الموضوع: عوامل النصر السعي لتحقيق النصر النهائي توجيهات للحكومة والشعب
خطاب
الحاضرون: اعضاء الحكومة المؤقتة
عدد الزوار: 76
التاريخ: 29 اسفند 1357 هـ. ش/ 21 ربيع الثاني 1399 هـ. ق
المكان: قم المقدسة
المناسبة: حلول عيد النوروز
الحاضرون: اعضاء الحكومة المؤقتة
بسم الله الرحمن الرحيم
عام مليء بالمشقة والنفع للشعب
عليّ ان اتحدث الى الشعب ببعض الموضوعات ونحن نمضي اواخر العام الحالي ونستقبل العام الجديد.
تعلمون كيف كان العام الذي نمضي أواخر ايامه، مليئا بالمشقة والعناء بالنسبة لشعبنا، وفي الوقت نفسه كان حافلًا بالانجازات. ان ما تحمله شعبنا من عناء في هذا العام ربما يقل نظيره في تاريخه، بل ربما لا نظير له، وينبغي القول ان القدرة التي اظهرها شعبنا وجسدها للعالم لا نظير لها، ذلك انه كان قد تعرض لضغوط مضنية خلال ما ينيف على الخمسين عاما وسلبت كافة قدراته وعرضت حياته للضياع، لكنه نهض وثار وانتفض. ولا يسعني ان اسمي هذه الثورة الا ثورة اسلامية تفجرت بقدرة الاسلام وقوة الايمان. ولو لم تكن قوة الايمان لما امكن لشعب ان يتغلب على القوى الشيطانية بايد خالية. انها قدرة الاسلام وقوة الايمان التي دفعت الناس نحو الوحدة، وان هذه الوحدة وقوة الايمان هما اللتان مكنتا الشعب من الانتصار.
بانتظار النصر النهائي
على الشعب الايراني ان يحافظ على هذا النصر وعلى هذه الثورة. ولو انتكست هذه الثورة لا سمح الله فان علينا ان نستعد لتحمل المصائب السابقة. ولو حصلت فرقة بين ابناء الشعب، لو تمكنت ايدي الجناة من بث الفرقة بين ابناء الشعب، فان عليه ان يستعد لتحمل القمع والنهب والتخلف. ان سرّ انتصارنا يكمن في وحدة الكلمة والاتكال على الله والاعتماد على الاسلام. وعلى الشعب ان لا يفرط بذلك.
النصر النهائي لم يتحقق بعد
علينا، ونحن على اعتاب العام الجديد، أن نعبر عن احتفائنا بالعيد من جانب وعن ألمنا من جانب آخر. عليّ ونحن على اعتاب العام الجديد، ان الفت نظر الشعب الى بعض الامور وان الفت نظر الحكومة ومؤسسات الدولة الى امور اخرى.
ما اقوله للشعب هو ان عليكم في هذا الظرف الحساس الذي حققتم فيه النصر ان لا تظنوا بان الامر قد انتهى واننا انتصرنا، فهذا الظن سيؤدي الى ظهور الضعف والوهن في صفوفكم.
والانسان ما دام في خضم الهجوم فهو قوي، ومادام يتقدم فان قواه كبيرة، ولكنه اذا رأى نفسه منتصرا فانه سيضعف ومن الممكن ان تستثمر بعض الايدي ضعفنا هذا. اننا لم نحقق النصر النهائي لحد الآن، لقد تمكنا فقط من تحقيق امر واحد فقط وهو قطع ايدي الجناة من الأسرة البهلوية، وقطع بعض جذور النهب والسلب، غير أن الكثير من الجذور لا زالت موجودة في هذه البلاد، ومازالت ايدي الجناة ناشطة تأمل وتتمنى نهب ثرواتنا والابقاء علينا متخلفين حتى يتسنى لهم نهب ثرواتنا، ومازالت تسعى لذلك. المؤامرات مازالت مستمرة، ولو اعتبرنا انفسنا منتصرين وظننا باننا قد حققنا النصر فاننا سنغفل عن هذه الامور لا سمح الله-. علينا ان نعتقد باننا لم ننتصر بعد واننا على اعتاب النصر وهو واقع حالنا. اننا على اعتاب النصر، وسيتحقق النصر حينما يتم استئصال دابر الاجانب وجذور الفساد من البلاد وهو ما لم يتحقق بعد.
