الموضوع: مخططات النظام للقضاء على الاسلام والقرآن
نداء
المخاطب: العلماء، والوعاظ، والشعب الايراني المسلم
عدد الزوار: 151المكان: النجف الأشرف
المخاطب: العلماء، والوعاظ، والشعب الايراني المسلم
حضرات العلماء الأعلام، والخطباء المحترمين والشعب الايراني الكبير- أيّدهم الله تعالى- وبعد السلام والتحيات، نحن نواجه في العصر الحاضر الضربات الفادحة والمتزايدة الموجهة الى الاسلام، كما أن المآسي والاضطرابات التي تعاني منها الشعوب الاسلامية باتت أكثر من ذي قبل. فمن جهة هناك قضية فلسطين والمسجد الأقصى وتشرد أهالي هذا البلد الأبرياء، ودعم الدول الاستعمارية الكبرى لليهود المحتلين ... ومع بقاء جرثومة الفساد هذه فإن هناك خطراً كبيراً يهدد- لا سمح الله- كافة البلدان الاسلامية وخاصة الدول العربية ... ومن جهة أخرى فإن وقوع الشعب الايراني في أسر عملاء الاستعمار وعبيده، جعل المجتمع الاسلامي يعاني من ضغوط ومآسي شديدة وشاملة. وهناك مخططات توضع من قبل المستعمرين وتنفذ في كل زمان بشكل ما للقضاء على أساس القرآن الكريم، وتعاليم الاسلام التحررية.
وعندما تولى رضا خان الحكم بدعم من الأجانب، كُلّف بتعطيل الشعائر الاسلامية بالحراب، وبكل قسوة وبطش، والقضاء على أحكام القرآن النورانية وآثار الرسالة. ولكنهم اضطروا الى تغيير مخططاتهم عندما رأوا أن من غير الممكن إبعاد الشعب عن الاسلام ومبادئ القرآن، فشمروا عن ساعد الجد للقضاء على أساس القرآن، واستعباد الشعوب المسلمة، وتحطيم السد الكبير المتمثل في علماء الدين وذلك من خلال التظاهر بالاسلام ومخططات استعمارية جديدة. وهم الآن يريدون من خلال ترديد الشعارات الخداعة باسم (جنود الدين) وغيرها أن يحطموا هذا السد المنيع، ويحققوا اهدافهم القذرة.
واليوم فإن هناك مخططات اوسع وأشمل تكشف عن الوجه الحقيقي لعملاء الاستعمار، وأسلوب مهماتهم، مخططات يهدفون من تنفيذها الى تحطيم الخنادق المعادية للاستعمار، وتحويلها الى خنادق في خدمة الاستعمار والصهيونية وعملائها، انهم يحاربون العلماء الأعلام. والخطباء المحترمين، وخَدَمة الاسلام، ويحلون محلهم في محاريب ومنابر الاسلام والرسول الأعظم- صلى الله عليه وآله- المعممين المزيفين، وعملاء المنظمات الفاسدة. وبدلًا من بيان أحكام القرآن، وحقائق الاسلام، فإنهم يصنعون أبواقاً لنظام الحكم المرتزق والعميل لتنفيذ الأهداف المشؤومة المعادية للاسلام، ويهدفون من خلال تنفيذها بوحي من خيالهم المريض، الى أن يحولوا جميع المراجع الكبار، والعلماء الأعلام، والخطباء المحترمين الى موظفين تافهين وعديمي القيمة لدى الحكومة، ويحطموا مصداقية الاسلام وعلماء الدين، ويفتحوا الطريق ما أمكنهم للمستعمرين. وأخيراً فانهم يسعون الى تنفيذ المخططات التي يهدفون من ورائها إقامة سدّ في خدمة الظالمين والمستبدين بدلًا من هذا السد الكبير المناهض للظلم والاستبداد.
