يتم التحميل...

كلمة السيد حسن نصرالله في العاشر من محرم 1443 هـ

2021

كلمة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في العاشر من محرم 1443 هـ

عدد الزوار: 251

كلمة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في العاشر من محرم 1443 هـ 19-8-2021

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على ‏‏سيدنا ‏ونبيّنا خاتم النبيين أبي القاسم محمد بن عبد الله وعلى آله الطيبين الطاهرين، ‏وصحبه الأخيار ‏المنتجبين ‏وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.‏

السلام عليك يا سيدي ومولاي يا أبا عبدالله وعلى الأرواح التي حلت بفنائك عليك مني سلام الله أبداً ما ‏بقيت ‏وبقي الليل والنهار ولا جعله الله آخر العهد مني لزيارتكم ‏
السَّــــلام على الحسين
وعلى عليّ بن الحسين
وعلى أولاد الحســــين ‏
وعلى أصحاب الحسين

السَّادة العلماء.. الأخوة والأخوات..‏
السَّلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته وعظّم الله أجوركم..‏

في يوم العاشر من المحرّم، وفي بداية الكلمة كما في كل عام نتوجّه أوّلاً بالعزاء إلى صاحب العزاء، إلى ‏‏أصحاب العزاء، الى رسول الله محمد صلى الله عليه واله وسلم خاتم النبيين وسيد المرسلين ونقول له، ‏‏جميعاً نقول له عظّم الله لك الأجر يا رسول الله بمصاب ولدك الحسين عليه السلام، نتوجّه بالعزاء الى ‏أمير ‏المؤمنين ونقول له عظّم الله لك الأجر يا أمير المؤمنين بمصاب ولدك الحسين، نتوجّه الى سيدتنا ‏سيدة نساء ‏العالمين وعظّم الله لك الأجر يا مولاتي بشهادة ولدك الحسين، نتوجّه الى الإمام الحسن المجتبى ‏وإلى أئمتنا ‏الأطهار عليهم السلام ونقول لهم عظّم الله لكم الأجر يا سادتنا وموالينا وأئمتنا بمصاب أبيكم ‏الحسين عليه ‏السلام، إنّنا اليوم نتوجّه إلى مراجعنا العظام وفي مقدّمهم سماحة وليّ أمر المسلمين الإمام ‏القائد السّيد ‏الخامنئي دام ظلّه، وإلى جميع علماء الأمّة وإلى كل المسلمين المحبين وإلى كلّ إنسان شريفٍ ‏ومنصف ‏نتوجّه إليهم بالعزاء، لأنّ الحسين عليه السلام وارث الأنبياء، وارث آدم ونوح وإبراهيم وموسى ‏وعيسى ‏ومحمّد صلى الله عليه وآله وسلّم، لأنّ الحسين عليه السلام رمز ديانات السّماء ورسالات السّماء ‏والقيم ‏الإنسانية والأخلاقية في هذا العالم.‏

أيّها الأخوة والأخوات، إننا اليوم إذ نستحضر ذكرى عاشوراء وما جرى في كربلاء في مواجهة الحقّ مع ‏‏الباطل بقيادة سيد الشهداء ابي عبدالله الحسين عليه السلام، بقيادة أمير قافلة المجاهدين العارفين العاشقين ‏‏الصّادقين المخلصين الوالهين في سنة 61 للهجرة، وبكل ما فيها من معاني الإيمان والجهاد والقيم ‏الإنسانية ‏والأخلاقية ننطلق منها لنحدّد موقفنا ونجدّد موقعنا في ما نعيشه في أيّامنا على مستوى المنطقة ‏وعلى ‏مستوى لبنان، كما هي العادة في كل يوم عاشر أنا أختصر المواقف، اكثّفها ما أمكن ونختم كما هي ‏العادة ‏أيضاً بتجديد البيعة والولاء والحبّ والإقتداء بسيّد الشهداء والذين معه من الأصحاب والأنصار ‏وأهل البيت ‏رجالاً ونساءً.‏

النّقطة الأولى أوّلاً، أن نبدأ من رأس الأولويات في فهمنا وفي فعل مسيرتنا، رأس الأولويات هو مواجهة ‏‏الكيان الصّهيوني الغاصب لفلسطين ولأجزاء أخرى من الأراضي العربية في لبنان وفي سوريا، الموقف ‏‏من المشروع الصّهيوني والكيان الصّهيوني من إسرائيل وبما تمثّل، عاشوراء الحسين عليه السّلام ‏رسالتها ‏إلى كل المسلمين والشرفاء في العالم أن يقفوا إلى جانب الشعب الفلسطيني المظلوم، إلى قطاعه ‏المحاصر ‏وإلى ضفّته وأراضي 48 المهدّدة وإلى شعبه المشرّد في الشّتات والمخيّمات، وإلى الآلاف من ‏أسراه في ‏السّجون من الرجال والنّساء والأطفال، أن نقف وأن يقف الشّرفاء إلى جانب آلام ومعاناة هذا ‏الشّعب المقاوم ‏والمظلوم، وإلى جانب حقّه واستعادة أرضه من البحر الى النّهر دون أي انتقاص. في ‏عاشوراء الحسين عليه ‏السلام هذا موقفنا الثابت والدائم والنهائي والغير قابل لإعادة النّظر أيًّا تكن ‏الظّروف والصّعوبات والتهديدات ‏وأشكال التطبيع والخذلان والتّراجع والتّنازل من قبل بعض المتخاذلين ‏والمتطبّعين، وخصوصاُ أننا بتنا أكثر ‏من أي وقت مضى نتطلّع الى اليوم الذي سيغادر فيه الغُزاة ‏الصّهاينة المحتلّون أرض فلسطين لأنّ هذه نهاية ‏كل احتلال، وهذا مصير كل غازِ ومحتلّ، هذا اليوم آتٍ ‏لا محال إنّهم يرونه بعيداً ونراه قريباً، وبالأخصّ ‏بعد المعركة البطولية التاريخية التي خاضها شعب ‏فلسطين، مقاومته في غزّة وشعبه الثائر في الضّفة ‏والدّاخل وما جرى في معركة سيف القدس ومن ‏احتضان الأمّة لهذا الخيار.‏

