كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع المُنتجين والمسؤولين
2022
كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع المُنتجين والمسؤولين في مجالي الصناعة والاقتصاد
عدد الزوار: 79كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع المُنتجين والمسؤولين في مجالي الصناعة والاقتصاد بتاريخ 2022/02/01م.
أمريكا اعترفت بهزيمتها المخزية في سياسة فرض الضغوط القصوى على إيران
بسم الله الرحمن الرحيم[1]
والحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد وآله الطاهرين، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين.
أرحّب بكم، أيّها الإخوة والأخوات الأعزاء. وأؤكد خصوصاً للمسؤولين المحترمين الحاضرين في الاجتماع، السيد مخبر[2]، المعاون الأول المحترم، والوزراء، ومعاوني رئيس الجمهورية، أن النقاط التي وردت في كلمات هؤلاء الأصدقاء - الإخوة المحترمين الذين تحدثوا والأخت الموقرة التي تحدثت - يجب أن تؤخذ بالاعتبار.
واجبات الحكومة تجاه الأنشطة الاقتصاديّة
خطّة إستراتيجيّة وإدارة شاملة
واحدة من أهم فوائد هذا اللقاء، أيها المسؤولون المحترمون، أنْ تسمعوا مباشرة من الناشطين الاقتصاديين مشكلاتهم وعقباتهم، وأنا الآن كما استخرجت من مجمل الكلمات [أرى] أن هناك مَهمّتين أساسيتين تقعان على عاتق المسؤولين، وأرجو من السيد مخبر والأصدقاء أن يلتفتوا جيداً إلى هذا. إحداهما هي وضع خطة إستراتيجية لمجمل الصناعة في البلاد وخاصة بعض الصناعات، والأخرى هي الإدارة المتمركزة والتوجيه. طبعاً الجميع يعرفون رأيي. أنا لا أوافق على تدخّل الدولة والهيئات الحكومية في الأنشطة الاقتصادية، ولكن على توجيههم وإشرافهم ومساعدتهم، فنَعم؛ يجب فعل ذلك بكل تأكيد. لذلك إن الخطة الإستراتيجية والإدارة الشاملة هما من الأعمال الضرورية. على الأصدقاء الموجودين هنا من مكتبنا تدوين النقاط التي قالها لي الأصدقاء خلال كلماتهم وطلبوا منا ومن مكتبنا تدوينها وإعطاءها لي حتى نتابعها، إن شاء الله.
بعض عوامل الضَّعف الاقتصاديّ في السّنوات الأخيرة
حسناً، في تشرين الثاني/نوفمبر 2019، عقدنا هنا لقاءً مشابهاً لهذا اللقاء. وفي المدة الأخيرة، في هذه الأسابيع الأخيرة، بعض الأصدقاء الذين كانوا قد تحدثوا في ذلك اللقاء وحضروا وشرحوا أنشطتهم، كتبوا رسالة إليّ أخبروني فيها عن النجاحات التي حققوها خلال العامين الماضيين وعن إخفاقاتهم أيضاً. في العامين المنصرمين، منذ ذلك اللقاء، بحمد الله، حققت تلك المؤسسات [الحاضرة] في ذلك اللقاء نجاحات جيدة، وتقدماً جيداً، وكان لديهم بعض الإخفاقات أيضاً. يرجع بعض هذه الإخفاقات إلى عجز الأجهزة التنفيذية عن المجاراة، أي الدعم الذي كان ينبغي للأجهزة التنفيذية أن تقدمه لم تفعله. لذلك، لم يستطع ذلك الناشط الاقتصادي أن يفعل ما كان ينوي وما يمكن فعله. ويرتبط بعضها أيضاً بعوامل أخرى مثل التهريب وما شابه. وبالطبع، كان لقضية الحظر بدورها آثار كبيرة في غياب النجاحات.
