الموضوع: مسؤولية علماء الدين الاستفتاء الشعبي البلد المأسورة للغرب والمحبطة
خطاب
الحاضرون: علماء الدين وطلاب الحوزة العلمية
عدد الزوار: 83
التاريخ: 15 اسفند 1357 هـ. ش/ 7 ربيع الثاني 1399 هـ. ق
المكان: قم، المدرسة الفيضية
الحاضرون: علماء الدين وطلاب الحوزة العلمية
اعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الدافع وراء مغادرة النجف الى باريس
رغم ان وضعي الصحي ووقتي لا يسمحان لي ولكن مع ذلك، فان الوجوه الكريمة للسادة الذين اراهم هنا والذين سيكونون فيما بعد- ان شاء الله- في موقع قيادة الاسلام وهداية المسلمين، تجعلني ملزما ان انبه الى قضية هامة وهي ان هناك امرا اخر يقترن بامالنا في تطبيقاحكام الاسلام الحقيقية بين المسلمين، وعرض الصورة الحقيقية للاسلام، وتدريس الفقه الاسلامي وتعليمه وتحفيظه لان حفظ احكام الاسلام يؤدي الى حفظ الاسلام وان حفظ احكام الاسلام مقترن بالحفاظ على طبقة علماء الدين سلام الله عليهم.
وفي الوقت نفسه ثمة أمر، وهو... كنت في النجف وكنت طالبا للعلوم الدينية وقد تركت الدرس والبحث والمطالعة وزيارة الامام عليه السلام وخرجت، لم اخرج الى باريس وانما الى الكويت، وقررت التوجه بعدها الى سوريا ولكن ارادة الله واتخاذ الامور مسيراً آخر جلعني اذهب الى باريس. وهناك اصبح الوضع افضل، اي لو كنا في لبنان او سوريا، وانتم هنا والشاه هناك لكان الأمر حتمياً ولكن ذلك السفر كان سفرا مليئا بالبركات رغم انني كنت في بلد غير مسلم.
الامر الذي اردت الاشارة اليه هو ان الفقه والدراسة والبحث يهدف الى الحفاظ على الاسلام، ولكن حينما يحل اليوم الذي يحتاج فيه الاسلام الى ان ينزل الفقهاء الى الميدان فان عليهم ان ينزلوا الى الميدان. في اليوم الذي يحتاج الاسلام ان تعطل الحوزات وينشغل منتسبوها بعمل لحفظ بيضة الاسلام، يجب ان تعطل الدروس. واليوم يوم بالغ الحساسية بالنسبة للاسلام والمسلمين وللشعب، ولعله ليس هناك من وقت اشد حساسية منه وهو اليوم الذي ينبغي فيه تقرير مصير البلاد.
تقرير مصير البلاد عبر الاستفتاء الشعبي
الان وقد زال النظام الملكي وانهار والذي كان مفترضا ان لا يكون منذ البداية فاننا محتاجون لسلسة من الفعاليات من اجل اختيار نوع الحكومة. طبعا في رأيي انا شخصيا ليس هناك من حاجة حتى لاجراء الاستفتاء الشعبي لان الايرانيين اعلنوا عن رأيهم في شعاراتهم ومطالباتهم المباشرة، ولكن تفاديا لحصول اشكالات معينة كان تعترض احدى الدول على عدم اجراء استفتاء شعبي، تقرر تنظيم هذا الاستفتاء، ولان هذا الاستفتاء استفتاء اساسي يقرر مصير البلاد، واذا اردنا اقامة حكومة اسلامية، اقامة جمهورية الاسلامية في ايران فلابد من اجراء مثل هذا الاستفتاء.
" جمهورية اسلامية" لا غير
عليه فان على السادة القادرين على التوجه الى مختلف مناطق البلاد، المناطق التي يعرفونها والتي لايعرفونها، الذهاب الى هناك وتوعية الناس ودعوتهم الى الاقتراع لصالح الجمهورية الاسلامية دون زيادة او نقصان لان الشياطين انطلقوا الآن يروجون لفكرة" الجمهورية" البحتة و" الجمهورية الديمقراطية" وامثال ذلك، لذا فان من المناسب للسادة ان يذهبوا ويزيلوا غبش هذه الشبهات عن الاذهان.
