الموضوع: عداء المتجبرين للإسلام ضرورة ائتلاف علماء الدين مع سائر فئات المجتمع
خطاب
الحاضرون: جمع من علماء الدين
عدد الزوار: 124
التاريخ: 14 بهمن 1357 هـ. ش/ 5 ربيع الأول 1399 هـ. ق
المكان: طهران المدرسة العلوية
الحاضرون: جمع من علماء الدين
بسم الله الرحمن الرحيم
تحريف الإسلام
أرى لزاما عليّ ان اتقدم بالشكر الى السادة العلماء والأفاضل، فانتصار الشعب مرهون بما قام به العلماء اولًا وسائر الفئات ثانيا. ان عليكم أيها العلماء وكما يمليه الواجب الشرعي، ان تكونوا أئمة للأمة، ان تكونوا روادا في ما يتعلق بقضايا الأمة، ادفعوا المفاسد عن الشعب مثلما قمتم بالامر بالمعروف ولله الحمد، انني ونيابة عن الشعب الايراني المجيد اتقدم لكم بالشكر.
أسأل الله تعالى ان يحفظ علماء الدين الذين يمثلون ثروة الشعب ودعامته، وان يعزهم.
ان اعداء الإسلام واعدائكم عرضوا الإسلام بصورة سيئة، كما شوهوا صورتكم في اذهان الناس. أن اعداء البشرية يعتبرون الأديان بشكل مطلق أفيون الشعوب، لانهم رأوا ان من يقف مقابلهم هو الدين وان هذا الجمع الذي يواجههم هو علماء الدين، لذلك تحركوا لمعارضة هاتين القوتين، وعكفوا منذ آماد طويلة على قمعهما. لقد ضربوا بعنف قوة الإسلام التي تعتبر أكبر قوة، وفي هذا السياق بذلوا مساعيهم لعرض الإسلام بصورة سيئة.
سعوا الى القول بان الإسلام انما هو مجموعة من الاوراد والادعية والآداب الخاصة بين الفرد وربه ليس اكثر، كما هو الحال في المسيحية. المسيحية المنسوخة وإلا فان مسيحية عيسى لا يمكن ان تكون كذلك.
انهم يقفون بوجه الاسلام وبوجه سائر الاديان ويعتبرون الأديان كافة أفيونا للشعوب. أي انهم يرون في الأديان انما هي نتاج لبعض الموسرين والمتجبرين لاسكات الناس ولاسكات الشعوب عبر اطلاق بعض الوعود وقد بلغ هذا الاعلام المسموم درجة أن اعيد الينا بشكل آخر.
المؤامرة الاستعمارية لفصل الدين عن السياسة
لقد طرحوا قضية فصل الدين عن السياسة بمنتهى الدهاء والتزوير والمخادعة بحيث ان الامر اشتبه علينا نحن ايضا! والى درجة اصبحت معها كلمة" المعمم السياسي" شتيمة في اوساطنا، فاذا قيل ان فلان" معمم سياسي" فهذا يعني الذم، والحال ان جميع السادة يقرأون في الادعية المعتبرة وصف الائمة بانهم" ساسة العباد" ولكن ومع ذلك ونتيجة للايحاءات والتضليل فقد صدقنا نحن انفسنا بان الدين لا شأن له بالسياسة. فعلى رجل الدين ان يذهب الى المحراب ويترك الشاه مشغول في ممارسة لصوصيته!.
ولكن كل من قرأ تعاليم الإسلام واطلع عليها، وقرأ القرآن الكريم، يدرك بان الاسلام والقرآن الكريم يعملان على تربية المجتمع في مختلف شؤونه.
الفرق بين احكام الإسلام والقوانين الوضعية
ان الفرق بين الاسلام وسائر القوانين الموجودة في هذا العالم ولا نقصد القوانين السماوية لان الموجود الآن منسوخ، والقوانين السماوية تشبه قوانين الاسلام الفرق الأساسي بين الإسلام وما يتضمنه من أمور جاءت من الله لتربية الانسان مقارنة بتلك القوانين التي وضعها البشر هو أن القوانين الوضعية تلحظ نقاط الضعف لتقويتها، فالبشر وضع القوانين لاستتباب النظام. وضع القوانين للمعاشرة في هذه الدنيا وللسياسة الدنيوية غافلا عن الابعاد الأخرى التي تهم البشر.
