الموضوع: القلق على الإسلام- أخطاء المسؤولين تؤدي إلى إضعاف الإسلام
خطاب
الحاضرون: الحراس وشيوخ تربة الحيدرية
عدد الزوار: 42
التاريخ: 13 تير 1358 هـ. ش/ 9 شعبان 1399 هـ. ق
المكان: قم
الحاضرون: الحراس وشيوخ تربة الحيدرية
بسم الله الرحمن الرحيم
إنذار لعلماء الدين والحرس
يحضر في هذا المجلس الحرس والعلماء والطبقات الأخرى ويقلقني ذلك الشيء الذي إذا قُلته سيُقلق السادة الحاضرين، وهو أنه في هذا الوقت الذي أوصلت فيه همة جميع الطبقات والفئات هذه الثورة إلى هذه المكانة، ودحرت العدوّ وكفّت يد الأجانب يواجهنا خطر أسوأ من تلك الأخطار المحدقة بنا. وذلك الخطر يأتينا من طائفتين هما الشيوخ والحرس الذين يعدّ رجال الدين جزءاً منهم أيضاً فأولئك هم حرس الإسلام كذلك، والآخرون حرسه أيضاً، بل كلّ الأمّة يجب أن تكون حرس الإسلام كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته 1. ذلك الخطر الذي يقلقني الآن- وأنا أكرّرهُ على كل جماعة تأتي إلى هنا- ليس هو ان نهزم، فالهزيمة ليست خطراً، فاكثرهم باؤوا بالهزيمة في المعارك حتى الرسول نفسه غُلِب أحياناً، وهُزِمَ أمير المؤمنين في الحرب مع معاوية. ولو أنّ ذاك النظام الذي كان وثرنا عليه وقمتم عليه هُزِمنا- فرضاً- لما كان به بأس، ولو كانوا قد قتلونا من أجل الإسلام، لما فاتنا شيء.
وما يوجب القلق الآن ينبع من هاتين الطائفتين- هاتين الطائفتين ومعهما الجميع الذين أسمّيهم- وهم علماء الدين الذين هم حرس الإسلام والقرآن من صدر الإسلام حتّى الآن، والحرس الإسلامي أضيفوا إليهم اللجان ومحاكم الثورة الإسلامية، فلو لا سمح الله صدرت أعمال مخالفة للمألوف في نظر العالم عن هؤلاء الذين هم في نظام الإسلام الآن- ونحن ندّعي أنّنا حُماة أحكام الإسلام وأنتم حماة هذه الثورة الإسلامية وكلّ شعبنا أيضاً يجب أن يكون حامي الإسلام، والنظام الآن إسلامي، ونحن نراهُ نظام الجمهورية الإسلامية، وصوّتنا له، كلّ شعبنا اختارهن وبلادنا الآن نظامها الرسميّ هو الجمهورية الإسلامية لو صدر عنا أو عنكم أو عن اللجان أو المحاكم الثورة الإسلامية هذه الأعمال، لصارت سبباً لأولئك المعادين لنا وهم كثرة كاثرة في الخارج، وفي الداخل أيضاً، وهم يبحثون عن زلّة نزلّها، ويجعلون الواحدَ علينا ألفاً، ويُذيعونه في صحف الخارج ومجلاته، ويشيرون إليه في الداخل قائلين: هذا هو النظام الإسلامي، هؤلاء حرّاسه، وهؤلاء شيوخه، وهؤلاء العاملون في أسواقه، وهذه طبقاته،
ويُزلزلون مدرستنا. ويُعرفون الإسلام بأن هؤلاء هم حرس الإسلام، وأن اليوم جمهورية إسلامية، ولكنها لا تختلف عن النظام السابق، ففي ذلك الوقت كان محمد رضا بهلوي ومنظّمة الأمن يخالفون، والآن الشيوخ والحرس ومحاكم الثورة واللجان يخالفون، ومن هذا يظهر أنّ الإسلام مثل سائر الأنظمة أيضاً. لا يقولون بأنني خالفتُ، أو أنّ السيّد خالف أو أنتم خالفتم. يقولون: الآن نظام إسلامي وجمهورية إسلامية وهؤلاء يقولون: نحن حرس الجمهورية الإسلامية، الشيوخ يقولون أيضاً: كنا منذ البدء حماة الإسلام، والمحاكم تقول: نحن محاكم الثورة الإسلامية، واللجان تقول: نحن لجان إسلامية. كل هؤلاء باسم الإسلام. هذه الجماعات الآن موجودة، وقد يقول لنا بعض هذه الجماعات: الجمهورية الإسلامية مثل النظام الشاهنشاهي غير أنّ عدّة كانت تدير الأمور، والآن تُديُرها عدّة أخرى. في ذلك الوقت كانت تلك العدة تداهِم بيوت الناس، وترتكب المنكر، والآن تفعل هذه العدّة أيضاً. في ذلك الوقت كانت تلك العدة تفعل أعمالًا تفعلها هذه العدّة باسم اللجان الإسلامية تعدّياً. في ذلك العهد كان محمد رضا وأتباعه يمارسون هذا العمل، والآن يمارسه علماء الدين، تغيّرت الوجوه، وبقيت الأمور.
