الموضوع: استعراض منجزات الثورة الاسلامية
خطاب
الحاضرون: جمع من الاطباء والممرضين العاملين في مدينة قم
عدد الزوار: 77
التاريخ 16 اسفند 1357هـ.. ش/ 8 ربيع الثاني 1399 هـ.. ق
المكان: قم المقدسة
الحاضرون: جمع من الاطباء والممرضين العاملين في مدينة قم
اعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
وحدة الروح والجسد
ان احد المكتسبات التي تمخضت عنها هذه الثورة هو اننا اصبحنا نلتقي بعض الوجوه التي لم نكن نعرفها من قبل. فقد كنا سابقا ونتيجة للنشاطات التي يقوم بها الاجانب وعملاؤهم، بعيدين عن بعضنا لفترة طويلة، كانت كافة الفئات منفصلة عن بعضها. ان قوتنا نحن اعني علماء الدين وقوتكم انتم الاطباء مختلفة: فالعلم علمان علم الابدان وعلم الاديان (1).
ان الروح والجسد متحدان فيما بينهما: والجسد هو ظل الروح، والروح هي باطن الجسد، والجسد ظاهر الروح وكلاهما واحد لايفترقان عن بعضهما. فكما ان جسد الانسان وروحه متحدتان، ينبغي ان يكون طبيب الجسد وطبيب الروح متحدان ايضاً، عليهما ان يكونا واحدا، ولكن مع الاسف فقد جرى تفريقنا. لقد فرقونا عن بعض. إذ ألقوا علماء الدين اما الى النسيان الى وادي النسيان او الصقوا بهم ما ليس فيهم. لقد اسقطوكم في نظرنا واسقطونا في نظركم وهي جريمة ارتكبت على مدى نحو ثلثمائة عام بواسطة الاجانب او عملائهم. لقد فصلوا الجامعات عن مدارسنا، بل جعلوا كل واحدة منها معارضة للاخرى، وفصلوا فئات الشعب عن بعضها وهي جريمة كبرى ارتكبت بحقنا وبحق شعبنا، وهي التي اوصلتنا الى هذا المصير.
مؤامرة الاجانب في تفرقة الشعوب
ولم يكتفوا بفصل فئات الشعب عن بعضها بل فرقوا الشعوب عن بعضها، بحيث ان الشعب الايراني مثلا ليست له علاقات بالشعب التركي واذا لم يكونا مختلفين فانهما ليسا متفقين فهما ليسا مكترثين ببعضهما، ولو حلت مصيبة باخواننا الاتراك او باخواننا العرب فان الفرس لايكترثون، والعكس صحيح. فلو ان مصيبة حلت بنا فان هؤلاء لايكترثون. عدم الاكتراث هذا اوجده عملاء الاجانب، إذ سعوا لايجاد الخلافات بين الشعوب، واذا لم يتمكنوا من ذلك فانهم يزرعون الغفلة وعدم الاكتراث. فقد استغفلونا عن مقدراتنا وعن مقدرات اخواننا.
علينا من الآن وصاعدا ان نسعى بجدية للحفاظ على هذا الوعي الذي تحقق في أوساط شعبنا.
الاضرار الناجمة عن الغفلة
اننا نتحمل ومنذ ما يزيد على الثلثمائة عام الاضرار الناجمة عن هذه الغفلة، والشيوخ الذين يبلغون من العمر ما ابلغه او اقل، تحملوا على مدى خمسين عاما ونيف العذاب الاليم الذي صب على هذه الطائفة. وانتم ايضا ايها الشبان سمعتم ورأيتم الكثير خلال ما يزيد على العشرين عاما. لقد نهبوا ثرواتنا وقضوا على طاقاتنا البشرية التي تفوق ثرواتنا المادية اهمية. فالافراد الذين كان ينبغي ان تكون مقدرات البلاد بايديهم ويعملون على اعمارها معنويا وماديا، سلبوهم من بين ايدينا او انهم دفعوهم نحو مراكز الفحشاء. فقد جعلوا مراكز التعليم مراكز للفساد والفحشاء، فدور السينما التي تعتبر مراكز للتعليم في سائر انحاء العالم والاذاعة والتلفزيون التي تعد مراكزاً تعليمياً لكافة الفئات والتي يجب ان تعكف على تعليم الشعب بأسره، جعلوها كلها بشكل اخر، فدور السينما تحولت الى مراكز للفحشاء، ورأيتم مستوى دعاياتهم في الإذاعة والتلفزيون.
القضاء على ثقافة النظام البهلوي
ان تلك المراكز التي اصبحت اليوم في خدمة الاسلام لابد من اصلاحها، وكذا تلك الاجهزة التي تمارس نشاطها في هذا المجال ينبغي إصلاحها، فبقايا النظام الفاسد موجودة لحد الآن، موجودة في مطبوعاتنا وفي صحفنا ومجلاتنا، بقايا الفساد مازالت موجودة الآن وينبغي اصلاحها ولو بالتدريج. ان الاخلاق الفاسدة التي اوجدوها في شباننا لازالت بقاياها قائمة ولابد من إصلاحها تدريجيا. الله وحدة يعلم ماذا فعلت مراكز الفحشاء هذه بشباننا، فقد اعدوا لهم كل شيء لاستغفالهم عن كل شيئ، اقاموا مراكز الفحشاء وقدموها لهم مجانا، دعوهم اليها وجروهم الى تلك المراكز لينسوهم مقدرات بلادهم.
