الموضوع: بث الفرقة بين طلبة العلوم الدينية والمثقفين لنهب الثروات
خطاب
الحاضرون: ممثلو نقابة الكتّاب الايرانيين 1
عدد الزوار: 54
التاريخ: 29 بهمن 1357 هـ. ش/ 20 ربيع الاول 1399 هـ. ق
المكان: طهران، المدرسة العلوية
الحاضرون: ممثلو نقابة الكتّاب الايرانيين 1
بسم الله الرحمن الرحيم
دور الاستعمار في بث الفرقة بين ابناء الشعب
اشكر السادة الذين شرّفونا بمجيئهم وعبروا عن لطف مشاعرهم. ان من المكاسب والثمرات التي حصلنا عليها من هذه النهضة، هو اللقاء بوجوه لم نلتقيها من قبل. لقد فصلوا فئات الشعب عن بعضها، لقد فصلوا علماء الدين عن المثقفين وعن سائر المفكرين وجعلوهم في صفين متقابلين، وان تلك المساعي كانت تبذل ليتمكن الاستعمار من نهب ثرواتنا، فقد سعوا لفصل الفئات عن بعضها، الفئة المتنورة والفئة الناشطة، واولئك الذين يتمكنون من التصدي لهم والوقوف بوجه الأجانب والتغلب عليهم، لقد بذلوا مساعيهم للحيلولة دون اجماع هذه الفئات والابقاء عليها متفرقة في جناحين مختلفين واحيانا مختلفين بشدة، ولاشك انهم قد تمكنوا من تحقيق الكثير في هذا المجال، فقد رسموا صورة عن علماء الدين في اذهانكم- أنتم أيها الكتاب والمفكرون بحيث لم تكونوا مستعدين حتى لذكرهم، كما انهم رسموا عنكم في المقابل صورة في اذهان علماء الدين بحيث انهم لم يكونوا مستعدين لذكركم أو الاشارة اليكم. ان هذه التفرقة هي التي أدت الى ان يتمكن اولئك من تحقيق مآربهم ويتمكنوا بالتالي وبمنتهى الحرية من نهب جميع ثرواتنا، وتمكنوا ودون اية عقبة من الابقاء على بلادنا متخلفة وحالوا دون تمكن طاقاتنا البشرية من التطور والنمو.
الوحدة من اعظم مكاسب الثورة الاسلامية
ويمكن القول بان من أفضل ثمرات النهضة الاخيرة، هذه الوحدة التي تحققت بين الفئات المختلفة، لقد اقترب الجامعيون من علماء الدين، واقترب علماء الدين منهم، واقترب التجار من اولئك، واقترب المزارعون من الآخرين، وترون الآن كيف أن كافة فئات المجتمع في انحاء ايران قد اصبحوا منسجمين فكريا وعقائديا متفقين على المطالبة بالجمهورية الاسلامية. وان سرنجاحنا وتغلبنا على القوى العظمى في العالم واسقاط القدرة الشيطانية، قدرة اسرة البهلوي، يكمن في توحد هذه الفئات ووحدة كلمتها. ولو كان مقرراً لعلماء الدين وحدهم ان يتقدموا لمواجهة اولئك لكانوا قمعوهم، ولو اراد الكتاب التصدي لهم بمفردهم لقضوا عليهم، ولما تمكن الجامعيون من تحقيق ذلك لو انهم تحركوا منفردين، ولما تحقق شيء لو ان التجار ارادوا القيام بذلك وحدهم، وهكذا بالنسبة للمزارعين. فان كل ما تمكنا من تحقيقه وسنحققه ان شاء الله انما كان وليد هذا التعاضد بين مختلف فئات الشعب وعلينا ان نحافظ على هذه الوحدة.
مسؤولية الكتّاب الجسيمة
أيها السادة! أيها الكتاب ان مسؤولية جسيمة تقع على عاتقكم الآن، لقد خنقوا في السابق اقلامكم، واليوم فان اقلامكم حرة، إلا ان المطلوب استخدامها في سبيل حرية الشعب وفي سبيل ترسيخ التعاليم الاسلامية. ولو لم تكن الوحدة الاسلامية لما تمكن أي عامل آخر من جمع هذا الشعب الذي ترونه ينضوي متوحدا باكمله تحت لواء الإسلام. واليوم فان الجميع من الطفل الصغير وحتى الشيخ الكبير يشاركون في هذه الثورة جنبا الى جنب، ويشاركون في هذا النصر ويتحدثون بصوت واحد مطالبين بالحرية والاستقلال وهو ما تحقق لهم والحمد لله، يطالبون بالجمهورية الإسلامية وهو ما سيتحقق ان شاء الله بالاقتراع العام.
