يتم التحميل...

 النصّ الكامل لكلمة الإمام الخامنئي في لقاء مع جمعٍ من العمّال

2022

 النصّ الكامل لكلمة الإمام الخامنئي في لقاء مع جمعٍ من العمّال

عدد الزوار: 145

 النصّ الكامل لكلمة الإمام الخامنئي في لقاء مع جمعٍ من العمّال 2022/05/09

بسم الله الرحمن الرحيم،[1]


والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطاهرين، ولا سيما بقية الله في الأرضين.

أهلاً وسهلاً بكم. إنني سعيد جداً لأنه - بحمد الله - بعد سنتين أو ثلاث وفق الظاهر وُفّقنا للّقاء معكم من كثب وللتحدّث مع ممثلي مجتمع العمال.

الهدف من لقائنا السنوي هذا مع العمال هو تقدير العمال وشكرهم، وتقدير العمل بحد ذاته، وهذا الثاني ربما يكون أكثر أهمية من الأول. في بلدنا قيمةُ العمل ليست واضحة كما ينبغي بالضرورة لعموم الناس. العمل قيمة في الإسلام. الآن أودّ أن أقول إن النظرة إلى العامل في الإسلام على هذا النحو أيضاً، وهي مختلفة عن كل مكان. وفقاً للإحصاءات التي قدموها إليّ إن عدد الباحثين عن عمل في مجتمعنا أقل مقارنة بعدد من بلدان العالم. لماذا؟ إنّ مَن يبحث عن عمل ولا يوجد عمل ولا فرصة عمل لديه عذر، ولكن من لا يبحث عن عمل أصلاً... الإسلام يحارب هذا التوجه. يصرّ الإسلام على أن الإنسان يجب أن يسعى ويعمل ويثابر. هذا السعي والعمل بالإضافة إلى كونه يوفّر حياة المجتمع - بالطبع، إذا لم يكن هناك عمل، فلن يتم توفير حياة المجتمع - إنه أيضاً ذخر للعامل نفسه لأنه يمنحه الشعور بالهوية. الإنسان الذي لا يبحث عن عمل ولا يعمل لا يشعر بالهوية، إنما يشعر أنه عديم الهوية. لذلك، نريد أن نشكر عمالَنا الأعزاء ونقبّل أيديكم تأسياً بنبي الإسلام المكرم (ص)، كما نريد أن تُعرف قيمة العمل في المجتمع، فالعمل قيمة في الإسلام. يجب أن يُكرّرَ هذا وأن يقال، وينبغي صنع ثقافة في البلد حتى يمكننا القول إن نسبة عدد العاملين ومن يبحثون عن عمل من السكان هي مثلاً بهذا الرقم المرتفع، وإنهم نسبة عالية، وأنْ نتمكن من رؤية ذلك في المستقبل. يجب أن يكون هذا جزءاً من برامج المسؤولين المعنيين بالعمل بما في ذلك وزارة العمل. الآن هذه التصريحات التي أدلى بها السيد الوزير كانت تصريحات جيدة جداً، فقد قدّم تقريراً جيداً، ولتتابعوا القرارات التي اتخذتموها حتى تتحقق هذه القرارات، إن شاء الله، خاصة لقد دونت نقطة أيضاً لأقولها: قضية تعزيز المهارات، فهي مهمة جداً جداً. إنّ إنشاء مراكز تعزيز المهارات للعمال هي من القضايا الحيوية في مسألة العمل والعمال في البلاد.

حسناً، نظرة الإسلام إلى العامل نظرة احترام وتقدير، وهي تختلف عن نظرة النّظام الرّأسماليّ وأيضاً عن نظرة الأنظمة الشيوعيّة المنهارة. نظرة الأنظمة الرأسماليّة إلى العامل هي نظرة استغلال واستثمار. العامل أداة تخدم وصولهم إلى الثروة. هذه هي نظرة النّظام الرّأسمالي، وهم لا يُخفون هذا الأمر أيضاً. إذا نظرتم في الكتب الاقتصاديّة، فسوف تتوصّلون إلى هذه النتيجة. العامل من وجهة نظر النّظام الرأسمالي أداة ووسيلة، ولا بدّ من الحصول على هذه [الأداة] والاستفادة منها لكي يجني صاحب رأس المال الثّروة. هكذا هي نظرتهم. وإذا كانوا يمنحون العامل ميّزة في وقت من الأوقات، فذلك من أجل أن يواصل هذا العامل إضافته إلى رأس المال هذا، ولا يتخلّى عن العمل أو لا يغضب وأمثال هذه الأمور. هذه هي نظرة النظام الرأسمالي.

