الموضوع: المسؤولية الملقاة على عاتق مسؤولي النظام الإسلامي
خطاب
الحاضرون: أعضاء لجنة الثورة الإسلامية في طهران المنطقة الثانية عشرة
عدد الزوار: 38
التاريخ 12 تير 1358 هـ. ش/ 8 شعبان 1399 هـ. ق
المكان: قم
الحاضرون: أعضاء لجنة الثورة الإسلامية في طهران المنطقة الثانية عشرة
بسم الله الرحمن الرحيم
الخطر على الإسلام والثورة الإسلامية
أشكر لكن أيها الإخوة والشبّان الأعزّاء الذين حرستم في هذه المدّة، وحفظتم الأمن، وأسأل الله تبارك وتعالى- سعادتكم وسلامتكم وعزّتكم، والقضية التي يجب أن أعرضها هي ما عرضتها على كل الحرس الذين استقبلتهم، وهي أن العيون اليوم مشدودة إليكم والى وطنكم، عيون الأعداء والأصدقاء، فالأعداء يبحثون عن ذريعةٍ يلوّثون بها هذه الثورة مثل أن يرتكب أحد خلافاً وليس هذا الخلاف صحيحاً طبعاً، لكن لا يكون سبباً لتلويث ثورة. فلو حدث حيناً ما أن ارتكب أحد منتسب للثورة مثلكم أنتم حرس الثورة وحماة الجمهورية الإسلامية- لا سمح الله عملًا غير مناسب للإسلام، فإنه يبعث هذه العيون المشدودة إليكم أن تؤاخذكم به، ولا يؤاخذون به مرتكبه حينذاك على أنه فعل مثل ذاك الفعل، وإنما ينسبون هذا الفعل للإسلام والجمهورية الإسلامية والثورة الإسلامية، ويُظهرون هذه الثورة الإسلامية على غير ما هي عليه. ومسؤولية هذا الأمر عظيمة جداً. وجوهر الموضوع هو أنّ من يخالفون مخالفةً خاصةً بهم تتمّ بينهم وبين الله يتوبون فيها إليه، لكنّ الأمر يتعاظم حين يرتبط بالثورة والإسلام، فلو سلك واحد منكم اليوم أنتم الذين بلباس الحرس الشريف بين الناس سلوكاً كان يسلكهُ عناصر الساواك السابقة لا سمح الله لا يقولون اليوم: هذا الرجل فعل هذا الفعل. فالأعداء يقولون: حسناً، رأينا هؤلاء الذين أخذوا زمام الأمور وقامت الجمهورية الإسلامية بأيديهم، وفي الجمهورية الإسلامية يعملون ما كان الساواكيون يعملونه. فهم ينسبون ما يرون للجمهورية الإسلامية، وينسبونه للإسلام.
مسؤولية حراسة الأمن الجسيمة
وهذه المسؤولية المنوطةُ بأعناقنا اليوم جسيمة جدّاً، هذه المسؤولية الملقاةُ عليَّ وعليكم هي أن نكون حرس الإسلام، حرس الشعب، حرس سوق المسلمين ومنازلهم، وحرس من يريدون الهياج وأمثالهم فلا يدعونهم يمارسون البلبلة، ولا يدعون اللصوص يسلبون الأمن، ويجب أن يصدّوا الخيانات. هذا قسم من الحراسة التي هي حراسة الإسلام أيضاً. فالمهمّ هو أن نكون حرس الإسلام، حرس الجمهورية الإسلامية، وحراسة الجمهورية الإسلامية ودين الإسلام هو أن تكون أعمالنا على ما رسم الإسلام. فإذا كانت أعمال حرس جمهورية الإسلام هي أعمال الإسلام وافقت رضا الله. لتكن معاملته لعباد الله أخويّة حتى للعاصيين. فمثلما كان رسول الإسلام صلّى الله عليه وآله وسلم رحيماً بالمؤمنين عطوفاً عليهم كان كذلك للكافرين عطوفاً عليهم، أي: أنّه كان يألم أن يراهم باقين على كُفرهم الذي يئول بهم إلى جهنم، كان يُشفِق على أولئك، وكان يدعو الله أن ينجيهم، ويرحم أولئك الكافرين وأولئك العصاة، حتى إن الله تبارك وتعالى خاطبهُ في ذلك بقولهِ الحكيم:" فلا تَذهَبْ نفسُك عليهم حسرات" 1 فقد كان يُحزنُه ألا يُؤمن هؤلاء، لماذا لا ينجو هؤلاء؟ لماذا؟ وعندما جاؤوا بعِدّة من الكافرين أسرى مغلولين في معركة كما ورد في التاريخ قال: يجب أنّ نُدخلَ هؤلاء الجنّة بالأغلال، يجب أن يأتي بهم هكذا، ونهديهُم 2. لقد كان نور هداية، ومثلما جاء للمؤمنين بالسلام والوئام كذلك جاء للآخرين ما عدا أولئك الذين كانوا ورماً سرطانياً لابُدَّ أن يزولوا من المجتمع.
وأنتم أيها السادة الذين أنتم حرس الثورة أعني الثورة الإسلامية مثلما تحرسون الثورة تكليفكم الأعلى هو أن تحرسوا الإسلام، وذلك بحراسة أنفسكم من أهوائكم الذاتية، من شهواتكم وميولكم الموجودة في كل إنسان، فكل أبن آدم ذو نزعة شيطانية، فصونوا أنفسكم عن هذه النزعة، حتى إذا رآكم الناس أنتم الحرس أو تلك العيون التي تتربَّصُ بكم المآخذ يرونكم ناساً أسوياء في الوقت الذي تتمتّعون فيه بالقُدرة، وتعاملون الفاسدين بحزم أنتم رحماءُ بالناس رُفَقاء بهم.
