كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) بمناسبة ولادة السيّدة الزهراء (عليها السلام)
2022
كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء عدد من مدّاحي أهل البيت (عليهم السلام) بمناسبة ذكرى ولادة السيّدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) بتاريخ 23/01/2022م
عدد الزوار: 81كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء عدد من مدّاحي أهل البيت (عليهم السلام) بمناسبة ذكرى ولادة السيّدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) بتاريخ 23/01/2022م
بسم الله الرحمن الرحيم[ في بداية المراسم، ذكر عدد من قرّاء العزاء والموالد فضائل السيدة فاطمة الزهراء (ع) ومناقبها.]
والحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد وآله الطاهرين، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين.
أهلا وسهلاً بكم، أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء. بعد عامين، نلتقي مع مجموعة منكم مرة أخرى في هذه الحسينية. إن واحداً من أفضل اجتماعاتنا وأحلى ذكرياتنا في اللقاء والاجتماع هو اجتماعنا يوم ولادة السيدة الزهراء (ع)، الذي نقيمه معكم كلّ عام، أيها الأعزاء. أعتقد أن هذا الاجتماع قائم منذ 35 عاماً. أبارك بولادة سيدة النساء (ع)، الصدّيقة الطاهرة فاطمة الزهراء (ع)، وكذلك بولادة إمامنا [الخميني] الجليل.
سأقول بضع جمل بشأن السيدة الزهراء (ع) كإبراز مودةٍ، ثم بضع جمل حول مهنة قراءة العزاء والموالد وهيئة العزاء والموالد. طبعاً يوم الولادة هو أيضاً يوم المرأة، وهو أيضاً يوم الأم. السيّدات المحترمات لديهنّ عتب علينا أنه كان يجب أن نخصص هذا اليوم للنساء. والحق معهن لكن هذا الاجتماع متجذّر ومعهود، ولا يمكن التقليل من أهمية ذلك. يجب أن نخصص يوماً للقاء السيّدات أيضاً، إن شاء الله.
القرآن والرّوايات تتحدّث بمدح السّيّدة الزّهراء (ع) وفضائلها
في ما يتعلق بعظمة شأن الزهراء الطّهرى الصدّيقة الطاهرة (ع)، إن لساننا قاصر وعاجز. القرآن والحديث الصحيح لديهما قولٌ في هذه السيدة الجليلة (ع)، ولهما مديح إلى حدّ أنه بالنسبة إلى عقولنا وفكرنا القصير، يحتاج فهم هذا المديح أيضاً إلى التأمل والتدقيق. تلك الرواية التي نقلها في إحدى المرات أيضاً الإمام [الخميني] الجليل، أن جبرائيل كان يأتي وينزل على السيدة الزهراء (ع) بعد وفاة النبي (ص)، هي رواية صحيحة. نحن نظرنا في سند هذه الرواية. السند معتبر وهو في منتهى الصحة، ولا يوجد موضعٌ لأيّ شك في أن جبرائيل كان يأتي. الجملة هي: «وكان يأتيها جبرائيل (ع) فيُحسن عزاءها على أبيها (ص)». بلُغتنا اليوم: كان يأتي باستمرار ويعزّي السيدة الزهراء (ع) في رحيل النبي (ص). «ويُطيّب نَفسَها»، أي يمنح السكينةَ لتلك السيدة الجليلة (ع). «ويُخبرها عن أبيها ومكانه»، أي يخبر عن النبي (ص) في أيّ وضع وأيّ حال هو. يُري ويُصوّر للسيدة فاطمة الزهراء (ع) مقامات النبي (ص) في عالم البرزخ، في حضرة الحيّ الودود. «ويُخبرها بما يكون بعدَها في ذُريّتها»، أي يروي للسيدة (ع) قصص أولادها التي ستحدث في المستقبل: قصة الإمام الحسن (ع) وواقعة كربلاء وقصة الأئمة (ع) وقصة ولي العصر (عج). «وكان عليٌّ (ع) يكتب ذلك»[ الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج1، ص458.]، أي كان أمير المؤمنين (ع) يجلس ويكتب ذلك. إنها مسألة مهمة جداً.
وفقاً لما ذكره القرآن نزل جبرائيل (ع) مرة واحدة في مرّ التاريخ على غير نبي: {فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا}[ سورة مريم، الآية 17.]. إذا كان المقصود بالروح - هو بالطبع أيضاً موضع اختلاف - في قصة مريم (ع) هو جناب جبرائيل (ع)، فقد أرسل الله المتعالي جبرائيل مرة واحدة إلى غير نبي. سائر الملائكة (ع) نزلوا، وحدث مراراً أن الملائكة (ع) نزلوا [لكن] جبرائيل (ع) مرة واحدة فقط. وبالنسبة إلى السيدة الزهراء (ع)، «وكان يأتيها جبرائيل (ع)...»، القضية ليست مرة أو مرتين، [بل] كان جبرائيل (ع) يأتي باستمرار ويتشرّف في حضرة السيدة الزهراء (ع).