الإعلان الرّسميّ لحرب اقتصاديّة أمريكيّة ضد إيران منذ 2011
حسناً، أبدأ حديثي على هذا النحو. تعرّض اقتصاد بلدنا إلى حرب كبيرة ومهمة جداً عام 2011. هذا يعني أننا خضنا حرباً اقتصادية. الطرف المقابل لنا كان أساساً الحكومة الأمريكية وبعض حلفائها في أوروبا وأماكن أخرى. هؤلاء بدؤوا حرباً مع الجمهورية الإسلامية رسمياً، وأعلنوا الحرب أيضاً، وطبعاً اشتد هذا العداء والصراع من قِبل العدو منذ 2018. كان هدفهم من هذه الحرب انهيار الاقتصاد الإيراني. كان هذا غرضهم. بالطبع، انهيار الاقتصاد مقدمة لوضع الناس في وجه نظام الجمهورية الإسلامية عبر تدمير الاقتصاد الإيراني وتنفيذ مآربهم السياسية الخبيثة بهذه الطريقة. كان هذا هدف العدو. لقد كانت حساباتهم مخطئة. بالطبع، هكذا قيل لي - لم أجرِ بحثاً بنفسي - أن الأمريكيين أيضاً حددوا وقتاً لهذا الانهيار. ستة أشهر! كانوا يعتقدون أنهم سيكونون قادرين على تدمير الاقتصاد الإيراني في غضون ستة أشهر. بالطبع أنا لم أتابع ذلك ولا أعرف [التفاصيل لكن] هكذا قالوا. [في النتيجة] لم يستطع العدو [تحقيق ذلك]. بدلاً من ستة أشهر، مرّت عشر سنوات، وفي هذه السنوات العشر أيضاً، ازدادت حدة هذه الحرب يوماً بعد يوم، ولكن متراس الإنتاج والاقتصاد في البلاد لا يزال ثابتاً وحيّاً، بحمد لله. كنتم ذلك الجيش الذي وقف ضد العدو. كان ضباطُ هذا الدفاع المقدس هم روّاد الأعمال والمديرين الاقتصاديين الأكْفاء، وكان العمال جنوده أيضاً. كان العمال هم الجنود الصادقين والرائعين في هذا الميدان. أنتم والناشطون الاقتصاديون جميعاً شركاء في هذا الافتخار، افتخار صَون اقتصاد البلاد. طبعاً هناك بعض الأضرار التي سأشير إليها بإيجاز لاحقاً.
في رأيي لو كان المسؤولون الحكوميون أكثر مساندة خلال هذه السنوات، وأكثر مراعاةً، لكنا سنحصل على المزيد من الافتخارات، وكنا بالتأكيد أفضل حالاً مما نحن اليوم، وحتى بعض هذه الأضرار التي حدثت طوال هذه السنوات لم تكن لتحدث، بمساعدة مسؤولي الحكومة والدولة.
إطْلاع الرّأي العامّ على نجاحات القطاع الاقتصاديّ بلسان النّاشطين
أؤكد هنا أنه من الجيد أن يسمع الناس هذه النجاحات التي ذكرتموها هنا. أحد أعمال العدو هو السعي النفسي والحرب النفسية. إلى جانب هذه الحرب الاقتصادية، الحرب الحقيقية، يشن العدو أيضاً حرباً نفسية في مختلف المجالات بما في ذلك المجالات الاقتصادية. من الجيد أن يعرف الناس نجاحاتكم، [وأن تبثّها] وسائل الإعلام الوطنية بلسان المنتجين أنفسهم. طبعاً إنها تبثّ أشياء بلسان المسؤولين الحكوميين، ولكن من الأفضل أن تُحكى أشياء بلسان المنتجين والناشطين الاقتصاديين أنفسهم، وأن تُقال حقائقَ ويطّلع الناس عليها.
العوامل المؤثّرة في كون إحصاءات الاقتصاد الكلّي للبلاد غير مُرضية
أما بشأن حديثي عن الأضرار، فالإحصاءات الاقتصادية في العقد الماضي - إحصاءات الاقتصاد الكلي للبلاد - ليست مُرضية للحق والإنصاف، أي إحصاءات نمو الناتج المحلي الإجمالي، وإحصاءات تكوين رأس المال في البلاد، وإحصاءات التضخم، وإحصاءات نمو السيولة... كلها ليست مُرضية. [كذلك] الإحصاءات الخاصة بتوفير الآلات غير مقبولة إطلاقاً، أو الإسكان، وما شابه. هذه حقائق، ولو كان بإمكان المسؤولين توجيه الوضع في سياق هذه الإحصاءات على نحو أفضل، لكان وضع اقتصاد البلاد أفضل بكثير اليوم.