الخطر الكبيرُ على الإسلام
هذا خطر هو مصيبة من أدْهى المصائب. ما كان في قتل سيّد الشهداء من إشكال، لأنّه رآهم يقضون على الدّين، فأحياهُ بشهادته، استشهد هو، وأحيا الإسلام، ودفن النظام الطاغوتي لمعاوية وابنه... وإذ رأى سيد الشهداء هؤلاء يكدّرون الإسلام، ويرتكبون الخلاف ويظلمون باسم الخلافة الإسلامية، ويتردّد هذا في الدنيا أنّ خليفة رسول الله يرتكب هذه الأعمال رأى واجبه أنْ يُقبل على الشهادة ويمحو آثار معاوية وابنه. فالقتلُ، الشهادةُ لسيد الشهداء لم تكن شيئاً مضرّاً بالإسلام، بل كان نفعاً له، فقد أحيا الإسلام. فلو قُتلنا نحن جميعاً في هذه الثورة التي ثرناها وهذا السبيل الذي سلكناهُ معارضة ونضالًا، لما كان في ذلك إشكال لأننا سلكنا سبيلنا الذي يجب وقتلنا في سبيل الإسلام. ما كان الإسلام في خطر، بل كان يزداد حيوية. أمّا الآن وقد آل إلينا وطردتم الخصم، وقبضتم على مقاليد بلادكم، فإنّه لو صدر عنّ خلاف- لا سمح الله- واختلف الشيوخ فيما بينهم في البلاد، وعارض بعضهم بعضاً، واختلف الحرس، وشهر أحدهم بندقيته على الآخر، واختلفت اللجان، ولم تقبل المحاكم على القضايا على ما يجب، فإنّ الناس لا يقولون اليوم: هذا سافاكي فعل كذا، وإنما يقولون: هذا شيخ، وهؤلاء هم الشيوخ. وهذا هو استبداد العمامة والمداس، ويشان ديننا لا أنفسنا، نحن لسنا مهمّين، المهمّ إلا يلوّث ديننا. فهؤلاء الذين يضعوننا تحت النظر وضعاً غاية في كمال الدقة وهم أعداؤنا وأعداء الإسلام أيضاً لا يقولون: فلان ارتكب سوءاً، وإنما يقولون: صار النظام الآن إسلامياً، وهؤلاء الذين يدعون قائلين: نحن حرس الإسلام وحماته، رجال الدين يقولون أيضاً: نحن حرس الإسلام، وهذا وضعهم، وهو يدلّ على أنّ الإسلام هكذا، يظهرون الأمر بأن هذا هو الإسلام، وأنّ الشيوخ كانوا يكذبون في أنّ الإسلام دين التقدّم. هذه هي الغُصّة.