حينما نطلع على الاسلام طبقا لابعاده الانسانية تجد ان لديه اطروحات وقوانين تتناول مختلف جوانب حياة الانسان حتى قبل ولادته بل قبل ان يتزوج والداه، فان لديه اطروحات لتربيته وهو نطفة في الأصلاب وبيضة في الارحام، فالاسلام يعلّم الأنسان طريقة اختيار زوجته، كما يعلم المرأة كيفية اختيار زوجها، وهو يضع القوانين والأعراف لعملية الزواج وآدابها، وما هي آداب التلقيح وآداب الحمل، تماما كما هو الحال مع الفلاح الذي يقوم ببذر البذور ويعتني بها ويختار لها الأرض الصالحة والماء العذب ويحرص على ايصال الماء إليها في الوقت المناسب الى سائر الامور المتعلقة بالنبات.
كذلك هو الاسلام فهو يبدأ بتربية الانسان قبل ان تنعقد نطفته بالزواج بين الأب والأم وهو يحث على اختيار أرض صالحة مطهرة وزوج سالم صحيح بصفات طيبة ثم يضع الآداب الأخرى لحين ولادته ويضع آداب الرضاع والتربية في حضن الأم وتحت رعاية الأب الى سائر الأمور التي تأتي بعد ذلك.
ليس هناك في اي قانون من قوانين البشر ما تكفل بهذه الامور، وهي مختصة بقوانين الأنبياء التي تنظر الى الابعاد الأخرى من شخصية الأنسان مما لا تنظر اليها القوانين الأخرى اصلًا، فقد وضعت قواعد لتهذيب النفس لجعل الأنسان موجودا انسانيا ربانياً.
القرآن كتاب لبناء الانسان، والعقيدة الاسلامية عقيدة لبناء الانسان بمختلف ابعاده، فهو لا يريد صياغة الانسان من الناحية المادية فقط، ولا يريد صياغة الانسان من الناحية الإلهية فقط، بل يهتم بالانسان من كافة جوانبه.
وبالنسبة لهذه الأمور فان سائر العقائد والقوانين الموجودة في عالمنا لا تنطوي عليها. وكل انسان يمكن ان يتربى بالطريقة التي يريد، غاية الامر أن لا يخرج الى الشارع ويثير الشغب هذا هو الممنوع فقط وإلا فليرتكب اية حماقة في منزله! فهي لا تهتم بخلوات الانسان وتطلق له العنان ان يفعل في خلواته ما يشاء. في حين ان الإسلام ليس فيه خلوة أو علن، فاذا كنت فردا فانك تحت مراقبة الخالق واذا كان معك احد فانك كذلك وهكذا دواليك.
البعد السياسي والاجتماعي للإسلام
احد ابعاد شخصية الانسان، انه يريد ان يعيش حياة اجتماعية في هذه الدنيا المادية، يريد ان يقيم حكومة، يريد تأسيس اشياء اخرى مثلا ترتبط بجانبه المادي، الاسلام ينطوي على قوانين لذلك ايضا، فقد وردت من الآيات والروايات في السياسة ما لم يرد مثله في العبادة مثلا.
لاحظوا ان هناك اكثر من خمسين كتابا فقهيا، سبعة أو ثمانية منها ترتبط بالعبادات والباقي يرتبط بالسياسة والاجتماع والمعاشرة وامثالها. ونحن تركنا كل ذلك جانبا وتمسكنا ببعد واحد، تمسكنا بأضعف الابعاد. لقد عرضوا الاسلام بصورة مشوهة بدرجة صدقنا نحن ايضا بان الإسلام لا علاقة له بالسياسة! السياسة لقيصر والمحراب لعالم الدين وان كانوا لا يتركون المحراب لنا.
