يتم التحميل...

 قداسة تحصيل العلم في رؤية الإمام الخامنئي (دام ظله)

إضاءات إسلامية

إنّ الموقع الدينيّ للإمام الخامنئيّ دام ظله جعل من البعد الإسلاميّ للعلم أساساً حاضراً في ثنايا كلّ خطبه في حضرة أهل العلم، فتحدّث عن موقع الإيمان العميق بما يقول وبما يقوله الإسلام في العلم، وجعل من البعد الإسلاميّ السلاح السحريّ الذي يصل إلى قلب الإنسان وعقله

عدد الزوار: 41

إنّ الموقع الدينيّ للإمام الخامنئيّ دام ظله جعل من البعد الإسلاميّ للعلم أساساً حاضراً في ثنايا كلّ خطبه في حضرة أهل العلم، فتحدّث عن موقع الإيمان العميق بما يقول وبما يقوله الإسلام في العلم، وجعل من البعد الإسلاميّ السلاح السحريّ الذي يصل إلى قلب الإنسان وعقله، ويولّد فيه تلك الدافعيّة الكبرى، هذه الدافعيّة التي كان من شأنها أن تصالح قلب الإنسان مع عقله، فتصبح طاقاته متناسقة وواثبة ضمن مواصفات الفرد الإيجابيّ في المجتمع. ولذا، كان البعد الإسلاميّ في كلام الإمام الخامنئيّ دام ظله عن العلم رقيقاً وشفّافاً ينفذ إلى القلب والوجدان، ويصل العلم إلى الهدف المطلوب ضمن سلسلة قناعات الإنسان الفلسفيّة والروحيّة وترجمتها العلميّة، لتُحدث التناغم المطلوب، وينطلق الإنسان الحرّ الواعد العارف بما يفعل وإلى أين يصل، لمصلحة الناس ولمنعة الأمّة ودفاعاً عن الإنسان ولنصرة المستضعفين وإنقاذ البشريّة، وصولاً إلى الغاية الأسمى والأنبل، ألا وهي رضا الله - سبحانه وتعالى -. فالكلام عن العلم عند الإمام الخامنئيّ دام ظله كان جزءاً من المشروع العقيديّ الروحيّ ومنطلقاً منه وعاملاً لأجله، فتحصيل العلم وجهاد العلم واجب سيسأل عنه القادر عليه وسيُثاب بعظيم الثواب من عند الله – تعالى -، من حمله وخدم به، ففي كلام الإسلام عن العلم، قال الإمام الخامنئيّ دام ظله: "لقد أضفى الإسلام قدسيّة على العلم، فالعلم شيء مقدّس والتحصيل العلميّ يتميّز بقدسيّة خاصّة. إنّ العلم يختلف عن باقي الأمور، فهو ليس مجرّد وسيلة لتحقيق الثراء كغيره من الوسائل، مع أنّه يحقّق الثراء، ولكن ينبغي الحفاظ على قدسيّته... إنّ العلم نور، وهذا ما يجب أخذه بعين الاعتبار، وهو أحد شؤون الجامعة الإسلاميّة"[1].
 
ويتابع الإمام الخامنئيّ دام ظله في الخطبة نفسها: "إنّ أحد مصاديق العمل الصالح هو النشاط العلميّ نفسه الذي تقومون به في الصفّ، أو العمل الذي تقومون به في المصنع، أو في المزرعة. إنّ نشر العلم وتوفير فرص العمل عبادة، كما أنّ الصلاة وقراءة القرآن عبادة، وهذا ليس بالأمر الهيّن".
 
ويربط الإمام الخامنئيّ دام ظله العلم والتعليم والعمل بالسموّ الإنسانيّ المتوجّه إلى رضا الله -تعالى-، فيقول في الخطبة نفسها: "إنّ الهدف من وراء جعل الثواب على التعليم والعمل هو أنّ الله – تعالى - جعل كمال البشريّة في العلم والعمل. والمجتمع العاطل عن العمل أو الذي يتكاسل في العلم، وكذلك المجتمع الجاهل، لا يستطيعان ارتقاء مدارج الكمال البشريّ. وكلّما كان العمل أكثر نفعاً كان الثواب أكثر. والثواب هنا، ليس فقط لتعليم القرآن وعلوم الدين، وإنّما أيضاً لتعليم الجبر والمثلّثات والفيزياء والهندسة. فما دمتم تصنعون من أولاد الناس علماء يفيدون المجتمع بعلمهم، فإنّ تدريسكم هذا فيه ثواب وأجر، هذا هو منطق الإسلام. إذاً، المكسب الأوّل هو تحصيل الثواب الإلهيّ، والمكسب الآخر الذي لا يقلّ أهمّيّة هو المساهمة في بناء صرح مستقبل مجتمعكم".
 
إذاً، فالعلم العمليّ، بحثاً وتدريساً، عند الإمام الخامنئيّ دام ظله، هو عبادة، كما الصلاة وقراءة القرآن، فالصلاة وقراءة القرآن هما جزء من بناء روحيّة الإنسان، فيما العمل العلميّ هو جزء من بناء روحيّة المجتمع، وقد جعل الله – تعالى - في كِلا الأمرين ثواباً، طالما كان القصد منعة الأمّة بفردها ومجتمعها.
 
* العلم في مشروع الإمام الإمام الخامنئيّ دام ظلّه نهوض واقتدار بأخلاقيّات سامية متأصّلة، مركز المعارف للتأليف والتحقيق


[1] خطاب بتاريخ 19/1/2006م، بعنوان: "الجامعة ودورها في صناعة الثورات العلميّة والفكريّة"، مع أساتذة جامعة الإمام الصادق عليه السلام وطلّابها.

2025-04-23