والآن فإنهم وكما وصلتنا الأخبار المتكررة، بدأوا بتنفيذ هذه المخططات الاستعمارية الخطيرة، فوضعوا المساجد، والتكايا، والمدارس، والمراكز الاسلامية الأخرى وشؤون علماء الدين، تحت اشراف منظمة الأوقاف المعادية للاسلام، ليحوّلوا العلماء، والوعاظ، وأئمة الجماعة الى منفذين للأهداف غير المشروعة للحكومة الطاغية، وعملاء الاستعمار القذرين، أو يجبروهم على الانعزال والانزواء وتسليم خنادق الاسلام الى المعارضين وعملاء الأجانب.
إن كل ذلك هو النتيجة المشؤومة للثورة الدموية والاستعمارية التي يريدون أن يلقبوها بالثورة البيضاء من خلال الدعايات وخداع الرأي العام، ويسموها ثورة الشاه والشعب. وخلال هذا العقد الأسود الذي مرّ لم يجن الشعب الايراني المظلوم شيئاً سوى الفقر والذل والارهاب والمذابح الجماعية، والاعدامات غير القانونية، وملء السجون بالعلماء والمعممين وشباب الشعب المسلم. ومن النتائج الأخرى لهذه الثورة المشينة هتك مقدسات الاسلام، وقتل العلماء والشعب المسلم تحت التعذيب، والهجوم على المدرسة الفيضية والجامعات ومذبحة 15 خرداد الوحشية التي سقط فيها خمسة عشر ألف ضحية (على ما هو معروف). ومن النتائج المشؤومة الأخرى لهذه الثورة المشرّفة للحكومة المتجبرة منح الحصانة للعسكريين الاميركيين وأقاربهم، وتحطيم كيان البلد، واستقلاله القضائي، وتسليط الناهبين الاميركيين والصهاينة على جميع الشؤون العسكرية والسياسية والتجارية والصناعية والزراعية والأسواق، لذلك نرى النظام يقيم كل تلك الاحتفالات والرقص والدعايات الطنانة، وينفق المبالغ الضخمة على هذه الاحتفالات المشينة على حساب الشعب المحروم والجائع.
وقد وضع الآن مخططاً جديداً للشعب الايراني، فها هو ذا يهدد الشعب الايراني بالزوال والسقوط الاقتصادي من خلال شراء كميات هائلة من الاسلحة والعتاد من اميركا بمبلغ ملياري دولار- أي ما يعادل حوالي 150 الف مليون ريال- ثم يعلن بكل وقاحة أن عجز ميزانية البلد في تسديد هذا المبلغ يتم تأمينه عن طريق القروض التجارية، وزيادة الضرائب! وأنا لا أعلم كيف يكون الهدف من شراء كل هذه الأسلحة طرد الأرباب والمستعمرين الذين يعد النظام نفسه عميلًا لهم، وقد حوّل ايران الى قاعدة عسكرية لهم، وفتح الطريق أمامهم للسيطرة على جميع مقدرات البلد العسكرية والسياسية والاقتصادية. أم أنه يريد في الحقيقة أن يعزز قاعدته في ايران عن طريق تنفيذ مخططات النهب الاميركية الهادفة الى اضعاف الميزانية الاقتصادية، وتنفيذ السياسة القائمة على القضاء على الشعوب عبر تدمير طاقاتها وثرواتها، وقمع الشعوب الأخرى المطالبة بالحرية في المنطقة التي تناضل ضد محتلي فلسطين والأجانب الناهبين الآخرين؟
والآن فإن الشعب الايراني المحروم الذي حرمت غالبيته من مستلزمات الحياة الاولية، واستناداً الى ما كتبته بعض الصحف المرتبطة بالنظام، ففي طهران وحدها يوجد الملايين ممن يفتقرون الى الكهرباء والماء والخدمات الصحية والاحتياجات الأساسية الأخرى، الشعب الذي لا تستطيع الغالبية منه ارسال أبناءهم الى المدارس بسبب الفقر والعوز، فيضطرون الى استخدام الأطفال الابرياء في الاعمال الشاقة، او يتركونهم على مفترقات الطرق بيد العناية الالهية ...