والشيء نفسه يطلب من أساتذة الحوزة الافاضل هنا، إذ ينبغي القيام بتشكيل هيئات او ارسال مبعوثيتن الى مناطق البلاد المختلفة لتوعية الناس، هذا امر يجب ان يتم. ولا يسوؤنكم ان دروسكم ستتوقف! لديكم الوقت للدراسة ان شاء الله الحمد لله فانتم ما زلتم شبانا ولديكم الوقت للدراسة انا ايضا كنت طالبا للعلوم الدينية وحينما رايت ان الامور وصلت الى هذا الحد تركت الدراسة وسافرت الى باريس وجئت الآن بينكم وما زلت معطلا لدروسي، فلا مطالعة لدي ولا دروس فانا عاكف على خدمتكم ايها السادة.
الأهداف الإلهية
على أي حال، اردت ان اقول لكم ان لا تقلقوا من ان الدراسة معطلة منذ شهرين او اربعة اشهر، لان الانسان قد يعطل دروسه احيانا للاستجمام والراحة واحياناً يعطلها في سبيل الله. وكما ان للدراسة في سبيل الله اجراً من الله وثواباً ولها قدرها عند الله تعالى، فان تعطيل الدراسة احيانا والانشغال بامر هام لعله اهم من الدراسة ذاتها قضية لها قيمتها عند الله تعالى. ان تعطيلكم للدراسة الآن وذهابكم للقرى والمدن والارياف البعيدة يحقق هدفاً إلهياً. ولا تفرقوا بين ذهابكم الى مدينة كبيرة تجدون فيها حشد كبير وبين الذهاب الى قرية صغيرة، بل ان العمل في الحالة الثانية قد يكون اولى من الاولى. ففي المدن قد تكون الفئات متعددة والامال كبيرة ولعل هوى النفس يكون اكثر هناك، اما في القرى والقصبات البعيدة فان هذه الامور تكون اقل. فتعداد السكان قليل وحركة الناس اقل والاغلبية من الفقراء والمساكين الذين يقل الطمع بينهم، لذا فان الجانب الالهي هناك يكون اكثر. فلا تسعوا الى تركيز اعدادكم في المدن الكبرى وتتركون القرى والقصبات والارياف. اسعوا الى توعية الجميع في كل مكان على ان يقترعوا في الاستفتاء لصالح الجمهورية الاسلامية، قولوا لهم ان يقترعوا لصالح الجمهورية الاسلامية حينما يشاركون في الاستفتاء وان لا يستجيبوا لاية ضغوط لزيادة او انقاص هذه العبارة. فمن الممكن ان يذهب الشيوعيون الى اطراف البلاد ويطلقوا دعاياتهم، رغم الهزيمة التي منوا بها قالوا بانهم يريدون الجمهورية الاسلامية! وخيراً فعلوا، اعني انهم استجابوا لنداء العقل وحسن التدبير والا فانهم لو لم يقولوا ذلك فان اعدادهم الحقيقية ستنكشف! لذا فانهم ورغم كونهم شيوعيين قرروا ان يصوتوا لصالح الجمهورية الاسلامية كي لا تنكشف اعدادهم وكي يقال ان جميع الايرانيين اقترعوا لصالح الجمهورية الاسلامية.
تغلب القبضات المحكمة على القوى المسلحة
عموما نريد" الجمهورية الاسلامية" فحسب. وانا ساقترع لهذا فقط، سالقي برأيي في صندوق الاقتراع ان شاء الله ورأيي مثل ارائكم هو لصالح" الجمهورية الاسلامية"، واذا تابعتم هذا الامر ان شاء الله والامل ان تتحق لكم النصرة في ذلك وستحقق ان شاء الله فان الله معكم وسيرعاكم، والدليل على رعايته لكم هو هذا النصر الذي حققناه. فنحن لم نكن شيئاً هذه البنادق التي ترونها جاءت بعد تحقيق النصر فقبل النصر لم يكن هناك اي بنادق- لم يكن لدينا شيئ، لم يكن لدينا غير الانين وصرخات المعاناة والألم وقبضة جديدة. والله اراد ان تنتصر هذه الصرخة وتلك القبضة وأنين الناس، تنتصر على القوى الكبرى والقوة التي كانوا عليها وما توفر لهم من العدد والعتاد، لقد فرق الله جمعهم، ودفع ابناء الجيش للالتحاق بالشعب بعد ان رأوا اننا نريد خيرهم، بعد أن رأوا ان علماء الدين يريدون خيرهم، حينما فهموا ذلك التحقوا بالشعب، القوة الجوية التحقت بالشعب وجميع قوات الجيش التحقت بعد ذلك وهذا ما حقق لنا النصر، وما كان لكل ذلك أن يتحقق لو لم يخصنا الله تعالى بلطفه وعنايته.