قلق الأنظمة الشيطانية من الشعب
النظام السابق والأنظمة الشيطانية الذين كانوا يحرقون الناس ويكوون الشعب، كانوا يؤذونهم ويَرِعبونهم، ويسعون إلى أن يَخيفُونهم بكل وسيلة، وذلك لأنهم كانوا خونة ويخشون الناس، وكلّما زادوا الرعب دَلّ على أنهم كانوا يخافون اكثر. ولم يروا وسيلة لحفظ أنفسهم إلا أن يُؤذوا الناس ويَرعبوهم ليخشوهم، ولهذا لم يستطيعوا أن يظهروا بين الناس. فمحمد رضا ما كان يستطيع الظهور في المجتمع، إذا أرادوا أن يمرّوا في شارع ما غرِقَ هذا الشارع بعناصِر منظّمة الأمن الذين يضعون جميع البيوت المشرِفة عليه تحت نظرهم ويُفرقونها بالرّقابة، ومن يهتفون ويضجّون هم منهم لا من الشعب، فما كان الشعب يُقدِّر هؤلاء. وإذا لم يكن الوضع هكذا، حيث توضع كل شيء تحت النظر والمراقبة ما كان هذا يجرُؤ أن يمرّ في ذلك الشارع. لماذا؟ لأنّ الشعب ما كانَ يرغب فيه. كان يخاف من كلّ أحد، فربّما سدّد إليه إنسان بندقية، أو رواه آخرُ بحجر كانوا يخافون الناس. فدركنا الوطنيّ وجيشنا وشرطة مدننا كلّ هؤلاء كانوا هكذا، ليس مع الشعب، كانوا يخيفون الناس ليحفظا خُوَذهم.
المسؤولون في الحكومة الإسلامية
وليس الإسلام هكذا، الإسلام قادته بين الناس. فرسول الله- صلّى الله عليه وآله وسلم- سيد الجميع ومعظّمهم وبينهم، كان يجالس الناس، ويقعد في المسجدِ ككلّ الناس. وحضرة أمير المؤمنين عليه السلام- الذي كانت له السيطرةُ على بلاد تضُمّ إيران ومصر والحجاز والعراق وسورية واليمن، كل هذه كانت خاضعة له وهو يأتي مثل عامّة الناس يجلس بينهم يُعاشرهم، لأنه ما كان يخشاهُم، ما ظلمهم فيخافَهم، ولا ارتكب خلافاً، فيحذر عاقبته، كان للناس، فكان يراهم حُماتَه.
يجب أن يراكم الناس حماةً لهم، فعاملوهم معاملةً يعرفونكم بها أنكم إخوة لهم مشفقون عليهم تسهرون الليل على حمايتهم، وتقتلون فيه من أجلهم، فإذا كان بينكم- لا سمح الله- شابّ أراد من باب أنّه شابّ لا يلتفت للأمور- أن يميل عن السَّواء، ويري الناس خشونة، لأنّ بيده بندقية قد تُسوِّل له مجابهتهم انصحوا له أنّه في ظل الإسلام لا في ظلّ النظام الطاغوتي الذي يُعارك جندُه الناس، جيش الإسلام أخو الشعب وللشعب. وإذا حصل هذا يكون الناس لكم أيضاً، فالمحّبة متبادلة، إذا أحببتم الناس أحبّوكم. في ذلك الوقت الذي شهر جيش إيران سيفه على الشعب حاربه الشعب بكلِّ ما أُوتي من قوة. ويوم جاء الجيش بين الشعب وشاركه هَّمه نَثَرَ عليه الزهور. المحبّة متبادلة.
حفظ هيبة الإسلام أهمّ المسؤوليات
وحاجتنا الآن هي أن يكون سلوكنا: قولُنا، فِعلينا بنحوٍ لا يُشكل علينا به عدوّنا، فهؤلاء الذين عجوزا أمس قد يستطيعون اليوم. لم يسبحوا في ذلك اليوم، لأنه لم يكن فيه ماء، الماءُ الآن موجود، وما دام الماءُ موجوداً، فالسّابحون القادرون موجودون. يجب ألا يكون هذا. يجب علينا أن نحفظ أنفسنا، نحفظ كرامة الإسلام والجمهورية الإسلامية، وحفظ السوقِ والشارع وما إليهما، مُهم لكنّه دون حفظ الإسلام العظيم الأهمية.
وأنا داعٍ لكم جميعاً وخادمكم جميعاً، وأسأل الله- تبارك وتعالى- سعادتكم وسلامتكم وعِزّتكم، وآمل إن شاء الله أن تتقدّموا بهذه القدرة، وتستديموا بها هذه الثورة ويتحقّق الإسلام الذي تُحبّه جميع القلوب، وكُلّنا ندير بلادنا بأنفسنا، ونكفّ عنها أيدي الآخرين، ويتجلّى الإسلام على حقيقته وهي أنّه الدّين القيّمُ في الخارج بمساعدة الجميع وقدرتكم أيّها الاخوة الأعزّاء إن شاء الله.
* صحيفة الإمام، ج8، ص: 293,291
1- القرآن الكريم.
2- مسند أحمد بن حنبل ج 5 ص 249.