التاريخ: 14 تير 1358 هـ. ش/ 10 شعبان 1399 هـ. ق
المكان: قم
الحاضرون: الطلاب الجامعيون في مشهد
بسم الله الرحمن الرحيم
الواجب المهم
عندما كنتُ هناك بيَّنت الواجب، فمن شرَّف وسمعَ أننا بيَّنا التكليف وَمَنْ لم يُشِرِّف نعرض عليه كلمتين تحدِّد تكليفنا جميعاً.
التكليف المهم هو المنوط بعاتق هذه الطبقة، أي: طبقة رجال الدين والجامعيين، فعقل الإنسان المفكّر هو هاتان الطائفتان، فهما المتفكِّرتان. فالجامعيون سوءاً مَنْ تخرّجوا في الجامعة، وصاروا الآن محامين أو حقوقيين أو أيّ شيء وهذه الطبقة رجال الدين المشغولة بطلب العلم، أو تخرَّجت واشتغلت بالتبليغ وأعمال أخرى هما مخ المجتمع المفكّر، وهما أنتم الذين تستطيعون أن تخمدوا المؤامرات المدبّرة بكمال الدِّقَّة لدحر الثورة، وهي في أفق التكوين. وتكليفكم أنتم الطائفتين أكبر من سواكم، ومسؤوليتكم أعظم كثيرا، الكلّ مسؤول، لكنّ مسؤوليتكم أكبر. وهم الآن بصدد تفرقتكم أنتم الطائفتين اللتين ارتبطتا وما عاد القول: الجامعي كذا، وعالم الدين كذا يسري، كنتم معا، وتقدّمتم- بحمد الله- وفهمتم أنكم بالائتلاف تتقدّمون. أنتم الطبقتين كنتم العقل المدبّر، وإذ اجتمعتم انضمّت إليكم الطبقات الأخرى، وتكليفكم أنتم رجال الدين وأنتم الجامعيين أن لا تفترقا.
القضاء على وحدة رجال الدين والجامعي
الخطّة الآن هي أن يعزلوا أحدكم عن الآخر. فهموا أنّ وحدة الكلمة التي حصلت في إيران هي ثمار ائتلاف هاتين الطبقتين آتاها منبر رجال الدين ومحرابهم وواعظهم وخطيبهم، وأنتم بكلماتكم بمشقّاتكم اجتمع الناس، وحصل هذا النصر. وأولئك أحسُّوا أنّ هزيمتهم كانت من هذا الاجتماع. أحياناً يقول المرء: لو اجتمع هؤلاء نهزَمُ نحن، لكنهم لم يُحسّوا. أحسُّوا في الخارج ولمسوا نصركم حيناً وهزيمتكم، وأيقنوا أنّ هذه الهزيمة وذاك النصر هما وليدا اجتماعكم. فتآمروا ضدكم الآن ليفصلوا أحدكم عن الآخر، ويجعلوا الأخوين متدابرين، ويُفَرِّقوا الفريقين اللذين هما المخ المدبِّر، فلو تفرقتم لما فعل أولئك شيئاً، ولا فعلتم. أتتصوّرون أنّ الجامعيّ يستطيع أن يفعل شيئاً من دون هذا الفريق؟ لا، هؤلاء أيضاً يحسبون أنهم كلّ شيء، ولا مكان للجامعة، لا، هذا وَهم، يجب أن يلتئم الفريقان، ويلتحما معاً، ليبددا دعايات السِّنِين الرامية إلى فصل أحد الفريقين عن الآخر، ليضعوكم في طرف تُعادون فيه أولئك، ويضعوا أولئك في طرف يعادونكم فيه، ويقطفون هم ثمار العداوة بينكم، ولا أحد أيضا يقول: لماذا؟ وإذ لمسوا الآن أنه حينما نشأت مثل هذه القدرة، وتجلّت مثل هذه الوحدة أوجبتا دحرهم وهزيمتهم. فالمؤامرات اليوم أكثر وأدق، وهي تتوخى تفرقتكم. في مشهد الآن مؤامرة تُنفّذ، وأخرى حدثت في إصفهان، وفي طهران أخرى، ولعلّها تكون في أماكن أخرى.