نظرة الى الحكومة الالهية وحكومات الطاغوت
ستنتصرون ان شاء الله ستقام حكومة عدل اسلامي بالتدريج ان شاء الله، وسيفهم الناس والعالم معنى الاسلام ومعنى الحكومة. هل ان الحكومة هي ما كانت موجودة حتى الان؟ سنفهم بعد ان رحل الحاكم الجائر، ماذا اخذ معه من الكنوز وماذا سرقوا وأودعوه في البنوك. لقد نهبوا اموال الشعب وفروا، هل هذه هي الحكومة ام تلك التي اذا اراد الحاكم فيها ان يتناول غذاؤه لايتناول سوى خبزا يابسا وقليلا من الملح؟
في الليلة التي استشهد امير المؤمنين في صباحها التالي، حينما جاءوه بالطعام على ما ينقل، يرى انهم جاءوه باللبن والملح والخبز، الخبز الذي اعتاد على اكله ليس خبز" السنكك" 1 الذي تأكلونه انتم، الخبز الذي كان يأكله، يروى انه قال: متى رأيتموني اكل صنفين من الطعام حتى جئتموني به اليوم؟! فاستبعد الملح، وينقل انه اقسم عليهم ان يستبعدوا اللبن فاستبعدوه واكل لقمتين مع الملح 2 وفي صباح اليوم التالي استشهد. لم يعترض ولم يكن لديه شيئ، كان لديه اموالا ولكنه أوقفها. حينما حفر البئر بيديه ورأى الماء قال: بشر الورثة 3 ولكنه لم يترك شيئا للورثة، جعله وقفاً.
هل اسلوب الحكم هذا هو الافضل ام الحكومات الجائرة؟ هل حكومة الرسول الاكرم افضل بحيث انه حينما كان يجلس مع أصحابه في المسجد وياتي احدهم فيسأل من منكم رسول الله؟ ام ما يحصل من تشريفات بحيث تجعل اي واحد يفهم بان الحاكم هو من يحضى بكل هذه التشريفات؟
هذه هي حكومة الاسلام. طبعا نحن لا نستطيع اقامة حكومة كهذه، ليس باستطاعتنا ذلك ولكننا نستطيع ان نقترب قليلا من اسلوب هذه الحكومة. نستطيع قطع ايدي اللصوص، والحمد لله فقد تم قطع ايدي اغلبهم. لقد تم قطع ايدي كبرائهم الذين سرقوا اموالنا وثرواتنا ووضعوها في البنوك ونأمل ان نتمكن من وضع ايدينا على تلك الاموال ومصادرتها منهم، أن نتمكن من مصادرة تلك الاموال التي سرقوها واخذوها.
ضرورة التعريف بالحكومة الاسلامية
على أي حال آن اوان العمل لاقامة الجمهورية الاسلامية واستطلاع رأي الناس، وندعو الناس ان يقترعوا لصالح الجمهورية الاسلامية، والجميع احرار ولكن عليكم ان توجهوهم. ليس في الامر من الزام بحيث يجري وضع رجال شرطة كالسابق لاجبار الناس على الادلاء برأي معين، وحينما لايتمكنون من اجبار الناس على الادلاء برأي معين فانهم كانوا يضعون اراء من عندهم! فهم يضعون الاراء في الصناديق وهم يفرزونها وانتهى الامر. كلا الناس احرار ولكن عليكم انتم ان توجهوهم. ان ابناء شعبنا مسلمون ويريدون الاسلام، انتم أوضحوا لهم الاسلام، أوضحوا لهم سمات الحكومة الاسلامية، أوضحوا لهم احكام الاسلام وقولوا لهم: اذا اردتم حكومة العدل الاسلامي، اذا اردتم ان تكونوا مرفهين، اذا اردتم لفقرائكم ان يكونوا مرفهين، اذا اردتم لاغنيائكم ان لايظلموا الفقراء، اذا اردتم ان لا تظلمكم الحكومة، اذا اردتم ان لا يتمكن مفوضو الشرطة في المستقبل من الحاق الظلم بكم، فاقترعوا لصالح الجمهورية الاسلامية حتى يجري ان شاء الله تطبيق الاسلام واحكام الاسلام، والامر يستغرق وقتا طبعا. فان الخراب قد بلغ حدا في هذه البلاد بحيث لا يمكننا تصوره. ان هناك دمارا كبيرا في ادارات الدولة وفي الوزارات مما لايمكننا اصلاحه بهذه السرعة.