وعليه ينبغي للشعب الايراني المجيد ان يحافظ على هذه الثورة ويواصل المضي بها بنفس الطريقة التي بلغ بها هذا المدى. وان يتقدم الى الامام محافظا على وحدة الكلمة وعلى الثورة وغايتها وهي الاسلام والجمهورية الاسلامية، وان لا تسمحوا للوهن ان يدب في نفوسكم، لا تسمحوا للتلكؤ بأن يصيبكم، لا تظنوا انكم حققتم النصر النهائي، فاذا ظننتم بذلك وترسخ لديكم مثل هذا الاعتقاد، سوف تتراخون عليكم ان تعتبروا انفسكم نصف منتصرين وفي وسط الطريق، وعلينا ان نواصل بقية الطريق وهو شائك للغاية، عبر شحذ الهمم من قبل الجميع للوصول الى بر الأمان.
اعمار الخراب بتعاون كافة الفئات
كذلك لابد لي من القول لفئات الشعب المختلفة، باننا لا يمكن ان نعتمد على الحكومة وحدها في اعمار ما حل بالبلاد من خراب خلال ما ينيف على العقدين تقريبا التي تمثل اشد المراحل حدوثاً للدمار والخراب في بلادنا، فالحكومة وحدها لا تستطيع ذلك. كذلك لا يمكننا الاعتماد على علماء الدين وحدهم بانجاز هذا العمل، فعلماء الدين عاجزون عن ذلك لوحدهم. لا يمكننا الاعتماد على مؤسسات الدولة والمثقفين بانجاز هذا الامر، فهم وحدهم عاجزون. والامر شبيه لما حصل من تقدم في تحقيق الاهداف والنصر الذي حققنا لحد الآن. ونحن على اعتاب النصر لم يكن ممكناً لفئة ان تحقق هذا النصر، لقد تعاضدت جميع الفئات فيما بينها وتخلت عن جميع المسالك والسبل، وتقدموا معاً في تحقيق ما أمكن تحقيقه. علينا الآن ايضا ان نتقدم وان نعمل معاً على تحقيق النصر الكامل عبر تعاضدنا ومضينا في هذا السبيل.
اذا اردنا من الآن فصاعداً ان نعكف على اعمار هذه الخربة، فلا يتسنى لفئة معينة ان تقوم بذلك، علينا جميعاً جميع الفئات معاً ان نبادر الى اعمار هذا الدمار، كلما في الامر ان يبادر كل واحد من موقعه للمساهمة في هذه المسيرة. على الفلاحين ان يبادروا الى ممارسة الزراعية في حقولهم بمحبة. فليس هناك الآن من يحاول الضغط عليهم للقيام بعمل ما او للاستيلاء على ما يحققونه من ناتج لحرمانهم من النفع، وهم ليسوا مضطرين لاعطاء حصيلة عملهم الى الغير، ليس هناك من يقوم بهذا العمل اليوم. على الفلاحين ان يواصلوا ممارسة عملهم، وأن يكرسوا جهودهم لزراعة المحاصلة التي توفر الغذاء للشعب كالقمح والارز والشعير والعدس وامثالها. عليهم ان يتجنبوا المواد المضرة او غير النافعة كالترياق، ويمتنعوا عنها، كما ان عليهم الامتناع عن زراعة المواد التي لا تنفع كثيراً ولا تدخل مباشرة في توفير الغذاء للناس. عليهم التوجه بشكل رئيسي لزراعة المواد الغذائية وجعل عمدة زراعتهم المواد الغذائية حتى لا نحتاج للخارج ان شاء الله. انكم تعلمون باننا الآن محتاجون الى الخارج في توفير المواد الغذائية وعلينا ان نصلح هذه الحالة وهذا لا يتأتى الا بهمة الفلاحين. ولا شك في ان على الحكومة ان تعين الفلاحين، وستفعل ان شاء الله.