هذا موجودٌ في القرآن: في سورة «هل أتى»، وفي آية التطهير، وفي آية المباهلة. هذه هي الآيات الصريحة تقريباً بشأن السيدة الزهراء (ع)، وإلّا فيوجد أيضاً آيات أخرى تشير إلى تلك السيدة الجليلة (ع). إنّ الله المتعالي يتحدّث في «هل أتى» عن أعمال فاطمة الزهراء (ع) وأسرتها، وهو أمر في غاية الأهمية. وهذه رايةٌ يرفعها القرآن، يرفعها على باب بيت فاطمة الزهراء (ع): {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا}[ سورة الإنسان، الآية 9.]. العمل لله، الإخلاص، الخدمة دون منّة... لمَن؟ لليتيم والفقير والأسير. هذا الأسير، وهل كان مسلماً؟ من غير المرجّح أنه أسير مسلم في ذلك الحين. الخدمة دون منة. إنها درسٌ. هذه هي راية فاطمة الزهراء (ع). والقرآن هو الذي يعظمّها... أو في آية المباهلة: {وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ}[ سورة آل عمران، الآية 61.]. بينما كان هناك عدد من النساء حول الرسول (ص) - زوجات الرسول، وأقارب النبي (ص) الآخرين، وربما بعض بنات النبي (ص) الأخريات أيضاً في ذلك الحين - لكن {نِسَاءَنَا} ليست سوى فاطمة الزهراء (ع). لماذا؟ من أجل مواجهة جبهة الحق ضد جبهة الباطل. هكذا الأمر. فاطمة الزهراء (ع) هي تجسيد لهذه الحقائق السامية والاستثنائية. هذه هي فضائل السيدة الزهراء (ع).
لدى النبي الأكرم (ص) تعابير بشأن الزهراء (ع): «سيدة نساء العالمين»[ الشيخ الصدوق، الأمالي، ص473.] و«سيدة نساء أهل الجنة»[ الشيخ الصدوق، الأمالي، ص125.]، وهذا هو الأهم: «سيدة نساء أهل الجنة». كلّ نساء الجنة: السيدة سارة، السيدة آسيا، السيدة حواء، السيدة مريم (ع)... طبعاً كلّ هؤلاء النساء العظيمات في التاريخ هنّ «نساء أهل الجنة»، نساء أهل الجنة. وهذه السيدة الجليلة (ع) هي «سيدة نساء أهل الجنة»! هكذا هو الأمر. أصلاً كيف يتحرك لسان الإنسان لكي يقدر أن يعبّر عن هذه [الحقائق] ويؤدّيها حقها! تحتاج عقولنا أساساً إلى كثير من التأمل والتدقيق لإدراك هذه الحقائق.
حسناً، من هنا أيضاً، اتضحت أبرز الميّزات: مسألة الطهارة وآية التطهير في تلك الآية الكريمة، وهي مسألة أبعد من هذه الكلمات... مسألة الخدمة دون منة في «هل أتى»، مسألة المواجهة بين جبهة الحق وجبهة الكفر والباطل في آية المباهلة. هذه سمات مهمة لفاطمة الزهراء (ع).
نشر اسم السّيّدة الزّهراء (ع) وميّزاتها وترويجها في مختلف المجالات بعد انتصار الثّورة الإسلاميّة
أريد أن أقول إنه بالتوفيق الإلهي وبالفضل الإلهي، صار يتكرر ويُذكر الاسم المبارك لفاطمة الزهراء (ع) بعد [انتصار] الثورة الإسلامية مقارنة بما قبل الثورة، كما نذكر... لا يمكن أن يُقال عشر مرات، بل ربما عشرات المرات، أو حتى مئة مرة. فقد صار المجتمع مجتمعاً فاطمياً. نحن نشاهد أيضاً تأثير ذلك في المجتمع. إنكم تشاهدون هذه الخدمة دون منّة، وهذه الحركة التعبوية، وهذا العمل دون أجر ومنّة، في مرحلة «الدفاع المقدس» على نحو ما، وفي مرحلة الحركة العلمية على نحو آخر، إذ لم يسمع أحدٌ أسماء كالشهيد فخري زاده[ الشهيد محسن فخري زاده، العالم النووي والدفاعي الذي استشهد في 27/11/2020 في منطقة آبسرد-دماوند.]، والشهداء النوويين، والعالم الكبير كاظمي آشتياني[ السيد سعيد كاظمي آشتياني، من كبار العلماء ومديري الثورة الإسلامية البارزين، ومن الرواد والمجاهدين في ابتكارات العلوم البيولوجية، ومدير مركز أبحاث جامعة وكلية رويان في الجهاد الجامعي. خلال إدارته تمكنت إيران من تحقيق نجاحات ملحوظة مثل تطوير طرق متقدمة لعلاج العقم، وإنتاج الخلايا الجذعية الجنينية وتكثيرها وتجميده، واستنساخ الحيوانات.]. ولا يزال كثيرون لا يعرفون من هو كاظمي. هؤلاء العظماء الذين دخلوا وادي العلم هم الذين فتحوا ميادين العلم العظيمة في هذا البلد من أجل هؤلاء الناس ومن أجل الإسلام والجمهورية الإسلامية دون أجر ومنّة. ثم لاحظوا كيف أن الناس يسارعون بشوق أثناء الحوادث الطبيعية مثل الفيضانات والزلازل! أين توجد مثل هذه الأشياء؟ إنه ذلك الأسلوب الفاطمي نفسه. وهذه هي نفسها تلك الحركة في توجيهات سيدة نساء العالمين (ع): {لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا}[ سورة الإنسان، الآية 9.]، هذه إشارةُ فاطمة الزهراء (ع).