نظرة الأنظمة الشيوعيّة أيضاً كانت نظرة شعاريّة. كان النظام يُدعى نظاماً عُمّاليّاً. فلتفرضوا - لا أعلم إن كنتم على علاقة بكتب التاريخ ومطّلعين عليها أو لا - روسيا في زمن ستالين أو خروتشوف، هؤلاء أنفسهم الذين عاصروا مرحلتنا وشاهدنا من كثب أوضاعهم وأحوالهم خلال الشباب ومرحلة المطالعات والنّشاطات، في حين كان اسم هؤلاء «النّظام العمّالي» لكنّ الرؤساء كانوا يعيشون كالسلاطين القدماء. لم يكن هناك من أثر لدعم العامل، وكانت الضغوط على المجتمع كلّه. كانت الضغوط على طبقة العُمّال. إذا نظرتم إلى كتبهم أيضاً، ففي مقدوركم رؤية هذا الأمر. في هذه الكتب نفسها التي ألّفوها، سواء أكانت كتب شروح الأحوال أم الكتب الفنيّة والروايات وأمثالها، يتجلّى هذا المعنى بوضوح. كان الدفاع عن العامل والنظرة إليه نظرة شعاريّة. كانوا يطلقون الشّعارات أنّ النّظام نظامٌ عُمّالي.

في الإسلام، لا يوجد هذا ولا ذاك. النظرة نظرة تقدير وهي نظرة قِيميّة تخلق قيمة للعمل والعامل. قضيّة تقبيل النبي (ص) يد [العامل]، التي أشار إليها جنابه، هي [إشارة] إلى هذا الأمر على كلّ حال. فالنبي الأكرم (ص) حين يرى أنّ هذه اليد هي يد عامل كان ينحني ويُقبّلها.[2]

جاء في رواية أن شاباً مرّ أمام الرسول (ص)، وكان وسيماً، وقد أُعجب النبي (ص) بهذا الشاب، ويبدو أنهم نادوا عليه وسألوه سؤالين: أحدهما أنهم قالوا: هل تزوجت؟ قال: لا. قالوا: ما عملك؟ قال: لا أعمل، فقال النبي: سقطَ من عيني.[3]
هذه هي المسألة؛ سقط من عيني. [بشأن] هذا الشاب الذي أعجب الرسول (ص) سلوكه مثلاً وحركاته ونحوها على سبيل المثال، قال الرسول (ص): سقط من عيني، لأنه لم يكن يسعى إلى العمل. هكذا ينظر الإسلام إلى العمل؛ يراه بصفته قيمة إنسانية ويقدّره. حسناً، هذا بشأن أصل نظرتنا إلى العمل والعامل وهذا الاجتماع واللقاء معكم، أيها الأعزاء.

لكن في ما يخص العمال، لقد تحدثنا كثيراً. تحدثت مرات عدة على مر السنين عن العمال وخصائصهم. لكن من الجيد أن نكرّر نقطة أو اثنتين حول العمال، وهذا مهم. عُمّالنا [أي] العُمّال خلال الثورة الإسلاميّة - كانت الأمور مختلفة قبل انتصار الثورة - أثبتوا حتّى الآن أنّ دوافعهم الوطنيّة في الساحات كافّة دوافع متألقة وبارزة. ماذا تعني [جملة] «في السّاحات كافّة»؟ أي في السّاحة العسكريّة، والاقتصاديّة أيضاً، وكذلك السياسيّة.

في الساحة العسكرية المشهدُ المتجلي والمترائي للأعين هو مرحلة «الدفاع المقدس». لدينا أربعة عشر ألف شهيد من العمال. أربعة عشر ألفاً! الآن لا أدري كم نسبة الذين استشهدوا من الذين ذهبوا. حتماً ذهب من العمال عشرة أضعاف هذا. لكن ذهاب العامل يختلف عن ذهاب الشاب التعبوي. غالباً ما يكون لدى هذا العامل زوجة وأطفال - ربما أكثر من طفل - ووالدان، فأن يسلخ قلبه ويذهب إلى «الدفاع المقدس» ويحمل روحه على كفه يختلف ذلك تماماً عن ذهاب شاب إلى ميدان الحرب وليس لديه تعلّقات كالزوجة والأطفال وما شابه. القضية كذلك في الميدان العسكري. اليوم أيضاً إذا وقعت قضية عسكرية، فحتماً مجتمع العمال سيكون بين الصفوف الأمامية.