إننا اليوم أيضاً وأمام التّهديدات التي تواجهها المدينة المقدّسة مدينة القدس وبيت المقدس والمقدّسات ‏‏الإسلامية والمسيحية وفي مقدّمها المسجد الأقصى المبارك، نجدّد دعوتنا إلى صنع وإقرار المعادلة ‏الإقليمية ‏القادرة على حماية المقدّسات وعلى حماية المدينة المقدّسة، وأن لا تكون حماية المقدّسات ‏والمدينة المقدّسة ‏مسؤولية فلسطينية فقط وإنما لتكون مسؤولية الأمّة كلها. إنّني أمام تجديد الدّعوة هذه ‏أتوجّه إلى إخواننا في ‏فصائل المقاومة العراقية بالشكر الجزيل على ما أعلنته قبل أيام في بداية محرّم، ‏على ما أعلنته الهيئة ‏التنسيقية لفصائل المقاومة العراقية والتي تمثّل جميع فصائل المقاومة العراقية عن ‏إستعدادها أو إعلانها أنها ‏ستكون، وستكون جزءاً من المعادلة الإقليمية في محور المقاومة، في معركة ‏المقاومة لحماية القدس ‏والمسجد الأقصى والمدينة المقدّسة، هذا الأمر بالغ الأهمية ومهمّ جداً، لأنّ ‏الصهاينة - لخصوصية العراق - ‏لديهم خشية كبيرة جداً من موقع العراق في أي معادلة صراع مع ‏إسرائيل، لديه ثقافة دينية تجعلهم ينظرون ‏لأي دور عراقي في حربٍ كبرى بشكل مخيف ومرعب ‏ولأسباب ترتبط بأحداث حصلت في التاريخ في ‏عمق التاريخ والوقت لا يتيح لشرح هذه النقطة تكفي فيها ‏الإشارة، كما اجدّد شكري للأخوة الأعزّاء في ‏حركة أنصار الله في اليمن على إعلانهم سابقاً هذا الأمر ‏أيضاً، إنّ تطوّر وتعاون وتشابك قوى المقاومة في ‏منطقتنا الى جانب حركات المقاومة الفلسطينية والى ‏جانب كل من ينتمي الى محور المقاومة سيجعل هذا ‏الأمل بتحرير فلسطين عظيم وسيجعل هذا اليوم قريباً ‏جداً جداً إن شاءالله. هذا في الموقف الأوّل المرتبط ‏بإسرائيل.‏

ثانياً، في عاشوراء الحسين عليه السلام من الطبيعي أن نكون في موقع الرّفض والمواجهة مع مشروع ‏‏الهيمنة الأمريكي والتّسلّط الأمريكي على بلادنا وشعوبنا وخيراتنا ومنطقتنا ومنها لبنان، والإدارة ‏الأمريكية ‏والحكومات الأمريكية المتعاقبة هي رأس الطغيان والظّلم والفساد والإستعلاء في هذا العالم الذي ‏رفع الحسين ‏عليه السلام في مثل هذا اليوم راية المواجهة الدّامية معه، أمريكا هي التي تمثّل كل هذه ‏المعاني الخبيثة ‏والبشعة في عالمنا المعاصر، يجب أن تكون السّيادة في هذه المنطقة لشعوبها ولدولها، ‏يجب أن تكون ‏خيرات هذه المنطقة مياهها نفطها غازها مواردها الطبيعية مياهها أرضها كل ما فيها يجب ‏أن يكون حصراً ‏لشعوبها ولحكوماتها بعيداً عن أي شكل من أشكال الهيمنة والتسلّط والنّهب والسّرقة ‏الأمريكية وغير ‏الأمريكية.‏

أيّها الأخوة والأخوات، بعد الهزيمة الأمريكية في أفغانستان، وبعد 20 عاماً من احتلال هذا البلد، تصبح ‏‏اليوم وما فيها هذه الحادثة كما قلت ليلة أول أمس من دلالات إستراتيجية وتاريخية وتداعيات مهمّة على ‏‏منطقتنا وعلى العالم، تصبح العيون شاخصةً باتّجاه الأشهر القليلة المقبلة الى الاحتلال الأمريكي في ‏العراق ‏وفي سوريا في شرق الفرات والتّنف.‏