بالطبع، انعكست آثار هذه الحقائق في حياة الناس. وحينما نُبدي قلقنا بشأن معيشة الناس، فذلك الأمر مرتبط بهذه الأشياء. الحظر ليس السبب الوحيد لهذه المشكلات. طبعاً كان الحظر مؤثراً بلا شك لكن ليس هو فقط. جزء مهم يرجع إلى بعض القرارات المخطئة أو التقصير في العمل وما شابه. كان يمكن ألا يكون الأمر كذلك.
وجود قدرات داخليّة وفيرة للنموّ الاقتصاديّ
وفقاً لجميع أصحاب الرأي - سواء خبراء الاقتصاد المحليين أو الأجانب - تتمتع بلادنا بإمكانات اقتصادية كبيرة. هذا يعني أن يكون الوضع الاقتصادي الذي نعيشه اليوم على نحو أفضل بأضعاف. هذه الإمكانات موجودة: لدينا كثير من رأس المال والاحتياطات، وهناك كثير من القدرات التي يجب أن يستفيد منها المديرون الأكفاء والمثابرون والحريصون. هناك أيضاً نماذج ناجحة في الاقتصاد، وهي أنتم، هؤلاء الأشخاص الذين جاؤوا وتحدثوا، الأصدقاء الذين تحدثوا، فهذه نماذج للنجاح. لقد استفادوا من الإمكانات الموجودة في البلاد. إذن لدينا نماذج ناجحة، بحمد الله.
والمؤسسات التي لم تنتظر رفع الحظر... إحدى النقاط التي كان يمكنكم الاستفادة منها في هذه الكلمات - مع أنهم لم يتحدثوا عن الموضوع ولكن هذه هي الحقيقة - أنهم من أجل التقدّم لم ينتظر أيّ منهم رفع الحظر أو وصول مفاوضات الجهة الفلانية إلى نتيجة. كلّا! لقد أدّوا عملهم وبذلوا جهدهم وحققوا هذه النتائج الجيدة. هذا ما أكرر قوله دائماً: [يجب] ألا تجعلوا اقتصاد البلاد وأنشطته الاقتصادية مشروطةً. لا تجعلوها تتوقف على القضية الفلانية التي هي ليست بإرادتنا. فلنستخدم جهودنا واحتياجاتنا. وبحمد الله، لدينا قدرات جيدة جداً من هذه الناحية.
بعض التّوصيات في المجال الاقتصاديّ
حسناً، التوصيات التي قدّمتُها إلى المسؤولين في هذا الصدد، وما شابهها، هي توصيات كثيرة لا نريد تكرارها الآن. أنا أستفيد دائماً من نصائح المتخصصين والخبراء إلى أقصى الحدود، وهذا يعني أنني أقدّر الخبراء والمتخصصين في مختلف المجالات، بما في ذلك – الآن - في مجال القضايا الاقتصادية. أستمع لكلامهم وما أستفيد من الخبراء أنقله إلى الناس وأفراد المجتمع والمسؤولين في البلاد.
افترضوا الآن، على سبيل المثال، في ما يتعلّق بتحسين بيئة الأعمال، وإلغاء الضوابط غير الضرورية والمزعجة، وتسهيل إصدار التراخيص، تراخيص العمل، وإنشاء نافذة واحدة للحصول على التراخيص، وهذا ما يجري الآن إلى حد ما ولكن لا يُنفذ كما ينبغي، أو ثبات القوانين وجعل الاقتصاد قابلاً للتنبؤ – أن يصير على نحو يمكّن الناشط الاقتصادي من أن يحسب ويتوقّع – وأمان الاستثمار، وتأكيد السياسات التحفيزية للأنشطة المنتجة، والتأكيد المتكرر لجعل سلسلة الإنتاج في البلاد قائمة على المعرفة، ومحاربة الفساد، ودعم الصناعات المحلية، ومكافحة التهريب بحزم... كلها من الأمور الضرورية التي أؤكد للمسؤولين أن يأخذوها في هذه القضية على محمل الجد. خذوها على محمل الجد. يجب أن تكون مكافحة التهريب حازمة ودون رحمة. التفتوا! مثلاً [يقولون] إن هذه البضاعة هي كذا وكذا، فلنستفِد منها. كلا! أنا قلت: ألقوا السلع الفاخرة التي دخلت عبر التهريب في آلة الطحن. اطحنوها! وإلّا إذا أدخلتموها إلى السوق بطريقة ما، فستظهر النتيجة نفسها، [أيْ] ستتضرر الصناعة المحلية، وما إلى ذلك... [أيضاً] إنشاء أسواق دولية جديدة لمنتجاتنا، وقضية عجز الميزانية، والانضباط المالي الحكومي... هذه هي الأمور التي كررناها دائماً. طبعاً تم تنفيذ بعض هذه التوصيات وأفْضَتْ إلى نتائج، وبعضها لا، لم يتم الاهتمام بها. لم تحظَ مسألة [تخفيض] الضوابط وما شابه بالاهتمام. [مثلاً] قدّموا لي إحصائية أنه من 2018 إلى مطلع 2021 تم إصدار 1500 تعميم في دائرة الجمارك فقط! حسناً بأيّ واحد يجب أن يعملوا؟ أيّ واحد يقرؤون؟ لا بدّ من مواجهة هذه الأمور ومعالجتها بجدية.