الاسلام دين السياسة، الاسلام له حكومة، أقرأوا عهد الأمير (الامام علي) وكتابه الى مالك الأشتر «1»، سوف ترون على ماذا ينطوي الإسلام، طالعوا اوامر الرسول واوامر الامام علي عليه السلام في الحروب وفي السياسة ولاحظوا على ماذا تنطوي.
ان لدينا كل هذه الثروات لكننا غير مؤهلين للاستفادة منها، لدينا الثروة، لدينا كل شيء ولكننا لم نبلغ مستوى الاستفادة منها، تماما كما هو حال ايران التي تمتلك كل شيء إلا انهم يعطونه للغير. ان كتبنا وتراثنا الاسلامي غني وينطوي على كل شيء ولكن خبرائهم عرضوا الاسلام علينا بصورة مشوهة.
دراسات المستعمرين في البلدان الإسلامية
منذ ذلك الحين الذي فتح فيه طريق اوروبا نحو آسيا والشرق وخبرائهم يدرسون ويطالعون، فهم واعون وانا وأنت كنا في نوم عميق في مدارسنا! لقد درسوا اراضي ايران شبرا شبرا ولديهم الآن خرائط عن كل بقعة فيها نفط وكل بقعة فيها نحاس. لقد جاء هؤلاء الخبراء الى هذه الصحارى القاحلة على ظهر الجمال وذهبوا بحثا عن ثرواتنا وسجلوا كل ما وجدوه.
كذلك كانت مطالعاتهم فيما يتعلق بنا، فادركوا بعد دراسات مطولة بان الامر الذي يمكن ان يقف بوجههم هو الاسلام وخدمة الاسلام، لذا فقد ضربوا الإسلام وعزلوه حتى عن الأمة الاسلامية وعن خدام القرآن، فحتى بعض خدمة القرآن لا يمكنك افهامهم بان الاسلام دين سياسة، فربما اعتبروا هذا الامر نقصا في الاسلام!.
ان الاسلام له نظام حكم، لا كما هو حال هذه الانظمة، في الاسلام حكومة، في الاسلام امامة، فيه خلافة، فقد شكل نبي الاسلام حكومة، وكانت للأمير (الامام علي)" سلام الله عليه" حكومة وولاة، كان لديه كل شيء. كان لهما جيش وقواعد عسكرية ينظم على اساسها الجيش، كان لديهم كل شيء.
لقد قرأنا كل ذلك ولكن ولكثرة ما أوحي الينا ولكثرة ما قيل لنا اهتموا بشؤونكم واهتموا بصلاتكم ولا شأن لكم بما يفعل اولئك، لكثرة ما قيل لنا ما شأنكم والسياسة، فقد وصل الامر الى هذا الحد الذي يجعلنا اليوم نجتمع لاقامة مأتم ها هنا!.
تآمر الاستعمار ضد علماء الدين
من جهة ثانية أمعن اولئك الخبراء في دراسة نفسية الناس فرأوا ان ابناء الشرق سيما المسلمين وبالاخص الشيعة يولون علماء الدين احتراما خاصا ويتبعونهم. فماذا يفعلون حتى يفصلوا علماء الدين عن الناس؟ وضعوا خطة تقضي باسقاط هيبة علماء الدين امام الناس.
أنتم لم تكونوا في عهد رضا شاه، اكثركم لم يكن موجودا، أما أنا فقد ادركت ذلك العهد ومن هم في عمري الآن يتذكرون ذلك العهد ويتذكرون كيف انهم وطبقا لخطة وضعت في الخارج حاصروا عالم الدين الى حد انه لم يكن قادرا حتى التنفس، وقد رسمت لعالم الدين صورة جعلت الناس لا يقبلون حتى ان يقلوه بسياراتهم! لقد فصلوا بين الناس وبين علماء الدين. غاية ما في الامر ان مخططهم لم ينجح، ارادوا ان يحققوا ذلك ولكنهم عجزوا عنه رغم كل مساعيهم" والله خير الماكرين" 1.