في العراق وببركة دماء الشهيدين القائدين المظلومين الوفيين القائد الشهيد الحاج قاسم سليماني والقائد ‏الشهيد ‏أبو مهدي المهندس اللذين مثّلا بحق ذروة الإقتداء بأبي الفضل العباس عليه السلام، فقطّعت الأيدي ‏‏والرّؤوس وتشظّت الأجساد ومعهم الشهداء من الأخوة الإيرانيين والعراقيين الذين كانوا في تلك القافلة ‏‏الجهادية النورانية المباركة، ببركة هذه الدماء الزّكية، ببركة الرفض الشعبي العراقي والذي تجلّى في ‏‏التظاهرة المليونية في بغداد بعد شهادة القائدين العظيمين، ببركة قرار مجلس النواب العراقي القاضي ‏بلزوم ‏إخراج القوات الأمريكية من العراق، ببركة عمليات فصائل المقاومة العراقية المتواصلة ضد قوات ‏‏الإحتلال وببركة مساعي المسؤولين العراقيين أيضاً تقرر حسب ما اعلنته الحكومة العراقية بوضوح ان ‏‏القوات الاميركية القتالية ستغادر ارض العراق المقدسة من الان الى نهاية العام الحالي، يعني بعد 3 الى 4 ‏‏اشهر، هذا انجاز مهم جدا وهذا انتصار كبير للعراق ولدماء الشهداء ولتضحيات المقاومين وللصبر ‏‏والبصيرة لدى هذا الشعب العظيم، أن يستعيد العراق سيادته في سماءه وأجوائه وعند كل معابره الحدودية ‏‏مع الكويت ومع سورية والاردن وتركيا، هذا امر مهم جدا، يبقى البحث عندهم أي الاخوة العراقيين في ‏عدد ‏المدربين والمستشارين والفنيين الاميركيين الذي يقال أنهم سيبقون في العراق، من المرجو والمأمول ‏من ‏الاخوة المسؤولين العراقيين المحترمين عندما يناقش هذا الامر أن يأخذ المسؤولون العراقيون بعين ‏الاعتبار ‏تجربة التدريب الاميركي عشرين سنة للجيش الافغاني ولقوات الشرطة الافغانية وأن يأخذوا ‏بعين الاعتبار ‏ما قدمه المستشارون الاميركيون من إستشارات فاشلة وماذا كانت النتيجة، حتى لا تضيع ‏أموال العراقيين ‏التي ستنفق على هؤلاء المدربين والمستشاريين الاميركيين ولا تذهب أوقات العراقيين ‏سداً ولا يعلّقون أمالهم ‏على أوهام وخيالات وسراب، من تجربة أفغانستان يجب أن يكون معلوما وهذه ‏رسالة لكل شعوب منطقتنا ‏أن الذي يشكل ضمانة حقيقية للعراق ولشعبه في مواجهة داعش وفي مواجهة ‏الجماعات التكفيرية المتنوعة ‏وفي مواجهة أي تهديدات مشابهة إلى جانب القوات العراقية الرسمية الذي ‏يشكل ضمانة هو الحشد الشعبي، ‏هذا الحشد الذي أُسس على التقوى من أول يوم فكان تأسيسه لله وقيامه ‏لله وجهاده لله وثورته لله والتحق به ‏خيرة علماء العراق وشباب العراق ورجال العراق، هذا الحشد الذي ‏كان من أعظم تجليات وتجسدات ‏الاستجابات العراقية الكبرى للفتوى الحكيمة للمرجعية الدينية الشريفة في ‏النجف الاشرف، هذا الحشد وبما ‏يملك من إيمان وعقيدة وروح حسينية وحماسة وإخلاص وتجربة طويلة ‏وكفاءة عالية يجب تعزيزه وتقويته ‏والتمسك به لأنه جزء كبير من هذه الضمانة، اما في سورية أيها ‏الاخوة والاخوات ما زال الاميركيون ‏يتواجدون في منطقة شرق الفرات، مناطق لها علاقة بمحافظة ‏الحسكة وبقية مناطق محافظة دير الزور وما ‏شاكل، ايضا في منطقة على مقربة من المثلث الحدودي ‏السوري العراقي الاردني المعروف بمنطقة التنف، ‏حجتهم على ما أعلن ترامب سابقا وبايدين حاليا أن ‏هذه القوات الموجودة في سورية مهمتها واحدة وهدفها ‏واحد هو المساعدة على محاربة داعش، هذه حجة ‏واهية وهذا ادعاء كاذب ومخادع، أساسا الذي الحق ‏الهزيمة بداعش في هذه المنطقة هو الجيش العراقي ‏والقوات العراقية والحشد الشعبي والجيش العربي ‏السوري والقوات الحليفة وقوى المقاومة، وفي لبنان ‏ايضا الجيش اللبناني والمقاومة الاسلامية، حكومات ‏المنطقة وجيوش المنطقة وشعوب المنطقة وقوى ‏المقاومة في المنطقة كفيلة بإنهاء ظاهرة داعش وهي ‏ليست بحاجة أساسا إلى أي مساعدة أميركية مدعاة، ‏بل بالعكس القوات الاميركية الموجودة في منطقتنا ‏متهمة وتوجد الشواهد والادلة والقرائن على أن هذه ‏القوات الاميركية تسهل لداعش وتعيد إنتاج داعش ‏وتساعد داعش على الانتقال من منطقة الى منطقة، ‏على القوات الاميركية أن تغادر منطقة التنف وأنه لا ‏يوجد داعش هناك، وأما في منطقة شرق الفرات ‏فالهدف الحقيقي للقوات الاميركية هو تكريس وتعزيز واقع ‏الانقسام في سورية الذي يرفضه الشعب ‏السوري والدولة السورية ولا يمكن أن يوافقوا عليه أبداً، والهدف ‏الاخر هو نهب النفط والغاز يومياً ‏وجهاراً نهاراً الناقلات التي تحمل بإتجاه الحدود العراقية، هذا هو هدف ‏هذا التواجد الاميركي، السوريون ‏في أكثر من مناسبة، الشعب السوري أعلن عن مقاومة شعبية، تتجلى ‏باشكال مختلفة في شرق الفرات، ‏وفي نهاية المطاف كما في العراق وكما في كل مكان يوجد محتل وغاز، ‏مصير المحتلين الاميركيين في ‏سورية ايضا هو المغادرة ليعود هذا الجزء من أرض سورية الى الدولة ‏والوطن الام، ويعود نفط سورية ‏وغازها الى حكومتها التي هي اليوم وإلى شعبها الذي هي اليوم أحوج ما ‏يكون الى هذه المقدرات ‏والخيرات في ظل الحصار وقانون قيصر والعقوبات الاميركية الظالمة.‏
‏ ثالثا، في عاشوراء الحسين عليه السلام لا بد من تجديد الموقف من الحرب العدوانية الاميركية السعودية ‏‏على اليمن وشعبه المظلوم، هذه الحرب الظالمة الغاشمة يجب أن تتوقف ويجب أن يعلم هؤلاء المعتدون ‏بعد ‏كل سنوات الحرب هذه أنهم لن يتمكنوا من تحقيق أي من أهدافهم أمام صمود وبطولات هذا الشعب ‏الصابر ‏المقاوم العظيم وقيادته الحكيمة والشجاعة.‏

‏ رابعاً في عاشوراء الحسين عليه السلام نجدد موقفنا إلى جانب شعب البحرين المضطهد والمسلوبة ‏حقوقه ‏الطبيعية الذي يزج بعلمائه ورموزه وخيرة شبابه ونسائه في السجون المظلمة، والذي يمنع حتى ‏عن التعبير ‏عن موقفه ورأيه، هذا الشعب الحاضر دائما في نصرة فلسطين وقضايا الامة يحتاج من الامة ‏كلها أن تقف ‏الى جانب حقه ومظلوميته للتخلص من هذا الواقع الصعب الجاسم على صدر هذا الشعب ‏العزيز.‏