[أيضاً] في العامين الماضيين ما تم إنجازه من أعمال في قضية كورونا، والخدمات التي تم إنجازها... لقد أُنجزت أعمال عظيمة دون أن يُطرح اسم أيّ شخص. وهذه الحركات الجهادية، والمعسكرات الجهادية الجارية على مدار العام، والشباب الذين يذهبون دون أن يتركوا اسماً لهم، ويتحركون دون أجر ومنّة... يجب أن يستمر هذا الأسلوب. لا بدّ أن تكون فاطمة الزهراء (ع) أسوة وأنموذجاً يحتذى في جميع الاتجاهات، بما في ذلك في حركتنا الاجتماعية والثورية والنضالية الكبرى.
هويّة هيئة العزاء والموالد مؤسّسةٌ اجتماعيّة على محور مودّة أهل البيت (ع)
حسناً، بشأن الهيئة وموضوع قرّاء العزاء والموالد هناك نقاش كبير في هذا الصدد. تحدثت كثيراً في هذا المجال في سنوات مختلفة إلى قرّائنا الأعزاء. طبعاً، لحسن الحظ، الآن حينما كنت أجيء، رأيت هنا [بين] هذه الكتب التي نشرتموها بعض الكتيبات حول الهيئة. هذا جيد جداً. لم أرَ أنه يجري النقاش والحديث حول الهيئة. لديّ الكثير من الحديث بشأن الهيئات الحسينية، ولكنني سأتحدث اليوم بإيجاز في هذا الصدد.
الهيئة هي وحدة اجتماعية، مؤسسة اجتماعية تتشكلّ على محور مودة أهل البيت (ع). محور هذا المجتمع الصغير أو الكبير هو مودة أهل البيت (ع) والتوجيه نحو أهدافهم. هذه حقيقة الهيئة، وهي ماهية الهيئة.
تعود جذور هذه الظاهرة إلى زمن الأئمة (ع) أنفسهم، وليست مسألة اليوم ولا الأمس. الهيئة أنشأها أصحاب الأئمة (ع)، وهم الذين بدؤوها. كانوا يجتمعون ويجلسون مع بعضهم بعضاً بعد واقعة كربلاء.
يسأل الإمامُ الصادق (ع) الراوي: «تجلسون وتحدّثون؟»[ الحرّ العامليّ، وسائل الشيعة، ج12، ص20.] أي هل تجلسون مع بعضكم بعضاً وتتحدثون وتتكلمون، أيْ تطرحون قضايانا؟ فيجيب: نعم، نحن نفعل هذا. أيْ هذه الهيئات نفسها. ثم يقول الإمام (ع): «إنَّ تِلكَ المَجالِسَ أحِبُّها». أنا أحب هذه المجالس. فديتُ ذلك القلب! [يقول:] أحب مجالسكم. «إنَّ تِلكَ المَجالِسَ أحِبُّها وأَحيُوا أمرَنا»[ العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، ج44، ص282.]. أحيوا قضيّتنا.
تتكرر «أمرنا» كثيراً في كلام الأئمة (ع). وهذا يعني أنه إذا أردنا التعبير عن قضيتنا – إذْ يُقال «أمر» لذلك الموضوع الأساسي والمحوري الذي نتحرك فيه - بالتعبيرات المعاصرة مثلاً، مع أن مقداراً من ذلك المعنى الحقيقي يقلّ، فإننا نقول مثلاً: نهجنا، مدرستنا. «أَحيُوا أمرَنا» تعني أَبقوا نهجنا حيّاً، أَبقوا مدرستنا حيّةً. وفي رواية أخرى، وهي أيضاً في «الكافي»، يقول: «تزاوروا وتلاقوا، وتذاكروا وأحيوا أمرنا»[ الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج2، ص175.]. القضية كذلك، أي إحياء الأمر.
تأثير الهيئات في مراحل مختلفة
إذَن، يعود تاريخ هذه الهيئة وجذورها إلى ذلك الزمان، وقد استمرت في تاريخ التشيع وعلى امتداد تاريخ الأئمة، ولا بد أنها اتخذت أشكالاً مختلفة - بالطبع، إذا حقّق أهل التحقيق، يمكنهم العثور على مزيد من التفاصيل - حتى وصلت إلى زماننا، وفي مراحل ما، أظهرت فعالية كبيرة، مثل مرحلة الثورة الإسلامية.
أنتم، أيها الشباب، قد لا تذكرون. كان للهيئات تأثير كبير خلال الثورة [مثل] هذه المرثيات العجيبة والغريبة التي كانت تنتشر عبر الأشرطة في أنحاء البلاد جميعاً. فعلى سبيل المثال، يقرأ الرادود مرثية في جهرم أو يزد، فتثير حماسة.
