يتم التحميل...

المميّزات العامة للتعبئة الجهادية

إنّ حركة التعبئة الجهادية المنتشرة في صفوف المجاهدين وأماكن عيشهم ووجودهم في المجتمع، هي حركة أساسية في رفد مجمل قضيّة الجهاد في الإسلام، بالعدد الوافي من الرجال المتأهّبين للقتال في سبيل الحق، وبالتالي فهي حركة تهدف إلى بناء الشخصية الملائمة للخط الجهادي.

عدد الزوار: 15

إنّ حركة التعبئة الجهادية المنتشرة في صفوف المجاهدين وأماكن عيشهم ووجودهم في المجتمع، هي حركة أساسية في رفد مجمل قضيّة الجهاد في الإسلام، بالعدد الوافي من الرجال المتأهّبين للقتال في سبيل الحق، وبالتالي فهي حركة تهدف إلى بناء الشخصية الملائمة للخط الجهادي.

لذا من الضروري أن نقوم بتسليط الضوء على معنى التعبئة الجهادية وصفات الأشخاص الذين تتوجّه إليهم عملية التعبئة والتربية هذه.

تعريف التعبئة: مقصودنا هنا تعريف التعبئة بمميّزاتها وخصائصها والإضاءة على الجوانب المشرقة في تربية الشباب المجاهد وتأهيلهم للقيام بمسؤولياتهم.

فالتعبئة هي حركة اجتماعية شاملة، تجمع المجاهدين الملتزمين الساعين نحو هدف سام ورفيع، والذين ينطلقون من بين أناسهم وأهلهم ومجتمعهم بكل صدق وإخلاص وحماس ليشكلوا حركة واعية تهدف إلى الوقوف بوجه الطاغوت و أتباعه، ونصرة الحق وأهله.

المميّزات الأساسية للتعبئة الجهادية: التعبئة الجهادية لها مميّزات أساسية، تُشكّل محور الفكر التعبوي الجهادي الراقي والجميل، وتوضح لنا بالتالي دور هذه الحركة في التحوّلات والتغيّرات الثقافية والسياسية في المجتمع.

الميزة الأولى: التعبئة، ديناميكية دائمة: لا ينسجم الفكر التعبوي مع السكون والركود، لذلك فالتعبئة هي حركة ونشاط دؤوب، لأنّ القضية سامية والهدف كبير وخطير، خاصة في ظل التقاعس واللامبالاة من قبل الكثيرين في المجتمع، وعليه كان تشكيل التعبئة منذ البداية مندرجاً تحت شعار مقاومة الظلم والاستكبار والتصدّي لذلك بكل شجاعة ووعي وصدق. ومن مميّزات التعبئة أيضاً أنها حركة هادرة لا توقّف فيها، تنسجم مع الواقع وتتأقلم مع المخاطر والمسؤوليات وتأخذ دورها المفترض حسب تغيّرات الزمان والمكان، ويجب أن يصل هدير حركتها وصدى فعاليتها دائماً إلى كل من هو حولها.

الميزة الثانية: التعبئة حركة شاملة: ليست الحركة الظاهرية لمجموعة ما من الناس دليلاً على وجود فكرٍ ووعي أصيل خلفها، بخلاف حركة التعبئة التي تهدف إلى بناء شخصية مجاهدة.

فالتعبئة حركة شاملة وسريعة في المجتمع تسعى لاستيعاب أكبر قدر من الناس لضمّهم تحت لواء التعبئة الجهادية ضد أعداء الله. وهي حركة تهدف إلى أن تضمّ تحت لوائها كلّ ما يسير بالأمة نحو كمالها وسعادتها، خاصّة وأنّها تحمل راية الحق.

الميزة الثالثة: التعبئة حركة ذات هدف: هذه الميزة تساهم بشكل أكبر في توضيح مفهوم التعبئة الجهادية: فالتعبئة حركة واعية، عارفة، وليست مجرّد تحرّك عبثي وعشوائي.

وتتميّز بشكل أساسي عن كلّ التشكيلات والتحرّكات الأخرى بأنّها تتحرّك نحو هدف معلوم، محدّد مسبقاً. هي إذاً، حركةٌ هادرةٌ لها هدفها ولها مُحرّكها ولها دوافعها، فلذلك هي تسير بانتظام ودقّة وببصيرة ووضوح، وبثبات ويقين ببركة وجود الهدف الواضح والسليم.

الميزة الرابعة: التضحية والإيثار: تسعى حركة التعبئة الجهادية إلى بناء روحية التضحية في الإنسان المؤمن. فالمجاهد هو شخص يُضحي بالمال، بالروح، بكلّ ما يتعلّق أو يُحبّ، ويُقدِّمه رخيصاً في سبيل تحقيق ذلك الهدف المنشود، فأمام سمو الهدف كل شيء يصغر في عين التعبوي المجاهد، ولا تُعدّ له أية قيمة، ولا تحزنه أو تضايقه التضحيات ومواجهة بعض الخسارات، أو فقدان بعض الملذّات الدنيوية، لذلك لا معنى عند المجاهد للتوقّف مهما بلغت المصائب وحلّت الابتلاءات وعظمت التضحيات.

في الخلاصة، التعبئةُ هي حركة ثورانٍ داخليِّ ظهر من حضنِ المجتمعِ الإسلاميّ، لتصبح ظاهرةً عامَّةً لها دورُها وأثرُها وعواملها، وقد شاهدنا بأم العين أثر هذه التعبئة الجهادية في المقاومة وصنع الانتصارات وفي مساعدة النّاس أيضاً للحفاظ على حقوقهم والدّفاع عن كراماتهم.

وإنّ معرفة مميّزات التعبئة وخصائص الفكر التعبوي عامل مهم وطريق أساسيٌّ للتعرّف على مدى التأثير والدور الذي يلعبه هذا الفكر التعبوي الجهادي من الناحية التربوية في نهضة المجتمع، وإيقاظه من سباته العميق. كما ويتضح بذلك دوره المستقبلي في تحديد الوظيفة المطلوبة وتشخيص التكليف المُلقى على عاتق المجاهدين في التعبئة.

فالتعبئة هي حركة اجتماعية هادرة، نرى شبيهاً لها في الطبيعة، ومثلها كمثل الماء، فالماء لو ترك راكداً هامداً، فإن الطاقة العظيمة الموجودة فيه لن تظهر ولن تثمر، إلا في حال تمّ تفعيلها وتحريكه، فهي تصبح عند ذلك قادرة على فتح الأخاديد العقيمة وابداع طاقات عظيمة تنير المدن الكبيرة.


* من كتاب: الجهاد والشهادة في فكر الشهيد الشيخ مرتضى مطهري(رضوان الله عليه) - جمعية المعارف الإسلاميّة الثقافية