ولكن خطتهم نجحت في مجال آخر وهو فصل علماء الدين عن الجامعات، فلم يكن يحق لعالم الدين التحدث عن الجامعة حتى فيما بيننا، ولم أر جامعيا يذهب الى علماء الدين، فهو يرى في عالم الدين موجودا مضرا جاء به الانجليز الى هنا!
لقد كنت شاهدا على مثل هذه الامور. فذات مرة وقبل عدة سنوات كنت مع اثنين من ابناء العلماء المحترمين في حافلة يستقلها اخرون وسمعت احدهم يقول لصاحبه لم أر مثل هذه الاجساد منذ مدة مشيرا الينا، ثم قال له بعد ذلك بان هؤلاء قد جاء بهم الانجليز الى النجف والى سائر الاماكن كي يضلوا الناس!
فالجامعي يرى بان علماء الدين أما ان يكونوا وعاظ للسلاطين أو مرتبطين بالانجليز! ولا أدري ما هو رأيكم في هذا الجامعي هل هو" متغرب!". لقد فصلوا فئات الامة بعضها عن بعض وحققوا اغراضهم من عملية الفصل هذه.
وحدة الشعب أسقطت الشاه
لقد لاحظتم خلال هذه المدة القصيرة كيف أن الفئات المختلفة قد أئتلفت فيما بينها والله تعالى هو الذي حقق هذا الائتلاف لقد لاحظتم هذا الائتلاف ووحدة الكلمة بين الجناح المعنوي والجناح المادي، بين علماء الاسلام وسائر الفئات من اية طائفة كانوا ان وحدة الكلمة تلك ادت الى قيام شعب باسره، وان وحدة الكلمة التي اصر عليها الشعب وانتفض على اساسها ادت الى هزيمة القوى العظمى واحباط أي أثر للمدافع والدبابات.
أنتم جميعا تعرفون محمد رضا وما كان يقال فيه قبل عدة اعوام من مديح وثناء، وكان ذا قدرة كبيرة، إذ وقفت الى جانبه روسيا وامريكا وبريطانيا والدول الاسلامية والصين، لقد كان الجميع يقفون معه سواء القوى العظمى أو ما يأتي بعدها، غير انكم ايها الشعب تمكنتم بأيد خالية ورغم عزلتكم من النهوض ضد هذه القدرة الكبرى وتمكنتم بوحدة الكلمة من تدمير الدبابات بقبضاتكم الخالية وهكذا انتصر الدم على السيف وسقط الشاه عن عرشه وفر، ولكن بعد ان نهب مال الشعب معه. لقد أخذ معه ثلاثة مليارات من الدولارات وبضع مئات الملايين هذا ما ذكر أخذها وفرّ بها هو وأسرته.
سرقات الاسرة البهلوية
يصعب علينا التعرف على السرقات التي قامت بها هذه الاسرة في بلادنا. كتب لي بعضهم حول ما تمتلكه احدى أخوات هذا الرجل، قال بانها اشترت قصرا بمبلغ كبير لا اذكره تماما ولكني أذكر بانها انفقت نحو خمسة ملايين دولار على تزيين ذلك القصر بالزهور! أنا وأنتم لا نستطيع ان نفكر بذلك حتى في الأحلام، لا يمكننا ان نصدق. أنتم لا تدرون ماذا فعل هؤلاء بهذه البلاد، لا تعلمون كيف أبقى هؤلاء على البلاد متخلفة في الجانب المعنوي الى هذا الحد، أقول لا تعلمون، ولكن على الاقل في الوقت الحاضر، الآن كلنا نعلم ما هي المصائب التي حلت بنا بسبب هذه الاسرة.
