التاريخ: 18 اسفند 1357 هـ. ش/ 10 ربيع الثاني 1399 هـ. ق
المكان: قم، مقبرة البقيع
المخاطب: مواطنون من مختلف الفئات الاجتماعية
اعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
دور الشعب في انتصار الثورة
تحية لشهداء طريق الحق والحرية! السلام على الشهداء في مختلف انحاء ايران! تحية للشهداء الذين سقطوا في قم! تحية لكم ايها الشبان المخلصون! تحية للنساء والشبان الواعين في قم! تحية للنساء والشبان في كل انحاء ايران!
لقد فارقتكم في وقت كان شباب اليوم اطفالا صغار، وعدت اليكم اليوم وقد فارقنا عدد من هؤلاء الشباب، فلم نر اغلبهم، لم نلمس طباعهم وسجاياهم، استشهدوا وحصلوا على وسام الشهادة في سبيل الإسلام، حصلوا على وسام الشهادة في طريق القرآن الكريم، حصلوا على وسام الشهادة في سبيل الحرية والاستقلال، حصلوا على وسام الشهادة في سبيل الاهداف الاسلامية العليا وحكومة العدل الإسلامي" الجمهورية الاسلامية".
لقد اصبح لكم حق على الإسلام ايها الشباب الايراني البطل، أيها الشباب القمي الشجاع.
ان الاسلام يمن على الجميع، ولا منّة لنا على الاسلام، فان لكم المنّة عليّ، ان لكم ايها الشعب الايراني وانتم يا ابناء قم المحترمين لكم المنّة عليّ، فانتم الذين اوصلتم الثورة الاسلامية الى نتيجتها، انت ايها الشعب الايراني العظيم، وانتم يا اهالي قم الاماجد الذين تمكنتم من الانتصار بقبضاتكم الخالية على الدبابات والمدافع والرشاشات.
الاسلام وبطولات الشيعة
لسنا نادمون على ما اريق من دماء شباننا الزكية في طريق الاسلام، لسنا نادمون ان الشهادة اصبحت نصيبا لاعزتنا، فهذا نهج مرضي لشيعة اميرالمؤمنين منذ صدر الاسلام وحتى الآن. فالإسلام اقترن دائما ببطولات الشيعة، فقد انتشر الإسلام في ايامه الاولى نتيجة للجهاد الذي قاده اميرالمؤمنين" سلام الله عليه" بطل الإسلام العظيم، بطل الدنيا. فقد كان اميرالمؤمنين" سلام الله عليه" وشيعته المقربون روادا في الحروب التي خاضها الإسلام، كذلك اولاده الطاهرين مثل سيد الشهداء" سلام الله عليه" الذي انتفض ونهض واعطى دمه في سبيل الإسلام، أو سائر ائمتنا الذين كانوا ينشرون الإسلام ومفاهيم القرآن خلف حجاب التقية ثم جاء بعدهم ثلة واجهوا دكتاتوريات عصورهم ووقفوا بوجوههم، هؤلاء هم شيعة علي" عليه السلام" الذين توالت ثوراتهم حتى عصرنا الحاضر فقد نهض شيعة علي" عليه السلام" لمواجهة الجبابرة.
في عصرنا الحاضر كنتم انتم يا شيعة الإسلام الاماجد الثلة التي وقفت بوجه الديكتاتوريات والقوى العظمى وانتصرتم بقبضاتكم الخالية على الدبابات والمدافع، فالإسلام بقي حيا بطائفة الشيعة، والثورات المتتالية لشيعة علي" عليه السلام" هي التي احيت الإسلام.
ماهية الثورة
ان هذه الثورة التي انطلقت شرارتها الاولى في الخامس عشر من خرداد وبقيت حتى الآن- والأمل يحدونا ببقائها حتى تحقيق جميع اهداف الإسلام- هذه الثورة ثورة اسلامية، ثورة ايمانية، لم تتبع اية ثورة اخرى.
كلنا نعلم ان الخامس عشر من خرداد كان منعطفا في التاريخ ولم يتبع ثورات اخرى او حركات اخرى. ان هذا الشعار يجب ان يبقى محفوظا وهو ان هذه الثورة ليست" ثورة وطنية"، هذه الثورة" ثورة قرآنية"، هذه الثورة" ثورة إسلامية".
فشعب ضعيف لم يمتلك شيئا تمكن من الانتصار على قوى عظمى وقوى شيطانية كانت تمتلك كل شيئ، كانت مدججة بالسلاح، فلا يمكن لقوى وطنية ان تحقق هذا الانتصار، ان الشعب الذي تمكن من ذلك انما تمكن لانه راى الشهادة أمنية.
كان بعض الشباب يطلبون مني ويقسمون عليّ ان ادعو لهم بالشهادة، والنساء اللاتي قدمن ابنائهن كن يفتخرن بانهن قدمن شهداء، وبعضهن ممن بقي لها ولد واحد كانت تقول ارغب في تقديم هذا أيضا!