كانت مرثيات الإمام الحسين [موجودة] ولكن الكل حول الثورة وحول الإمام. هذه تعطي حركةً للناس والثورة، وتُضفي حياةً على الثورة. الهيئات هي التي كانت تفعل هذا العمل. كان ذلك في مرحلة الثورة.
في أوقات لاحقة، في مرحلة الحرب، طبعاً يتذكر كثيرون منكم ماذا كانت تفعل الهيئات في مرحلة «الدفاع المقدس». حين كانت تأتي جثامين الشهداء، أو حين كان الشباب يريدون الانطلاق نحو الجبهة، كانت الهيئات الحسينية هي الرائدة في الميدان الأساسي والحقيقي. اليوم - بحمد الله - يوجد في بلدنا هيئات مستنسخة [عن تلك]. هذا هو أساس الهيئة.
واجبات الهيئة ومهمّاتها
1) مركزٌ ومحلٌ لجهاد التّبيين
هناك نقطة مهمة تخص الهيئة هي أن الإمام - كما ذكرت - يقول في هاتين الروايتين: «أَحيوا أَمرَنا»؛ أبقوا قضيتنا، أبقوا مدرستنا حيّةً أو أحيوها. حسناً، اليوم بالنسبة إليكم، أنتم الذين تعيشون في بيئة شيعية، في بيئة الجمهورية الإسلامية، في بلد مسلم وشيعي، ربما لا يمكنكم أساساً إدراك ماذا يعني قول الإمام الصادق (ع): «أَحيوا أَمرَنا». في تلك المرحلة التي قال فيها الإمام: «أَحيوا أَمرَنا»، كان إحياء أمر أهل البيت (ع) من أصعب الأمور وأخطرها؛ لقد كان جهاداً عظيماً.
[شرحنا هذا] في تلك الأوقات التي كنا كثيراً ما نناقش فيها ونعمل في هذا الصدد، أي تلك الأقوال التي نُشرت قبل أربعين أو خمسين عاماً تقريباً، وهي في متناول الناس. كانت الحياة النضالية للأئمة (ع)، ونضال أصحاب الأئمة(ع) من أخطر الأمور. كيف استشهد جميع الأئمة (ع)؟ لماذا استشهد الإمام الجواد (ع) في الخامسة والعشرين والإمام العسكري (ع) في الثامنة والعشرين؟ لماذا يقتلونهم؟ لماذا سُجن موسى بن جعفر (ع) سنوات واستشهد في السجن؟ كانت الحياة حياة نضال. في مثل هذه الظروف، يقول الإمام: «أَحيوا أَمرَنا». أنتم الذين تجلسون في اجتماعات الهيئة تلك، أحيوا أمرنا، أي يطالبهم الإمام بأعظم النضالات وأخطرها. إذن، الهيئة مكانٌ لماذا؟ مكانٌ للجهاد. الهيئة مركز للجهاد. الهيئة هي مركز الجهاد، الجهاد في سبيل الله، الجهاد في سبيل إحياء مدرسة أهل البيت (ع)، مدرسة الإمام الحسين (ع)، ومدرسة الشهادة. حسناً، ما نوع جهاد الأئمة (ع)؟ لم يكن جهاد الأئمة (ع) عسكرياً باستثناء بعضهم - أمير المؤمنين والإمام الحسن المجتبى والإمام الحسين (ع) قاتلوا بالسيف فقط - وبقية الأئمة (ع) الذين لم يقاتلوا بالسيف ماذا كان جهادهم؟ «جهاد التبيين». إنني أكرر دائماً[ من جملتها كلمة سماحته في لقاء مع الممرضين وعائلات شهداء الصحة بتاريخ 12/12/2021م.]: التبيين أو جهاد التبيين؛ بيّنوا ونوّروا. الهيئة محل جهاد التبيين. في رأيي، يُستفاد من هذه النقطة المهمة للغاية من قول: «أَحيوا أَمرَنا».
2) تبيين المدرسة لبُّ الهيئة ومعناها
نقطة أخرى حول الهيئة هي أن الهيئة هيكل يحتوي على لبّ ومعنى بالإضافة إلى التحرّك والديناميكية. لا يتعلق الأمر بالفكر والروحانية والدروس والتعليم فحسب، بل يوجد أيضاً تحرّك وديناميكية في الهيئة. إن اللبّ والمعنى هو نفسه المدرسة؛ [أي] تبيين المدرسة. في الهيئات، يتم تبيين المدرسة. عندما نقول «يتمّ» أي يجب أن يكون كذلك. طبيعة الهيئة هي كذلك: الهيئة مكان التبيين، مكان البيان، مكان تبيان لأهم مفاهيم المعارف الإسلامية والعلوية، مكان الإجابة عن الأسئلة. اليوم لدى شبابنا أسئلة متنوعة، لديهم أسئلة حول نمط الحياة، لديهم أسئلة حول القضايا الأساسية، أسئلة في مكانها. إن سبيل مواجهة السؤال هو التفكير والإجابة. يجب أن يتم ذلك في هذه الهيئات. المركز المهم لهذا العمل هو هذه المجالس، للإجابة عن كثير من الأسئلة التي تطرأ يوماً بعد يوم. لا مانع من السؤال، لكن على صاحب السؤال أن يعلم أن بإمكانه أن يبدّل جهله وقلة معرفته التي تولّد السؤال، أن يبدله إلى معرفة، إلى علم، إلى اطلاع. من لديه سؤال لا ينبغي أن يجعله هذا السؤال يتصوّر أن كل شيء مقلوب. كلا! لا بد من طرح السؤال فلا مانع في ذلك. تجب الإجابة عنه، والإجابة لا بدّ أن تكون في الهيئات، في مراكز العلم والمعرفة. هذا هو لبّ الهيئة ومعناها.
