المكان: النجف الأشرف
المناسبة: قرار النظام بتشكيل (جنود الدين)
المخاطب: الشعب الايراني
الى جميع شرائح الشعب الايراني المحترم- ايدهم الله تعالى
بعد اهداء السلام والتحيات. لقد ذكّرت مراراً بأن الشيء الوحيد الذي يمكنه ان يسد الطريق أمام الاجانب والدول المستعمرة، ولا يدعهم يسيطرون على موارد البلدان الاسلامية، هو الاسلام وعلماء الاسلام الاجلاء، وهذه حقيقة ثابتة طوال التاريخ للدول الاستعمارية، وقد نقل عن الوزير الاسبق لحكومة بريطانيا الإستعمارية انه قال: (مادام القرآن بين المسلمين فاننا لا نستطيع ان نحقق أهدافنا). ان الهدف الرئيس للدول المستعمرة هو القضاء على القرآن والاسلام وعلماء الاسلام. ومن اجل تحقيق اهدافهم الاستعمارية يطلقون بين الحين والآخر نغمة ما عبر عملائهم الخبيثين، ليفضحوا بذلك أكثر فأكثر عن وجههم اللااسلامي واللاوطني، مثلما فعلوا ذلك مؤخراً فأطلقوا نغمة (جنود الدين) على لسان أحد عملائهم الأذلاء.
إنّ نغمة (جنود الدين) تطلق في ظل ظروف توجه فيها الحكومة الطاغية كل يوم ضربات متتالية الى كيان الاسلام، وأفسحت المجال لاسرائيل المجرمة بالتدخل في جميع الشؤون الاقتصادية والسياسية والعسكرية لايران، فالكثير من العلماء الاعلام، والخطباء العظام، وطلبة العلوم الاسلامية والشعب الايراني النبيل يرزحون في السجون، والنفي، وتحت التعذيب. والشباب الغيارى والوطنيون يتم إعدامهم ورميهم بالرصاص، او تهيّأ مقدمات محاكمتهم واعدامهم.
أنني أحذر الشعب الايراني المحترم وانذره، فلو نجحت أيادي الاجانب- لا سمح الله- واعداء الاسلام في تحقيق هذا الهدف المشؤوم، فإنها ستعمل أولًا على عزل العلماء الاعلام والوعاظ ودعاة الاسلام، ومن ثم تسعى للقضاء على الاسلام وأحكامه السماوية. ان خطر هذا (الجيش) غير المبارك الذي يجب عليه ان يفسر ويؤول جميع حقائق الاسلام بما يخدم الاستعمار، هو أكبر خطر يواجه المسلمين وفي مقدمتهم العلماء الاعلام. لقد أدركوا من خلال تجاربهم الطويلة ان علماء الاسلام الأجلاء والوعاظ المحترمين، وجهوا بجهادهم المتواصل الشعوب لصالح الاسلام والقرآن، ولم يخطوا أية خطوة لصالح الحكومة الطاغية والأجانب الطامعين مهما مورس بحقهم من التهديد والترغيب، وحافظوا على مراكزهم بكل قوة، وهم يوظفون المساجد والتجمعات لخدمة القرآن الكريم والاسلام العزيز، وهذا ما حدث. وان خطا بعض المعمّمين عديمي الكرامة والذين لا يتقون الله، خطوة لصالح الحكومة الطاغية فإنهم منبوذون من قبل الاوساط العلمية، والمجتمعات الاسلامية. ولذلك فقد وضعوا هذا المخطط الخطير كي يحدوا من نفوذ العلماء الاعلام والدعاة استناداً لما يوحي لهم خيالهم الباطل، ويجعلوا الاسلام العوبة بيد عملائهم، ويقوضوا اساس الدين، كي يحققوا هدفهم المتمثل في السيطرة على جميع مقدرات البلد، ويبقوا الشعب المسلم والمستعمر في حالة التخلف.
على الامة الاسلامية ان تعلم ان الخدمات التي قدّمها علماء الدين الى البلدان الاسلامية طوال التاريخ لا يمكن حصرها. ففي العصور الأخيرة هذه كان خلاص البلد من السقوط المحتم مديناً للمرجع آنذاك (وهو المرحوم ميرزا الشيرازي) 1 وهمة علماء العاصمة. فالحوزات العلمية والعلماء الأعلام كانوا على الدوام الحافظين لاستقلال البلدان الاسلامية وسيادتها. والخدمات التي قاموا بها بوحي من الاسلام للمحافظة على الامن والنظام في البلدان المختلفة، لم تقم بعشر أعشارها الحكومات والقوى الامنية، ولم يكلفوا ميزانية البلد أية نفقات. فمثل هذا الخندق يجب ان يدمر من وجهة نظر الاجانب وعملائهم الخونة، كي يواصلوا براحة بال اجتياحهم، ونهبهم، وترفهم، وحياتهم المشينة.
والآن على المسلمين الغيارى سيما الجيل الشاب المثقف، ان يعربوا بكل جدية عن استنكارهم لهذه النغمة النشاز المسببة للمصائب، ويبعثوا الحياة في المساجد والمحافل الدينية، ويعبروا عن تمسكهم بالاسلام والعلماء الاعلام والوعاظ والخطباء المحترمين دامت بركاتهم اكثر من ذي قبل. ويوجهوا بذلك ضربة قاصمة الى عملاء الاستعمار خذلهم الله.
على كافة العلماء الأعلام والوعاظ المحترمين ان يتغاضوا عن اختلافاتهم الهامشية إن كانت هناك اختلافات، ويعدّوا أنفسهم، ويرصوا صفوفهم أكثر فأكثر، ويبحثوا عن حل لهذه القضية الهامة في صف واحد. وعليهم وعلى سائر العلماء والمحبين للاسلام واستقلال البلد ان يقوموا بتوعية الشعب المسلم خاصة أهالي القرى والنواحي بشأن هذه الفكرة الشيطانية، فهم يريدون ان يدوسوا على الدين واستقلال البلد تحت واجهة هذا الاسم الرنّان (جيش الدين)، وان يوعّوا الشعب بكل وسيلة ممكنة بشأن مفاسد هذه النغمة المشؤومة.
وأنا أطلب من الجيل الشاب من اهل العلم والوعظ. ان يكنوا الاحترام لشريحة اولياء الامر والعلماء بما يتناسب مع مقامهم. واطلب من حضرات الاعلام ان يتعاملوا مع الجيل الشاب بالمحبة والعطف. ولي أمل وثيق بان ينفضح اكثر، باذن الله تعالى، العملاء الخبيثون للأجانب في هذا المجال كما انفضحوا لدى الشعب الايراني الشريف- ايدهم الله تعالى- في ممارساتهم اللااسلامية واللاانسانية الأخرى. والله تعالى هو الحافظ للدين والحوزات الدينية﴿:إنا نحن نزّلنا الذكر وإنّا له لحافظون﴾ 2. ادعو الله تعالى ان يقطع دابر الاستعمار وعميلهم الخائن، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
روح الله الموسوي الخميني
*صحيفة الإمام، ج2، ص: 378
1-كان ميرزا محمد حسن الشيرازي المعروف بميرزا الشيرازي الكبير( الاول) المرجع الأكبر في عصره ومن علماء الامامية الاجلاء، صاحب الفتوى الشهيرة بتحريم استعمال التبغ في عهد حكم ناصر الدين شاه القاجاري.
2- الحجرة: 9.