الاعتراض على الأوضاع الطاغوتية في الوزارات
ان هذه الوزارات اقول هذا حتى يبلغ اسماع الحكومة، فقد نقل لي ان الامر كذلك ما زالت على ما كانت عليه في زمن الطاغوت. فالوزارات الاسلامية لايجب ان تقع فيها المعاصي. لاينبغي تأتي النساء الى الوزرارت الاسلامية عاريات، يمكن للنساء ان يذهبن ولكن يجب ان يذهبن بالحجاب. ليس هناك من مانع من ذهابهن الى الوزارات ولكن ذهابهن يجب ان يكون من اجل العمل، ويجب ان يكن بالحجاب الشرعي وان يحافظن على الحدود الشرعية. لا ينبغي ان تستعمل آنية الفضة والذهب، وهو الامر المنصوص على حرمته اسلاميا. لا ينبغي ان تبقى تلك الزينة الخارجة عن الحد والتي تستعمل هنا وهناك. ضعوا هذه الاشياء في البنوك، في الخزانة ثم انفقوها لصالح الشعب، فالشعب يطمح للعدالة لا للغرف الفارهة. الشعب يريد وزارة، وزارة اسلامية، لا قصرا للعدلية، او قصرا لرئاسة الوزراء او قصرا لوزارة المالية، قصور! قصور! القصور هي من اموال الشعب. ان هذه الزينة الموجودة في هذه القصور اغلبها او بعضها من المحرمات وعلى الحكومة ان تلتفت اليها حتماً إن الحكومة التي تقول بانها حكومة اسلامية وهي كذلك يجب ان لا تتأثر ببعض الامور وتبقى على الوضع كما كان في عهد الشاه محمد رضا. فما هو عملكم اذا؟ انت يامن تقول بانني مسلم، ما هو دورك؟ هل ينبغي علينا ان نتحدث اليكم واحداً واحداً؟ هل يجب ان نشير الى الامور واحداً واحداً؟ هذه الامور يجب اصلاحها وانتم" اعضاء الحكومة" اعلم انكم مسلمون جميع هؤلاء او بعضهم انا اعرفهم وبعضهم الاخر عرفوني به هؤلاء جميعهم متدينون، مسلمون، لكنهم ضعاف النفوس! يخشون ان يأتي احد الضيوف الاجانب ذات يوم ليزور قصر العدلية او قصر رئيس الوزراء فيرى هناك محيطا بسيطا، هل يجب ان تكون الامور بالطريقة الغربية حتما؟!
تنامي القوة الروحية في ظل تجنب زخارف الدنيا
انهم ضعفاء يااخي! وماداموا ضعفاء فانهم سيبقون تحت تاثير الاقوياء. حينما تصبحون اقوياء النفوس ولا تكترثون لهذه الزخارف، حينها فقط سيحسبون لكم حسابا. طالعوا عصر صدر الاسلام وانظروا كيف كانت الاوضاع. انظروا كيف كانت حياة اولئك الذين فتحوا البلدان، الذين بسطوا سيطرتهم على العالم، الذين اظهروا قدرتهم للعالم اجمع؟. حينما رأى الشبان المسلمون فرشا من الحرير قد وضع في احدى دور السلطنة قالوا: رغم ان الاسلام لم يحرم الحرير كفراش ولكنه حرمه كلباس لذا فاننا لن نجلس عليه، ورفعوا الحرير بطرف سيوفهم وجلسوا على الارض 4. كانوا آدميين واقوياء. ومن كان على رأس الامور كان يعيش على اوطأ مستوى: لعل في اليمامة او على الحدود من لاعهد له بالقرص، فإن عليَّ انا الموجود هنا ان تكون حياتي معتمدة على لقمة خبز وقليل من الملح. هكذا كانت حكومتنا. نحن طبعا لا نملك هذه القدرة، هم قالوا لنا انتم لا تستطيعون على مثل هذه الحياة ولكن" اعينوني بالورع والاجتهاد بالتقوى والورع والاجتهاد" 5 اعينوا امير المؤمنين سلام الله عليه.