المواجهة المباشرة مع المخاطب واستخدام الفن رمزُ ديناميكية الهيئة. الديناميكية والتحرّك [تعنيان أيضاً] استخدام الفن والاستفادة من مخاطبة المخاطب مباشرة. الفرق بين فنّكم وعدد من الفنون الأخرى هو أنكم تواجهون مخاطبيكم مباشرة. أنتم تتحدثون معه، وهو ينقل مشاعره إليكم، أي أنتما على اتصال دائم ببعضكما بعضاً. هذه هي ديناميكية الهيئة. ديناميكية أخرى هي التحرك في الشوارع والأزقّة والأسواق مع هذه المجموعات التي تمشي. وفق أحد الإخوة من أهل الذوق إن حركة المجموعات الحسينية هي في الواقع رمز لحركة الإمام الحسين (ع) من مكة إلى كربلاء... التحرّك من أجل الجهاد، التحرّك في سبيل الله.
الجهاد بذلُ الجهد مقابل العدوّ
النقطة التالية حول الهيئة حيث ما ذكرناها: جهاد التبيين. إذن، قوام الهيئة هو الجهاد. ماذا يعني الجهاد؟ الجهاد يعني بذل الجهد في مواجهة العدو. ليس كل جهد جهاداً. ثمة كثيرون يبذلون الجهود، يبذلون جهوداً علمية كبيرة، يبذلون جهوداً اقتصادية... هذا أمر جيد وفي مكانه لكنه ليس جهاداً. الجهاد يعني جهداً فيه استهداف للعدو. هذا هو الجهاد. في الاصطلاح الإسلامي والمنطق الإسلامي الجهاد هو ما يكون ضد العدو. إذا قمت على عمل اقتصادي لمواجهة العدو، يصير ذلك جهاداً. إجراء أعمال علمية وبحثية لمواجهة العدو هو جهاد. أن تتكلم وتبيّن لإحباط وسوسة العدو يكون جهاداً. هذا كلّه جهاد. لذلك من المهم لنا أن نحدّد مجال الجهاد، وفي أي مجال يجب أن نجاهد كل وقت. هذا مهم جداً.
ميادين الجهاد المختلفة
لا يشتبه الأمر علينا! يصير بعض الناس أحياناً - لقد أعطيت أمثلة مرات عدة - مثل شخص موجود في دشمة ثم ينام، ويستيقظ بعد وقت، فلا يعرف في أي جانب العدو، ولا في أيّ جانب الصديق، فيرفع البندقية نحو الأخير. أحياناً يكون الأمر كذلك، فثمة من لا يعرفون ميادين الجهاد، أي لا يعرفون أين يجب التحرّك، والعدو في أي جانب أساساً، ولا أيّ جانب يجب الالتفات إليه، وأين يجب أن يكون موضع الهجوم. هذا مهم. في يوم من الأيام، يكون الميدان عسكرياً مثل مرحلة «الدفاع المقدس»، ومرحلة الدفاع عن المقامات المقدسة. الميدان هنا هو عسكري. في ذلك اليوم، شخّص كثيرون الواجب وتحرّكوا وذهبوا وأدوا واجبهم - كان ذلك واجباً كفائياً ولم يكن عينياً - وبالطبع، أدت الهيئات الواجب هنا على أكمل وجه وقد ذكرنا هذا سابقاً. هناك كثيرون من مقاتلينا وشهدائنا كانوا من أبناء الهيئات وقد ذهبوا ونالوا الشهادة. في يوم آخر، يكون الميدان هو العلم، ويكون الجهاد هو الجهاد العلمي. يجب رفع [راية] العلم. في يوم ما، قد يكون الميدان هو الأنشطة الاجتماعية. في يوم آخر، يكون الميدان هو الخدمات الاجتماعية وخدمة الناس. في اليوم الذي يحاول فيه العدو وضع المجتمع تحت ضغط اقتصادي من أجل وضع الناس في وجه الإسلام وفي وجه النظام الإسلامي، في ذلك اليوم، إذا كنت تخدم الناس اقتصادياً واجتماعياً، فقد قمت بالجهاد ضد العدو. لكن الأهم من ذلك كله هو مجال التبيين والتنوير. إذا كان هناك تنوير، فسيكون حال هذه الميادين كلها واضحاً في الزمان والمكان المناسبين، وسوف يجدون رجالهم.
