الموضوع: واجبات علماء الإسلام والحرس
خطاب
الحاضرون: علماء الدين ولجان الثورة والحرس في أرومية
عدد الزوار: 46
التاريخ: 15 تير 1358 هـ. ش/ 11 شعبان 1399 هـ. ق
المكان: قم
الحاضرون: علماء الدين ولجان الثورة والحرس في أرومية
بسم الله الرحمن الرحيم
الخطر الكبير هزيمة الإسلام
يجب أن أعرض على السادة الشيوخ والحرس المحترمين وسائر الحاضرين الكرام هنا الأخطار المحدقة بنا الآن والمآخذ القائمة في الوقت الحاضر وموقفنا في هذا الوقت، وقد عرضتُ هذا الموضوع على مجامع أخرى لأهميَّته، وها أنذا أكرِّره أيضاً.
موقفنا الآن حسّاس من ناحيتين أكثر من الأوقات الأخرى. في النظام السابق وذلك الوقت الذي كان فيه جميعكم وجميع الطبقات مشغولين بالكفاح إذ كان النظام طاغوتياً وقد قمتم على الطاغوت، ولو هُزِمنا في ذلك اليوم، أو قُتِلنا، لما كان فيه ضَيْر. لأنَّ جيشاً إسلامياً إلهيّاً قابل جيشاً طاغوتياً وهُزم هزيمةً ذاقها أولياء الله أحياناً في منازلة الطاغوت، وهذه الهزيمة في تلك الحال لم تضرَّ الإسلام، بل كانت نافعة له ثبتت بها قدرته واستقامته مثل منازلة سيّد الشهداء- سلام الله عليه- لحكومة زمانه الطاغوتية إذ لم تمسّ شهادته الإسلام بشيء، بل قدَّمته. ولولا شهادته، لعرض معاوية وابنه الإسلام على الدنيا بصورة أخرى باسم خليفة رسول الله، وذلك بالذهاب إلى المسجد وإقامة الجمعة وإمامتها وإقامة الجماعة وإمامتها. الاسم خلافة رسول الله، والحكومة حكومة الإسلام، والمحتوى على خلافهما، فلا الحكومة كانت إسلامية بحسب المضمون، ولا الحاكم إسلاميّاً. فسيِّد الشهداء- سلام الله عليه- أبطل خطتهما لإعادة الإسلام إلى الجاهلية وعَرْضِهِ على أنه نظير تلك الأشياء السابقة. ولو كنا نحن هُزِمنا في هذا الكفاح الذي خُضناه، وقُتلنا، لما رأى الإسلام فيهما ضَرَراً، بل لرأى فيهما نفعاً، وذلك لأنّ جبهة إسلامية مجاهدة جابهت جند الطاغوت وكانت مجابهتهم مجابهة حقّ لباطل، غير أنّ قوّة الباطل أكثر، فاستشْهد أهل الحق، لكن كيف الحال الآن؟ في ذلك الوقت كان النظام طاغوتيّاً، والحكومة طاغوتية، وكلّ الأجهزة طاغوتية. أمّا الحال اليوم، فنقول: إسلامية، فكلّكم صَوَّتم للجمهوية الإسلامية، وتبدَّل النظام من الملكية إلى الجمهورية الإسلامية. ونحن المعمّمين الآن وأنتم الحرس وسائر الطبقات في هذه البلاد، الجميع في حكومة إسلامية، كلّنا واقعون في الجمهورية الإسلامية، ونظامنا الآن جمهورية إسلامية والخطر المحدق بنا الآن ليس هو القتل، ولا خطر هزيمة جماعة إسلامية أمام الطاغوت، فهذان ليسا خطراً أصلًا. ذلك الخطر المتربّص بنا هو أن يذوق ديننا الهزيمة، أي: أن يُهزم الإسلام، وهذا الخطر أكبر الأخطار المُلمّة بنا الآن. وما أوصلنا إلى هنا ونصرنا هو أنّ هذه الطبقات لم يكن بينها خلاف. كانوا جميعاً يهتفون معاً: نريد الجمهورية الإسلامية، وما كان بين المدينة والقرية فرق، ولا بين العاصمة والحدود، كلّهم وضعوا يداً في يد وهتفوا: نريد الجمهورية الإسلامية، وهذان الأمران، أي: وحدة الكلمة إذا كان الأكثرون معاً، ووحدة النيَّة التي كانت إسلامية هما اللتان نصرتاكم. وأنتم الآن جيش فاتح، وكانت الجيوش الفاتحة في السابق هكذا، تذوق الهزيمة بعد كل فتح. وإذ تحدَّثت لجمع آخر اليوم ضربت هيتلر مثالًا، فقد تحرَّك ونهض وضرب وقتل، وفتح فرنسا وبلداناً أخرى، وهجم على الاتحاد السوفييتي على ما هو عليه مِنَ القدرة، وفتح كثيراً من الأمكنة، لكن لم يستطع أن يحتفظ بها، فذانك الفتح والنصر اللذان صنعهما لم يستطع أن يحفظهما، ولأنه لم يستطع حفظهما هُزم، وانتهى به الأمر إلى الانتحار كما يقولون. وكان الفاتحون دائماً هكذا تقريباً، فبعدما كانوا يفتحون تنشأ عوامل تنتهي بهم إلى الهزيمة.