أما بشأن السّاحة الاقتصاديّة، طبعاً كانت هذه هي سياسة الاستكبار منذ بدايات الثورة الإسلاميّة، واتّضح ذلك خلال الأعوام العشر والخمس عشرة الأخيرة بصورة كبيرة، فسياستهم كانت تعطيل الإنتاج في البلاد. هذه سياسة العدوّ. هذا الحظر كله وهذا الكلام كله كان يرمي إلى أن يتعطّل الإنتاج في البلاد، وحين يتعطّل الإنتاج يصير البلد خالي الوفاض ومحتاجاً وشاخصاً بنظره إلى يد هذا وذاك. الهدف المهمّ والنهائي من الضغوطات الاقتصاديّة كان تعطيل الإنتاج، وعُمّالنا وقفوا في الصفوف الأماميّة وحالوا دون هذا الأمر. إذا كنتم ترون أنّ الإنتاج في البلاد كان في بعض الحالات أكبر في بعض السنوات حتى، فهذا يعني أنّ عُمّالنا في الميدان الاقتصاديّ وقفوا في الصّفوف الأماميّة. بالطبع، أنا أضع أيضاً حق رواد الأعمال في الاعتبار. ليس الأمر أننا لا نراهم ذوي حق – سأتحدث عن ذلك أيضاً - ولكن العمود الأساسي لهذه الخيمة كان العامل. وهذه أيضاً نقطة: الميدان الاقتصادي.

أما الميدان السياسي، فمنذ الأيام الأولى للثورة بدأ تحريض العمال. أنا نفسي كنت مطلعاً على القضية. ثمة مصنع صار مركزاً لتجمع هؤلاء، وفي الأيام التي شارفت فيها الثورة على الانتصار - في 18 بهمن، و19 بهمن، و20 و21 بهمن – وللمصادفة جاؤوا في أثري، وقد كنت مشغولاً أيضاً. كان لدينا كثير من العمل لأدائه في تلك الأيام لكنني ذهبت. ذهبت وبقيت في ذلك المصنع بضعة أيام. فكنت أعود في الليل، ثم أذهب مرة أخرى في الصباح. رأيت من كثب ما كانوا يفعلون: خطابات وتحريضات. جاؤوا وأقاموا مسيرة في اليوم الثالث أو الرابع لانتصار الثورة - الخامس والعشرين أو السادس والعشرين - باتجاه بيت الإمام. بدأت تحركات العمال منذ ذلك اليوم وما زالت حتى الآن. حتى يومنا هناك تحريض للعمال.

كان هدفهم استخدام فئة العمال ومجتمع العمال كيافطة وعلامة على الاعتراضات الشعبية. [لكن] مجتمع العمال مرّغوا أنوفهم في الأرض ووقفوا في وجههم ولم يدَعوا ذلك يحدث ووقفوا إلى جانب الثورة والنظام.

طبعاً كانت هناك حالات احتجّ فيها العمال وكان احتجاجهم محقاً. أنا الذي أتابع القضايا [أعلم] أنه في بعض الحالات كانت اعتراضات الذين تجمعوا احتجاجاً محقاً. على سبيل المثال الحكومةُ سلمت مصنعاً لشخص بدلاً من إدارة المصنع وكان يبيع معداته ويطرد العمال ويريد بناء فندق مثلاً على أرضه. حسناً، هنا يخرج العمال ويعترضون. في هذه الاحتجاجات أيضاً، كان العمال يضعون حدودهم مع العدو، أي لم يسمحوا للعدو باستغلال اعتراضهم المحق. هذا مهم، هذا مهم جداً. كيف يمكن للمرء أن يكون شاكراً لهذه المجموعة الواعية والمتحلية بالبصيرة والملتزمة؟

حسناً، هذه جزء من مناقب مجتمع العمال لدينا، وبالطبع قلناها مراراً وتكراراً، ولو لزم الأمر، فسنقولها وسنكررها مرة أخرى. فلتعلموا - أيها العمال الأعزاء وكذلك عموم الناس - ما يحدث في مجتمعنا. مجتمع العمال لديه مشكلات - أنا الآن سأشير إليها لكي يتم، إن شاء الله، حل هذه المشكلات تدريجياً، بحول الله وقوته، عبر سياسات هذه الحكومة الجديدة، لكن في النهاية لديهم مشكلات - ورغم هذه المشكلات، وقفوا إلى جانب الإسلام والثورة والنظام في كل من المجال العسكري والاقتصادي والسياسي.