أموال العدوّ الضخمة لتبديل معتقدات الناس وأفكارهم تجاه الإسلام والثّورة
أقول هذا عن علم واطلاع على أن هذا الكم من وسائل الإعلام اليوم - لا يمكن إحصاؤها خاصة في هذا الفضاء المجازي مع وجود آلاف المتخصصين - المتخصصين في الفن والإعلام والاتصالات - مع دعم مالي كبير، ودعم أمني جماعي، من أجل ماذا؟ من أجل تبديل الأفكار وقلب الميول وتضعيف الإيمان والمعتقدات وتدميرها في نظام الجمهورية الإسلامية. هكذا الأمر. الآن، ما الذي يفعله الآخرون للبلدان الأخرى هذه مباحث أخرى. والموضوع الذي طرحته يخص بلدنا وشعبنا وجمهوريتنا الإسلامية وإيماننا ومعتقداتنا. هناك آلاف الأجهزة تعمل في هذا المجال بمبالغ ضخمة ودعم متنوع. حسناً، إنها حركة شيطانية وجبهة الشيطان.
الحاجة إلى تحديد موقعنا في جبهة الحرب مع العدوّ
ماذا هناك مقابل جبهة الشيطان هذه؟ جبهة الجهاد في سبيل الله. إنها جبهة الجهاد في سبيل الله. حسناً، أنتم في الهيئة اسألوا هيئتكم أين موقعها في هذا الجهاد في سبيل الله. هذا هو حديثنا. النقطة الثانية التي ذكرناها هي: علينا أن نسأل أنفسنا أين نحن في هذا الجهاد والحرب الضروس بين الإسلام والكفر، وبين الحق والباطل، وبين رواية الكذب والحقيقة... الحرب بينهما؟ أين نحن في هذه الجبهة؟ اسألوا هيئتكم أين موقعها في هذا الجهاد؟ يجب أن نحدد هذا لأنفسنا ونلتفت جيداً أين نقف؟ بالطبع، [أين نقف] في تبيين المثل التي نريدها ونشرها، المثل والأصول والمبادئ الأساسية وبيّنات الثورة. هذا محط الاهتمام الأكبر من الأمور الأخرى، ولكن القضايا السياسية والاجتماعية الجزئية تقع أيضاً في هذه الجبهة وتجب متابعتها.
مسؤوليّات قرّاء العزاء والموالد وأداؤهم
1- رفع مستوى المعرفة
حسناً، هناك نقطة أخرى في هيئات الموالد والعزاء هي عنصر المنبر، عنصر قراءة العزاء والموالد، عنصر المستمع والمخاطب. هذه عناصر رئيسيّة. والعمودان المهمّان والراسخان للهيئة هما ذاك الذي يعتلي المنبر والواعظ، وهذا القارئ. وفي ما يرتبط بالمنبر ومن يعتليه لدينا ما نقوله وليس الآن موضع هذا الكلام. سوف أقوله في الوقت المناسب لمخاطبيه.
في ما يخصّ قراءة العزاء والموالد سأذكر نقطتين أو ثلاثاً تتعلّق بكم، يا أعزّائي. الأولى، كما ذكرنا، أن قراءة العزاء والموالد فنٌّ فريدٌ من نوعه، أي لا نرى شبيهاً له في سائر الأماكن. في سائر الأماكن، نرى الابتهال وأمثال هذه الأمور لكنّها تختلف عن قراءة العزاء والموالد. قراءة العزاء والموالد تحمل هويّة مغايرة وحقيقة أخرى، وقد ذكرنا أنّ نوع العلاقة للمخاطب مع هذا الفنّ والفنّان نوعٌ خاصّ من أنواع العلاقات، فهو يجلي القلوب، يجلي قلب المخاطب ويُنوّره. هذه الدّموع التي تلاحظون أنّها تسيل، هذه الدّموع تنبع من القلب. الدّموع النابعة من القلب.
فؤادي حين غُربلَت أترابه ناله بعض ندى الوَلَهِ
والقلب مُذْ لفّه الغمّ من قطرةٍ كبدٌ تَلظّى مكويّاً مُؤنّهِ
نواظري إذا هامت ذرفت دماً مسكوباً من معصرٍ مُكرَهِ[ قرأ قائد الثورة الإسلامية الأبيات بالفارسية وهذا معناها العربي، وهي للشاعر أحمد غزالي المشهدي.]
هذه الدّموع تفيض من القلب هي مِلكُ القلب وتجليه. ثمّ ينتقل بالمستمع إلى عُمق التاريخ، فلا يُبقي على المستمع في الوقت الحاضر، بل إنّ قارئ العزاء والموالد يحمل هذا القلب إلى عُمق التاريخ، ويبيّن له الحقائق التاريخيّة. ثمّ يهبه المعرفة الدينيّة والأخلاقيّة والسياسيّة، أي ينهض قارئ العزاء والموالد بكلّ هذه الأعمال. [إذن، قراءة العزاء والموالد] معرفة دينيّة، وأخلاقيّة أيضاً، وكذلك الأمر في أنها سياسيّة. لقد قُلنا مراراً إنّ هذه الأشعار التي تُلقونها في بداية المنبر قيّمة جدّاً إذا كانت أشعاراً أخلاقيّة، وكذلك الأمر في ما يرتبط ببعض الأشعار المعرفيّة والأخلاقيّة، مثل بعض غزليّات الصّائب – لا كلّها – فهي ذات قيمة. اليوم ينهمك شعراؤنا الدينيّون - بحمد الله - في العمل.