الخوف من عوامل الهزيمة
لديّ خوف عليكم أنتم الجيش الإسلامي والشعب الإسلاميّ الفاتحين الآن، وقد فتحتم فتحاً جلب إعجاب الدنيا كلِّها أن تنشأ عوامل تؤدِّيكم إلى الهزيمة، وهذه الهزيمة من قبلكم لا من قبلِ العدوّ. لديّ هذا الخوف من أننا المعممين وسائر الطبقات التي ينطبق عليها اسم الإسلام سواء الدولة الإسلامية الوزارات الإسلامية واللجان الإسلامية والحرس الإسلاميّ والمحاكم الإسلامية هؤلاء الذين يعرفون باسم الإسلام واللباس الإسلاميّ، ففي الحكومة الإسلامية لدينا حرس إسلاميّ ومحاكم إسلامية ولجان إسلامية، وكلّ هؤلاء وغيرهم، فإذا ارتكبنا نحن الذين ندّعي الآن أننا حرس وأنتم حرس ما يُخالف محتوى الجمهورية الإسلامية ومخالفونا ومعادونا مراقبون لنا كمال المراقبة وعيونهم مشدودة لأعمالنا، فهذا الارتكاب ليس هزيمة مسلم أمام كافر، ولا هزيمة سيّد الشهداء أمام يزيد، وإنما هزيمة الإسلام. ادّعينا أن لدينا جمهورية إسلامية، وادّعينا أنّ الحكومة الإسلامية هي الحكومة الوحيدة العادلة، والحكومة الوحيدة المتمسّكة بالإسلام من رئيس جمهوريتها إلى شرطيِّها، لا رئيس جمهوريتها يريد أن يعلو على مَن دونه، ولا مَنْ دونه يريدون إيذاء الناس مثلًا بعنوان عسكريّ أو حارس. وهذا الشيء الذي ندّعي به أنّ لدينا جمهورية إسلامية يعني حكومة إسلامية عادلة، كما أنّ البلاد إسلامية وجمهوريتها تدارُ تحت لواء الإسلام، ويجب أن تكون أجزاؤها إسلامية. إذا كنا في هذا المقطع من زماننا الذي ندّعي فيه بتبديل الطاغوت إلى الإسلام، ومثلما نحن المعمّمين وأنتم الحرس نعمل على خلاف ما يجب أن يكون الحرس الإسلاميّ- والشيوخ حرس وأنتم حرس- ويصدر عنا في وقت ما عمل على خلاف ما يجب أن يكون عليه، ولو مصداق واحد من فرد واحد ولا يقف في وجهه الآخرون، فإنّ المتربِّصين بنا الآن يجعلون الواحد ألفاً، ويُهوِّلونه في وسائل الدعاية الخارجية والداخلية، غير أنهم في الداخل يلمّحون إليه، وفي الخارج يصرِّحون به، ويهتفون أن هذا هو الإسلام ليس من تغيير. هكذا هو الإسلام أصلًا. الإسلام مثل النظام الشاهنشاهي سواء أنّ هؤلاء وضعوا اسماً مكان اسم. صوّتوا لشيء فقط، والمضحون شيء آخر لا صلة له بالمصوّت عليه، هذا هو الإسلام. في ذلك العهد كانت منظّمة الأمن تؤذي الناس، والآن الحرس الإسلاميّ. في ذلك الزمن كان الرُّؤساء الطاغوتيون يتعدّون على الناس، واليوم رؤساء الجمهورية الإسلامية. في ذلك الوقت كان الشيوخ إذا صدر عنهم خلاف يقول الناس: هؤلاء من منظّمة الأمن. إذا اقترفوا ذنباً، ما يقول الناس عنهم: هؤلاء خدم الإسلام فعلوا هذا. كانوا يقولون: هؤلاء جزء من منظّمة الأمن. وإذا صدر خطأ عن شيخ اليوم مَنْ يقول: هذا سافاكي؟ من يقول: هذا ملزمٌ أن يفعل ما فعل؟ إذا صدر خطأ اليوم عن معمّم ولم يقف الآخرون في وجهه، ويعترضوا عليه- ولا حاجة لمحاربته- فالاعتراض كافٍ، حسبُه القول، أي: النهي عن المنكر. أعداؤكم في الخارج يظهرون أنه لا فرق بين الجمهورية الإسلامية والنظام الشاهنشاهي أصلًا، كلّ ما هنالك تغيير اسم، والواقع هو الواقع، والدليل على ذلك أنّ الحرس يعملون مثل السافاكيين. انظروا إلى اللجان ماذا تعمل؟ انظروا إلى المحاكم، إنّها مثل المحاكم الطاغوتية، وهكذا وهكذا. والمقلقُ اليوم والمصيبة اليوم هي أن نبتَلى في ديننا، أي: إسلامنا، فهو في معرض والدّنيا كلُّها ترقُبه، وتَدْفُنه بأعمالنا، فيجب التفكير فيه.
إصلاح المجتمع يبدأ بإصلاح النفس
إذا لم نستطع أن نصلح أنفسنا لا نستطيع أن نقول: نحن ناس نعمل لله، نريد أن نصلح الناس. إذا لم يكن السادة صالحين لا يستطيعون أن يدعوا للإصلاح، فمن يضع رجلَه في غير موضعها- والعياذ بالله- إذا قال للناس: ضعوا أرجلكم وضعاً صحيحاً يسخرون منه، ويقولون له: إذا كان وضع الرجل مستقيماً صحيحاً، فضع أنت. إذا كنتم أنتم الحرس المدّعين بحراسة الإسلام وخدمته وإرادة هذه الخدمة- لا سمح الله- على ما كانوا في النظام السابق يُداهمون منزل أحد، ويصادرون أثاثه، ويرعبون امرأته وطفله، وصدر مثل هذا عن أحدكم- لا سمح الله- ولم يردعه الآخرون ويُربّوه وينهوه فإنه يضع هذه الحربة في يد عدوّنا ليقول: هؤلاء هم الحرس هكذا، ولا يقول: ذاك المرء كان كذا. ولا يقولون: هذا شيخ مُرْتدٍ هذا اللباس، وهذا سيرته، وإنما يقولون: الشيوخ والحرس هكذا. كيف يجب رفع هذا الخطر؟ نحن الآن في مواجهته.
واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
نحن الآن مكلّفون، كلّنا مسؤولون، كلّنا مسؤولون، لا عن أعمالنا، بل عن أعمال الآخرين ايضا" كلّكم راعٍ وكلّكم مسؤول عن رعيّته" 1. فكلُّنا مسؤول عن كُلِّنا، في عاتقكم مسؤولية عني، وفي عاتقي مسؤولية عنكم، فإذا زلت قدمي، فأنتم مسؤولون أن تقولوا: لماذا انحرفت عن الطريق؟ يجب أن تهجموا وتنهوا. فإذا انحرفت قدم معمّم عن الجادة لا سمح الله فيجب على كل الشيوخ أن يهجموا عليه، ويقولوا له: لماذا تفعل على خلاف الموازين؟ والناس عامَّة يجب أن يفعلوا هذا أيضا. فالنهي عن المنكر لا يختصّ بالشيوخ، لأنه واجب الجميع، وعلى الشعب أن ينهى عن المنكر، ويأمر بالمعروف.
