مواجهة النزعة الترَفيّة في المجتمع
إضاءات إسلامية
علينا إصلاح أنفسنا. يجب إصلاح نمط الاستهلاك في المجتمع والبلاد. نموذجنا للاستهلاك نموذج خاطئ. كيف نأكل؟ وماذا نأكل؟ وماذا نلبس؟ نضع في جيوبنا هاتفًا جوالًا، وبمجرّد أن ينـزل إلى الأسواق طراز أحدث نرمي جهازنا جانبًا، ونشتري النسخة الأحدث، لماذا؟! أيّة نزوة هذه التي أُصبنا بها؟!
عدد الزوار: 237ضرورة إصلاح نمط الاستهلاك في المجتمع
علينا إصلاح أنفسنا. يجب إصلاح نمط الاستهلاك في المجتمع والبلاد. نموذجنا للاستهلاك نموذج خاطئ. كيف نأكل؟ وماذا نأكل؟ وماذا نلبس؟ نضع في جيوبنا هاتفًا جوالًا، وبمجرّد أن ينـزل إلى الأسواق طراز أحدث نرمي جهازنا جانبًا، ونشتري النسخة الأحدث، لماذا؟! أيّة نزوة هذه التي أُصبنا بها؟!
جعل الثروة في مسير الإنتاج هو إصلاحٌ لنمط الاستهلاك
الكثير من أولئك الذين يمتلكون رؤوس الأموال والمداخيل الكبيرة لا يعرفون كيف يستعملون هذه الثروات. وهنا تبرز قضيّة ترشيد الاستهلاك. فبدلًا من أن يضعوا أموالهم في الاستثمارات الإنتاجيّة يستهلكونها في الكماليّات والرحلات الخارجيّة العبثيّة وغير المنتجة والتي تكون أحيانًا فاسدة، ويجدون مبررًا لتغيير الأثاث وتجهيزات المنزل، إنّ مثل هذه الأشياء تُعد تصرّفات مسرفة في ما يتعلّق بالثروة. فيمكن أن يُستثمر بهذا المال وبهذا المدخول.
توجيه مداخيل البلد نحو الإنتاج؛ لا الإسراف
لدينا أموال خارج البلد؛ فقد بعنا النفط ولم يعطونا ثمنه. جرى الاتّفاق ضمن الاتّفاق النوويّ على إعادة هذه الأموال إلينا... عندما تُعاد إلينا هذه الأموال الموجودة خارج البلاد وهي تقريبًا 10 مليارات دولار، علينا أن لا نودعها في المصارف والبنوك لئلّا تُهدر. البلد بحاجة إلى هذه الأموال التي ستردّ، وفي مجال الإنتاج بالدرجة الأولى؛ حاذروا لئلّا تُهدر هذه الأموال الواردة وتتلاشى. فلا تُصرف على المشتريات غير الضروريّة، والأعمال العبثيّة، والأمور الإسرافيّة؛ أي [عليكم] إدارة الثروات الماليّة الواردة إلى البلد من البنوك والمراكز الأجنبيّة.
ترشيد الاستهلاك يعني الاستهلاك بطريقة صحيحة
من الأعمال والإجراءات الأساسيّة في مجال التقدّم والعدالة -ما ذكرته في رسالة النوروز وخاطبت بها الشعب الإيرانيّ العزيز- ألا وهي مكافحة الإسراف، والسير نحو إصلاح نمط الاستهلاك، والحؤول دون البذخ، وتضييع أموال المجتمع؛ هذه قضيّة على جانب
كبير من الأهميّة. طبعًا، هذه ليست المرة الأولى التي نطرح فيها هذه الفكرة. إنّني في لقائي بالجماهير بداية السنة وفي مرّات عدة، خاطبت شعبنا العزيز، وذكرت بعض النقاط حول الإسراف، والتبذير، وإتلاف الأموال، وضرورة الاقتصاد، بيد أنّ هذه المسألة لم تنتهِ، ولم يتحقّق هذا الهدف كما يجب. من الضروري أن نطبّق مسألة “الاقتصاد”، كسياسة، في الخطوط العريضة لخططنا على شتّى المستويات. ليتنبّه شعبنا العزيز إلى أنّ الاقتصاد لا يعني عدم الاستهلاك؛ بل يعني الاستهلاك بنحوٍ صحيح ومناسب، وعدم تبذير الأموال، وجعل الاستهلاك مثمرًا ومفيدًا. فالإسراف في الأموال وفي الاقتصاد هو أن يستهلك الإنسان المال، من دون أن يكون لهذا الاستهلاك تأثيرٌ وفاعليّة. الاستهلاك العبثيّ والتبذير هو في الحقيقة إهدارٌ للمال. على مجتمعنا أن يجعل هذا الأمر شعاره الدائم نصب عينيه، ذلك أنّ واقع مجتمعنا من حيث الاستهلاك ليس واقعًا جيّدًا.
