يتم التحميل...

الموضوع: حاجة البلاد إلى العمران‏

خطاب

الحاضرون: موظفوا الاتصالات الهاتفية ما بين المدن في طهران‏

عدد الزوار: 41

التاريخ: 10 تير 1358 هـ. ش/ 6 شعبان 1399 هـ. ق‏
المكان: قم‏
الحاضرون: موظفوا الاتصالات الهاتفية ما بين المدن في طهران‏

بسم الله الرحمن الرحيم

العمران بالتعاون‏

أسأل الله سلامة كل السادة وتوفيقهم في الشي‏ء الذي هو واجبنا من الآن فصاعدا. المهمّ هو أن يعرف الإنسان واجبه في ذلك الوقت الذي هو وقت العمل، وأنتم تعلمون أنّ هذه البلاد تحتاج إلى العمل إلى التعمير، والنظام السابق أفسد كل شي‏ء في إيران، وهي الآن بحاجة إلى طاقاتكم أيّها الشبّان الأقوياء. والخدمة لكل بلاد هي أن يُتقِن كلّ مشغول بِخِدْمة خِدمتَه. أنتم لا تستطيعون أن تفعلوا ما يفعله الجيش، والجيش لا يستطيع أيضاً أن يعمل ما تعملون، لكنّكم أنتم الجهتين تستطيعون معاً أن تنجزوا العمل المحوَّل إليكم جيّداً. ولو عملت كلّ أرجاء البلاد أو كل بلاد أخرى ما يُعهد إليها من عمل جيّداً لعمرت البلاد. الفلّاح يُجيد الزراعة، ومن هم في المصانع يجيدون فيها، ومن في الإدارات يؤدّون عملهم أداءً حسنا، ومن هم في الوزارات ينجزون أعمالهم جيّداً، ويُسمَع الآن أنّ موظّفي الحكومة يعملون قليلًا، بل يقال: إنّ أكثرهم أحياناً لا يعملون أصلًا، وهذا خلاف مسير شعب يجب أن يبني هذه البلاد الآن. في العهد الذي كان فيه أولئك إذا ظهرت قلّة العمل أو البطالة كنتم تقولون: لِمَ نعمل ما دام النفع للأجنبيّ؟ أمّا اليوم، فليس الوضع كذلك، فيد الأجنبي قصيرة والحمد لله، ويد هؤلاء الناهبين الداخليين قصيرة أيضا. فالبلاد اليوم لكم. ومثلما أنّ كلّ أحد يرى أنّه مكلّف خدمة أسرته أخلاقاً وشرعاً، وأن يدير حياته الداخلية بإخلاص، فإنّ البلاد الآن صارت لكم وسكّانها بمنزلة اسَرِكم، فيجب أن تعملوا بمحبّة وإخلاص حتّى تسدَّ الحاجات إن شاء الله.
دور الإيمان وروح التعاون في النصر
في حال الثورة في ذلك الوقت الذي كان الناس مشغولين بالثورة والإقدام عليها ظهر تحوّل روحيّ في جميع الطبقات كان مهمّاً جدّا.

وفي نظري أنّ التحوّل الروحيّ الذي حصل للأمّة أكثر أهميّة من ذلك التحوّل الذي أوجدوه وأخرجوا به النظام، لأنّ ذلك كان تحوّلًا معنويّا، فقد كان الناس يحب بعضهم بعضا، وعلى ما أطلعوني عليه مراراً أنّه حينما كان ينزل الناس يتظاهرون في الشوارع‏ ينضمّ إليهم الآخرون من البيوت ونحوها. كان أحدهم يقول: رأيت أحدهم وصلته شطيرة، فقسمها قطعة قطعة، وناولها رفاقه القريبين منه. فقد ساد الناس حسّ تعاونٍ، وكان هذا الحسّ موضع عناية الله- تبارك وتعالى- فرحم هذا الشعب ونصره بيد خالية على قوّة لديها كلّ شي‏ء. وما كان ذلك، إلّا لأنّ روح التعاون سرى في هذا الشعب، وقوي فيه الإيمان، وهذا الإيمان هو الذي نصركم. ويجب الآن أن تحفظوا هذه الثورة بألّا تكون الخلافات بين مختلف الطبقات التي نأسف على سريانها (شيئاً فشيئاً)، وتحفظوها أيضا بدوام الإخلاص والتمسُّك بالإسلام، وذلك بأن تجدّوا في عملكم وتصدقوا في إيمانكم على نحو ما هدمتم به هذا السدّ من الإخلاص والإيمان، فاملأوا مكانه بالإخلاص والإيمان وابنوا.

وأملي أن يمن الله- تبارك وتعالى- عليكم بالسعادة، ويجعل بلادكم مستقلّة لا يتصرّف فيها أحد، ولا يستطيع أن يتصرّف، وأن يكون نصيبنا إن شاء الله مثل هذا الاستقلال. حفظكم الله جميعاً، ووفّقكم إن شاء الله.


* صحيفة الإمام، ج‏8، ص: 268,267

2011-05-08