على الحكومات ان تفهم بان القدرة ليست في ان يكون الاناء من الذهب او من الفضة، ليست القدرة في ان تكون الستائر كذا، العظمة والسمو ليست في ان تكون الستائر كذا او الاثاث كذا وكله من مال هذا الشعب الضعيف! ان يعيش ابناء هذا الشعب في المغارات وانتم تعيشون في قصور العدلية ورئاسة الوزراء؟! اصلحوا انفسكم، واذا لم تشرعوا من انفسكم فانكم لن تتمكنوا من اصلاح الآخرين. اصلحوا وضع الوزارات، ان كل ما نعانيه نتيجة تأثرنا بالغرب. لقد كنا لسنوات طويلة تحت وطأة الغرب. تحت وطأة امريكا، لقد انسنا تلك الأوضاع فاصبحت قلوبنا غربية الهوى وتغيرنا الى اناس غربيين.
التغير الاعجازي للشعب بسبب الاسلام
ولا يمكنكم العودة عن ذلك بهذه السرعة، ولكن اشحذوا هممكم للعودة عن ذلك. مازلتم على وشك الوقوف على اقدامكم ومازالت السمات غربية؟! مازلتم على وشك الوقوف وتطرح قضايا من قبيل" الجمهورية الديمقراطية"؟! يعني جمهورية غربية؟! اننا مستقلون، نريد ان نكون مستقلين. ديننا الاسلام، قوانينا قوانين الاسلام، قوانين الاسلام الغنية. كل شيء يجب ان يتغير. امير المؤمنين يقول في بعض مقولاته وليست لدي ذاكرة تبقى فيها الموضوعات لتغربلن غربلة وليقلب عاليكم اسفلكم واسفلكم عاليكم كما يقلب الارز في الطنجرة (1).
عليكم ان تتبدلوا وتتحولوا كما تمكن شعبنا من التبدل خلال فترة وجيزة، وهو أمر اعجازي ان يتحول ابناؤنا من حالتهم السابقة التي كانوا فيها يحسبون حسابا لمفوض الشرطة، كانت اسواقنا تخاف من مفوض الشرطة، أن يتحولوا الى درجة لا يحسبون فيها حساب للرجل الاول في البلاد! كانوا في يوم يخشون من ذكر اسم الشاه والاساءة اليه وهم في بيوتهم، ونزلوا في يوم اخر الى الشوارع وهم يصرخون" الموت للشاه" هكذا تحولوا. فما جرى ليس جهدي وجهدك! الدور كله للاسلام.
الاهتمام بسكنة الكهوف
تمسكوا بالاسلام. غيروا انفسكم. إن نقطة الانطلاق هي أن يغير الانسان نفسه وأن ينأى بنفسه عن التأثر بالغرب. فهل من المحتم ان تكون وزاراتنا مملوءة بكل هذه التشريفات بحيث ان من يدخلها يتخيل انه في مكان غير ايران؛ في مكان آخر، في محيط آخر؟! والحال انك حين تأتي الى سكنة بيوت الصفيح، فقد كتبوا لي ذات يوم بان عدد المحلات السكنية في طهران من سكنة الكهوف والاكواخ وبيوت الصفيح كتبوا لي بأنها تزيد على ثلاثين محلة في طهران وحدها وهي من بركات" الاصلاحات الزراعية" التي اجبرت الناس على ترك قراهم والمجيئ الى هنا للحياة بهذه الطريقة المضنية. وقبل عدة ليالي عرض التلفزيون لقطات من الحياة التي يعيشها هؤلاء. ولو كان الانسان منصفا، لو كان لديه القليل من الانصاف، فما هو مدى التأثر الذي يجب ان يصيبه لوجود جمع من المسلمين، من البشر، يعيشون هذه الحياة ونحن لا نفكر بهم.