ضرورة انطباق النظام على قواعد الإسلام
نحن الشعب ندَّعي بأنّ نظامنا الإسلام والحكومة حكومة العدل وأمثال ذلك، وأعلمنا الدنيا ذلك، وعرفت الدنيا بلادنا باسم الجمهورية الإسلامية، وترانا الدول الأخرى أكثرها نظاماً إسلامياً. فإذا لم يكن محتوى نظامنا الإسلاميّ هذا والأعمال التي نعملها منطبقة على قوانين الإسلام، ونحن نختلف في قضايا جزئية كُلّها مخالفة لقواعد الإسلام، ونتعادى فيها، إذا حصل مثل هذا الشيء تقول الدنيا: هذا هو الإسلام، هذا هو نظامه.
سيّد الشهداء- سلام الله عليه- هزمه يزيد، وقتل الجميع، لكنّ هزيمته دَفَنَتْ نظام معاوية إلى الأبد. ولعلّنا لو قُتلنا في هذه الثورة، لدفنا هذا النظام أيضاً. أمّا إذ انتصرنا، وبلغنا هذه المنزلة شرعت الخلافات والنزاعات الذاتية على أعمال جزئية، إذا حكمت المحاكم على خلاف الإسلام، وعملت اللجان على خلاف الموازين الإسلامية، فلن يُحتَسَب هذا على النظام الطاغوتي الذي كانت هذه الأمور جارية فيه. بل يقال: هذا ما يجري في الجمهورية الإسلامية والحكومة الإسلامية، ويُناط بالإسلام، ونرى كل صحف الخارج دفعة قد كتبت بصراحة أنّ هؤلاء هذا شأنهم، لا فرق لديهم عمَّن سبقهم، ولا جرأة لهم هنا أن يُصرِّحوا، وإنّما يُعَرِّضون.
خوف الأعداء من الإسلام
الخوف من الأعداء الآن أكثر من الخوف من محمد رضا، فقد كانت حَرْباً عليه ومنازعة له واشتباكاً، وأنتم بحمد الله ضربتموه وقذفتموه خارجاً، ولا حَرْبَ الآن. الآن حرب القلم، حرب الأعصاب، وليست هذه حَرْباً سهلة. ومثل هذه الحرب قائمة الآن في الخارج والداخل، إذ رفعوا الأقلام ليكتبوا على الإسلام، لا عليَّ وعليكم، ولا على زيد وبكر، بل على الإسلام، فهؤلاء يخشون الإسلام، ولا يخشونني ولا يخشونكم. هؤلاء يخافون الإسلام، فالإسلام هو الذي غلّب شبّاننا على المدفع والدبَّابة وكل الأشياء، وغلّب شعبنا على جميع القوى. وإذا عمل حرسنا بعد هذه الغلبة عملًا يبعث على هزيمة الإسلام، فمسؤوليته غير مسؤولية القتل، وغير مسؤولية الذنوب، فهذا ذنب لا يغتفر.
نشر الإسلام الخاطئ هزيمة له
إذا عرضنا الإسلام على خلاف ماهيته على الخارج، كان هذا هزيمة للإسلام، وما هو بمعصية، ليس بقضية معصية، فهذا ما قُتِل الأنبياء من أجله، وقُتِل الأولياء من أجله. هو دين الحق الذي قُتل الأنبياء والأولياء في سبيله، ومن يقتل نبياً ذنبه أهون من أن يُسيء للإسلام. فالأنبياء قتلوا من أجل الإسلام. فالإساءة للإسلام أبلغ من قتل نبيّ، وهي أسوأ من قتل سيد الشهداء. فسيّد الشهداء تقدَّم إلى القتل في سبيل الإسلام هذا الذي آل إلينا الآن، وما نأسف عليه أن يلعب به البعض.
يجب أن تصلحوا، فالمسؤولية فادحة أيّها السادة، لا تتخيلونا غير مسؤولين، فأنا مسؤول، وذاك مسؤول، أنا المعمّم مسؤول، وأنتم غير المعمّمين كلكم مسؤولون أيضاً، والكسبة مسؤولون، والجامعي مسؤول، كلّنا مسؤول.
