التاريخ 7 اسفند 1357 هـ. ش/ 28 ربيع الاول 1399 هـ. ق
المكان: طهران، المدرسة العلوية
الحاضرون: علماء الدين في غرب طهران
اعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
يقظة الشعب مرهونة بتوعية علماء الدين
أتقدم بالشكر لكم أيها السادة وأنا على اطلاع خلال هذه المدة الطويلة لما تحملتموه من مشاق مضنية ومن جرائم ارتكبها النظام بحقكم. اسأل الله تبارك ان يمن عليكم بطول العمر والعزة والبركة أيها العلماء الاعلام واتباع مذهب إمام العصر" سلام الله عليه". لقد جاهدتم في هذا السبيل ووعيتهم الشعب ودفعتموه للثورة، وهديتم الناس. ان علماء الدين في ايران قاموا بهداية الناس، ولله الحمد فان جهودكم التوعوية أتت أُكلها ونهض الناس باجمعهم بيقظة ووعي حتى بلغت الأمور ما هي عليه. ولكن الأمر في غاية الصعوبة من الآن فصاعدا.
الشعب ورث بلداً مدمراً
لقد تركوا لنا بلادا مضطربة، بلادا محطمة، بلادا منهوبة، بلادا مسلوبة .. دفعوا طاقاتنا الانسانية الى الوراء ولم يسمحوا لها بالتقدم .. نهبوا ثروات ايران وحملوا مجوهراتها معهم الى الخارج وتركوها مدمرة فقيرة. واليوم فانكم اذا نظرتم الى اي جانب من جوانب هذه البلاد فسترون بانه يحتاج الى سنوات وسنوات طوال من العمل الدؤوب لاعادته لما كان عليه قبل ان ينهب.
ففي المجال الاقتصادي، لدينا اقتصاد منهار بالكامل، والثقافة ثقافة استعمارية، والجيش جيش طفيلي، يشرف الآخرون على تدريبه. ان كل شيء تركوه مدمر ومنهار. لقد ورثنا بلداً مدمراً يحتاج إعادة اعماره من الأساس بهمتكم وهمة سائر الشرائح.
مشاركة الناس في اعادة الاعمار
في البدء لا ينبغي توقع اصلاح الامور بين عشية وضحاها بشكل اعجازي، لا ينبغي توقع ذلك اطلاقا، فالخراب سهل، فقد يأتي سيل ويخرب مدينة بكاملها، قد تقع هزة ارضية فتدمر مدينة ولكن اعادة اعمار تلك المدينة امر معقد للغاية.
من الطبيعي الآن ان تكون التوقعات كثيرة وتزداد بمرور الايام نتيجة الاهمال الذي مارسه اولئك في هذا المجال او ذاك خلال خمسين عاما، لقد تحمل الناس العذاب لاكثر من خمسين عاما وصبروا وهم يريدون الآن التخلص من هذا العذاب بين عشية وضحاها! وهذا امر غير ممكن. علينا جميعا ان نضع ايدينا بايدي بعض، وعليكم انتم ايها السادة المحترمين، ان تعظوا الناس وان تتضافر جهود الجميع لاعادة اعمار هذه الخربة. فالحكومة وحدها لا تتمكن من انجاز هذا العمل، كذلك فان شريحة معينة لا تتمكن من انجازه وحدها، لان الخراب لا يقتصر على جانب معين حتى يمكن لمجموعة ما اصلاحه.
ان الاوضاع تعمها الفوضى وهي بحاجة الى ان نتعاضد معاً من الآن فصاعدا لاعمار هذه الخربة. عليكم ايها السادة ان توعوا الناس عبر المساجد والمحافل العامة، بان الجميع مكلف الآن بالمشاركة في عملية الأعمار كل من موقعه وحسب طاقته.