تحذير المجحفين والمحتكرين
كذلك ينبغي لأسواقنا ان تكون اسواقا اسلامية. وحسبما نقل لي كرارا ان مجموعة من النفعيين في البازار وضعوا أسعاراً مجحفة للغاية على بضائعهم. ان هذا التصرف تصرف غير انساني، وعلى هؤلاء الذين يفكرون بتحقيق الارباح الآن ان يعلموا بأن الغالبية من أبناء هذا الشعب هي من الطبقات الفقيرة التي لا تتمكن من امرار معاشها، وهي التي حققت لنا هذا النصر، فلا يجيزوا لذلك التاجر الذي ظل بعيدا عن احداث الثورة ان يحملهم العناء الآن، فهذه الايام ايام عيد وهؤلاء بحاجة الى الألبسة والطعام والامور الاخرى، لذا ينبغي التعامل معهم بانصاف وترك البيع المجحف والاحتكار الذي يدفعهم الى اخفاء البضائع حتى ترتفع اسعارها، فالاحتكار غير جائز في الاغذية. عليهم ان يتصرفوا بصبر وروية مع اخوانهم وان يعتبروا هذا النصر منهم. لقد تحررتم الآن من الاغلال، ولم تعودوا تخشون ان يأتي اليكم عناصر مديرية الامن لتفعل بكم ما تفعل، لذا عليكم الآن ان تخشوا الله والاسلام، وتراعوا الضعفاء وتنسجموا معهم لا ان تجحفوهم في البيع وترفعوا اسعار بضائعكم وتضعوا الناس في العناء. هذا ايضا فيما يتعلق بهذه الشريحة وهناك العديد من المسائل الاخرى ولكنني اخشى الاطالة.
ضرورة تحقيق التحول الثقافي
واما فيما يتعلق بالحكومة، فعلى اعتاب العام الجديد تعاني الحكومة من مشاكل جمة ولا يمكنني القول بان هناك تقصيرا في عملها، فأعضاء الحكومة عاكفون على العمل ولكن المشاكل كثيرة. وفي العام الجديد يجب ايلاء الثقافة اهتماما خاصا، فهذه الثقافة ينبغي ان تتغير. الثقافة الاستعمارية يجب ان تتحول الى ثقافة مستقلة. ينبغي اختيار المعلمين والاساتذة المناط بهم امر الثقافة وعلى جميع المستويات، من بين الصالحين والسويين كي يقوموا بتربية شبابنا تربية سليمة لا تربية طفيلية كما كان الحال الى الآن حيث كانت الغالبية منهم متغربة ومأسورة للغرب. كونوا مستقلين ولا تلتفتوا الى ما يجري في الغرب. فما يحدث هناك سيئ للغاية ولا تتصوروا بان الامور على احسن ما يرام، فهم انفسهم يقولون" لا شيء في الغرب"! هناك اشياء طبعا وامور مفيدة ولكن عملية الرشد الفكري والانساني ضعيفة للغاية. يجب ان تكونوا مستقلين وان تحققوا الرشد الانساني، الرشد لاطفالنا وشبابنا. على الحكومة ان تهتم كثيراً باختيار رؤساء الجامعات والأساتذة والمدرسين والمعلمين وان تحرص على حصول تحول جذري لدى المتولين تربية ابنائنا كي لا يكونوا على حالتهم السابقة التي خدموا فيها الاجانب والطاغوت. انه أمر بالغ الأهمية. وبالتالي فان ثقافتنا يجب ان تتغير الى ثقافة سليمةصحيحة، ثقافة مستقلة، ثقافة انسانية.
مسؤولية الحكومة والجيش
وفيما يتعلق بالجيش فان على شعبنا اليوم ان يقف وراء الجيش. وأن لا يسعى الى تضعيفه. نحن بحاجة الى الجيش، الشعب يحتاج الجيش. يجب ان يتمتع الجيش بدعم الشعب وينبغي تعزيز قدراته. ولكن من ناحية أخرى ينبغي للجيش ان ينتبه الى بعض الامور، على قادة الجيش ان ينتبهوا الى تواجد بعض اولئك المجرمين الذين كانوا في خدمة الطاغوت وان يسعوا الى ابعادهم تدريجيا بأي شكل من الاشكال، وان يعينوا اشخاصا شرفاء في المناصب العليا او المناصب التي تحتاج الى خدماتهم.
على القادة أن يتوخوا منتهى الدقة في تعيناتهم، كما هو الحال بالنسبة الى الحكومة، ففي تعيين المحافظين وحكام الولايات والمسؤولين في العدلية، يجب التحري بدقة عن الاشخاص وتحاشي اختيار اولئك الذين خدموا الطاغوت والذين ارتكبوا جرائم واضحة وممن لا يريدهم الناس لان ذلك سيضيف معاناة الى معاناة الناس. على الحكومة ان تكون في خدمة للناس، على الحكومة ان لا تكون كما في السابق الآمرة الناهية، وانما مطيعة لاوامر الناس وهي كذلك وآمل ان تستمر كذلك ان شاء الله.