جهاد الإنتاج
حسناً، حديثنا الآن عن الإنتاج. لقد أكدنا كثيراً على [قضية] الإنتاج في السنوات الأخيرة، وأعتقد أن الإنتاج له تأثير كبير، وبالطبع، تعرفون ذلك جيداً، فسوف أتحدّث بإيجاز. ما أقوله الآن في المقام الأول هو أن الإنتاج جهادٌ: «أشهد أنك جاهدت في الله حق جهاده»[3]. نتوجه بهذا الكلام إلى أئمة الهدى (ع) ونقوله دائماً: الجهاد! اليوم الإنتاج جهادٌ. لماذا؟ لأننا في معنى الجهاد قلنا مراراً إن الجهاد هو ذلك الجهد الذي يكون راصداً لهجوم العدو وحركته. ويكون في مواجهة العدو. ليس كل جهد جهاداً. هذا الجهد الذي يكون نَبِهاً لهجوم العدو هو جهاد.
سعي الأعداء إلى تركيع الإنتاج في البلاد
حسناً، اليوم عداء الأعداء لاقتصاد البلاد لن يكون أوضح من هذا! جاء العدو من جانبين ليركع إنتاج البلاد. أحدهما كان من جانب النفط والغاز، وهو بالطبع أهم مصدر للعملة الصعبة في البلاد. والآخر كان في مجال التبادلات، أي لا ينبغي أن يعود على البلاد شيءٌ من مدخول النفط والغاز، وهو مصدر مهم ومنبع مهم للعملة الصعبة. وأيضاً يجب أن تكون المبادلات التجارية مع العالم محدودة، وأن تحدث مشكلة وتتعرّض للحظر.
[يريدون] في الحقيقة أن يجثو الإنتاج على الأرض، ويُركّع، ويتدمر تماماً، فهذا هو معنى ذلك. عندما لا تكون لديكم عملة صعبة، ولا مشترٍ أجنبي، يصير الإنتاج بلا جدوى؛ كان هذا هدفهم. حسناً، مقابل هذا الهدف، مقابل هذه العداوة الصريحة، أيّ شخص يبادر، فقد جاهَدَ. أنتم المنتجون تعملون في هذا المجال. هذا جهادٌ. لذا التفتوا إلى هذه المسألة، فأحد الأعمال هو على هذا النحو. إذا كانت نيّتكم هي خدمة البلاد وخدمة الناس، فلتكن في سبيل الله، فهذه أعظم العبادات التي تؤدونها الآن.
فشل أمريكا المخزي في سياسة «الضّغوط القصوى»
طبعاً، لحسن الحظ، لم يستطع العدو أن يكسر متراس الإنتاج ويهزمه. لم يستطع. نعم، تعرّضت معيشة الناس إلى مشكلات، تعرّضنا لضربات، لكن [العدو] أخفق خلال هذه السنوات الماضية، إذْ إنكم تقدّمون أنموذجاً على ذلك بالفعل. طبعاً، لحسن الحظ اليوم، يعترف العدو نفسه بأن سياسة «الضغوط القصوى» أدّت إلى هزيمة مخزية لأمريكا. هذه عبارات وزارة الخارجية الأمريكية، فقد صرّح بهذا المتحدث باسمهم قبل أيام قليلة، وقال إن سياسة «الضغوط القصوى» على إيران أدّت إلى هزيمة مخزية لأمريكا، وهذا تعبيره، الحمد لله. ذلك بسبب الجهود المبذولة في البلاد، بحمد الله. في الحقيقة إنكم، روّادَ الأعمال والعمّالَ، فرضتم هذه الهزيمة على العدو.