خامسا، لبنان، وفي لبنان عدة نقاط، اولا، في مسألة المقاومة، نود في عاشوراء الحسين عليه السلام أن ‏‏نؤكد للصديق وللعدو على قوة المقاومة في لبنان وعلى جهوزيتها ومتانتها وصلابتها مع كل ما يجري في ‏‏لبنان وما جرى وما يجري حول لبنان، أن كل ما جرى هنا وحولنا لم يستطع أن يمس لا في قدرات ‏المقاومة ‏ولا في تطوير القدرات التسليحية والبشرية، ولا في إرادة هذه المقاومة وعزمها وتصميمها على ‏الدفاع عن ‏الارض والسيادة والكرامة، والمواجهة الجزئية الاخيرة دليل كبير على هذا المعنى، ولذلك لا ‏يخطئنا أحد في ‏الحسابات، الخائف والمرعوب والقلق والمتوجس من تطورات المنطقة وما هو أوسع من ‏المنطقة هو العدو ‏الاسرائيلي، اليوم إسرائيل أمام مشهد الهزيمة والاندحار الاميركي من افغانستان، هي ‏في حالة قلق، تابعوا ‏ما يقوله المسؤولون الاسرائيليون والمعلقون والباحثون ووسائل الاعلام الاسرائيلية، ‏عن مخاوفهم الشديدة ‏والكبيرة من انعكاسات هذه الهزيمة الاميركية، هذا الانسحاب الاميركي، هذا الفشل ‏الاميركي هذا السقوط ‏السياسي والعسكري والامني والاخلاقي الاميركي على وضع المنطقة، وعلى حلفاء ‏اميركا في المنطقة ‏وعلى اسرائيل نفسها، ولسنا نحن القلقين، نحن بالعكس اكثر من أي زمن مضى املا ‏ويقينا وايمانا بسلامة ‏وصحة وصوابية خيارنا وطريقنا واقترابنا من النصر النهائي والحاسم.‏

‏ ثانيا ، في موضوع الحكومة، بكل تأكيد وقوة نحن دعونا وندعو الى تشكيل حكومة في لبنان، هكذا كنا ‏‏دائما نرفض الفراغ، نحن رفضنا استقالة الحكومة الحالية وموقفنا معروف، ورفضنا استقالة الحكومة ‏‏السابقة وموقفنا معروف، ودعونا دائما الى تشكيل حكومة، وكنا نساعد لتسهيل أمر تشكيل الحكومة، ‏هناك ‏من يحاول دائما في الخارج والداخل أن يحمّلنا مسؤولية الاخفاق في تشكيل الحكومة اللبنانية، بحجة ‏ودعوى ‏اننا لا نضغط بما فيه الكفاية على حلفائنا واصدقائنا وهذا كلام لا معنى له، لأنه لا معنى لان ‏تضغط على ‏حلفائك، وأن تلزم أصدقائك، ماذا يعني ذلك وشرحت هذه المسألة كثيرا، او الاقبح من ذلك ‏أن يُنسب تعطيل ‏الحكومة وتشكيل حكومة في لبنان الى إيران، الى الجمهورية الاسلامية في إيران، في ‏الوقت الذي نعرف أن ‏إيران لم تتدخل يوماً لا في تشكيل حكومة ولا في استقالة حكومة، الذين يتدخلون ‏في تشكيل الحكومات ‏وإسقاط الحكومات في لبنان من دول عالمية وإقليمية وعبر سفاراتهم هم معروفون ‏لكل اللبنانيين، هذه ‏الاتهامات لنا لا تستند إلى أي دليل، بل كل الشهواد تؤيد عكس ذلك، نحن كبقية ‏اللبنانيين اليوم ننتظر هذه ‏الايام القليلة ننتظر نتيجة ونترقب بكل امل ورجاء ما ستكشف عنه اللقاءات ‏المتواصلة بين فخامة رئيس ‏الجمهورية ودولة الرئيس المكلف، وأنها مدخلا اساسيا لمعالجة الكثير من ‏الازمات القادمة.‏

‏ ثالثا، في الوضع الاقتصادي والمعيشي القائم حاليا في لبنان نقول يجب أن يواجه هذا الواقع بكل جديّة، ‏‏وبروح المسؤولية وبدون إنهزام وبدون روح إنهزامية او إستسلام، وبدون يأس، هل يمكن أن نواجه؟ ‏نعم، ‏يجب العمل بقوة على مواجهة هذه الازمات، أو الحد منها، وإيجاد سبل لمعالجتها، في قضية البنزين ‏‏والمازوت التي اضطررنا أن نتكلم عنها في أكثر من ليلة من ليالي عاشوراء الاخيرة، وبعد حركة الجيش ‏‏اللبناني والقوى الامنية ايضا، عندما بدأوا يكشفون على المحطات وبعض مخازن الشركات وتأتيهم ‏‏معلومات عن أماكن تخزين في مختلف المناطق، وتبين ملايين ليترات البنزين وملايين ليترات المازوت ‏‏مخزنة، هذا الذي تبين الى الان، والمخزن ايضا يمكن أن يكون أكثر من هذا، هذا ماذا يؤكد؟ هذا يؤكد أن ‏‏هذه الازمة هي أزمة مفتعلة، وهي أزمة مصطنعة، لان الدولة كانت تؤمن الدعم والبواخر كانت تأتي الى ‏‏الشواطىء والشركات كانت تستلم وتسلم والمحطات تبيع، وفي وسط هذه الحركة كلها، الاحتكار والتخزين ‏‏والتهريب، اذا هذه ازمة مفتعلة، وكان يمكن معالجتها لو بادرت الدولة بعزم وحزم من الأيام الأولى، ‏لمنعت ‏طوابير الذلّ على المحطات، ولمنعت كلّ أشكال الإذلال التي عاناها اللبنانيون خلال الأسابيع ‏الماضية. لو ‏أقدمت الدولة من اليوم الأول على هذا القرار الجريء والشجاع، وجاء الجيش والقوى ‏الأمنية، وقامت ‏الوزارات المعنية بمسؤولياتها لما حصل الذي حصل خلال الأسابيع الماضية. هل هذا ‏سوء تدبير؟ هل هذا ‏أمر متعمد لتيئيس اللبنانيين ولإيجاد حالة من الضغط النفسي والاختناق لفرض ‏خيارات وإرادات على ‏اللبنانيين؟