حسناً، في القضية العمالية، هناك ثلاث نقاط أساسية يجب أن يُلتفت إلى هذه النقاط في التخطيط. نقطةٌ هي مسألة توفير الأرضية لخلق فرص العمل في البلاد. نحن الآن بحاجة إلى زيادة فرص العمل. وهذا ممكن أيضاً في البلاد، أي جميع أصحاب الرأي والأشخاص المطلعون على قضايا البلاد يؤيّدون أنه من الممكن زيادة فرص العمل في البلاد ليكون معدل البطالة أقل بكثير مما هو عليه اليوم. هذا أمر مهم: صنع الأرضية لخلق فرص عمل أو الدخول مباشرة وخلق فرص عمل.

ثانياً تنظيم العلاقة بين العمل ورأس المال. يجب أن تكون هناك علاقة معقولة وصحيحة، وسوف أتحدث عن كل منها الآن بجملتين أو ثلاث.

أما الموضوع الثالث، فهو الأمن الوظيفي الذي أشرت إليه مرات عدّة في هذا الاجتماع في هذه الحسينية[4] بمناسبة لقاء العمّال. واليوم أودّ أن أذكر نقطتين أو ثلاثاً في هذا الصدد. في ما يخصّ فرص العمل، يمكن للمسؤولين العمل على زيادتها. هناك حاجة إلى بعض الاستثمار، وحاجة إلى دخول القطاع الخاص نوعاً ما، [لكن] معظم الحاجة مرتبطة بالإدارة الحكومية، أي أن تدخل الحكومة الميدان كمدير فعال وتأخذ كل شيء بالاعتبار.

وما يلزم هذا الأمر أن يكون لديهم إشراف إحصائي كامل، وهذا يعني معرفة مكان القدرات وفي أي حالات، وما حيثيات التوظيف في هذه القدرات، وما الحاجة إلى ذلك وما مقدارها. من ناحية أخرى لا بدّ من معرفة الباحثين عن العمل وربطهم ببعض وإحياء فرص العمل.

من الأمور والأشياء التي يمكن أن تنعش فرص العمل هذه الشركات القائمة على المعرفة نفسها التي ذكرناها هذا العام.[5] ما يميز الشركات القائمة على المعرفة أنها تقضي على بطالة الخريجين. اليوم، في إحصاءات البطالة التي ننظر إليها، معدلُ البطالة بين خريجي جامعات البلاد أعلى من جميع الفئات الأخرى. حسناً، لقد عمل هذا الشاب بجد، ودرس، واستثمرت الحكومة [أيضاً] وصرفت المال وقدّمت المال للوصول إلى هنا! ثم يصير الآن متعطلاً عن العمل! في بعض الأحيان، [يكتب بعضهم] في هذه التقارير الشعبية التي تصلني أنهم ذهبوا مثلاً إلى مناسبة ما، أو أجروا زيارة عائلة ما - بمناسبة [ولادة] طفل أو في مناسبات مختلفة – والأب خريج ماجستير في الاختصاص الفلاني، فماذا يعمل؟ يعمل سائق أجرة! حسناً، هذه بطالة. هذا قد درس في الاختصاص الفلاني، فيجب أن يكون قادراً على الاستفادة منه. تملأ الشركات القائمة على المعرفة هذا الفراغ في حين أن بعضهم ينتقدون: أنت تقول الشركات قائمة على المعرفة، فعندما تصير قائمة على المعرفة يقل اعتمادها على الموارد البشرية. كلّا! يمكن إنشاء علاقة وارتباط يزيدان من فرص العمل. لذلك أكرر مجدداً، وقلت ذلك من قبل، وأقولها مرة أخرى: لا بد للشركات القائمة على المعرفة أن تزدهر... طبعاً الشركات القائمة على المعرفة بالمعنى الحقيقي للكلمة.