نتائج الطّفرة في الإنتاج وآثارها في البلاد
هناك نقطة [أخرى] هي أنني أعلنت [شعار] «الطفرة في الإنتاج» العام الماضي[4]. الطفرة في الإنتاج مهمة لأنه إذا استطعتم إحداث الطفرة في الإنتاج حقاً، فستتغير المؤشرات الاقتصادية المهمة للبلاد كافة، ويحدث فيها تحوّل. الإنتاج على هذا النحو، أي تُخلق فرص عمل مستدامة، وتقلّ البطالة، وتزدهر الصادرات، ويتوفّر مدخول العملة الصعبة للبلاد، ويقلّ معدّل التضخّم. فضلاً عن ذلك سيتشكّل الاستقلال الاقتصادي في البلاد وهذا يوجب الاعتزاز الوطني - الدول تفخر بالاستقلال الاقتصادي وبقدرات اقتصادها المحلي - ويوفر العزة والأمن الوطنيين، ويعزز الثقة بالنفس الوطنية، ويحرس ويحفظ الاقتصاد من الخضّات التي يفرضها الخارج أو التي تنشأ من الداخل، والتي بالطبع أُخذت بالاعتبار وقيلت حين أُعلِنَت سياسة الاقتصاد المقاوم[5].
الارتقاء بالجودة والتّقنيّة نتاجُ دعم الإنتاج المحليّ
نقطة أخرى في هذا المجال هي مسألة الجودة. ولأننا نركّز على الإنتاج، قضيتنا ليست تضخيم الإنتاج فقط، فالجودة قضية أساسية. حتماً يجب النظر إلى جودة الإنتاج على أنها أصل. هذا أمر غير قابل للتساهل. إذا كنتم تلاحظون أنه يجري دعم المنتجات المحلية – الآن سواء الدعم العملي [مثل] الدعم على التعرفة والتسهيلات المصرفية وما شابه، أو الدعم الدِّعائي [مثل] التأكيد الذي أبْدَيته وبعض المسؤولين بشأن دعم الإنتاج المحلي وهذا أيضاً له تأثير وقد كان له تأثير -، يجب أن يؤدي ذلك إلى الارتقاء بالجودة وكذلك بالتقنية. وقضية التقنية أيضاً مهمة جداً لكنني أركز حالياً على الجودة، إذْ ينبغي أن تؤدي إلى الارتقاء بجودة المنتجات.
التّعامل المناسب مع المُنتِج بدعم الإنتاج المحليّ
في بعض المنتجات المحلية - للأسف - نشهد أن الجودة لا تؤخذ بالاعتبار وهذا سيئ جداً. تم تقديم كل هذا الدعم على مر السنين إلى صناعة السيارات في البلاد، [لكن] جودة السيارة ليست جيدة، والناس غير راضين، وكلامهم صحيح، والناس على حق، فامتعاض الناس في محله. لم تستطع هذه الصناعة نيل رضى المشتري. يجب أن تتمكنوا من نيل رضاه. لذلك، إن مسألة الجودة تأتي في المقام الأول.
طبعاً إذا لم تُستخدم هذه المساحة من الدعم للارتقاء بالجودة، بل بات يُساء استخدامها لرفع السعر، فهذه مشكلة أخرى. أن يرفعوا السعر ولا ترتفع الجودة ولا ترتقي... هذا الدعم الحكومي والدِّعائي والمصرفي وما إلى ذلك ومنع المنافسة الأجنبية مثلاً ينتهي كله إلى ارتفاع السعر، هذا سيئ جداً. حسناً أنا عاتب على الأصدقاء المسؤولين عن السلع والأجهزة المنزلية. نحن دعمناهم وذكرنا اسمهم. سمعت أن سعر بعض السلع قد تضاعف. لماذا؟ لا ينبغي التعامل مع الدعم بهذه الطريقة. لذلك، إذا لم نرتقِ بالجودة على هذا النحو، فكيف نتوقع أن نغزو الأسواق الخارجية؟ الجودة مؤثرة للغاية. كانت هذه نقطة.