إذا لم يتوقف المحتكرون عن هذا السلوك اللاإنساني البشع الذي يؤدّي إلى إذلال اللبنانيين على محطات ‏‏البنزين، وإذلال اللبنانيين في الظلام في الظلمة والحر، وفي المستشفيات، وفي خبزهم اليومي. إذا لم ‏يتوقف ‏هؤلاء لا يكفي أن تقوم القوى الأمنية بمصادرة الكمّيات المخزّنة والمحتكرة. في يوم عاشوراء ‏الحسين عليه ‏السلام، وبكلّ وعي ومسؤولية إنسانية وشرعية، أقول يجب على الدولة وعلى القوى الأمنية ‏أن تزجّ بهؤلاء ‏المحتكرين البشعين في السجون حتى يتوقّف هذا الإذلال، وهذه الأزمة المصطنعة. طبعًا ‏هذا الأمر يجب أن ‏ينسحب على الملفات الأخرى، على ملف الدواء، على ملف المواد الغذائية لأنّ القصة ‏هي نفس القصة، ‏والحكاية هي نفس الحكاية، الاحتكار، والجشع، والأرباح المضاعفة مرات عديدة، هذا ‏الأمر لا يجوز أن ‏يستمر. والدولة مع إمكانياتها المتواضعة، هل تستطيع أن تخفّف من معاناة اللبنانيين، ‏نعم ولكنّها تحتاج إلى ‏إرادة وعزم‎.‎

إنّنا أيضًا في هذه النقطة يجب أن نقدّر عاليًا تضحيات الجيش اللبناني والقوى الأمنية، هؤلاء الضباط ‏‏والجنود والعساكر والرتباء في الشوارع بالليل وفي النهار وتحت الشمس يعرّضون أنفسهم للمخاطر من ‏‏أجل تخفيف المعاناة الحياتية على اللبنانيين، هذا الأمر يجب أن يقدّر، ويتعرّضون أيضًا للمخاطر الأمنية ‏‏وللاعتداء ولإطلاق النّار ولرمي الحجارة، وهذا أمر مدان ومعيب أن يرمي أحد طلقة أو حجر على أولئك ‏‏الضباط والجنود الشرفاء الذين يعملون في الليل وفي النهار، ويجهدون من أجل أن يؤمنوا البنزين ‏والمازوت ‏للمستشفيات ولأفران الخبز وأن وأن وأن وأن. وليحافظوا على الأمن الاجتماعي من أن ينفجر ‏هذا البلد أمام ‏كلّ هذه الضغوطات‎.‎

الدولة تستطيع أن تخفّف المعاناة، نعم الحكومة الحالية تستطيع أن تسارع إلى تطبيق مشروع البطاقة ‏‏التمويلية التي أقرّها مجلس النواب، وهي كفيلة بأن تخفّف أيضًا من المعاناة‎.‎

في يوم العاشر من المحرم اليوم، وأمام هذا الحضور الحسيني الزينبي الكبير في الضاحية، وفي كلّ ‏المناطق ‏أودّ أن أعلن عن ما يرتبط بنا نحن أيضًا. نحن من جهتنا تحدّثنا سابقًا ووعدنا، وكنّا ننتظر ‏ونحضر ‏المقدمات لأنّه بكل صراحة قصة أن نأتي بالبنزين والمازوت من إيران، أو من غير إيران هي ‏بالنسبة لي ‏ولإخواني ولنا في حزب الله هي مسألة جديدة وتجربة جديدة، وكانت تحتاج إلى بعض الوقت‎.‎

اليوم في يوم العاشر أودّ أن أعلن أمامكم وأمام الجميع أنّ سفيتنا الأولى التي ستنطلق من إيران محمّلة ‏بالمواد ‏التي يجب أن تحضّر في هذه السفينة قد أنجزت كل الترتيبات، وحمّلت بالأطنان المطلوبة وأنجزت ‏كلّ ‏الأعمال الإدارية، وستبحر خلال ساعات ببركة الحسين سيد الشهداء في هذا اليوم إلى لبنان. ما ‏يفصلنا عنها ‏هو مسافة الطريق فقط عندما تصل السفينة الأولى، وستتبعها سفينة أخرى وسفن أخرى إن ‏شاء الله المسألة ‏ليست سفينة واحدة. عندما تصل إلى مياه البحر الأبيض المتوسط نتحدّث لاحقًا عن ‏التفاصيل، إلى أين ‏وكيف ومتى؟ والآليات العملية وما شاكل‎.‎

طبعًا أعطينا الأولوية في السفينة الأولى لمادة المازوت، البنزين هو حاجة السيارات والنقل، لكن يتوقّف ‏‏على المازوت اليوم المستشفيات، والمراكز الصحية، ومصانع الأدوية والأمصال، ومصانع المواد ‏الغذائية، ‏وأفران الخبز، ومولّدات الكهرباء، ولذلك بتشخيص الكلّ أنّ المازوت هو أولوية وأهمية قصوى ‏لأنّها ترتبط ‏بحياة الناس في عمق حياة الناس. وإن شاء الله ستصل هذه السفينة والسفن الأخرى بخير ‏وسلامة‎.‎

أنا أعرف أنّنا أمام تحدٍ كبير وأمام ما يشاع وما يثار من مخاوف ومن تهديدات مبطنة حتى الآن لا يوجد ‏‏شيء رسمي، نحن لم يصلنا حتى الآن تهديد رسمي أنّه والله مثلًا الأمريكان ماذا سيفعلون، أو ‏الإسرائيليين ‏بماذا يقومون. هناك كلام وسائل إعلام يكتب في بعض وسائل الإعلام‎.‎