ان الامر الضروري لنا جميعا هو الحفاظ على هذه الوحدة. ويلاحظ وقوع بعض الأزمات في الجامعة بين الفينة والآخرى. وهي أما تقع عن عمد أو عن غفلة. وفي حالة وقوعها عن عمد لا سمح الله فعلينا ان نقول بانها خيانة، اما اذا كانت عن غفلة فهي جهالة. ان هذا اليوم ليس يوما يفرط فيه الشعب بالنصر الذي تحقق له، عبر هذه الأزمات. اليوم ليس اليوم المناسب كي نشوه صورة هذه الثورة بالهجوم على المراكز العامة أو المراكز الخاصة. اليوم يوم وحدة الكلمة، وعلينا جميعا، كل من موقعه ومن سبيله ومسلكه، ان نجتمع تحت لواء واحد واذا لم نجتمع تحت لواء واحد فانهم سيقضون علينا.
مخاطر سياسة الخطوة خطوة والميل نحو اليسار او اليمين
حينما كنت في باريس، جاءني البعض واقترحوا عليّ سياسة مرحلية في التحرك، ليبق الشاه الآن وليملك دون ان يحكم، بعد ذلك نقيم برلمانا، بعدها نفعل كذا، وبعدها نخلع الشاه. وقد قلت لصاحب الاقتراح وكان انسانا مستقيما ولكن تفكيره لم يكن صحيحا، قلت له: هل تضمن لنا اعادة هذه النهضة المتفجرة اذا ما تم اخمادها؟ قال: كلا. قلت: هل تضمن اذا تركنا الشاه يتقدم الى الامام ولو خطوة واحدة، ان لا يبادر بالغدر للقضاء علينا؟ قال: كلا. قلت: ان علينا ان نستغل هذه النار التي اتقدت. واذا لم نحقق جميع اهدافنا فاننا مهزومون لا محال. علينا ان نتقدم بمطالبنا حتى النهاية. ومطلبنا النهائي هو زوال النظام الشاهنشاهي المنحوس الذي كشف تأريخه عما ارتكبه من جرائم، مطلبنا النهائي زوال اليسار واليمين واولئك الذين يريدون جعلنا أسرى لدى الامبرياليين أو لدى اليساريين. علينا ان نكون مستقلين تحت لواء الإسلام لا نميل الى اليمين ولا الى اليسار. اذا اردتم لبلادكم ان تكون مستقلة، اذا اردتم الحصول على الحرية، فتخلوا عن هذه الافكار المشتتة وتحركوا معا لايصال هذه الثورة الى مقصودها.
انتم تعلمون بان بلادنا مضطربة، كل ما فيها منهار: اقتصادنا كسيح، زراعتنا متخلفة وبشكل يجعلنا محتاجون للاجانب في كل شيء، ولم يسمحوا لصناعتنا بالتطور وقضوا على الصناعات الصغيرة، وجعلوا جيشنا بالحالة التي تعلمونها. لقد قضوا على كل شيء، قضوا على طاقاتنا البشرية. لقد بذلوا جهودهم طوال هذا الوقت كي يجعلوننا عاجزين عن التفكير. ويصبح التفكير بالاستقلال امرا ضعيفا في اذهاننا، وان لا تلتف فئات المجتمع الى ضرورة تمتعنا بالاستقلال، وان لا يفكر بامكانية سقوط النظام الشاهنشاهي، وان لا يفكروا في عجز امريكا بكل ما لديها من امكانات والاتحاد السوفيتي بكل ما لديه من امكانات، عن التدخل في شؤون ايران الداخلية.
لقد ارادوا ذلك، فارسلوا الرسائل والاشارات واطلقوا التصريحات لجعلنا نتراجع عما نريد، ولكننا لم نفعل ورأينا ان تكليفنا يكمن في التقدم الى الإمام.