الحاجة إلى اهتمام خاصّ بخلق فرص العمل
نقطة أخرى حول الإنتاج هي أن تولي البلاد اهتماماً خاصاً بالإنتاج الذي يخلق فرص العمل. بعض مُنتجات البلاد هي أساسية ومهمة وتمثل حاجة حيوية للبلد. لنفترض مثلاً صناعة النفط والصلب وما شابه. ليس [لهذه الصناعات] إمكانيّة توفير فرص العمل التي توفرها بعض الصناعات الأخرى. بالطبع إن الاهتمام بهذه الصناعات الأساسية لازم وضروري. إنّه واجب، لكن الغفلة عن الصناعات التي تخلق فرص العمل يُمثل مشكلة كبيرة، فلا ينبغي أن يحدث هذا الأمر. [ينبغي] للأجهزة الحكومية والمصرفية أن تفعل شيئاً من شأنه أن يجعل الإنتاج يخلق فرص العمل لأن قضية الشغل قضية حيوية للبلاد. يمكن لهذه الصناعات المهمة أن تخلق حولها سلسلة من الصناعات التي توفر فرص العمل، أي الصناعات في المرتبات الأدنى التي تخلق فرص العمل غالباً. مثلاً هذه الصناعات الفرعية الكثيرة في ذيل صناعة النفط، ومن الأمثلة على ذلك مصافي البتروكيماويات التي وافق «مجلس الشورى الإسلامي» على قانونها عام 2019 وتم إبلاغ الحكومة في ذلك الوقت. لكن - للأسف - لم تتم متابعة ذلك، فتجب متابعته. إنها تجلب الرساميل المتوسطة لدى الناس إلى ميدان العمل، وتخلق فرص العمل أيضاً. توجد أمثلة على ذلك في بعض الصناعات مثل الصلب وما إلى ذلك. يجب أن تتجّه تسهيلات الدعم المصرفي إلى إيلاء المزيد من الاهتمام بالصناعات التي تخلق فرص العمل.
الحاجة إلى جعل الصّناعات الكبيرة في البلاد قائمة على المعرفة
نقطة أخرى هي أننا نركز على الصناعات المعرفية خلال هذه السنوات الأخيرة. وقد قيل مراراً وتكراراً، وتمّ دعم ذلك. بالطبع كان ذلك أمراً جيداً، وقد تم إنشاء آلاف من الصناعات المعرفية والمؤسسات القائمة على المعرفة، وبُذلت جهود جيدة في هذا المجال، وتم إنشاء شركات صغيرة ومتوسطة. ما أُهمل هو أن نجعل صناعاتنا الكبيرة قائمة على المعرفة. [ينبغي] أن تصبح صناعة النفط قائمة على المعرفة. نحن نشهد تأخّراً تقنياً في صناعة النفط. بعض دول المنطقة تتقدم علينا بفارق كبير في نوعية استخراج النفط والتكنولوجيا المستخدمة في مثل هذه الأماكن. نحن متأخّرون في هذا المجال.
استخدام القدرات الدّاخليّة الكفؤة لتقدّم الصّناعات
حسناً، مَن الذي يجب أن يعوض عن هذا التأخّر؟ مَن الذي يمكننا الحصول على المساعدة منه؟ هل من الضروري أن تأتي شركة أجنبية وتجلب إلينا التكنولوجيا؟ لا، أنا لا أؤمن [بهذا]. حسناً، ترون كيف تعمل الشركات الأجنبية: إما لا يأتون، وإما أن يأتوا [لكن] لا يعملون بأمانة، وإما أن يأتوا [لكن] يتركون العمل في وسطه تحت ذريعة ما، وإما أن يأتوا [لكن] يستغلّون ذلك. طبعاً، أنا عموماً لست ضد قدوم شركة أجنبية لكن علينا أن نختار. أعتقد أن المجموعات الداخلية الفعالة يمكنها أن تفعل ذلك لنا. هذا رأيي. في رأيي، إذا سأل [مسؤولو] صناعة النفط مثلاً الشباب وحصلوا على آرائهم، وعكسوا المساعدة التي يحتاجونها لشبابنا المتعلمين والموهوبين والمهتمين، يمكنهم بالتأكيد حل مشكلات كثيرة.
لقد رأينا بعض الأمثلة على ذلك من قرب. على سبيل المثال، أتت إليّ مجموعة من الشباب وقالوا إنه يمكننا فعل شيء ما في مجال النفط. فوصلناهم بوزارة النفط - قبل عام أو اثنين، قبل قضيّة كورونا – ونفذوا أعمالاً مهمّة، وقد شكرهم المسؤولون في وزارة النفط ذلك اليوم قائلين إنهم يستطيعون فعل أشياء عظيمة لنا. لا ينبغي أن نعتقد أن تحديث التكنولوجيا في صناعاتنا المختلفة، مثل النفط وما إلى ذلك، يجب أن يكون فقط على يد الشركات الأجنبية. كلا! اطلبوا العمل من العلماء الشباب، وشجعوهم بدعمهم، وسترون أنهم سينجزون ويقدّمون إليكم أفضل المنتجات. هذا هو اعتقادي.