أنا أودّ أن أقول أنّ السفينة منذ اللحظة التي ستبحر فيها بعد ساعات، وستصبح في المياه سوف تصبح ‏أرضًا ‏لبنانية. السفينة الآتية من إيران والتي ستبحر بعد ساعات أقول للأمريكيين وللإسرائيليين هي أرض ‏لبنانية. ‏نحن أصرّينا على هذا الخيار لأنّنا قلنا لا نستطيع أن نتحمّل مشاهد الإذلال لشعبنا، لا على طوابير ‏الأفران، ‏ولا على طوابير المستشفيات، ولا على طوابير محطّات البنزين، ولا في ظلام الليل وحرارة ‏الصيف‎. ‎

نحن لا نريد أن ندخل في تحدٍ مع أحد لو أنّهم رفعوا عقوباتهم عن لبنان، وسمحوا للبنانيين بأنّ يعيشوا ‏‏حياتهم الطبيعية، نحن لسنا بحاجة لأن نذهب لهذا الخيار. فالذين فرضوا على لبنان هذه الظروف الصعبة، ‏‏هم الذين جعلونا نلجأ إلى هذا الخيار، لأننا نحن نريد أن نساعد شعبنا. لا نريد أن ندخل في مشكلة مع ‏أحد، ‏ولا في تحدٍ مع أحد. ولكن بصراحة نقول لا يخطئ أحد ويدخل معنا في تحدٍ بات يرتبط بعزّة ‏شعبنا، وإذلال ‏شعبنا. ونحن قوم نرفض أن يذلّ شعبنا، نحن قوم وعبر الأجيال ومئات السنين أتباع ذلك ‏الإمام الذي رفع ‏فينا ذلك الشعار الأبدي هيهات، هيهات منّا الذلة. ونرفض أن نذلّ لا في حرب عسكرية، ‏ولا في حرب ‏سياسية، ولا في حرب اقتصادية. عندما يتم وضعنا أمام خيارات من هذا النوع العالم كلّه، ‏يعرف قرارنا ‏وعزمنا. وهذا ما سيتم تأكيده في ختام الكلمة بعد قليل‎.‎

ومن الواجب في هذه المناسبة أن نتوجّه أنا وأنتم بالشكر إلى الجمهورية الاسلامية في إيران، وإلى سماحة ‏‏القائد المفدى الإمام السيد علي الخامنئي دام ظله الشريف، وإلى فخامة رئيس الجمهورية آية الله السيد ‏‏رئيسي، وإلى المسؤولين الكرام، وإلى الشعب العظيم الإيراني أن نتوجّه إليهم بالشكر والتقدير على وقوفهم ‏‏الدائم إلى جانب لبنان وشعب لبنان، كما في المقاومة كانوا السند الحقيقي والقوي لنتمكن من تحرير ‏أرضنا ‏وأسرانا وسيادتنا، كما في حرب تموز كانوا معنا في المقاومة والصمود والمساهمة الأساسية في ‏إعادة ‏الإعمار. كذلك اليوم وبالرغم من العقوبات على إيران والحصار والظروف الاقتصادية الصعبة التي ‏يعاني ‏منها شعب إيران العزيز كما تعانون أنتم، إيران تقف إلى جانبكم‎. ‎

الجمهورية الاسلامية وخلال أربعين عامًا، وبرغم الحرب المفروضة عليها لثماني سنوات ومحاولات ‏‏ضربها وعزلها وحصارها، الجمهورية الاسلامية المباركة لم تتخلَ يومًا عن حلفائها وأصدقائها. ‏الجمهورية ‏الاسلامية الإيرانية المباركة لن تخذل يوما أصدقاءها وحلفاءها واليد المقطوعة لقاسم سليماني ‏على أرض ‏المطار في بغداد شاهد قوي على هذه الحقيقة. هذه رسالة لكل شعوب منطقتنا وحكومات ‏منطقتنا المهدّدة ‏بالإرهاب وبالحصار وبالعقوبات‎.‎

وهنا نعم، هذا صديق تستطيع أن تراهن عليه، وهذا جبل شامخ تستطيع أن تتكئ، وتسند ظهرك إليه مع ‏هذا ‏النوع من الأصدقاء والحلفاء يتغيّر المشهد، وتتبدّل المعادلات، وهذا درس كبير، درس كبير‎.‎

أيضًا أودّ أن أؤكّد كما ذكرت قبل قليل أيّها اللبنانيون بكل صدق الجمهورية الاسلامية على مدى 40 عامًا ‏لم ‏تتدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية. قرار لبنان قرارنا، نحن في لبنان في أيدينا نحن كما كنت أقول ‏دائمًا ‏لسنا أدوات عند هذه الدولة، أو تلك الدولة حتى هذه الدولة الكريمة، نحن سادة عند الولي الفقيه ولسنا ‏عبيدًا ‏عند أمريكا، وأدوات أمريكا في المنطقة، هذه هي الحقيقة. ولذلك كلّ ما يقال عن تدخل إيراني في ‏انتخاب ‏رئيس جمهورية، أو في تكليف رئيس حكومة، أو في تشكيل حكومة، أو في قانون انتخاب، أو في ‏سياسات ‏اقتصادية، أو في تحالفات نقوم بها نحن أو أصدقاؤنا، هذا كله كذب وافتراء ولا أساس له من ‏الصحة على ‏الإطلاق‎.‎