انتصار الايمان على القوى المادية
انني اشكر الله على ما حصل لشعبنا خلال هذه المدة القصيرة من تغيّر جذري. فقد اصبح شباننا مهتمون بالقضايا المعاصرة، واشاحوا بوجوههم عن اكثر الامور التي كانوا يهتمون بها سابقا، وتخلوا عنها. لقد حدث تغير معنوي ما كان له أن يتحقق لولا عناية الله وارادته. والا فليس بالإمكان ايجاد مثل هذا التغير الروحي في جميع الفئات. لقد ذكرت هذه القصة كرارا ان عريفاً اذا جاء الى البازار واصدر امرا فان الجميع يطيعونه ولايعتقدون بوجود اي حق لهم في التسأؤل عن السبب، لايعتقدون بحقهم بذلك ولايمارسون هذا الحق، لقد جعلوا وضعهم الروحي بطريقة تجعلهم يطيعون طاعة عمياء! وكذلك كان جيشنا، إذ جعلوا أفراده يطيعونهم كقطيع الغنم! تلفهم الطاعة من رؤوسهم الى ارجلهم سواء كان الامر امر السلطان او امر الله، فهذه الجملة" امر الله او امر الشاه" كانت تحقن في اذهان اطفالنا منذ الصغر.
هكذا كانت الأوضاع في عهد الشاه. ولكن وخلال عام او عامين حدث تغيير في شعبنا الذي كان يخاف من مفوض الشرطة بحيث اصبح يهاجم الدبابة ويقولون للشاه ما شاءوا الى ان طروده. ان هذا الشعب الذي كان الى الامس القريب يخاف اصحاب الرتب العسكرية ويخشاهم، رفع قبضتهووقف بوجه الجميع وطردهم. وهذا ليس سوى تغيير الهي وإرادة إلهية. انه الايمان، ولولا وجود الايمان ما كان لشيء ان يحصل، القضية تحتاج الى ايمان، والايمان بالله هو الذي احدث كل هذا، الايمان بمبادئ الاسلام هو الذي احدث كل هذا. الجميع معا قالوا بصوت واحد نريد الاسلام وهذا هو الايمان. انها قدرة الايمان التي انتصرت والا فنحن لا نملك شيئا. لقد خرج ابناء شعبنا بسكاكين المطابخ وبالعصي وتمكنوا من التغلب على الدبابات والمدافع والرشاشات وغيرها، حيث كان ابناء شعبنا يرددون" إن هذه الاسلحة لا اثر لها بعد الآن" 1 في مقابل الايمان، وبالفعل لم يكن لها تأثير ولم تتمكن من فعل شيء.
منجزات الايمان ووحدة الكلمة
حافظوا على ايمانكم أيها الأخوة! حافظوا على ايمانكم بالله وحافظوا على وحدة الكلمة وصونوا هذه الثورة. فكل ما لدينا هو من الايمان ووحدة الكلمة. وقد حاولوا سلبنا الايمان ووحدة الكلمة، ولكن الله كان معنا وغيّر بلداً بكامله وشعباً بكامله بعد ان كان أبناؤه غير مكترثين بالأمور الدينية. لقد غيرهم الله بطريقة جعلتهم يتحملون مسؤولياتهم إذ نزل الجميع الى ميدان المواجهة متسلحين بالايمان.
ان هذا الشعب الذي كان ابناؤه مختلفون فيما بينهم- هذي المدينة مع تلك وفي المدينة الواحدة هذي المحلة مع تلك وهذا الشاب مع ذاك- فجاة حدث فيهم تغير الهي وظهر حس التعاون فيما بينهم.
ينقل لي احد اصحابي انه رأى اثناء اندلاع المظاهرات في طهران، امرأة عجوز تمسك بيدها اناء فيه قليل من النقود فقلت في نفسي لابد ان هذه المرأة تريد ان تجمع بعض المال من هذه التجمعات، فاقتربت منها وسألتها: ماذا تفعلين ايتها المرأة فقالت: ان الاسواق معطلة اليوم ولابد ان الناس يحتاجون اجراء بعض المكالمات الهاتفية وقلت انني اتمكن من القيام بهذا الامر من خلال توفير قطع نقدية يستعملها الناس لاجراء اتصالاتهم الهاتفية.
لقد ظهر هذا المستوى من الحس بين الناس، ظهر هذا القدر من حس التعاون بحيث ان المتظاهرين حينما يخرجون الى الشوارع فان سائر الناس تخرج معهم او تعينهم من داخل بيوتهم. ان هذا التحول ناجم عن ارادة الله.
" جمهورية اسلامية" لا غير
توكلوا على الله. اذا تم نزع هذا الايمان منا لاسمح الله- اذا تمت مصادرة هذا التوكل على الله من نفوسنا فان وحدة الكلمة ستنتزع منا ايضا، وسوف نعود لاسمح الله الى مصائبنا السابقة. ادعوا الناس، ادعوا الجميع ان يقترعوا في هذا الاستفتاء الشعبي للجمهورية الاسلامية لا اكثر ولااقل، لا يسقطون منها كلمة ولايضيفون اليها كلمة. ان الشياطين يريدون اسقاط كلمة منها او اضافة كلمة إليها. انتبهوا الى ذلك وادعوا الجميع للحذر.
انني اشكر جميع الاطباء الايرانيين ومادمت في قم فانني اشكر اطباء قم وكافة المستشفيات على ما ابدوه في هذه الاحداث من شعور بالمسؤولية وماقاموا به من اداء لوظيفتهم. عرّفكم الله جميعا بمسؤولياتكم، وهذا دعاء عظيم، ومنَّ عليكم جميعا بالسعادة والسلامة، وانقذ بلادكم بمشيئته من شرّ الاجانب. ودمتم في رعاية الله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
* صحيفة الإمام، ج6، ص: 272
1- اشارة الى شعار معروف كان المتظاهرون يرددونه ايام الثورة" المدفع، الدبابة، الرشاشة، ليس لها اثر، حتى اذا اطلقت علينا رصاصها ليلا نهارا".
2011-04-30