في ما يتعلق بتنظيم العلاقة بين العامل وصاحب العمل، أو العامل ورائد الأعمال، أو بين العمل ورأس المال – أي تعبير كان - حسناً، أولاً وقبل كل شيء، يجب أن يكون معروفاً أن العامل ورائد الأعمال هما جناحا الطيران، أي إذا كان هناك عامل ولا يوجد رائد أعمال، فلن يتقدّم العمل، و[إذا] كان رائد الأعمال موجوداً، ولم يكن هناك عامل، فلن تسير الأمور على ما يرام؛ كلاهما احتياج أكيد، ويجب الالتفات إليهما. أحد الجوانب هو العمل ومهارة العامل، وجانب [آخر] هو رأس المال والإدارة والمعرفة والتكنولوجيا وما شابه. كل من هذه تخلق قيمة، [أي] تنشأ قيمة مضافة عبر هذه المجموعة في هذه المادة الخام. [تجب معرفة] ما نسبة كلّ منها، ويجب أن يبحثوا ويحدّدوا النسبة العادلة. يحتاج هذا إلى العمل والفكر والتدبير.

قد خصصنا قسماً في سياسات الاقتصاد المقاوم لهذا الأمر.[6] هناك فقرة ومادّة رئيسية مرتبطة به. حسناً، ينبغي أن يكون العامل قادراً على أن يعيش حياة كريمة. يعاني عمالنا اليوم من مشكلات اقتصادية متعدّدة. بالطبع جزء أساسي من هذه المشكلات ناجم عن المشكلات العامة لاقتصاد البلاد، أي لدينا مشكلات متراكمة في المجال الاقتصادي، وقد تراكمت على مر السنين دون حل. الجميع يعاني من المشكلات والعمال [أيضاً]. جزء منها متعلق بهذا، وجزء آخر يتعلق بقضايا قوانين العمل والعمال والسياسات والخطط التي يجب اتباعها، إن شاء الله.

الفكر والتدبير لازمان، والهمة والمجاهدة لازمان [أيضاً]، الصبر والحلم وتجنّب الأفعال غير المدروسة ضرورية أيضاً. لا بد من القيام بمجموع هذه الأمور حتى يتسنى إجراء هذا التقسيم العادل والمشاركة العادلة التي أشرت إليها، ويُمكن أداءُ هذا العمل. حسناً، الآن قال الوزير المحترم إن أساس خططهم هو العدل. جيّد، جيّد جداً. ضعوا هذا كأساس، وانظروا إلى الأمور بعدل، وليأخذ كل طرف نصيبه العادل حقّاً. يجب أن يكون كلّ من المسؤولين فعالين في هذه المجالات، والناشطون في مجال الدعاية أيضاً بغية التثقيف وأمثال ذلك، وكذلك العمّال أنفسهم الذي هم كذلك. هذا في ما يخص ذلك الأمر.

في ما يخص الأمن الوظيفي؛ حسناً، عندما يتعلق الأمر بالأمن الوظيفي، فإن أكثر ما يُطرح هو فقدان الأمن الوظيفي. هذه العقود المؤقتة وأشياء من هذا القبيل مثل العقود المبرمة بين العامل وصاحب العمل التي تفتقد إلى أمن وظيفي ثابت. قيل هذا [الأمر] وهو صحيح. [هذه] واحدة من القضايا التي تحتاج إلى الإصلاح والتصحيح وإقرار قانون عادل. القانون العادل يعني أن العامل مرتاح، وصاحب العمل ورائد الأعمال أيضاً قادران على الحفاظ على الانضباط في مكان العمل. فلا ينبغي أن يتم الأمر على نحو يكون فيه حالة من غياب الانضباط التام. لا! يجب أن يكون الطرفان قادرين على الاستفادة. لكني أريد أن أوضح أن انعدام الأمن الوظيفي ليس مجرد مسألة عقود مؤقتة، فهناك عوامل أخرى لا أريد أن أذكرها الآن، وسوف أشير إلى عامل واحد [فقط] هو أنّه حين يتلقّى «الإنتاج الوطنيّ» ضربة، سوف يتلقى عمل العامل ووظيفته ضربة أيضاً. هذا أمرٌ حتميّ. الإنتاج الوطنيّ، وكلّ هذا التأكيد منا بشأن الإنتاج الوطنيّ والمحلّي والمنتجات المحليّة، سببه هذا الأمر. [على سبيل المثال] حول الواردات والاستيراد المفرط. كما ترون، لدينا الآن واردات بعشرات المليارات. كثير من هذه الواردات ضرورية، أي هي مواد أولية أو أدوات ومصانع وقطع غيار وما شابه. لا مانع من ذلك فلا أحد يعارض الاستيراد بالمطلق. نحن نعارض الاستيراد المفرط والتهريب أيضاً. حسناً، التهريب قضية أخرى ومستقلة. ماذا يعني الاستيراد المفرط؟ معناه أن نستورد تلك السلعة التي تُنتج في الداخل، وجودتها جيّدة أيضاً. هذا خنجر في قلب إنتاج البلاد. هذا ما نتحدث عنه. إن هذا هو سبب إصراري على منع الاستيراد المفرط.
التفتوا! [وفق] الإحصاءات التي قدموها إليّ يقولون إن كل مليار [دولار] من الاستيراد المفرط يُعادل إغلاق مئة ألف وظيفة. هذه إحصائية قدمها إلينا الخبراء والمتخصصون. أي، إذا ما عمدنا إلى استيراد السلعة المشابهة لتلك الموجودة في الداخل بدلاً من تعزيزها والترويج لها - يجري إنتاج الأحذية والملابس محلياً، وهناك أجهزة منزلية وأشياء أخرى... الآن لا يُسِئ مصنّعو السيارات استخدام كلامنا هنا فوضعهم ليس محط الثناء كثيراً - فعلينا أن ندرك حينئذ أن واردات بمليار دولار على هذا النحو تعني إغلاق مئة ألف وظيفة مقابلها.