أيضًا في الموضوع اللبناني كلمة مختصرة في مواجهة المحتكرين، وفي مواجهة التهريب الذي تحدّثت ‏عنه ‏في ليلة ما قبل الأمس، وفي مواجهة الأحداث الأمنية أقول لكم، أقول للناس الطيبين والشرفاء الذين ‏يتألمون ‏بكل صراحة من بعض الزعران لأنّه لا وصف لهم إلا هذا الوصف، الذين يعتدون على الناس ‏ويطلقون ‏النار على محطات البنزين أو على محطات الكهرباء، أو يحرقون هذه المؤسّسة العامة، أو هذه ‏الأملاك ‏الخاصة، هؤلاء غوغائيون فوضويون، لا يمتّون إلى أي قيمة من قيم هذا الشعب بصلة، كلنا ‏ننزعج من ‏الذي يحصل، آخره كان الاعتداء الأثيم في خلدة الذي أدى إلى شهداء وجرحى، الاختلالات ‏الأمنية التي ‏تحصل في بعض المناطق وخصوصاً في منطقة البقاع أحياناً، الصواب، الصحيح، هو أن ‏تقوم الدولة ‏بمسؤوليتها وأن نساعد نحن الدولة لتقوم بمسؤوليتها، أن نطالبها، أن نغطيها، أن ندعمها، أن ‏نساعدها، حتى ‏لو غضبنا وحتى لو انفعلنا – اسمحوا لي واقبلوا مني هذا المنطق – يجب أن نتحمل، من ‏الخطأ أن نندفع ‏ونحن أقوياء ولسنا ضعفاء، لا يقوى علينا أحد، لا يستطيع أن يقوى علينا أحد، من الخطأ ‏أن نندفع عاطفياً ‏أو انفعالياً، حتى في معالجة الاشكالات الأمنية الطارئة، يجب أن نكون جميعاً مع الجيش ‏اللبناني، مع القوى ‏الأمنية، الصواب، المصلحة الوطنية الكبرى هي أن تقوم الدولة بمواجهة هذه الأحداث، ‏إن ذهاب قوى ‏حزبية أو قوى المقاومة إلى معالجة خاصة أو ذاتية لهذا النوع من الأحداث ينطبق عليه ‏عنوان دفع الفاسد بما ‏هو أفسد، دفع السيء بما هو أسوأ، وهذا ما يريده أعداؤنا في الحقيقة‎. ‎

قبل الختام – ما زال هنالك نقطة والختام – نحن نعرف أن ما يجري في بلدنا وعلى بلدنا هو حرب ‏‏اقتصادية لإحضاع اللبنانيين ولفرض خيارات عليهم تخدم مصالح إسرائيل، فيما يعني ترسيم الحدود ‏‏البحرية، فيما يعني اقتسام الثروة النفطية في البحر، نحن أملنا الكبير كشعب لبناني وكدولة ووطن أن ‏يحصل ‏اللبنانييون على هذه الثورة النفطية والغازية ليسدوا ديونهم ويعالجوا أوضاعهم، ليس واضحاً أن ‏هناك آمال ‏أخرى. حسناً، هناك من يريد أن يفرض خيارات على اللبنانيين لا تتناسب مع هذه المصالح ‏الوطنية، وفيما ‏يعني قدرات المقاومة القادرة على حماية البلد وفيما يعني موقع لبنان من كل ما يجري في ‏المنطقة نعرف أن ‏الإدارة الأميركية هي التي تدير هذه الحرب وأن السفارة الأميركية في عوكر هي الوكر ‏المباشر الذي يدير ‏هذه الحرب الاقتصادية والإعلامية، السفارة الأميركية هي التي تقف خلف كل هذا ‏التحريض والتجييش ‏الإعلامي للبنانيين على بعضهم البعض، نحن نعرف أن السفيرة الأميركية شخصياً ‏تلتقي ببعض من يسمى ‏بالـ‎"NGOS"‎، ما يسمى بجمعيات المجتمع المدني وتطالبهم وتحرضهم وتمولهم ‏وعندما يفشلون تعاتبهم ‏وستعابتهم طويلاً. أمام هذه الحقيقة والواقع، هذه السفارة الموجودة في عوكر ‏ليست سفارة تمثيل ديبلوماسي، ‏هذه سفارة تآمر وتواطئ على شعب لبنان، على لقمة الخبز في لبنان، ‏على عرق الجبين في لبنان، على ‏كرامة الإنسان في لبنان، من موقعها الشيطاني الفتنوي. أريد هنا أن ‏أقول لهذه السفارة فشلتم في الماضي ‏وستفشلون، خلال عشرين سنة دربتم جيوشاً نظامية، جنرالات ‏وعساكر وفشلتم وأخفقتم، ماذا سيفعل لكم ‏هؤلاء المساكين من جمعيات المجتمع المدني وفي مقابل من؟ ‏في مقابل الوطنيين الشرفاء في لبنان، في ‏مقابل قوى المقاومة في لبنان، في مقابل المقاومة التي هزمتكم ‏وهزمت النسخ المتعددة من مشروعكم في ‏لبنان وفي المنطقة؟! ولذلك تتعبون أنفسكم بلا طائل وتنفقون ‏الأموال بلا طائل. وأقول لهؤلاء المساكين مما ‏ينتمون إلى بعض – لا أريد أن أقول كل – إلى بعض ‏جمعيات المجتمع الأهلي المدني، الأثرياء الجدد، ‏سمعتم بعض السياسيين أمس يقول هناك عشرات ‏الملايين أعطيت لهذه الجمعيات تبخرت، طبيعي أن ‏تتبخر، مثل 20 مليار دولار التي أنفقتها السعودية ‏على لبنان وتبخرت، مثل 10 مليار دولار في السنوات ‏الأخيرة التي أنفقتها أميركا في لبنان وتبخرت، ‏وما سيعطى من مال لهذه الجمعيات سيتبخر وستنشأ طبقة ‏جديدة من الأثرياء الجدد، هذه هي الحقيقة، ‏أقول لهؤلاء المساكين أيضاً خذوا العبرة من أفغانستان، لا ‏تسندوا ظهركم إلى هذه السفارة ولا إلى هذه ‏السفيرة ولا إلى هذه الإدارة، هؤلاء كلابهم البوليسية أكرم عندهم ‏وأنفع لهم وأقرب إليهم منكم ومن كل من ‏هو على شاكلتكم، خذوا العبرة ولا ترتكبوا نفس الأخطاء التي ‏ارتكبها آخرون‎. ‎