تألُّق الشّباب في مختلف مجالات الإنتاج العلميّ بالاعتماد عليهم
أينما تمّ الاعتماد على شبابنا، وطُلب منهم العمل، فإنهم تألقوا حقّاً. تألّقوا بالمعنى الحقيقي للكلمة، في المجالات جميعاً، من لقاح كورونا إلى الصواريخ الدقيقة. في ما يخص لقاحات كورونا قدّموا أفضلها، وفي الصواريخ الدقيقة، أنتجوا أدقّها، وكانوا في الطليعة في مجال تكنولوجيا النانو. وفي مجال الخلايا الجذعية، في اليوم الذي كانت فيه دول العالم التي تفعل ذلك نادرة، كانوا قادرين على وضع أنفسهم في الصفوف الأمامية في هذا العلم المهم والتكنولوجيا الحيوية المهمّة جدّاً. لقد نفذوا عملاً رائعاً في مجال التكنولوجيا الحيوية عامة. يمكن لشبابنا أداء المهمة، وأعتقد أنهم قادرون. فلنقدّر هذه المواهب، ولنطلب منهم العمل. لماذا لا يستطيعون تنفيذ عمل مهم في مجال استخراج النفط؟ لماذا! إنهم قادرون، قادرون على ذلك بالتأكيد؛ [إذا] طُلب منهم العمل، وتمّت مساعدتهم أو دعمهم، يمكنهم إنجاز العمل.
توجيه الائتمان المصرفيّ نحو الإنتاج
نقطة أخرى قد ذكرناها طبعاً مرات عدة من قبل، ولكن الآن بما أنّ المسؤولين الحكوميين الموقرين هنا، أؤكّد مجدداً أنه عليكم توجيه الائتمان المصرفي نحو الإنتاج. اطلبوا هذا من البنوك. ألزموا البنوك. يمكن أن يكون البنك المركزي فعّالاً جدّاً في هذا المجال. الفجوة بين نمو السيولة في البلاد ونمو الناتج القومي الإجمالي لدينا فجوة نجوميّة. لماذا؟ لماذا تُستخدم الاعتمادات بطريقة تؤدي إلى مثل هذا القدر الكبير من السيولة دون أن يكون لها تأثير في نمو إنتاج البلاد؟ يجب أن يتغير هذا الوضع، فهذا عمل المسؤولين الحكوميين الموقرين. من المتوقّع أن يتابع السيد مخبر، الذي هو - بحمد لله - شخص قادر، والمسؤولون الاقتصاديون الآخرون في البلاد، أن يتابعوا هذا العمل، أي أن يكون التعامل مع البنوك متوقّفاً على هذا الأمر: أن تذهب الائتمانات التي تُمنح نحو الإنتاج. من المؤكد أن إشراف البنك المركزي على هذا العمل سيكون له التأثير. هذه قضية رئيسية ومهمة. هذا أيضاً أحد المواضيع.
الوصول إلى الزّراعة التّكنولوجيّة ونوع الاستهلاك الأمثل في الزراعة
[ثمة] موضوع آخر أيضاً حول القضايا المرتبطة بالزراعة. حسناً، تحدّثوا هنا عن زراعة البيوت البلاستيكية، والصور التي أظهروها كانت مثيرة للاهتمام. ما قيل كان جيداً. بالطبع، تُعدّ الزراعة في البيوت البلاستيكية هذه وما شابهها مهمّة أيضاً، لكن لا تمكن إدارة البلاد بها. لدينا تربة وأرض وماء، [لذا] يجب العثور على نوع الاستهلاك الأمثل. لا بدّ من الحؤول دون تدمير التربة، ويجب تجنب إهدار المياه. يحدث إهدارٌ للماء [لدينا]. أعرف أشخاصاً لديهم مشاريع في هذا المجال لاستخدام المياه والتربة وهي قابلة للاختبار على أقل تقدير. يجب الاستماع لهم، وأن نطلب تعاونهم حتى نتمكن من أن نضفي رونقاً على الزراعة في البلاد. ينبغي أن نجعل الزارعة قائمة على المعرفة.