وقد اجبت كل من جاء اليّ يطالبني بالتحرك الهادئ وبالوسطية وقلت لهم: ان لدينا تكليفا الهيا، وليس الامر مناط بي حتى اتساهل به، ليس بيدي ان اتحرك ببطء، انني اتحرك طبقا لتكليف الهي، فاذا قتلت فقد اديت تكليفي الإلهي، تقدمت به واديت ما عليّ من تكليف.
الحرية والاستقلال رهن الاتحاد
ان لديكم تكليفا الهيا، اتكلوا على الله واتكلوا على امام الزمان سلام الله عليه وسوف تتقدمون ان شاء الله اذا ما حفظت وحدة الكلمة والتي تعتبر سر انتصارنا. لقد انطلقنا وسوف نبلغ بهذا الامر منتهاه، ولن نسمح لاحد بنهب ثرواتنا وبترك ابناءنا الفقراء ينامون في الطرقات ودون ان يتوفر لهم طعام أو ماء. ولو اننا- لا سمح الله فقدنا وحدة الكلمة فاعلموا انهم متربصون بنا، فاذا ما جاء اليوم الذي نفقد فيه وحدة الكلمة فانهم سيهجمون علينا وسيأتون لنا بجبار آخر مثل رضا خان أو باسم آخر. سيأتون باي نظام كان يفرض علينا وسوف تعود كل الامور الى سابق عهدها ونعود بذلك الى التخلف وتلك الذلة وتلك الامور.
يجب علينا اليوم ان نحافظ على وحدة الكلمة. ترون الآن ان وحدة الكلمة موجودة بين جميع الطبقات. ان من يريدون ضرب هذه الوحدة واضعافها ويريدون اضعاف من اوجدوا تلك الوحدة، ان على هؤلاء ان يعيدوا النظر في افكارهم وان ينتبهوا. اننا نريد الخير لكم، اننا نريد الخير لهذا الشعب، فالإسلام خير لكم، والاسلام يريد لكم سعادة الدنيا والآخرة.
مصالحة الاسلام والانسجام مع الشعب
ان على من هم ليسوا على وفاق مع الإسلام ان يتصالحوا مع الإسلام. عليهم ان ينضووا تحت راية الاسلام، وان يتجهوا نحو تعاليمه ... ان هؤلاء الأجانب لم يسمحوا لتعاليم الاسلام بان تتجلى وسمحوا لفئة لا علم لها بتلك التعاليم ان تتحرك. ولكنهم حالوا دون تحرك الفئة المختصة ولم يسمحوا لنا بان نتعرف على تلك التعاليم التي تتحدث عنهم او تقف بوجه مصالحهم. لم يسمحوا لنا بنشرها والا فانتم تعلمون بان الاسلام يضم كل شيء. فان لديه احكام تتعلق بحياة الانسان من قبل ان يقترن الرجل بالمرأة وحتى ساعة نزوله في القبر، فيه احكام واوامر وجميعها اوامر وتعاليم سامية، وجميعها تهدف لتحقيق السعادة للانسان سواء في هذه الدنيا أو في الآخرة.
ما اطلبه من الكتاب هو ان يدركوا بانهم مكلفون كما اننا نحن طلبة العلوم الدينية مكلفون. استفيدوا من اقلامكم الآن وابذلوا مساعيكم من أجل هذا الشعب ومن اجل تحقيق الخير لهذا المجتمع. ادعو الله ان يمن عليكم جميعا بالسلامة والعزة.
* صحيفة الإمام، ج6، ص: 154,151
1- حضر هذا اللقاء كل من السادة: اسفنديار فرد، باقر برهام، بزرك بور جعفر، فريدون تنكابوني، اسماعيل خوئي، مصطفى راهنما، غلام حسين ساعدي، محمد علي سبانلو، جلال سرافراز، فريدون فرياد، محمد قاضي، سياوش كسرائي، جواد مجابي، محمد مختاري، نعمت ميرزا زاده" آزرم"، جمال مير صادقي، منوجهر هزارخاني، محسن يلفاني والسيدة سيمين دانشور. وقد القى باقر برهام في بداية اللقاء كلمة نيابة عن الحاضرين.