اهمية احياء الزراعة
ان زراعتنا منهارة الآن بالكامل، وعلى السادة ان يوصوا في مجالسهم وفي المساجد بهذا الأمر، وان يرسلوا مبعوثيهم لتوعية الناس على ان الزراعة ستغنينا عن الحاجة للاجانب. فايران يمكن لاحد اقاليمها أن يلبي احتياجاتها، فمثلا لو تمت زراعة الآراضي في آذربيجان كما ينبغي لكفت غلاتها ايران باسرها. ولكن كل ما نحتاجه الآن يأتي من الخارج. فتلك الاصلاحات التي يتصورون انهم قاموا بها، أفسدت الزراعة عن عمد واصرار. لقد قال هذا التافه" لقد اخطأت" «1» لكنه كان عامدا فيما يفعل ولم يكن خطأً غير مقصود، كان عالما عامدا في تخريب هذه البلاد. لقد كان عالما عامدا بتخريب الزراعة عبر الاصلاحات الزراعية. كان مكلفاً بجعل بلادنا سوقا للآخرين، وجعلنا نستورد ما نحتاجه لنكون سوقا لهم، ولو لم يكن وضع هذا المخلوق على ما كان عليه فان بلادنا كانت تكفينا، ولكن هذا الرجل العديم الرجولة كان مأمورا، ونتيجة للعبودية التي كان فيها والمهمة التي كان مكلفاً بادائها، وأخذ كلما لدينا ورحل. فهذه هي حال زراعتنا وعلينا ان نبذل جهدا اعلامياً كبيراً، اي ان على الاشخاص الذين يحتلون مناصب عليا، وعلى الذين يطيعهم الناس والمتصدين لهدايتهم، ان يحثوهم على العودة لممارسة الزراعة واعادتها الى حالتها الطبيعية ان شاء الله بل الى حالة أفضل. ولكن لا ينبغي توقع اصلاح هذا الامر في يوم وليلة، فهذا امر غير ممكن بتاتا، وربما هذا الذي يقف وراء المراجعات الكثيرة من قبل الناس والناجمة عن ان كل واحد منهم يتوقع بعض الأمور وكل واحد يفكر في معاناته غير ملتفت لما يواجهه غيره من مصائب ولما تواجهه الحكومة من أمور. ان الحكومة الآن واينما وضعت يدها تجد خرابا يحتاج الى الاعمار والى الوقت والمال، وهي امور غير مهيأة بالكامل.
دعوة المواطنين للصبر
عليكم ان توجهوا الناس وتقولوا لهم بانكم كنتم لاكثر من خمسين عاما تتعرضون للعذاب وقد تحملتم، ذلك وقد انتهى والحمد لله، فان الاوضاع قد تغيرت بقدرة الله وعليكم الآن ان تصبروا لعدة اعوام اخرى حتى يتم اصلاح الأمور. فلديكم جيش يجب اعادة بنائه جذرياً،وزراعة يجب اعادة احيائها من الاساس والعديد من الامور المضطربة الاخرى التي يحتاج كل منها الى وقت معين. وانني أرى بان كل واحد من المسؤولين في الحكومة يأتينا سواء وزيرأو مسؤول في الجيش، يأتي السيد قرني ويأتي الآخرون وجميعهم يبدون عاجزين عن انجاز هذه المهمة على وجه السرعة، ولهم الحق في ذلك. فهم ليسوا متساهلين، انهم جادون، عاكفون على العمل ليل نهار لكن الأوضاع ذاتها لا يمكن اصلاحها في يوم وليلة، ولابد من اعانتهم على هذا الامر.
دعم الحكومة وتجنب عرقلة عملها
ومن بين الأعمال التي يمكن للسادة القيام بها مثلا للمساعدة، دعم المسؤولين الذين يتم تعيينهم في المعسكرات أو في مراكز الشرطة ومخافرها. لا تعرقلوا قرارات الحكومة، ولا يصبحن الحال وكأن حكومة تواجه حكومة اخرى لاضعافها، ادعموا الحكومة، فالحكومة الآن حكومتكم وليست كالحكومات السابقة، انها حكومتكم، انها حكومة تقوم على ارادتكم وهي بذلك تحتاج الى الدعم لا ان نقوم بمواجهة كل عمل تقوم به، لذا عليكم دعم من تعينهم الدولة في الجيش، وفي المعسكرات أو في مخافر الشرطة، لا تعرقلوا قراراتها وحثوا الناس على دعمها، ارشدوا الناس كي يقوموا بدعمها حتى تتمكن من الامساك بزمام الأمور وانهاء هذه الفوضى.