فما سرّ دعواكم؟ السرّ هو أنّ امرءاً اختلفوا فيه أهو صالح جدّاً، أم طالح جدّا؟ عدَّة يقولون على المنبر وتحته: هذا المرء كافر، وعدَّة أيضا يقولون: هذا المرء مسلم، ومن الأولياء. فما النتيجة؟ النتيجة هي أنكم تنفصلون عن أولئك، وهم ينفصلون عنكم، ويقابل كل منكم الآخر، وتفقدوا وحدة الكلمة التي كانت لديكم. والسرّ لا شيء سوى أن تفقدوا وحدة الكلمة، ويفترق أحدكما عن صاحبه، ويفترق عنكم بقية الطبقات، وتختلف فيما بينها، وتكون هذه الاختلافات مدعاةً لعجز الثورة عن أنْ تؤدِّي عملها. كلّ ما يريده الأجانب كلّهم الشرقيّون والغربيّون جميعاً هو أنْ تفترقوا ويبتعد أحدكم عن الآخر.
الوعي إزاء المفرِّقين
المؤامرات إذن لتفرقتكم، وبث العداوة بينكم، وجعل الطبقات مختلفة، يصنعون فرقاً متناحرة تعادي كلّ منها ما عداها، ويقطفون هم الثمار. أما يجب وعينا؟ حتامِ نغفل؟ جعلونا غافلين سنين، وخدعونا، أما آن لنا أن نستيقظ؟ أما حقّ أن تستفيقوا أنتم الجامعيين؟ أما وجب عليكم أيّها العلماء أن تفطنوا؟ بهذه التفرقة سلبونا ونهبونا، وحكمونا، وعذَّبوا شبّاننا في غياهب السجون، وفعلوا برجال الدين وجميع الطبقات ما رأيتم، أما وجب علينا أن نستيقظ؟ هل يجب أن نختلف في أمور طفيفة لا شأن لها، ونشتبك فيما بيننا؟ إنهم يضربون المنبر والمحراب والجامعة شيئاً بشيء، أما يجب أن ينتبه هذا الشعب على أنّ هذه يد أخرى امتدَّت، وراحت تنجز هذا العمل؟ ليس هذا من باب الصدف، هذا عمل مدروس لسلبكم هذا الرمز الذي كان بأيديكم، وهو رمز النصر. أولئك فهموا أنهم هزِموا بالوحدة، ولذا أقبلوا على أخذها منكم، فَمَنْ مع عمل هؤلاء ودعايتهم وخططهم؟ من هو حزب كذا؟ حزب كذا، مئة حِزب أو مثل هذا العدد يلوح لخاطري ظهرت في الأسابيع القليلة الماضية. وما يُؤسف عليه هو أنّ الجماعات حين تعلن وجودها تسوء العلاقة فيما بينها، وما يعمل الجميع لمصلحة الشعب والإسلام. أولئك يختلفون فيما بينهم ويتدابرون، وبهذا التدابر يسلب أولئك وحدة الكلمة، ويبدّدون تلك القدرة، فالآحاد لا يفعلون شيئاً، وكلّ فريق على حدة لا يفعل شيئا. بينما الشعب يفعل ما يريد، وإذ يصير فريقاً فريقاً لا يفعل شيئاً.
الخلاف لا يرضاه الله وهو سمّ قاتل للشعب
وواجبنا نحن وأنتم أن ننتبه على المؤامرات الرامية إلى التفرقة الآن وإحباطها، فحين تعودون إلى مشهد قولوا لرفاقكم: ليس هذا اليوم يوم الإختلاف في شأن يُشتتكم، وعلى السادة الذين يمضون إلى أماكن شتى أن يقولوا لأهل المنبر وأهل المحراب المتأثرين بالأيدي الخبيثة التي تريد الآن بلبلة هذا الشعب لتستغلّه وتهزمه: لا تتأثروا بهؤلاء، وانفضوا أيديكم من الخلافات الذاتية والجزئية. فالوقت الآن وقت الالتفات إلى دستوركم ومعرفة خبرائه، ثم انتبهوا على رئيس جمهوريتكم ومجلسكم. فهذه المراحل يجب أن تمرّ، لتقوم الدولة المستقرّة. فإيران الآن شيء متزلزل، لأنّ أساسَه لم يقم بعد، والاختلاف في هذه الحال مخالف لرضا الله، لأنه سمّ قاتل لشعبنا. وواجبي أن أعرض عليكم، وواجبكم أن تسمعوا أو لا تسمعوا لا أدري. حفظكم الله جميعاً إن شاء الله.
* صحيفة الإمام، ج8، ص: 349,347
2011-05-08