانوا في وقت ما يقولون: فلان هكذا، وفي وقت يقولون: الحرس هكذا. اسعوا لئلا يقع مثل هذا- والعياذ بالله- فيُقال: في الحرس كذا وكذا. وهذا يحتاج إلى مزيد من السعي.
مسؤولية حرس الإسلام الثقيلة
وعلى هذا النحو يجب أن نسعى نحن والسادة أيضا ألّا يقال على علماء الدين كيت وكيت وحال الشيوخ كذا. فالعيون كلها مشدودة اليوم لهذه البلاد. والأكثر عيون أولئك الذين يريدون أن يُناقشوا ويريدون أن يُؤاخِذوا، يريدون ألّا يروا ثورتنا صحيحة. العيون مشدودة الآن لهذا الموضوع، يُناقشون ويكتبون في صحف الخارج كثيرا، ولعل في الصحف هنا إشارة وإيماء لذلك. لكنّهم هناك يكتبون بصراحة، فيجب ألّا نضع ذريعة بأيديهم، أولئك يكتبون باطلًا، فإذا خطونا خطوة غير صحيحة صارتْ حجَّةً بأيديهم، وعَرَضوا الفِعل بألف فِعل.
تكليف
لديكم اليوم أنتم الحرس ونحن المدَّعين بأننا حرس تكليف عظيم خطير، فانظروا كيف تخوضون امتحانكم في أداء هذا التكليف الإلهي. وانظروا الآن إذ أنتم حرس ولديكم أسلحة وأنتم مقتدرون كيف تعاملون الناس بأسلحتكم هذه وقدرتكم؟ كيف تعاملون إخوانكم الذين هم كل أبناء هذه البلاد وسكّانها؟ يجب أن تسلكوا السلوك العادل الذي يريده الإسلام، لتكونوا حرس الإسلام والثورة الإسلامية. أو- لا سمح الله- سلك بعضهم خلافاً، فإنّه يكون من جند الشيطان، ويُخلع من حراسة الإسلام، ولا يقبله الله حارسا.
علّمكم الله كلّكم وكلّنا وكلّ شعبنا واجباتِنا، وكنا كلّنا إن شاء الله خدم هذا الشعب وهذه البلاد.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
* صحيفة الإمام، ج8، ص: 250,248