هذه ليست قوة وطنية انها قوة الايمان، انها قوة الإسلام، فلا ينبغي خلط الأمور ولا ينبغي الاشتباه في تفسير ذلك. انه الإسلام الذي تمكن من التغلب على القوى العظمى، انه الإسلام الذي جعل ابنائكم يتطلعون الى الشهادة، انها قوة الايمان التي جنّدت الناس من اقصى ايران الى ادناها، انها يد الغيب الإلهية التي جعلت الايرانيين من اقصى البلاد الى ادناها، ومن الفتى اليافع الى الرجل العجوز المريض، أن يكونوا صوتا واحدا ويتحركوا نحو هدف واحد. ليس هناك من جبهة تتمكن من انجاز هذا الامر، ليس من بشر قادر على تجنيد الناس بهذه الصورة، ليس هناك شعب يتمكن من ان يتحرك بأسره بهذه الطريقة. انها قدرة الإيمان، قوة الإسلام، انها القدرة المعنوية للشعب، هي التي حققت لكم النصر. لقد منّ الله تبارك وتعالى علينا، وان ولي العصر ذا منّة علينا، لأنه ناصرنا ووقف معنا.
الشعارات الاسلامية
لا ينبغي ان تكون الأمور مبهمة، فاذا كان ثمة غموض أو اراد البعض تحريف الحقائق فان ثورتنا الإسلامية ستهزم، وهذه خيانة للشعب وخيانة للإسلام.
ليعلم أولئك الذين يسعون الى حرف هذه الثورة عن وجهتها الإسلامية، بأنهم خونة للإسلام وخونة للشعب.
الشعار اليوم ينبغي أن يكون ذات الشعار الاسلامي" الجمهورية الاسلامية".
ان هؤلاء الذين يصرون على تجريد الجمهورية من اسلاميتها، إنما هم خونة يريدون بث الفرقة والاختلاف بين ابناء الشعب. إن الذين يصرون على اضافة سمة الديمقراطية الى الجمهورية إنما هم متغربون لا يفقهون ما يقولون.
ان اولئك الذين يتحدثون في كتاباتهم عن الديمقراطية، اما انهم جاهلون لا يفقهون شيئا او يتعمدون الخيانة، ولتراجع وسائل الاعلام بعض ما تكتبه، وليراجع الكتاب ما يكتبونه وليتركوا الشعب يمضي في الطريق الذي اوصله الى النصر، حتى يبلغ منتهى غايته.
هل هؤلاء اعداء للإسلام؟! هل هم اعداء الأمة الإسلامية؟ هل هم اعداء لبلدهم حتى يسعوا لحرف مسيرته؟! ان الشعب الايراني لن يحيد عن مساره.
قمع الشعب باسم" الجماهير" و" القومية"
يا أبناء الشعب المجيد! حافظوا على ثورتكم. أيها الشعب العظيم حافظ على هذه الثورة العظيمة بالشعار الذي رفعته، حافظوا على هذا الشعار، لا تسمحوا للاجانب او عملائهم ان يتلاعبوا به.
انني اشعر بالأسف على اولئك الذين يدّعون القومية ثم يقفون بوجه اهداف قومهم. ان على هؤلاء الذين يغرسون خنجرا بخاصرة هذا الشعب باسم الجماهير والقومية، أن يفيقوا وان يعلموا بان قادتهم اما عملاء للاجانب او انهم يريدون اعادة الاوضاع الى سابق عهدها، او انهم ميالون لليسار أو اليمين. اننا ننصحهم واذا لم يستمعوا للنصح فسيكون لنا موقف آخر.
ان هؤلاء الذين يفكرون بالتآمر، هؤلاء الذين يتطلعون الى حرف شعبنا عن مساره، هؤلاء الذين يريدون بث الفرقة والاختلاف بين ابناء الشعب، انهم متآمرون ونحن لن نقف مكتوفي الايدي وسوف نقوم بتأديبهم.
نعم للحرية، ولكن لا للتآمر. ان حرية التعبير موجودة وبوسع كل واحد أن يقول ما يشاء، والاسلام مستعد للرد على ما يقال وتفنيد الاكاذيب، فنحن لدينا الحجج والبراهين ولا نخاف مما يقال، ليقل الجميع ما لديهم، إلا اننا لا نقبل بالتآمر، لن نقبل بخيانة الشعب كما لم نقبلها من قبل. ان شعبنا شهد من الخيانات ما يجعله لا يتسامح عن أية خيانة أخرى.
لقد اعطى شعبنا دما حتى قامت الجمهورية الاسلامية، الجمهورية الاسلامية وليست الجمهورية وحدها أو الجمهورية الديمقراطية التي هي نموذج للجمهوريات الغربية التي تعني التحلل والاباحية الغربية.
اتركوا هذا التقليد، اتركوا هذا التأثر بالغرب، ودعوا الشعب يطوي مسيرته التي اختارها نحو الاستقلال حتى النهاية بإذن الله.