أود أن أقول أيضاً إنّكم والشعراء الدينيّين تساعدون بعضكم بعضاً، أي بصفتكم قرّاء العزاء والموالد أنتم تُساهمون في رفع مرتبة الشّعر الديني، فعندما تكرّرون الشعر وتقرؤونه، تجعلون الشّاعر يتحمّس، وتدفعون الشّاعر فعلاً إلى الارتقاء بشعره. لذلك أنتم تُساعدون الشّاعر، والشاعرُ أيضاً يُساعدكم. عندما تقرؤون شعراً جيّداً من على المنبر، تكونون قد أضفتم قيمة في واقع الأمر على مكانتكم.
2- الحرص على ألّا يغلب ظاهرُ قراءة العزاء والموالد مضمونَها
حسناً، هذه الحركة المهمّة – النّقل إلى عُمق التاريخ وتنقية القلوب وتجليتها – تحتاج إلى فنّ واستعراضٍ للفن. هذا الاستعراض للفنّ في قراءتنا العزاء والموالد هو: الصّوت، اللحن، هندسة القراءة. إنه يحتاج حتماً إلى هذه الأمور الثلاثة، أي لا بدّ من أن يكون ذا صوتٍ [حَسَن]، ولا بدّ أيضاً أن يكون لديه لحن، وأيضاً لا بدّ أن يتقن هندسة القراءة وطبعاً هناك من يتقنها وهناك من لا يتقنها. المهمّ هو أن تحدّدوا منذ البداية في أذهانكم ما تودّون فعله في ذلك المجلس. هذه الأمور تشكّل ظاهر قراءة العزاء والموالد، أي الصّوت الحَسَن، واللّحن الحَسَن، والهندسة الحَسَنة. حسناً هذه القراءة هي الظّاهر. لا ينبغي لهذا الظاهر أن يغلب المضمون. هذه المظاهر كلّها أداة من أجل المضمون. ينبغي ألّا يُفعل ويُقام ما يضيّع المضمون! ذلك التوجيه، تلك المحبّة، ذاك الشيء الذي يوجّه حركة المجتمع في واقع الأمر من قلب الهيئة ومحورها، لا ينبغي أن يجري تضعيفه ويضيع. هذه أيضاً نقطة تتعلّق بال قراءة العزاء والموالد.
3- المحافظة على هويّة قراءة العزاء والموالد في خضمّ الإبداع والابتكار
هناك نقطة أخرى هي أنّ قراءة العزاء والموالد كما سائر الأعمال الأخرى تحتاج إلى الابتكار والإبداع. ترون أنّ الشّباب يُبدعون أيضاً. الإبداع في قراءة العزاء والموالد أمرٌ جيّد ولا ضير في الإبداع، لكن فلتحرصوا على ألّا ينتهي هذا الإبداع إلى انتهاك الضوابط. قراءة العزاء والموالد هي هويّة معيّنة. يجب ألّا تتبدّل هذه الهويّة. لا ينبغي أن يحرف هذا الإبداع حركتكم وتقديمكم عملكم نحو أمورٍ هي ليست قراءة العزاء والموالد، ويُلاحظ هذا الأمر في بعض الأحيان. وضمن ذاك النطاق من المعلومات التي يقتضي الأمر أن أعرفها أنه يُلاحظ في بعض الأحيان هنا وهناك أنّ المظهر والإبداع ليسا على النّحو الذي يحفظ هويّة قراءة العزاء والموالد. عليكم أن تحرصوا على صون هذه الهويّة، قراءة العزاء والموالد ليست موسيقا «بوب»!
4- الحرص على الحفظ لأداء قراءة العزاء والموالد بصفته وسيلة الثّورة الإسلاميّة الإعلاميّة
هناك نقطة أخرى هي أنّ قرّاء العزاء والموالد تألّقوا جيّداً في خضمّ القضايا المهمّة. لقد تألّقوا في مرحلة الدفاع المقدّس، وفي مرحلة الدّفاع عن المقدّسات، وفي فتنة 2009، وكذلك الأمر في مختلف القضايا الأخرى. لقد نجح قرّاء العزاء والموالد في الاختبار وهم في خضمّ هذه المراحل كلّها، وبالمعنى الحقيقيّ للكلمة، هذه المجالس خرّجت المجاهدين. لقد خرّجت هذه المجالس الشّهداء. وسط الحرب الإعلاميّة الدّائرة بيننا وبين العدوّ، وضمن هذا الصّراع والمواجهة الثقافيّة والإعلاميّة بين الجمهوريّة الإسلاميّة والأعداء، كان لصوت قرّاء العزاء والموالد الثوريّين البليغ أثره، وقد تمكّن من إنجاز أعمالٍ عظيمة. هذا هو ماضي قرّائنا في الثورة الإسلاميّة طوال الأعوام الأربعين ونيّف الماضية. ما أودّ أن أقوله – هذه هي النّقطة الرابعة – ألا تسمحوا بإخماد هذا الصّوت البليغ. امنعوا ذلك. لقد اجتزتم الاختبارات على نحو حَسن في السابق، واليوم حيث نواجه جبهة العدوّ الواسعة... في ذلك اليوم أثّر كثيراً صوتكم البليغ، فلا بدّ أن يؤثر اليوم أيضاً.