أيها الأخوة والأخوات، خيار اللبنانيين الوحيد هو أن يتعاونوا ويتفاهموا ويتلاقوا، رسالتنا الأخيرة في يوم ‏‏عاشوراء هي رسالة التلاقي والتعاون والتفاهم من أجل أن ننقذ بلدنا، بالاعتماد على طاقاتنا، على شعبنا، ‏‏على عقولنا، على قدراتنا البشرية العظيمة وقدراتنا المادية المتواضعة. إذا جاءت مساعدة من الخارج بلا ‏‏قيد وبلا شرط أهلاً وسهلاً، أي دعم يأتي من الخارج لا يمس بسيادة البلد أهلاً وسهلاً، المساعدات التي ‏‏يُتحدث عنها هي مساعدات مشروطة، مشروطة بتصادم اللبنانيين وبالفتنة بين اللبنانيين، هذا أمر ليس له ‏‏نتيجة وليس له طائل، هذا المال يريد أن يخرّب لبنان لا أن يُحيي لبنان، لا أن يُعمر لبنان‎.‎

إذاً، نحن كشعب قادرون على أن نتجاوز هذه الصعوبات إذا تعاونا وإذا تماسكنا، في يوم عاشوراء نستمد ‏‏العزم والإرادة والتصميم والثبات ومواصلة الطريق من الحسين وأصحاب الحسين والشهداء مع الحسين، ‏من ‏زينب وأخوات زينب، ورسالتنا في يوم عاشوراء، رسالتنا التي نقولها ونختم بها في كل عام، لا ‏تجربونا لقد ‏جربتمونا سابقاً، في 82 وعلى مدى سنوات طويلة لعام 2000 وفي 2006 في مواجهة ‏إسرائيل و2011 ‏وإلى اليوم في مواجهة الجماعات التكفيرية التي أتيتم أنتم بها من كل أنحاء العالم، لا ‏تجربونا لا في حرب ‏عسكرية ولا في حرب أمنية ولا في حرب اقتصادية لأننا أبناء المدرسة التي إن ‏وضعت بين خيارين تقول ‏كلمة الحسين عليه السلام يوم العاشر من المحرم، ألا إن الدعي ابن الدعي – ‏وفي هذا الزمن الأدعياء كثر – ‏ألا إن الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين بين السلة والذلة وهيها منا ‏الذلة، يأبى الله لنا ذلك ورسوله ‏والمؤمنون وحجورٌ طابت وطهرت وأنوفٌ حمية ونفوسٌ أبية من أن نؤثر ‏طاعة اللئام على مصارع الكرام، ‏نحن أهل الشهادة الذين يستشهدون ورؤوسهم مرفوعة كما مضى ‏شهداؤنا، هذا هو طريقنا الذي نتسمك به، ‏وعندما نكون في معركة من هذا النوع لا نترك إسلامنا ولا ‏نترك إيماننا ولا نترك قائدنا ولا نترك قضيتنا ‏ولا نترك مقدساتنا ولا نترك أمتنا ونقول لكل العالم مقولة ‏رسول الله صلى الله عليه وآله لو وضعوا الشمس ‏في يميني والقمر في شمالي على أن أترك هذا الأمر ما ‏تركته حتى يظهره الله أو أهلك دونه، أو مقولة ‏أصحاب الحسين لحفيده الحسين ليلة العاشر من المحرم ‏ونحن نقولها في يوم العاشر من المحرم، نقولها ‏لإسلامنا، لأمتنا، لمقدساتنا، لحسيننا في هذا الزمان، ‏لصاحب الزمان عليه السلام، لو أن يا سيدنا وإمامنا ‏نعلم أننا في هذا الطريق نقتل ثم نحرق ثم نذرّ في ‏الهواء ثم نحيا ثم نقتل ثم نحرق ثم نذرّ في الهواء ثم نحيا ‏يفعل بنا ذلك ألف مرة، يفعل بنا ذلك ألف ألفِ ‏مرة – يعني مليون مرة – يفعل بنا ذلك ألف ألفِ مرة ما ‏تركناك يا حسين‎. ‎

عندما نطلق هذا الشعار العالم كله يعرف أنه من موقع الصدق، الصدق الذي يشهد عليه شهداؤنا من السيد ‏‏عباس إلى الشيخ راغب إلى الحاج عماد إلى السيد مصطفى، إلى كل شهدائنا القادة والمجاهدين ‏‏والاستشهاديين، يشهد عليه جرحانا، أسرانا المحررون، يشهد عليه أباء وأمهات وزوجات وأبناء وبنات ‏‏وإخوة وأخوات الشهداء، يشهد عليه هذا الجيل من المقاومين الذين لم تهزهم العواصف ولم تزلزلهم كل ‏هذه ‏الأحداث الخطيرة في منطقتنا، ولذلك نعم نحن اليوم أيضاً مجدداً وفي عام هجري جديد وفي ‏عاشوراء ‏جديدة نقول للحسين الذي وقف في الساعات الأخيرة لم يكن يخاطب الشهداء أمامه ولم يكن ‏يخاطب الجنود ‏القتلة الذين يئس منهم وإنما كان يخاطب أجيال من الشرفاء في أصلاب الرجال وأرحام ‏النساء الآتين في ‏التاريخ ليقول لهم، نداهم هل من ناصر ينصرني؟ ونحن على مدى الأعوام واليوم وفي ‏كل عام نقول نحن ‏أنصارك يا أبا عبد الله، لبيك يا أبا عبد الله، لبيك يا حسين‎. ‎

ومن يمشي في طريقك يا سيدي لن يرى إلا العزة والكرامة والخلود والسعادة في الدنيا وفي الآخرة‎. ‎

السلام عليك يا سيدي ومولاي يا أبا عبدالله وعلى الأرواح التي حلت بفنائك عليك مني سلام الله وعليك ‏منا ‏جميعاً سلام الله وعليكم منا جميعاً سلام الله ما بقيت وبقي الليل والنهار ولا جعله الله آخر العهد مني ‏‏لزيارتكم، السلام على الحسين في يوم عاشوراء، السلام على الرأس المقطوع، على الصدر المرضوض، ‏‏على الجسد المسلوب، على الاصبع المقطوع، السلام على السبايا، على الكفوف المقطعة، على الأجساد ‏‏المجزرة، السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى ابي الفضل العباس وعلى أولاد الحسين وعلى ‏‏زينب أخت الحسين وعلى أصحاب الحسين والسلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته وعظم الله أجوركم.‏

2021-08-21