الدور النموذجيّ للمسؤولين في القضاء على ثقافة الاستهلاك
الإسراف، واجتناب المصاريف الزائدة. وبالتأكيد، كلامي الأوّل في هذا المجال موجّه للمسؤولين؛ ليس في حياتهم الشخصيّة فحسب ـ وهذا الآن يأتي في الدرجة الثانية من حيث الأهمّيّة ـ [بل] ينبغي لهم في الدرجة الأولى أن يجتنبوا بجدّيّة الهدرَ في نطاق مهمّاتهم وعملهم. وإذا حصل هذا، أي كنّا نحن المسؤولين ملتزمين بهذا الأمر، عندها ستعمّ وتنتشر هذه الروحيّة، وهذه الخصلة، وهذه الأخلاق بين الناس. إنّنا اليوم نرى بين الناس والأشخاص الذين يتمتّعون بأوضاع ماليّة لا بأس بها، الكثير من الإسراف، والإسراف موجود في كثير من الموارد؛ إنّنا نوجّه خطابنا إلى الناس، لكن هذه من جملة المواضع التي تقول: “كونوا دعاة للناس بغير ألسنتكم” . على جماعة المسؤولين في البلاد أن يلتفتوا فيما يتعلّق بشؤون المجموعة التي يديرونها، بأن لا يكون هنالك إسراف في عملها؛ أن تكون طريقة الإنفاق حقيقة، نموذجًا عقلانيًّا، تدبيريًّا، إسلاميًّا. نحن لا نقول للناس بأنّ عليهم أن يرتاضوا كما يوحي البعض إلى ذلك. بعد أن تمّ الإعلان عن سياسات الاقتصاد المقاوم، وقبل أن يجفّ حبر هذا الإعلان شرع البعض بالقول: “هؤلاء يدعون الناس إلى الارتياض”؛ لا، الأمر ليس كما يدّعون بتاتًا، بل بالعكس؛ إنّنا نؤمن بأنّه إذا طُبّقت هذه السياسات، فإنّ أوضاع الناس ستتحسّن، وستنفرج أمور الطبقات الفقيرة. البلد الذي يكون فيه التضخّم في الحدّ المعقول، والشغل في الحدّ المطلوب، سيعيش عموم الناس فيه براحة ورفاه. إنّنا لا نطلب بأيّ وجه من الناس أن يرتاضوا، نحن نطلب منهم عدم الهدر. الاستهلاك شيء، وسوء الاستهلاك شيء آخر.
قبل سنوات، تحدّثتُ حول هذا الموضوع بالتفصيل في خطاب بداية السنة الجديدة. علينا نحن المسؤولين أن نجعل هذا الأمر وجهةَ إرادتنا وعزيمتنا؛ فالإسراف في الماء، في الخبز، وفي المواد الغذائيّة، وفي الدواء، وفي وسائل الحياة، وفي الكماليّات والزينة وما شابه، يهدر قسمًا مهمًّا من الثروات الحيّة للبلد؛ وهذه أيضًا من الأمور التي ينبغي أن تُلاحظ؛ الاستهلاك الجيّد هو غير الإسراف ورمي الأشياء والهدر.
بساطة عيش المسؤولين من أسباب استئصال النزعة الترَفيّة
بساطة المعيشة -لا سيّما لدى السيد رئيس الجمهوريّة نفسه- حالة جيدة ومميّزة وشيء له قدره. وهي مشهودة بدرجات متفاوتة لدى بقية المسؤولين أيضًا والحمد لله. بساطة المعيشة شيء قيّم جدًّا. إذا أردنا استئصال البذخ والنـزعة الأرستقراطية والإسراف والتبذير من مجتمعنا -وهو بلاء كبير حقًا-، فلن يتسنى ذلك بمجرّد الكلام والأقوال، فنتحدّث من جهة ويلاحظ الناس من جهة ثانية أنّ أعمالنا على شاكلة أخرى! ينبغي أن نعمل. يجب أن يكون عملنا شاهدًا ودليلًا على أقوالنا حتى يكون لها تأثيرها. وهذا الشيء متحقّق لحسن الحظ. قرّبتم المسافة بينكم وبين الطبقات المستضعفة فأبقوا عليها قريبة وقرّبوها أكثر فأكثر.
حياة الصالحين في كلام الإمام الخامنئي (دام ظله)، مؤسسة الثورة الاسلامية للثقافة والأبحاث (مكتب حفظ ونشر آثار الإمام الخامنئي)
2023-11-15