على كل حال، ففيما يتعلق بالحكومة يجب تطهير العدلية والثقافة وسائر الادارات، وينبغي توخي الحذر في هذا المجال، والحرص على استبعاد الخونة. على الحكومة أن تكشف عن اولئك الذين كانوا حتى قبل انتصار الثورة متنحين جانباً وما أن انتصرت الثورة حتى سلطوا ألسنتهم علينا. عليهم ان يكشفوا عن هؤلاء الانتهازيين ويستبعدونهم. وبالتالي على الحكومة ان تمارس اشرافاً كاملًا وتاماً وان تسعى الى تشكيل الوزارات بصورة صحيحة واختيار موظفين مناسبين واتخاذ اسلوب صحيح في أداء مهامها. طبعا هي عاكفة على ذلك ولكن عليها بذل المزيد من الدقة في هذا الامر.
تحسين اوضاع العمال وحل مشاكلهم
ومن الامور المهمة ايضا وضع العمال، ولديّ حديث مع العمال انفسهم وحديث اخر مع الحكومة.
اما العمال فاقول لهم بأن لا يتصوروا بأننا لا نفكر بهم. لا يتوهموا باننا نستطيع أن نفعل شيئاً ولا نفعله. كلا ليس الأمر كذلك. اننا نفكر ونهتم بالعمال ونبذل الكثير من أجلهم ومن أجل الفلاحين وموظفي الدولة. كما ان الحكومة عاكفة الآن على وضع المشاريع المتعلقة باسكانهم، وسوف يتم دفع اجورهم ان شاء الله ولكن الامر بحاجة الى القليل من الوقت. على العمال ان يصبروا قليلا وان لا يتصوروا بان الحكومة منشغلة عنهم وليست مهتمة بهم، او ان لدينا كنز ولا نريد اعطائهم منه! كلا، الحكومة لا تملك شيئا في الوقت الحاضر كما اننا لا نملك كنزا! بيد أننا نفكر كثيرا في قضاياهم، غير ان الامور تحتاج الى وقت حتى تدور عجلة الاقتصاد.
طبعا العمال العاطلون سيلتحقون بالعمل، واما العمال المشغولون بالفعل اذا كانت لديهم مشاكل تتعلق باجورهم فسيتم اصلاح الامر. كل هذه الامور سيجري اصلاحها بالتدريج.
ضرورة بذل الحكومة المزيد من الاهتمام بالعمال
واما فيما يتعلق بالحكومة فانني اقول: ان على الحكومة ان تبذل المزيد من الاهتمام بالعمال وباوضاعهم. ليبذلوا المزيد من الاهتمام حتى يشعر العمال براحة البال. وانني اطمئن العمال بان الحكومة ليست عازفة عن اصلاح اموركم، فهي تبذل ما في وسعها وهي عاكفة على دراسة الامور، ووزير العمل مشغول في وضع برامج صحيحة ولكن الامور بحاجة الى متسع من الوقت. وانني اطلب من العمال ان يلتفتوا الى أن الأمور يتم بالتدريج وان يضعوا ذلك في حسبانهم وان ياخذوا بنظر الاعتبار المشكلات التي تعاني منها الحكومة.
وانني اطالب الحكومة بالاسراع في انجاز اعمالها ومواصلة نهجها بوتيرة أكبر، وان تحرص على تطمين العمال في البين من انجازها لاعمالهم. هذا فيما يتعلق بالموظفين والحكومة.
الاذاعة والتلفزيون جامعة عامة
لديّ كلمة ايضا حول هذه الاجهزة الاعلامية التلفزيون والاذاعة وامثالها وهي ان هذه الاجهزة حينما كانت في خدمة الطاغوت كانت اما أن تسعى في تعزيز وجود الطاغوت بمحض فتح الراديو فانك تسمع كيل المدح والثناء لجناب الشاه وما شابه وتبدأ بالتطبيل والتزمير الفارغ او انها تعمل في ابعاد الناس عن قضاياهم الاساسية. ومن هنا تمكنت الاذاعة والتلفزيون من تحقيق الانتشار الواسع على مستوى البلاد في جميع انحاء البلاد واضطر الناس ان يروا ويسمعوا الامور بشكل مباشر، فهو مهم لهم حيث مكّنهم من استغفال الناس على مستوى كبير لمواصلة عمليات النهب التي كانوا يقومون بها.