أيها الشعب الايراني، ايها الشعب الايراني العظيم، اعزائي ابناء قم، يا اهالي قم الاماجد! احذروا، تيقظوا، وانتبهوا! اعملوا على احباط المؤامرات، فهؤلاء يهدفون الى اضعاف الحكومة الإسلامية، يريدون اضعاف الحكومة الاسلامية المؤقتة حتى لا يتمكن الشعب من الادلاء بصوته في الاستفتاء الشعبي لصالح ما ضحى من أجله. غير ان محاولاتهم ليست أكثر من وهم وخيال، فلقد ضحينا بشباننا، قدمنا دمائنا وتحمل شباننا العذاب في السجون، ولكن هيهات أن يسمح شعبنا بضياع كل ذلك، شعبنا لن يسمح لحفنة من الاراذل ان يضيّعوا كل شيء بثرثرة لا معنى لها. لقد اعطينا ارواحا في سبيل الحرية وفي سبيل الاستقلال، ولا يسعنا الصبر على عملاء الاجانب وهم يقومون بما قاموا به في السابق.
ادعموا حكومتكم فانا داعم لها وانتم داعمون لها، حتى تتمكن من القيام بما يجب، حتى تتمكن من اجراء الاستفتاء الشعبي، وحتى تتمكن بآراء ابناء الشعب من تثبيت الدستور الجديد، حتى تتمكن من المصادقة على حكومة الجمهورية الاسلامية.
انهم الآن منهمكون في محاولة افشال الاستفتاء الشعبي والحيلولة دون اجرائه بشكل صحيح وهذا خيال واه أو للحيلولة دون التصديق على دستور اسلامي يستند الى مذهب الاثني عشري، مذهب الشيعة الاثني عشرية. إنهم واهمون وان احلامهم هذه ليست أكثر من أحلام ساذجة.
انهم يتطلعون للاخلال بمبدأ الجمهورية الاسلامية، ومحاولة ايجاد جمهورية مطلقة أو جمهورية ديمقراطية أو جمهورية اسلامية ديمقراطية وهذا كله خطأ: انها جمهورية اسلامية فحسب.
حرية الرأي وممنوعية التآمر
انني اعطي رأيي للجمهورية الاسلامية، وأهيب بابناء الشعب بان لا يسمحوا بضياع دماء ابنائهم، وان لا يسمحوا للأجانب بالنفوذ، ولا يسمحوا بضياع الاستقلال الذي حققوه، لا يسمحوا بتحول الحرية التي تحققت الى كبت، لذا فان عليهم ان يدلوا بأصواتهم لصالح حكومة الإسلام والجمهورية الاسلامية لا اكثر ولا اقل.
وقد يختار البعض توجهاً آخر، وهم أحرار في ذلك، إلّا أننا لن نسمح بالتآمر، لا نسمح بالخيانة، ولكن حرية الرأي موجودة ليقولوا ما يشاؤون.
اننا نريد الخير لهذا الشعب، نحن واستلهاماً للاسلام نريد الخير لجميع الطبقات والشرائح، نحن نريد الخير للنساء المحترمات ولا نسمح باستدراجهن الى الفساد، لا نريد لهن ان يصبحن العوبة بأيدي بعض الأراذل، اننا ننصحهن بأن يتركن الاساليب السابقة، انني انصحكن ان تتركن الاساليب التي وضعها لكنّ المنحرفون وادت الى انحراف الكثير من شباننا واعزتنا.
اننا نريد لكم الصلاح، يجب ان نقضي على تلك الانحرافات بكل السبل: بالنصيحة، بالتوسل، والرجاء والتوصية، يجب ان نقضي على هذه المفاسد التي تجذرت في مجتمعنا خلال اكثر من خمسة عقود ماضية.
انا خادم للشعب الايراني
انا في خدمة الشعب الايراني، انا في خدمة الشباب الايرانيين، في خدمة النساء الايرانيات، في خدمة أهالي قم المحترمين وسأبقى في خدمتكم في هذه الأيام الأخيرة من عمري.
واسأل الله تبارك وتعالى العزة للإسلام وللشعب الايراني المسلم. أسأله تعالى أن يحقق الاستقلال لبلد الإسلام والعزة والعظمة والمجد للشعوب والدول الاسلامية اينما كانت.
انني اوصي جميع الشعوب بالاستفادة من هذا السر الذي مكّن ايران من التغلب على القوى العظمى، وهو الوحدة والتوكل على الله وتقوية الإيمان والاستناد الى القرآن الكريم والى الإسلام. ان رمز انتصارنا يكمن في وحدة الكلمة، وحدة الكلمة والتوكل على الله تبارك وتعالى، كنا ننادي: الاستقلال، الحرية، الجمهورية الاسلامية.
اللهم! احفظ وحدة الكلمة بين الشعوب الاسلامية وبين ابناء الشعب الايراني. اللهم! اقطع دابر الاجانب عن الدول الاسلامية. اللهم منّ علينا بالاستقلال والحرية. اللهم ايقظ الشعوب الاسلامية. اللهم اهد المنحرفين، اهد اولئك الذين يريدون بذر بذور الخلاف بين ابناء شعبنا. اللهم اغفر لشهدائنا. اللهم منّ على الامهات الثكالى والأباء الذين فقدوا ابنائهم بالصبر والأجر.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
* صحيفة الإمام، ج6، ص: 287,283