الشعب الذي لا يتمكن معظمهم مالياً من مراجعة الطبيب وشراء الدواء، ويواجهون الموت بسبب انعدام الأطباء والدواء، واستناداً الى ما كتبته بعض صحف ايران، فإن في الكثير من اقضية ايران ومحافظاتها لا يوجد سوى طبيب واحد ازاء كل 35 الف شخص، الشعب الذي غادر أبناؤه في السنة الماضية منازلهم بسبب الجفاف والجوع، وتشردوا هنا وهناك للحصول على لقمة العيش، فهل من المنطقي أن ينفق مثل هذا المبلغ الضخم من ميزانية البلد لمثل هذه التفاهات!! والأدهى من ذلك أن هذه الصفقة الباهظة البالغة ملياري دولار، تختلف عن صفقة الاسلحة التي ابرمها النظام اخيراً مع بريطانيا المستعمرة والمعتدية، فاشترى كل تلك الاسلحة والعتاد. وأنا أخشى من أن تكون هذه الانحرافات والأعمال التافهة من آثار الحالة التي كان يبتلى بها بعض السلاطين السفّاكين في أواخر عمرهم، فكانوا يلطخون الشعوب بالدماء. أنا أخشى على هذا الشعب المظلوم من اواخر عمر هؤلاء السفّاكين الذين يصابون بالجنون لدى شعورهم باقتراب نهايتهم. أنا أخشى على الاسلام والمسلمين من هذه الامراض العصبية التي يبتلى بها هؤلاء الطغاة في شيخوختهم.
إن السكوت أمام هذه المخططات والكوارث هو الآن في حكم الانتحار واستقبال الموت الزؤام، وسقوط شعب بأكمله. ومن الواجب مادامت الفرصة قائمة أن يحطم هذا السكوت، ويبدأ الاستنكار والاعتراض. وعلى علماء الاسلام وخطبائه أن يكشفوا للشعب النقاب عن مخططات النظام الخفية في المساجد والمحافل، وأن لا يقصّروا في أية مبادرة في هذه المصيبة الكبرى التي نزلت على الاسلام والمسلمين وخاصة العلماء الأعلام والخطباء المحترمين. وعلى المراجع العظام أن يعلنوا عن آرائهم المباركة عبر الطبع والنشر، وأن يطردوا ويفضحوا أمام الشعب الاشخاص الذين يتعاونون مع النظام وتربطهم به علاقات حسنة في تحقيق أهدافه المشؤومة، أو يؤيدون مخططات وأنشطة منظمة الأوقاف وغيرها من المؤسسات الفاسدة، ويسهمون في تطورها، أو اصبحوا مرتزقة لمنظمة الأوقاف والحكومة الطاغية.
وعلى أبناء أمة الاسلام أن لا يتعاملوا مع هذا النوع من الأشخاص الذين عيّنتهم المؤسسات الفاسدة للمنابر والمحاريب، ولا يحضروا جماعتهم، ولا يجلسوا عند منابرهم، وينبذوهم من المجتمع الاسلامي، وأن لا يترددوا على المساجد والأوساط التي تدار تحت إشراف منظمة الأوقاف وبيدها.
وعلى العلماء الأعلام، والخطباء المحترمين، وأئمة الجماعة أن يقوموا بالاضرابات إذا لزم الأمر تعبيراً عن اعتراضهم واستنكارهم، ويمتنعوا لفترة محدودة عن الذهاب الى المساجد والمنابر، وليطمئنوا الى أن الاعتراض الجماعي والاضرابات العامة لابد وأن تسفر عن نتيجة، وتجبر الحكومة الطاغية على التراجع. وعلى أبناء الشعب المسلم أن يدعموا علماء الاسلام في حالة اضرابهم الهادف الى المحافظة على أحكام القرآن، ويتبعوهم في إضرابهم.
أسأل الله تعالى ان يدفع شر الأشرار، ويقطع دابر الاستعمار. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
روح الله الموسوي الخميني
*صحيفة الإمام، ج2، ص: 446