فما لم تكن الحكومة صالحة فان البلاد لن ترى الصلاح. ان شخصا واحدا طالحا دمر البلاد. لقد رأينا جميعا بان هذا الفرد الطالح المسمى محمد رضا بهلوي حينما كان يريد تعين وزيراً في الحكومة فانه كان يختاره من بين الطالحين، فهو يختاره ممن ينسجمون معه!- فالطيور على اشكالها تقع واللصوص رفاق فيما بينهم! ليس بوسع اللصوص ان يكونوا رفاقا للمقدسين. وحينما كان يريد ان يعين نائبا فانه يبحث عمن ينسجم معه، فالنائب البرلماني لم يكن معينا من قبل الناس، والناس لم يكونوا احرارا خلال العقود الخمسة الماضية. لا النواب ولا البرلمان ولا الحكومة، جميعها لم يكن لها اي ربط بالشعب وكل شيء كان يستمد وجوده من الخارج.
لقد جاؤوا بهذا المخلوق الفاسد ووضعوه حاكما على بلادنا، فرضوه على بلادنا، وبلغ الأمر بان بدد كل شيء فيها ولم يكن له من شغل سوى حث الآخرين على مدحه والثناء عليه، وقد دفع الاذاعات والمطبوعات وألزمهم بترديد الثناء وكيل المديح له، فهم جميعا ملزمون بهذا الثناء!.
نموذج من مفاسد وجرائم النظام
" تأملوا في مشروعه المسمى ب- (الاصلاح الزراعي)، ولاحظوا كم تحدثوا عن هذا الموضوع وكم اعتلوا المنابر وكالوا من المديح له، والحقيقة ان الاصلاح الزراعي هذا يتلخص في تحويل كافة الفلاحين في بلادنا الى متسولين، والقضاء على الزراعة في بلادنا، واليوم اذا وضع الجميع ايديهم بايدي بعض فلربما يتمكنون بعد عدة اعوام من اعادة الزراعة الى حالتها الطبيعية.
لقد فتحوا اسواقا لامريكا، وبدلا من ان تقوم الاخيرة باحراق الفائض عندها من القمح أو إلقائه في البحر فانه كان يأخذه منها ويعطي مكانه اموالا بالعملة الصعبة، لقد أقاموا اسواقا للامريكان. وأنتم الآن ليس لديكم اي شيء، يقولون بان كل الزراعة في ايران يمكنها ان توفر احتياطيا غذائيا لثلاثين أو واحد وثلاثين يوما فقط! وايران التي يمكن لاحد اقاليمها كأقليم آذربيجان أو خراسان ان يوفر القوت لكل ايران ويقوم بتصدير الباقي، اصبحت الآن بأسرها لا توفر قوتا لاكثر من ثلاثين أو واحد وثلاثين يوما! فمن أين يتم تأمين الباقي! من أسرائيل او أمريكا أو من اماكن اخرى!.
ان هذا الدمار الذي حل ببلادنا هو بسبب هذا المخلوق الظالم الذي كتب يقول" لقد جئت لأخدم وطني"! نشر كتابا اسماه" مأمورية من أجل وطني"! وأنا قلت انه صادق في ذلك! إذ انه مكلف بتقديم خدمة لوطنه تتلخص بالقضاء على هذا الوطن، فهو مكلف بالقضاء على طاقاته المعنوية، مكلف بتوجيه أشد الضربات والصدمات لطاقات الشباب، فأكبر ضربة تلقتها هذه البلاد كانت حينما تم افساد شبانها. فقد تم سوقهم اما نحو حانات الخمور أو نحو دور السينما المنحطة أو انهم أخذوا في البراري وأقيمت لهم مراكز للفساد. ولم يبقوا لنا شابا سالما واحدا.
ان أشد الاضرار التي تحملتها هذه البلاد كانت حينما تم القضاء على طاقاتها البشرية، ونحن مطالبون اليوم بتوفير طاقاتنا البشرية للبلاد من خلال هذا الوضع.
لقد قدم خدمة للوطن! خدم الوطن! فقد قضى على زراعته بشكل كامل، اوصل ثقافته الى الحضيض، ولو كانت قد بقيت لنا ثقافة لما تمكن من خداعنا بهذا الشكل، لو كان لنا رجال مثقفون مستقلون...؟ الثقافة يجب ان تكون مستقلة ولكن هل يسمحون بذلك؟ هل تسمح اجهزة الامن لنا باصلاح ذلك؟.
