يتم التحميل...

إيّاكم وسوء الظّن!

صفر

عن رسولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله): «شَرُّ النَّاسِ الظَّانُّونَ، وَشَرُّ الظَّانِّينَ الْمُتَجَسِّسُونَ، وَشَرُّ الْمُتَجَسِّسِينَ الْقَوَّالُونَ، وَشَرُّ الْقَوَّالِينَ الْهَتَّاكُون‏»

عدد الزوار: 32



عن رسولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله): «شَرُّ النَّاسِ الظَّانُّونَ، وَشَرُّ الظَّانِّينَ الْمُتَجَسِّسُونَ، وَشَرُّ الْمُتَجَسِّسِينَ الْقَوَّالُونَ، وَشَرُّ الْقَوَّالِينَ الْهَتَّاكُون‏»[1].

يهدفُ النظامُ التشريعيُّ الإسلاميُّ إلى حمايةِ المجتمعِ الإسلاميِّ مِن خلالِ إيجادِ البيئةِ الصالحةِ للالتزامِ بالطاعاتِ والابتعادِ عن المعاصي، لا سيما على مستوى العلاقاتِ الاجتماعيةِ بين الناس، ومِن مواردِ ذلكَ ما حارَبَهُ الإسلامُ بشِدّةٍ مِن سوءِ الظنِّ بالمؤمنين، ففي الروايةِ عن الإمامِ الصادقِ (عليه السلام): «أَبَى اللَّهُ أَنْ يُظَنَّ بِالْمُؤْمِنِ إِلَّا خَيْراً»[2].

وحُسنُ الظنِّ بالمؤمنينَ دليلُ سلامةِ الإيمانِ في الإنسان، كما أنّ له فوائدَ وثمراتٍ مترتّبةً عليه، ففي الروايةِ عن الإمامِ الصادقِ (عليه السلام): «حُسْنُ الظَّنِّ أَصْلُهُ مِنْ حُسْنِ إِيمَانِ الْمَرْءِ وَسَلَامَةِ صَدْرِهِ، وَعَلَامَتُهُ أَنْ يَرَى كُلَّمَا نَظَرَ إِلَيْهِ بِعَيْنِ الطَّهَارَةِ وَالْفَضْلِ مِنْ حَيْثُ رُكِّبَ فِيهِ وَقُذِفَ فِي قَلْبِهِ مِنَ الْحَيَاءِ وَالْأَمَانَةِ وَالصِّيَانَةِ وَالصِّدْقِ. قَالَ النَّبِيُّ (صلى الله عليه وآله): أَحْسِنُوا ظُنُونَكُمْ بِإِخْوَانِكُمْ، تَغْتَنِمُوا بِهَا صَفَاءَ الْقَلْبِ وَنَمَاءَ الطَّبْع‏»[3].

ولسانُ التحذيرِ الواردِ عن النبيِّ (صلى الله عليه وآله) يوضحُ كيف يجرُّ سوءُ الظنِّ الإنسانَ إلى الابتلاءِ بمعاصٍ أخرى، فسوءُ الظنِّ يدعوهُ للتجسُّس على أخيه المؤمن، وقد ورد النهيُ الشديدُ عنه، فعن النبيِّ (صلى الله عليه وآله): «لَا تَطْلُبُوا عَثَرَاتِ الْمُؤْمِنِينَ؛ فَإِنَّ مَنْ تَتَبَّعَ عَثَرَاتِ أَخِيهِ، تَتَبَّعَ اللَّهُ عَثَرَاتِهِ، وَمَنْ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَثَرَاتِهِ، يَفْضَحْهُ وَلَوْ فِي جَوْفِ بَيْتِهِ»[4]. وفي عهدِ الإمامِ عليٍّ (عليه السلامُ) للأشتر: «وَلْيَكُنْ أَبْعَدَ رَعِيَّتِكَ مِنْكَ، وَأَشْنَأَهُمْ عِنْدَكَ، أَطْلَبُهُمْ لِمَعَايِبِ النَّاسِ؛ فَإِنَّ فِي النَّاسِ عُيُوباً، الْوَالِي أَحَقُّ مَنْ سَتَرَهَا، فَلَا تَكْشِفَنَّ عَمَّا غَابَ عَنْكَ مِنْهَا، فَإِنَّمَا عَلَيْكَ تَطْهِيرُ مَا ظَهَرَ لَكَ، وَاللَّهُ يَحْكُمُ عَلَى مَا غَابَ عَنْكَ، فَاسْتُرِ الْعَوْرَةَ مَا اسْتَطَعْتَ، يَسْتُرِ اللَّهُ مِنْكَ مَا تُحِبُّ سَتْرَهُ مِنْ رَعِيَّتِكَ»[5].

وبعد التجسّس، يبدأُ بنقلِ ما رأى، فيقعُ في غِيبةِ أخيهِ المؤمن، وهو يريدُ بذلكَ الانتقاصَ منه بينَ الناس، ففي الروايةِ عن الإمامِ الصادقِ (عليه السلام): «مَنْ قَالَ فِي مُؤْمِنٍ مَا رَأَتْ عَيْنَاهُ وَمَا سَمِعَتْ أُذُنَاهُ، كَانَ مِنَ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ فِيهِم‏: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ﴾[6]»[7].

ثم يقعُ في هتكِ حرمةِ أخيهِ المؤمن: ففي المرويِّ عن النبيِّ (صلى الله عليه وآله): «مَنْ طَعَنَ فِي مُؤْمِنٍ بِشَطْرِ كَلِمَةٍ، حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ رِيحَ الْجَنَّةِ»[8].

وعن الإمامِ الصادقِ (عليه السلام): «مَنِ اطَّلَعَ مِنْ مُؤْمِنٍ عَلَى ذَنْبٍ أَوْ سَيِّئَةٍ، فَأَفْشَى ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَكْتُمْهَا، وَلَمْ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ لَهُ، كَانَ عِنْدَ اللَّهِ كَعَامِلِهَا، وَعَلَيْهِ وِزْرُ ذَلِكَ الَّذِي أَفْشَاهُ عَلَيْهِ، وَكَانَ مَغْفُوراً لِعَامِلِهَا، وَكَانَ عِقَابُهُ مَا أَفْشَى عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا مَسْتُورٌ عَلَيْهِ فِي الْآخِرَةِ، ثُمَّ لَا يَجِدُ اللَّهَ أَكْرَمَ مِنْ أَنْ يُثَنِّيَ عَلَيْهِ عِقَاباً فِي الْآخِرَةِ»[9].
 
وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين


[1] الميرزا النوريّ، مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل، ج‏9، ص147.
[2] المصدر نفسه، ج‏9، ص142.
[3] المصدر نفسه، ج‏9، ص145.
[4] الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج‏2، ص355.
[5] السيّد الرضيّ، نهج البلاغة، ص429.
[6] سورة النور، الآية 14.
[7] عليّ بن إبراهيم القمّيّ، تفسير القمّيّ، ج‏2، ص100.
[8] الميرزا النوريّ، مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل، ج‏9، ص141.
[9] العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، ج‏72، ص216.

2021-09-09