فعلينا جميعاً أن ننتبه على بقاء هذا الدِّين مصوناً. فالأعداء الآن يتربّصون بديننا الدوائر، لأنهم يخشونه. أعداؤنا لا يخشونني ولا يخشونكم، وإنّما يخشون ديننا. أولئك الذين يرون أنفسهم مهزومين لا يرونها هزيمتهم منّي ولا منكم، بل يرونها من إيمانكم. أدرك أولئك ولمسوا أنّ فئةً غلبتهم بقدرة (الله أكبر) و لذا يريدون أن يسلبوكم هذه القدرة، فاحفظوها، وحفظها بأن لا أخطو أنا المعمّم وكلّ معمّم خطوة أو كلمة خارج الحدود الإلهية. وأنتم الحرس الكرام- حفظكم الله- لا تتعدّوا حدود الحراسة ولو بخطوة. فطبقة الكسبة وطبقة الإداريين، وهذه الحكومة، وهذا الشعب كلّنا الآن في ظل النظام الإسلاميّ، وفي كنف حكومة الإسلام، فلا تفقدوا واجب الحكومة الإسلامية.
عدوّ الوحدة
يجب ألّا يقع الخلاف في أمور يجب عدم الاختلاف فيها، دعوا هذه الخلافات كلّها جانباً، ولعبة الحزبية وتعدّد الجماعات الذي بلغ مئة جماعة على حسب ما كان في الصحف. فزهاء مئة فئة أعلنت وجودها في عدّة أسابيع، أي أنّ مئة فئة مشغولة الآن بالعمل على تبديد هذا الانسجام الذي نجم، وكان رمزاً لقدرتكم. فأنتم لكم الآن مئة فئة معادية غير أنّ فئة تفهم، ولعلّ أكثرهم لا يفطنون، ولا تحسبوا هذا التشرذم يحصل من باب الصدف، وهذه الفئات تعلن وجودها تلقائياً. فكل يوم تقرأون في الصحف أنّ جماعة كذا أعلنت وجودها، وأكثرها باسم الإسلام، وغيرها كثير باسم غيره، والذي باسم الإسلام يسير الآن خطأ مثل أولئك الذين باسم غيره كلّنا يجب أن ننضوي تحت لواء لا إله إلا الله، ونكون صفّاً واحداً.
الخطر كبير، والمسؤولية جسيمة، مسؤوليتي أنا والسادة أكثر منكم ومسؤوليتكم أنتم أيضاً كبيرة، فعلينا أن نخرج من تحت هذه المسؤولية خروجاً صحيحاً، وهو امتحان أصلًا، فالله أعطاكم نعمة عظيمة، وأنتم الآن تحت الامتحان.
الحريَّة أعظم النعم
نعمة الحرية أعظم النعم لدى البشر، وكنتم فاقديها، وما كنتم تستطيعون الهمسَ بكلمة واحدة، وما كنتم تتمكنون من الاجتماع هنا، أكان هذا ممكناً لكم؟ هل كان ميسوراً لنا أن نجلس معاً ونتحدّث؟ ما كانوا يسمحون لأحد أن يدخل من هذا الباب، ولو دخلتم خفيةً، لذهبتم إلى منظمة الأمن عند خروجكم. والله أعطاكم الحرِّية، وامتحنكم بها، ليرى ما تصنعون، أتكفرون بنعمة الله هذه وتعذّبون الناس بها، أم تشكرونها له، وتنتفعون بها؟
والشيء الذي أرى نفسي مكلّفاً أن أؤدّيه في هذا الزمان هو أن أبيِّن هذه الأمور لكل جماعة يأتون إلي، والسبب هو زيادة الخلافات الآن، فالناس غَدَوا فئات، وبينما يجتمع أولئك نتفرّق نحن.
وقف التخلّف باللين لا بالشّدَّة
يجب أن نستيقظ جميعاً، ونلتفت كلّنا، فنصلح أنفسنا حتّى- لا سمح الله- لا نتخلّف، وحتّى إذا رأينا من يتخلّف صددناه عن تخلّفه لا بِصُراخ وشِجار، وإنّما بلطف. فلو ارتكب أحد خطأ، وخاطبه مئة إنسان بلطف، وَحيّوه بعطف، وكشفوا له عن وجه مخالفته، لأثروا فيه، وما عاد يستطيع المخالفة.
حفظكم الله إن شاء الله حرساً للإسلام، وأنتم الآذريّون الذين كنتم دائماً عزة الإسلام، جعلكم عزةً له كما كنتم، ووفقنا كلّنا لِخِدْمة الإسلام والمسلمين وسائر البلدان المستضعفة.
* صحيفة الإمام، ج8، ص: 364,359
1- مسند احمد، ج 2، ص 54، وبحار الأنوار ج 72، ص 38.
2011-05-08