والان فإن هذه الاجهزة اصبحت بحمد الله اسلامية وتريد ان تؤدي مسؤولياتها الاسلامية. لذا ينبغي التفكير بالاذاعة والتلفزيون واتوقع انه جرى ويجري التفكير بذلك ولكني اطالب بالمزيد من الاهتمام بهذه الوسائل وتطهيرها من العناصر التي كانت تمارس مختلف انواع الفساد في عهد الطاغوت.
فمن غير الممكن لنا ان نقبل بوجود اولئك الذين كانوا حتى الامس القريب يتحدثون ويظهرون على التلفزيون بما يتعارض ومصالح الشعب والثورة ويفعلون ما يفعلون، ثم جاءوا الآن يتظاهرون بالاسلام والتدين. هذه الاجهزة يجب ان يجري تطهيرها، فالاذاعة والتفزيون جهاز مهم في البناء والتربية مثلما هو مهم في الافساد. ولعل الذين اخترعوا هذه الاجهزة كانوا يطمحون الى ان تكون اجهزة تربوية. والشيء نفسه يصدق على الصحافة، ولكن اهمية الاذاعة والتلفزيون اكبر. فهذه الاجهزة اجهزة تربوية ينبغي ان يتم من خلالها تربية كافة فئات الشعب فهي جامعة عمومية. الجامعة ينحصر وجودها في مكان معين، ولكن هذه الاجهزة جامعة عمومية، اي انها جامعة موجودة على مستوى البلاد باسرها، لذا ينبغي الاستفادة منها في هذا الاطار باقصى ما يمكن.
وينبغي لهذه الاجهزة ان تساهم في توعية الناس بعد عدة سنوات من عملها وتجعل الجميع مجاهدين مفكرين مستقلين تحرريين بعيدين عن التغرب، على هذه الاجهزة ان تعلّم الناس الاستقلال، وهو اهم من كل الامور المتعلقة بهذه الاجهزة، إذ أن مسؤوليتها يتلخص في ان تكون مع الناس كالمعلم للطلاب. فليتحدث الكتاب، والخطباء الواعون المطلعون، فلابد من اعطاء هؤلاء الفرصة للحديث عبر هذه الاجهزة. فهناك العديد ممن يتمكنون من اقتراح هذه المعاني، فليعطوا الفرصة للتحدث. وليقدموا للناس مواد مفيدة وغذاء نافعا وصحيحا وسليما بدلًا من هذه الامور التي لاتنفع الناس او انها تضرهم. وانني آمل ان يتم اصلاح هذه الاجهزة بالتدريج كما وعدونا ولكن لتكن خطاهم أبعد مدى واسرع حتى يتم تطهيرها ان شاء الله.
الجامعة الاسلامية الكبرى
كذلك ثمة أمر آخر أودّ أن أطرحه على زملائي. الجميع هم زملائي ولكني اخاطب اولئك الذين يشبهونني في المسؤولية والا فانني أودّ الجميع، وأقصد انني اريد مخاطبة السادة العلماء وطلبة العلوم الدينية.
السادة العلماء يتحملون مسؤولية تفوق مسؤولية جميع ابناء الشعب، وهي اشد جسامة. فهؤلاء يحملون تكليفا من الله تبارك وتعالى. شعبنا المسلم يصغي الآن الى كلام العلماء اكثر مما يصغي الى كلام اية فئة اخرى. وهذه حجة من الله تبارك وتعالى علينا بان الناس تستمع اليكم وتطيعكم فلماذا تقصرون مثلا في اداء هذه المسؤولية؟ لماذا مثلا لا تتحدثون للناس؟ ادعو الله ان لا تكونوا مقصرين في هذا المجال، ولكن اذا كان هناك بعض التقصير لا سمح الله لدى البعض فاعلموا بان مسؤوليتنا جسيمة للغاية، سواء فيما يخص عملية التهذيب في هذه الجامعة الاسلامية الجامعة الاسلامية الكبرى والتي ينبغي ان تتم على ايدي المراجع العظام، او لجهة التعليم والتعلم، الامر الذي ينبغي ان يجري تعذيبه هو الآخر على ايدي السادة العظام وان يعاد النظر فيه، لاسيما اسلوب الدراسة. أقول لكافة السادة بمنتهى التواضع ان عليكم ان ترشدوا هذه الامة، عليكم ان تستعدوا وتتسلحوا بمستلزمات التوجيه والارشاد، فالناس يتوقعون منكم التوجيه والارشاد.