ان هذه البلاد مضطربة ويمكن اعمارها بهمتكم، يمكن اعمارها بهمة العلماء، وبهمة كافة الفئات الاجتماعية.
ضرورة مواجهة المغرضين في المعامل والمصانع
ان هناك فوضى كبيرة بعد حملة اطلاق الاكاذيب التي شنها المفسدون بين الناس، انهم يذهبون الى المعامل والمصانع ويقولون للعمال انظروا فان شيئا لم يتحقق! وهؤلاء المساكين لا يعلمون بان الامر ليس كذلك، انهم لا يلتفتون الى انهم تمكنوا من القضاء على قدرة شيطانية وعلى حكم استبدادي. فليتأملوا قليلًا هل ان رحيل اولئك لا يعني تحقق شيء؟ هل تتصورون انه وبعد رحيل اولئك، تأتي يد غيبية وتعيد الامور الى نصابها. انهم مفسدون، يريدون تضليل الناس، وعليكم ان تتصدوا لهم وان توعوا الناس.
ليذهب كل من يستطيع الى هذه المصانع ويتحدث مع العمال وليفهمهم بان هؤلاء يريدون اعادة الاوضاع الى سابق عهدها، يريدون عودة المتجبرين ولكن بأسلوب آخر. طبعا الشاه لن يعود مطلقا ولكنهم يريدون اعادة الامور الى سابق عهدها باسلوب آخر. وعوا الناس، ايقظوهم، وليذهب الى تلك المصانع بعض العلماء المطلعين العارفين وغيرهم، ليذهبوا الى هناك وليتحدثوا الى العمال، ليكشفوا لهم حقيقة هؤلاء الاشخاص. ان قادة هؤلاء كانوا يخدمون في البلاط وهم يأتون اليوم لاطلاق مثل هذه التخرصات! انهم يهجمون من كل حدب وصوب بعد ان انتصر الحفاة من ابناء هذا الشعب، انهم يأتون الى ايران للحصول على نصيبهم من هذه المائدة! ... يجب فضحهم امام الناس، وقد رأينا ان العديد من المنحطين جاؤوا من الخارج وابتدؤا بالتحدث هنا، لقد تحدثوا للاذاعة وقالوا بانه لا يمكن تطبيق الاسلام. ليخسأ من يقول هذا الكلام! عليكم ان تقولوا في المساجد بان هذا الحديث لا يليق بهم، فماذا يعلمون عن الاسلام؟! لقد ذهبوا للراحة والدعة خارج البلاد، ولما انتصر شعبنا عادوا بهذه الاوهام لعلهم يحصلون على شيء! على العلماء الاعلام ان يكشفوا عن حقيقة هذه الامور.
الاسلام جاء لرقي البشر وتقدمهم
ان الاسلام قابل للتطبيق. واذا قلنا بان الاسلام غير قابل للتطبيق فاننا نقول بان الله تبارك وتعالى ارسل احكاما ناقصة!. طبعا الاسلام يحول دون وقوع المفاسد، ويحول ... فاذا كان المقصود ان الاسلام لا يمكن تطبيقه في الوقت الراهن، اذا كان المقصود ان تبقى دور السينما لتعرض النساء العاريات وهذه الفضائح فمن الطبيعي ان الاسلام يعارض ذلك، ولكن الاسلام يقبل بكل انواع الرقي وبكل انواع التقدم. ان الاسلام جاء من أجل التقدم ومن اجل الرقي. فما تلك الا تخرصات يطلقها البعض، ان على السادة المحترمين ان يحولوا دون تكرار ذلك وان يتصدوا للنشاطات المعادية للإسلام. كذلك ينبغي للسادة اختيار اشخاص مؤهلين لارسالهم الى تلك المناطق والتحدث الى الناس وتوعيتهم.
اسأل الله تعالى ان يحفظ السادة جميعا. كما انني اعتذر منهم لأنهم جالسون هناك وانا جالس هنا، فانا وأنتم أخوة وليس هناك من قائد ومقود، نحن صف واحد جميعا نسير معا الى الامام ان شاء الله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*صحيفة الإمام، ج6، ص: 199
2011-04-30