يتم التحميل...

الموضوع: الثقافة ومنطق الشاه‏

رسالة

المخاطب: الطالقاني، السيد محمود

عدد الزوار: 159

التاريخ 11 آبان 1357 هـ.. ش/ 1 ذي الحجة 1398هـ. ق‏
المكان: باريس، نوفل لوشاتو
المناسبة: اطلاق سراح السيد الطالقاني من سجون النظام‏
المخاطب: الطالقاني، السيد محمود

بسم الله الرحمن الرحيم‏

الاول من شهر ذي الحجة الحرام 98
سماحة حجة الإسلام والمسلمين السيد الحاج سيد محمود الطالقاني- دامت بركاته.
انه لأمر طبيعي لشخصيات من امثال سماحتكم، الذي أمضى عمره المبارك في النضال من اجل الحرية واستقلال البلد ومعارضة الجهاز الغاشم والناهبين الدوليين دون هوادة، ان تقبع في السجون وتعذب وتُحرم من الحرية ..

ان اطلاق سراح امثال سماحتكم يتنافى مع منطق الشاه ومعايير حكومته .. ان ارادة الشعب الفولاذية حطمت اعصاب الشاه واصابته بالهستيريا جعلته يقدم على ارتكاب جرائم بشعة سودت وجه التاريخ .. فكما تعلمون انه اقدم على ارتكاب جرائم عجيبة. ففي مدن البلاد تقوم مجموعات مجهولة من الغجر والمرتزقة بمهاجمة الناس بالهراوات والسكاكين بدعم من قوى الامن الداخلي، وجرحهم واصابتهم .. فالحكومة التي ينبغي لها ان تحافظ على النظم والامن، وقوى الامن باتت اداة تخريب وقوى هدامة.

ففي عصرنا، وفي بلدنا الاعزل، اختلف المنطق وتبدلت المفاهيم: فالفضاء السياسي المفتوح بات كبتاً واضطهاداً ورقابة شمولية .. والحضارة الكبرى امست ممارسات وحشية اسوأ من القرون الوسطى .. واصبحت حكومة المصالحة تقمع أبناء الشعب بالرشاشات والمدافع والدبابات ومؤخراً بالهراوات والغدارات .. وأضحى الاصلاح الزراعي يعني القضاء على الزراعة. وأمسى الاستقلال تبعية إقتصادية وثقافية وعسكرية للأجانب، وهتافات الموت للحكم البهلوي، تأييداً للشاه ودعماً لنظامه.
لقد انتقلتم الآن من السجن الصغير إلى سجن كبير حيث تقفون في مواجهة امثال هذه الحقائق العجيبة والمفاهيم الجديدة.

ولكن تشاهدون ايضاً على صعيد آخر ثمة تحولًا روحياً عظيماً شهده أبناء الشعب على مستوى المعرفة، وتحولًا اعظم على مستوى العمل ..
ان عامة أبناء الشعب التي كانت قبل الثورة الإسلامية العظيمة، تعتبر النظام الشاهنشاهي تجسيداً للوطنية ومحوراً لعظمة البلد، وترى اوامر الشاه مطاعة ومتبعة، وخزعبلات الملوك وابواق البلاط وتمجيدهم رقياً وتقدماً على ابواب الحضارة الكبرى في ظل قيادة الشاه، وان استقلال البلد بات امراً مفروغ منه تحت لواء الشاهنشاهية .. ان عامة أبناء الشعب وفي انتفاضة واعية وعارمة، هدّت فجأة اركان وقواعد هذا الصرح الخيالي، وبرزت حقيقة هذه المفاهيم والمفردات الفارغة والخادعة، وانكشفت الطبول الفارغة، وتعرى الافلاس الإقتصادي، ونهب بيت المال، والتدهور الزراعي، والتبعية الثقافية والعسكرية.

ان الجماهير التي كانت قبل النهضة، تنصاع لأمر احد الشرطة في اقامة مظاهر الزينة على واجهات محلاتها، وتعتبر اوامر الشاه اوامر الباري تعالى بوحي من خزعبلات شعراء البلاط، انتفضت الآن بقوة واخذت تنزل إلى الشوارع بقبضات محكمة وتردد هتافات (الموت للحكم البهلوي)، رجالًا ونساءً، صغاراً وكباراً، وتقاوم ببسالة امام الرشاشات والمدافع والدبابات، وتحطم بتضحيات شبابها البواسل، القوة الشاهنشاهية المستندة إلى القوى الكبرى وتجبرها على الرضوخ والاستسلام.

غير أنهم لم ولن يقبلوا برضوخه. فبأي منطق يمكن التسامح مع الخيانات والجرائم اللامتناهية التي ارتكبها هذا الشيطان الجهنمي، وكيف يتم القبول بسلطته اللامشروعة؟ ..
اننا نرفض هذا المنطق، وان مَن يقبل ذلك يناهض شعبنا وتوجهاتنا نحن خدمة الشعب. والى الله المشتكى. والسلام عليكم ورحمة الله.


روح الله الموسوي الخميني‏


*صحيفة الإمام، ج‏4، ص: 172

2011-03-22