اهمية اعداد الحوزات العلمية
وكما ان للاسلام ابعاداً مختلفة تتناسب والجوانب المتعددة للانسان- الاسلام جاء من اجل بناء الانسان، القرآن كتاب لبناء الانسان وكما ان للقرآن ابعاد مختلفة تتناسب والجوانب المتعددة للانسان فان على العلماء ان تكون لديهم أساليب مختلفة في التعليم تتناسب وابعاد الاسلام المنسجمة بدورها مع ابعاد شخصية الانسان.
طبعا لايمكن لشخص واحد ان يكون مستعدا لتلبية متطلبات كل الجوانب الانسانية، ولكن الحوزة تضم عشرات الالاف من الاشخاص، فهي مؤلفة مثلا من ثلاثين الف شخص، هؤلاء يستطيعون ان يشكلوا مجموعات تتكفل كل مجموعة منها بالاشراف على احد تلك الابعاد او الجوانب: مجموعة مثلا تتكفل بالجوانب العقلية، واخرى بالجوانب السياسية، وثالثة... ان كل هذه الجوانب والابعاد موجودة في الاسلام وعلى الحوزات ان تستعد لتلبية كل المتطلبات. فكما ان الاسلام متعدد الابعاد، فان الحوزات يجب ان تكون لديعها ابعاد مختلفة واشخاص مختلفين لهداية الناس. واذا لم تخرج لنا الحوزات مثل هؤلاء الاشخاص الصالحين النافعين، فلا ينبغي ان نتوقع ظهورهم في اماكن احرى.
على المنتسبين للحوزات ان يبادروا الى تعلم ودراسة سائر الابعاد الموجودة في الاسلام، تماما كما يبادرون لتعلم وتعليم الفقه وجوانبه المختلفة. عليهم ان يتعلموا الجوانب الاخرى في الاسلام وان يدرّسوها لتخريج اشخاص نافعين يتمكنون من ارشاد الناس وهدايتهم.
الصبغة الدينية والاسلامية للشهادة
ارى من الضروري وانا في اواخر العمر، ان اعرب عن اسفي لسقوط هذا العدد من الشهداء. انني أأسف للغاية على ما قدمناه من ضحايا، ويبدو ان العدد بلغ 160 الف بين جريح وشهيد. على اية حال، ومهما كان عدد الضحايا، فان سقوط شخص واحد يعتبر كثيرا. ما كان ينبغي ان يسقط حتى شخص واحد، ولكن كان ذلك في سبيل الاسلام ويكسب الصبغة الدينية والاسلامية ولم يكن من اجل الدنيا، فان البعض كانوا يقصدونني ويطلبون مني الدعاء لهم لنيل الشهادة. هذه الصبغة، صبغة الدين، صبغة الاسلام هي التي دفعت هؤلاء الأبطال للتضحية وتحقيق أهداف ثورتنا.
لقد كان المستوى الروحي على هذا الشكل بحيث انهم يتطوعون للشهادة ولايخشون الموت. وفي صدر الاسلام ايضا كان هذا الامر وراء تحقيق المسلمين لاهدافهم.
لقد فقدنا العديد من الاشخاص القيمين، ولكن ولان ذلك كان في سبيل الاسلام فان ارواحهم قريرة وجميعهم ان شاء الله سعداء في ظل الله تبارك وتعالى. ونحن ندعو لذويهم بالصبر ونسأل الله ان يمنّ عليهم جميعا بالصبر والاجر. ونحن على اعتاب العام الجديد، ندعو بالمغفرة كما ندعو بالسعادة لابناء شعبنا كافة.
وآخر ما أود قوله هو دعوة ابناء الشعب الايراني! للمحافظة على ثورتهم. حافظوا على وحدتكم، حافظوا على توجهكم الاسلامي. هذبوا انفسكم ولا تكترثوا لغير الاسلام والقيم الانسانية.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
* صحيفة الإمام، ج6، ص: 318,312