5- الابتعاد عن جذب الشّباب بأيّ ثمن
النقطة التالية هي أنّ قرّاءنا الأعزّاء يرغبون في جذب الشّباب إلى مجالس الهيئة، وهذه فكرة جيّدة، فجذب الشّباب إلى هذه المجالس قد يكون مُنقذاً بالفعل لبعض هؤلاء ويُخلّصهم، وهو قادرٌ على أن يكون عاملاً للارتقاء لبعضهم. لذلك إنّ واحداً من أهداف مجالس قرّائنا وما يدور في عقولهم هو جذب الشّباب، وهذا أمرٌ مستحسنٌ جدّاً لكنّني أود أن أقول أنِ احرصوا على ألّا يكون جذب الشّباب بأيّ ثمن، وألّا يكون الأمر على هذا النّحو: أن نستخدم مثلاً اللحن الفلاني غير المناسب في شعر المدح أو شعر المصيبة من أجل أن يُعجب الشّاب بذلك. الجذب ضروريّ وواجبٌ ومفيد لكن مع الحفاظ على الهيكليّة السليمة. احرصوا على ألّا يجري تضييع تركيب قراءة العزاء والموالد وهويّتها وحقيقتها بسبب نية شخص ما لجذب الشّباب.
6- عرض مواضيع مُتقنة ومُسندة
النّقطة الأخيرة أيضاً هي قضيّة الكلام المُتقن. اطرحوا المواضيع المُتقنة والمُسندة إن كان في مجالس العزاء أو المدح أو الأمور التي يجري طرحها. طالعوا، اعملوا، اقرؤوا الكُتب... وأنا أعلم طبعاً أنّ العديد من قرّائنا الأعزّاء يفعلون هذا الأمر، ويطالعون الكتب ويقرؤونها، كما يطالعون دواوين الشّعر البارزة، فيُتقنون الأدب، وترتقي معرفتهم الدينيّة أيضاً، فتترشّح بطبيعة الحال في مجالسهم. احرصوا على أن تصير هذه الحالة عامّة، وأن تكون السائدة، لأنّ الكلام الهش خطير. في بعض الأحيان، يتحوّل كلامٌ هش، كلام غير بليغ وخطأ، إلى شمّاعة في يد الأعداء، فيُشكّكون في أساس التشيّع. في بعض الأحيان، نُطلق كلاماً خطأً فيهاجموننا. حسناً لا أهميّة لذلك لكن في حينٍ آخر قد نقول شيئاً يجعلهم يهاجمون الإسلام، ويهاجمون التشيّع، ويهاجمون معارفنا الإسلاميّة أو علماءنا العظماء. هذا ليس جائزاً. احرصوا كثيراً. لذلك إنّ الكلام القويّ والمُسند والمتقن من الأمور التي لا بدّ أن تندرج ضمن جدول أعمال قرّائنا الأعزّاء.
حسناً، كانت جلسة اليوم جيّدة. استفضنا واستفدنا. أتوجّه بالشّكر إلى الإخوة الذين أدّوا، وأتوجّه بشكرٍ خاصّ إلى الإخوة الذين جاؤوا من الأقضية – من زاهدان، من أردبيل – ومن الدّول العربيّة – أخينا البحرينيّ[ الشيخ حسين الأكرف.] – وأيضاً السيّد واعظي[ السيّد أحمد واعظي.] الذي قدِم من مشهد، إضافة إلى الذين جاؤوا من المدن التي ذكرت اسمها والأماكن الأخرى التي لم أذكرها. أرجو أن تُبلّغوا سلامي إلى أهلنا الأعزّاء في هذه المدن وأتمنى أن تحيوا في ظلّ ألطاف ولي العصر - أرواحنا فداه - ويُكتب لكم البقاء والنّجاح.
إلهي، بمحمّدٍ وآل محمّد، ضاعف نعمة ذكر الإمام الحسين (ع) وزد من دوامها في بلدنا يوماً بعد يوم. إلهي، اشمل الألسن التي تلهج بمدح الحسين بن عليّ (ع) وأهل بيت النّبي (ص) بلطفك وبركتك. إلهي، اجعل هيئاتنا هيئات مقبولة لدى الإمام الصّادق (ع)، واجعلنا من جنود الجهاد العظيم في هذا العصر الذي هو «جهاد التبيين». إلهي، احشر الأرواح الطيّبة لإمامنا العزيز وشهدائنا الأجلّاء مع الأرواح الطيّبة لأهل البيت (ع)، وأرضِ عنّا القلب المقدّس لفاطمة الزّهراء الصدّيقة الكُبرى (ع)، وأرضِ عنّا القلب المبارك لإمام الزّمان وليّ العصر - أرواحنا فداه - وأسعده، وبلّغ سلامنا وتحيّاتنا إلى ذلك الإمام العظيم واشمل حالنا برضاه عنا.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.