ابعاد علماء الدين عن السياسة
لقد دمر اقتصادنا ولو ان الشعب أمهله لأفرغ آبارنا من النفط خلال عشرة أو خمسة عشر عاما المقبلة وتنحى جانبا! وبدلا عن النفط ماذا أعطوه؟ أعطوه اسلحة! أية اسلحة؟ أسلحة متطورة لا يمكن للخبراء الايرانيين الاستفادة منها والتعرف على كيفية استعمالها! لماذا جاؤوا بها الى هنا؟ لتصبح بلادنا قاعدة لامريكا تنفعها اذا ما نشب نزاع بينها وبين الاتحاد السوفيتي.
لقد أخذوا نفطنا وأقاموا بثمنه قواعد لهم، قواعد لو انهم ارادوا ان يقيموها من حسابهم الخاص لأنفقوا ملايين الدولارات على اي بلد حتى يجيز لهم اقامة تلك القواعد! ولكنهم بالنسبة لنا يأخذون النفط منا ويقيمون باثمانه قواعد عسكرية لهم على اراضينا. هذه هي مصائبنا. ويقولون ان على عالم الدين عدم التدخل في السياسة؟ على عالم الدين ان لا يتفوه بهذا الكلام؟ ولو تحدث حول ذلك يصبح" عالم دين سياسي".
لقد نهبونا، لقد اسقطوا اعتبار عالم الدين بين الناس وقضوا عليه، لقد فصلوا شريحة علماء الدين عن شريحة المثقفين المعاصرين بعد ان اخذوا منهم كل شيء.
لو لم يكن لهذه الثورة من نتيجة غير ما حققته من ايجاد الرابطة بين طلاب العلوم الدينية وطلاب الجامعات، لو لم يكن لها من نتيجة إلا هذه فقط فهي من أرقى المكاسب التي تحققت بفضل هذه الثورة. لو انهم يسمحون ببقاء هذا الامر، لو انهم يسمحون لهذه النتيجة ان تبقى.
اشحذوا هممكم.. يا سيدي! أن سر تقدمكم اليوم وسر انتصاركم يكمن في وحدة الكلمة. ولو انهم أخذوا منكم وحدة الكلمة فسوف تعودون الى ذات الأسر وسوف تواجهون ذات اللصوصية.
والامور اليوم ليست كما في السابق، فسابقا كنتم تعتذرون بانكم لا تستطيعون، وقد ادركتم بانكم تستطيعون، لديكم القدرة والشعب معكم، لديكم قوة في كل مدينة وكل قرية، ويمكنكم ان تقوموا كل يوم بعمل جديد، لقد أطلق العقال لطاقاتكم أيها الناس فكونوا معا! توحدوا! هذبوا أنفسكم! حافظوا على وحدة كلمتكم! فهم يسعون الآن الى بث الفرقة بينكم والاستيلاء على ثرواتكم، فلا تسمحوا بذلك، لا تسمحوا لهذه المؤامرة ان تمر. حينما كان ذلك الشخص موجودا (الشاه) كان يقوم بمثل هذه الخدع واليوم يؤدي هذا الشخص (شاهبور بختيار) نفس الدور.
قائد الشعب خادم الشعب
أسأل الله تبارك وتعالى التوفيق للجميع. لقد عدت من الخارج كي أكون في خدمتكم، أنا خادمكم، أنا خادم الشعب، جئت كي أحفظ لكم عزتكم، جئت كي أجلد باعدائكم الأرض، جئت كي أجعل هذا الشعب شعبا مستقلا، جئت كي أجعل اية حكومة تمارس دورها حكومة مستقلة، جئت كي اقطع دابر الاجانب عن هذه البلاد، جئت كي افضح اولئك الذين يريدون اعادتنا الى العهد السابق تحت شعار" الوطنية" و" الدستور" وغير ذلك. اسأل الله تعالى ان يوفق الجميع وان يعرفنا مسؤولياتنا.
* صحيفة الإمام، ج6، ص: 46,40