كيف تؤثّر الصلاة علينا؟
المتقون
ممّا لا شكّ فيه أنّ للصلاة كما هي الحال في سائر العبادات آثاراً إيجابية على الفرد نفسه وعلى المجتمع، وقد سبّب إهمالها في عصرنا الحالي خواء روحياً واضحاً أثّر في نظرة الفرد إلى المجتمع وإلى الحياة ممّا سبّب في أزمات نفسيّة حادّة هي التي كانت وراء تزايد نسبة الأمراض النفسية والانتحار وغيرها،
عدد الزوار: 297ممّا لا شكّ فيه أنّ للصلاة كما هي الحال في سائر العبادات آثاراً إيجابية على الفرد نفسه وعلى المجتمع، وقد سبّب إهمالها في عصرنا الحالي خواء روحياً واضحاً أثّر في نظرة الفرد إلى المجتمع وإلى الحياة ممّا سبّب في أزمات نفسيّة حادّة هي التي كانت وراء تزايد نسبة الأمراض النفسية والانتحار وغيرها، ونحن نُسلّط الضوء في هذا الفصل على بعض الآثار المهمّة التي تتركها الصلاة على المصلّي، فنذكره في هذا الموضع من الكتاب لأنّه قد هان على كثيرٍ من المصلّين - لطول الأمد وقسوة القلوب، واستحكام الدنيا في النفوس - أن لا تُرى آثار الصلاة عليهم، وكأنّهم لم يقرؤوا في كتاب الله عزّ وجلّ: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ﴾[1] نحن نُصلّي ولكن لا يتورّع الكثيرُ من المصلّين عن ارتكاب بعض المحرّمات، والتساهل في الواجبات، ولا ريب أنّ مردّ ذلك يعود لأداء الصلاة جسداً. بلا روح. أو لأنّ بعض الناس أصبح ينظر للصلاة على أنّها أضحت عادة اعتاد الناس فعلها، وبالمحصّلة لا تؤدّى كما شرّع الله تعالى وسنّ رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، والحقيقة أنّه لو صلّى المصلّون الصلاة الشرعية، واستحضروا الخشوع والرهبة، وأقاموها وفقاً لما سنّه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لنفعت، وأثّرت وعملت عملها في قلوب الناس، ومجتمعاتهم، وصارت أكبر عونٍ لهم على أمور الدنيا والدين، ألم يقل ربّنا تبارك وتعالى: ﴿وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ﴾[2].
إنّ مراعاة أداء الصلاة كما أوجبها الله تعالى هو سبب رئيس في انحسار كثيرٍ من المنكرات والمحرّمات، وأنت أخي المؤمن ترى أنّ الله عزّ وجلّ قد رتّب الفلاح للمؤمنين، وجعل أوّل صفاتهم وعلاماتهم الخشوع في الصلاة، فقال تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ* الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ﴾[3]، فلا شكّ أنّ المحافظ على صلاته المؤدّيها في وقتها، والذي يتأهّب لها ويستعد قبل دخول وقتها، ويحرص على عدم فوات جزء منها. لا شكّ أنّ هذا ينتفع بصلاته، وتظهر آثارها على جوارحه، وسلوكه، فتعظيمه لهذا الركن العظيم من أركان الإسلام، ومعرفة حقّ الله سبحانه فيه، دليل لتعظيمه أوامر الله تعالى، والبعد عن نواهيه وهذا من حال الخاشعين لله تعالى الذين يكون الفلاح حليفهم جميعاً، كما جعلها الله سبحانه وتعالى علامة فارقة للمتّقين من أهل الإيمان، فقال عزّ من قائل: ﴿الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ﴾[4]، القسم الأخير من الآية المباركة هي ثمرةٌ جنيَّة للمؤمنِ بالغيب والمقيمِ الصلاة، لأنَّ الإنسان كالبذرة المهيَّأة والمستعدَّة التي لو وضعت في أرض قابلة للزراعة لانشقَّت وغرست جذورها فتفتَّحت وأثمرت، فالثمار إذاً ليست إلا نتيجة لاستحكام الجذور وصلابة العود، والإيمان بالغيب هو الذي يُمثِّل باطن الإنسان الذي يظهر في إقامة الصلاة والإنفاق في سبيل الله، ثمرتان ذات أُكلٍ دائم.
الآثار الروحية والتربوية للصلاة
إنّ الصلاة هي أهمّ الأوامر الإلهية وما يتخلّلها من دعاء وأذكار، وتلاوة للقرآن، ستترك بلا شكٍّ أثراً بالغاً في الأبعاد الدينيّة والروحية عند الفرد المسلم، لأنّ الصلاة ليست مجرّد تحريك للبدن واللسان، فهذه الحركات والكلمات لها امتدادها في وجدان المؤمن وقلبه ونفسه، وإنّ الخير كلّ الخير، والغنيمة كلّ الغنيمة، أن يستفيد المسلم من العبادات والمناسبات الإسلامية، وأن تؤثّر على مجرى حياته تأثيراً طيّباً، ليكون زاهداً في الدنيا الفانية راغباً في الآخرة الباقية، فإذا صلّى رُئيت آثار الصلاة الإيجابية عليه وعلى مجتمعه
قربان الأتقياء، دار المعارف الإسلامية الثقافية
[1] سورة العنكبوت، الآية 45.
[2] سورة البقرة، الآية 45.
[3] سورة المؤمنون، الآيتان 1 - 2.
[4] سورة البقرة، الآيات 1 - 3.