عندما تذهبون للتسوق وتفضلون شراء المنتج الأجنبي على المحلي، هذا يعني أنكم توجّهون ضربة إلى العامل المحلي لمصلحة العامل الأجنبي. لذلك أصر وأؤكد على منع الاستيراد المفرط حتماً. هذا الأمر في عهدة المسؤولين، وما هو على عاتق الناس أن يقيّدوا أنفسهم باستخدام المنتج المُصنّع في الداخل، المنتج المحلي.

هنا أشير إلى أن حصّة مهمة من السوق المحلي تعود إلى الحكومة، أي الحكومة هي أكبر مشترٍ محلي، أكبر مشترٍ، أكبر زبون هو الحكومة. على الحكومة أن تحاول ألا تستهلك أيّ سلع أجنبية. هذا بحد ذاته عامل مهم للغاية لتقوية الإنتاج المحلي. لقد أكّدت مراراً شراء المنتجات المحلية. وفي كل مرة نحث على هذه القضية، تنبري مجموعة ما للثني عن ذلك بحجج مختلفة، سواء من الخارج عن طريق الأبواق الاستعمارية الأجنبية، أو – للأسف – بعض الداخل؛ بمجرد أن نقول «الشراء المحلي»، يبدؤون فوراً التشويه والاعتراض بأسلوب ما. هذا في ما يخص هذه القضية.

حسناً، هناك قضية مهمة تتعلق بواجبات العمال. التفتوا! يتحمّل عمّالنا أيضاً مسؤوليات ثقيلة في هذه المجالات. من الواجبات المهمة للعمال «إتقان العمل». لقد أشرت إلى هذا الحديث مرات عدة - عن النبي الكريم (ص) في الظاهر أو أحد الأئمة (ع) – الذي يقول: «رحم الله امرؤاً عمل عملاً فأتقنه»[7]. هذه من مهمات العامل: إتقان العمل. وإحداها تأمين «جمالية العمل». ينتجون العمل بطريقة جميلة. هذا مهم للغاية. من الأمور المهمة في بلادنا مسألة «التوضيب» التي كنت أركز عليها مراراً في الماضي. ذات مرة، أثناء الولاية الرئاسية، عندما كنت رئيساً للجمهورية، أرسلوا إلينا هدية من بلد - لن أسميه - فماذا أرسلوا؟ التمر. تم إرسال التمر إلينا هدية. أخذتُ علبة التمر تلك إلى جلسة الحكومة، ووضعتها هناك وقلت: انظروا، هذا مصداق تام على «أخذ الكمون إلى كرمان»[8] لدينا أفضل التمور في العالم وأكثرها وهم يرسلون إلينا التمر! لكن انظروا إلى جعبتها. نحن نضغط التمور في الصناديق بشكل غير مناسب ثم نوضبها [لكنهم] قطفوا غصن التمر تاركين التمر عليه، ثم وضعوه في علبة وقاموا على توضيبها وإرسالها بشكل جميل للغاية. قلت: تعلموا ذلك. هذه واجبات العامل، وهي واجبات مشتركة للعامل ومديري العمل. إنها وظيفتهم التي عليهم القيام بها. هذا في ما يخص هذا [الموضوع].