تأميم ممتلكات النظام البهلوي
حينما كنت في طهران طرحت هذا الموضوع وطالبت بمصادرة جميع الممتلكات لا اقول انها كانت ممتلكاتهم كل الاموال التي اغتصبها واستحوذ عليها محمد رضا خان واباه وحاشيته من هذا الشعب، يجب مصادرتها وانفاقها على الفقراء، وهذا الامر لايرتبط بالحكومة، فهي غنائم حصلنا عليها عبر ثورة هذا الشعب اي يجب انفاقها على ابناء الطبقة الثالثة.
اعدوا احصائية باولئك الذين قتلوا اعدوا تلك الاحصائية حينما تتمكنون من ذلك، على الكل ان يساهم في ذلك اينما كان وانظروا اذا كان فيهم احد ابناء المسؤولين او كبار التجار أو من الخوانين أو كان فيهم من الجنرالات او الوزراء او الشيوعيين، اعثروا عليهم واخبرونا! كل الضحايا كانوا من المسلمين الذين خرجوا الى الشوارع ورددوا شعار" الموت للشاه" و" نريد الجمهورية الاسلامية"، كل قتلانا هم من هؤلاء الحفاة كل من شارك في هذه الثورة هم من أبناء السواد الأعظم لهذا الشعب المسلم. ومن هنا ينبغي توزيع الغنائم عليهم، على الفقراء الذين تعرضوا للمصائب، وقدموا الشهداء، ينبغي توزيعها على العجائز اللاتي قتل ابنائهن. ان هذه الاموال المنهوبة يجب ان تستخدم لتامين حياة كريمة لهؤلاء، ولاشك أنها ستفيض عن ذلك، ستفيض كثيرا.
هل يمكن ادارة بلاد باللصوصية التي كانوا يمارسونها! هذا مقدار مما تم ضبطه في ايران وحدها. اما ما هو موجود في الخارج والذي كتبوا عنه اخيرا كتبوا عنه بانه يعادل نحو 15 مليار دولار او 23 مليار دولار! 23 مليار دولار تعادل نحو 23 الف مليون دولار! واذا اراد البهلوي ان يصفّها الى جنب بعض فإنها ستبلغ كوكب المشتري! انها الاموال التي اخرجوها مؤخرا من ايران فحسب. أما ما لديهم في بنوك سويسرا فحدث ولا حرج ولا يعلم بها غير الله ونحن لا نستطيع تصورها.
ان ما ذكرته هو من املاك ذلك القزم وحده دون حاشيته. السيدة فرح كانت تأخذ 50 مليون تومان من اموال النفط شهرياً. 50 مليون من اموال النفط فقط، عدا الموارد الأخرى، إذ إنهم كانوا شركاء في كافة الشركات الموجودة في ايران، كانت لديهم اسهم، كانوا مساهمون في تلك الشركات لا عن طريق شراء الاسهم! فاصحاب المعامل والمصانع كانوا يشركونهم معهم من أجل أن ينهبوا الناس، وإذا لم يكونوا من الناهبين فانهم يشركون هؤلاء اللصوص كي يبقوا بعيدين عن انظار السافاك وفي مأمن من أزلامهم، يجعلونهم من رفاق القافلة!
سياسة الخطوة خطوة
حينما جئت من طهران وجاء السادة الى هنا، قلت لهم بان القضية يجب ان تكون كذلك وهم كانوا يعتزمون ذلك ايضا، ولكن يبدو انهم يتبعون سياسة الخطوة خطوة، وكان البعض يتصور بأن علينا ان نتحرك خطوة خطوة في هذه الثورة والان فاننا قد خطونا الخطوة الاولى... وحينما جاءني ذلك السيد الى باريس وطرح هذا الموضوع قلت له: في الخطوة الاولى سيكسروا أرجلكم!
اسال الله ان يمنَّ عليكم بالسلامة والصحة والعافية، وأرجو أن تكونوا جند الله كما هو معروف عنكم، اي ان تعملوا في سبيل الله. اسأل الله ان يسعدكم جميعا في الدنيا والاخرة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
* صحيفة الإمام، ج6، ص: 263,257
1- هو نوع من الخبز الشائع في ايران.
2- راجع بحار الانوار، ج 42، ص 226.
3- راجع بحار الانوار، ج 41، ص 39.
4- راجع: تاريخ الطبري، ج 3، ص 518 الى ص 519.
5- اشارة الى ما ورد في رسالة امير المؤمنين علي ابن ابي طالب عليه السلام الى عثمان بن حنيف. راجع: نهج البلاغة الرسالة رقم 45.