ليس لدينا نقص في الخريجين الزراعيين في البلاد. قيل لي ذات مرة عندما سافرت إلى إحدى المدن أنّه لا يوجد هناك خريج زراعة متعطل عن العمل في المدينة، وكانوا كُثُراً. قالوا إن لدينا عدداً كبيراً من الخريجين الزراعيين وليس بينهم متعطلون عن العمل؛ كل أولئك تم توظيفهم في المزارع ومختلف المجالات والأعمال الزراعية، والمزارعون يستفيدون من أفكارهم، أي يرون فائدة من ذلك، ويلاحظونه حين يعود عليهم بالنفع مباشرةً. لنجعل الزراعة تكنولوجيّةً ولنسعَ إلى توفير المياه بالمعنى الجاد للكلمة. هذه إحدى القضايا أيضاً.
التّأكيد مجدّداً في إعداد وثيقة إستراتيجيّة شاملة للصّناعة في البلاد
ذاك الموضوع الذي ذكرته بدايةً عن الخطة الإستراتيجية، الخطة الإستراتيجية العامّة للصناعة، هذا أمر مهم للغاية، فتابعوه. نحن بحاجة إلى إعداد وثيقة. وفي هذا الصدد، يجب إعداد وثيقة الخطة الإستراتيجية للصناعة في البلاد. صدّقوا عليها. أشار أحد الأصدقاء إلى أنه مع قدوم الحكومات وذهابها وتغيّرها، يجب ألا تتغير [البرنامج]. إذا كانت متوافرة كوثيقة مسنّة قانونيّاً مستمرة، سيجري استخدامها لسنوات عدة. حسناً هناك كلام آخر أيضاً، [لكن] الاجتماع قد طال، والوقت قد انتهى.
ضرورة أن تولي الحكومة والبرلمان اهتماماً خاصّاً بالإنتاج
أسأل الله المتعالي أن يوفقكم جميعاً، وأن يعينكم، إن شاء الله. أتقدم بخالص الشكر إلى جميع الأصدقاء الذين يعملون في مجال الإنتاج والأنشطة الاقتصادية الإنتاجية، وأطلب من الإخوة المسؤولين في الحكومة، والمسؤولين في مختلف الإدارات، أو في مجلس [الشورى الإسلامي]، والإخوة الناشطين في اللجان المختصة في المجلس، أطلب منكم أن تولوا اهتماماً خاصاً بهذا الموضوع المهم، وبقضية الإنتاج في البلاد، وأن تلتفتوا إليها بدقّة، وتعالجوا الموانع والعقبات.
«إزالة الموانع» أكثر أهمّيّة من «الدّعم» في مجال الإنتاج
قلنا هذا العام [شعار] «الدعم وإزالة الموانع»[6]. حسناً الدعم أحد أبعاد القضيّة [لكن] في اعتقادي أن إزالة الموانع أكثر أهميّة من الدعم، أي إزالة هذه الموانع من أمام الإنتاج. يمكنكم معالجة ذلك، وبحمد لله، إن المسؤولين الحكوميين يعملون. أراهم يحاولون بجد، فاستمروا في هذا الجهد، وطابقوا ذلك الجهد مع واقع المجتمع، وعالجوا هذه الموانع. إن شاء الله، بعد وقت قصير، ستظهر آثار ذلك في حياة الناس.
أسأل الله المتعالي التوفيق لكم جميعاً، وأسأله اللطف والرحمة بالروح الطاهرة لإمامنا [الخميني] العظيم وشهدائنا الأبرار. أسأل الله المتعالي أن يمنّ بالفيض الإلهي على إيران والشعب الإيراني ومسؤولي البلاد.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
[1] في بداية هذا اللقاء، تحدّث 14 ناشطاً من مختلف قطاعات الإنتاج حول آرائهم وتطلّعاتهم
[2] السيّد محمد مخبر.
[3] الشيخ الطوسيّ، مصباح المتهجّد سلاح المتعبّد، ج2، ص738.
[4] كلمته بمناسبة رأس السنة الهجرية الشمسية 1399 (20/03/2020م).
[5] إبلاغ السياسات العامة للاقتصاد المقاوم (18/02/2014م).
[6] كلمته بمناسبة رأس السنة الهجرية الشمسية 1400 (20/03/2021م).