آخر موضوع أريد الحديث عنه مرتبط بنظامنا التعليمي. لا يزال نظامنا التعليمي، رغم التأكيدات كلّها التي جرت، نظاماً ذهنياً أكثر من كونه نظاماً عملياً وتطبيقياً. هذه هي الحال في كثير من الأحيان. حسناً، هناك ورش عمل في بعض الأقسام طبعاً [لكن] ليس في كل مكان وليس دائماً. بالطبع التربية الذهنيّة للطلاب عمل ضروري - يجب أن يكسبوا المعرفة - لكن هذا لا يكفي، فإلى جانب العمل الذهني، يجب اكتساب العمل التطبيقي. هذا يعني التعاون بين الجامعة والصناعة، وقد قلنا ذلك لأحد رؤساء الجمهورية منذ سنوات، وفي النهاية، تم استحداث المعاونية العلمية لرئاسة الجمهورية[9] التي وظيفتها الرئيسية تتمثّل في ربط الجامعة بالصناعة، أي أنْ يرتبط الطالب مع الصناعة منذ مرحلة الدراسة الجامعية، وهذا مفيد لكل من الصناعة، إذ تتدفق معرفة جديدة وتفيض الإبداعات والجامعة أيضاً لأن الاعتمادات تتجه نحو الجامعة، وهذا يعود على الجامعة بالمال والدخل. يجب أداء هذا العمل. بالإضافة إلى ذلك التدريبُ على المهارات وتعزيزها الذي أشرت إليه. هذا عمل جيّد جداً وضروري وتجب متابعته. يجب الارتقاء بمهارات العمال، وأن يكون العامل قادراً على أداء عمله بمهارة وبالتوازي مع الإبداع والابتكار وتطبيق الأذواق الجيدة، ورفع الجودة. عندما ترتفع الجودة، سترتفع بالطبع قيمة العمل في نظر المشتري وأولئك المهتمين والمحتاجين. نتوجّه بخالص الشكر ومن أعماق القلب إلى الفئة العمالية، ونقدر جهودهم، ونسأل الله المتعالي التوفيق لهم، ونتمنى أن يستمروا - إن شاء الله - في الوقوف في وجه أنواع التحريض وأشكاله كافة لدى الأعداء كما كانوا دوماً، وأن تمضي أجهزة العمال قدماً في المجال الاقتصادي أيضاً، وفي المجال السياسي والتربوي، يوماً بعد يوم، إن شاء الله.

نسأل الله أن ينفذ المديرون والمسؤولون في البلاد الأعمال والبرامج كما وعدوا - إن شاء الله - وأن يعمدوا جميعاً إلى مساعدة الحكومة. فالأعمال التي تقوم عليها الحكومة اليوم في مجال الاقتصاد هي أعمال مهمّة وتحتاج إلى مساعدة الجميع، أي جميع الأجهزة، ومختلف السلطات، والأفراد والجماعات كافة، يجب أن يساعدوا الحكومة - إن شاء الله - لتتمكن من تحقيق هذه النتائج.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


[1] .في بداية هذا اللقاء، قدّم الدكتور حجت الله عبد الملكي (وزير التعاون والعمل والرفاهية الاجتماعية) تقريراً.
[2] .أُسد الغابة، ج. 2، ص. 185.
[3]. جامع الأخبار، ص. 139.
[4]. حسينية الإمام الخميني (قده) في طهران.
[5]. كلمته بمناسبة حلول السنة الهجرية الشمسية الجديدة 1401، 20/3/2022.
[6]. الفقرة 5 من السياسات العامة للاقتصاد المقاوم، 18/2/2014.
[7]. مسائل علي بن جعفر ومستدركاتها، ص. 93 (مع اختلاف بسيط).
[8]. مثل شعبي إيراني؛ كرمان مشهورة بإنتاج الكمون ومقصود المثل الشعبي هنا أنك لم تضف شيئاً جديداً.
[9]. بدأت المعاونية العلمية والتكنولوجية لرئاسة الجمهورية العمل عام 2006.

2022-07-28