السيرة الشيطانية في الصورة الروحانية
هذا الخطر خطر عظيم علينا، ويجب أن تصدّوه، فكيف نفعل؟ رجل الدين يؤدّي ما عيّنه له الإسلام من واجب، وحارس الإسلام يؤدّي حراسته بأن يكون حارس الثورة لا مخلًا بها ولا معارضاً لها. إذا خالفنا، فلسنا برجال الدين، بل شياطين في صورة رجال دين ارتدينا لباس المشيخة. وإذا خالفتم أنتم الحرس الذين بيدكم القدرة الآن واجب الحراسة، فما أنتم بحرس الإسلام والثورة، بل حرس أهوائكم النفسية تعملون بهوى أنفسكم وإملاء الشيطان لكم. وإذا كان في الجمهورية الإسلامية كاسبٌ بخصائص الكاسب الذي كان في النظام الطاغوتي، فيجب عدم الادّعاء بانّ السوق إسلامي، لا، فهذا سوق الطاغوت. تلك الإجحافات الكثيرة التي يُعانيها المحتاجون الآن والرّبا الرائج الساعة وبيع الهيرويين- لا أدري- وبيع السمّ الزعاف المتفشّي، كلّ هذه يحتسبونها على ذمّة السوق الإسلامي ويعلقونها على عاتق الجمهورية الإسلامية. وبذا يفكر ديننا، وينثلم الإسلام، ويندثر ولا يستطيع أحد نشره بعد ذاك.
أخطاء المسؤولين ضربة للإسلام
اخوتي علماء الدين، اخوتي حرس الإسلام، أنقذوا الإسلام.. دعوا الخلافات جانباً، تآخوا، وضعوا يداً بيد، وأنقذوا الإسلام، فهو اليوم في خطر. هل كلّ ما نشتهي اليوم نفعل، لأننا أحرار؟ الإسلام لا يسمح بمثل هذه الحرّية لأحد. الآن وقد خرجنا تحت ظلم النظام السابق هل نظلم؟ طيّب. إذن ما فرحنا من أولئك؟ أنتم عليكم لباسُ الحراسة والسادة عليهم لباس المشيخة، ومسؤوليتكم كبيرة. المسؤولية اليوم شاملة لنا كلّنا، لكل الطبقات وعامّة المسلمين، وهي مسؤولية جسيمة. فليس النظام السابقُ في إيران اليوم، لكي لا يعلّقوا المسؤولية على عاتقي وعاتقكم، فيقولوا: الظالمون يفعلون هذا. النظام اليوم إسلامي، فإذا صدر عن الحكومة الإسلامية خلاف شان الإسلام. وإذا ارتكب عالم الدين اليوم خلافاً زلزل الإسلام. إذا بدت مخالفة عن أحد الحرس- لا سمح الله- من تلك الخلافات التي كانت تحدث في النظام السابق، وربط بهذا الأسم يتزلزل منه ديننا. إذا خالفت لجاننا أو كادت هي أو محاكمنا نال منها الإسلام ضربة. فهذه المحاكم ليست محاكم طاغوتية، بل إسلامية والناس يتوقّعون منها أن تقيم أحكام الإسلام، وهكذا يتوقّعون منا جميعاً. وهذه القضية من المصائب المؤلمة لي، ويجب أن تألموا منها. وعلاجها هو أن يؤدّي كلّ منا ما كلّفه الله به، ويعمل الشيوخ بما عيّنه لهم الإسلام من وظائف.
الأمر الإلهيّ الواجب
تفضّل القرآن الكريم:" واعتَصِموا بحبلِ اللهِ جميعاً ولا تَفرّقوا" 2 وهذا تكليف إلزاميّ مشتمل على أمرٍ ونهي هما أن تمسّكوا بالإسلام جميعاً، ولا تتفرّقوا. ولا يكن وضعكم ذاك الذي تقول فيه الشعوب الناظرة لنا وهي خصم لنا يُراقبنا: المشاغب في كل مدينة من المُعمّمين. وهذا مخجل لنا، وأقول لكم: إنّ خلافنا مُخجل لإمام زماننا فحين تجلَبُ إليه الصحائف، ويرى شيعته.. طيّب، أنتم شيعته، ونحن شيعته- يرتكبون هذا وقد رآهُ ملائكة الله الذين جلبوه إليه يخجل منهم. فاستيقظوا، فالقضية خطرة، وليست الخطر على أحد، أو شعب، وإنما على الإسلام.
وفقكم الله جميعاً إن شاء الله لأن تؤدّوا واجباتكم، وفّقنا الله جميعنا أن نعمل بوظائفنا الإسلامية، وظائف المشيخة والحراسة، ونتقدمّم بهذه الثورة إن شاء الله وتكون بلادكم بلاداً إسلامية.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
* صحيفة الإمام، ج8، ص: 320,317
1- آل عمران: 103
2- آل عمران: 103