يتم التحميل...

الذكر أن تذكر الله عندما تهم بالمعصية

ثقافة إسلامية

"الذكر" أن تذكر الله عندما تهم بالمعصية

عدد الزوار: 51



حسناً، فما هو الذكر؟
هناك روايتان، إحداهما عن أبي عبد الله الإمام الصادق(عليه السلام)، والثانية عن أبي جعفر الإمام الباقر(عليه السلام) وهي ما لفتت انتباهي. يقول الإمام الباقر(عليه السلام): (ثلاث من أشدّ ما عمل العباد).
فالأولى (إنصاف المؤمن من نفسه). بمعنى أنّ الأمر يدور بين غمط الحق من أجل المصلحة الذاتية، أو تجاهل المصلحة الذاتية من أجل إحقاق الحق، فيختار الثاني. أي إنصاف الخصم من أنفسنا وإحقاق حقوقه إذا كان الحق في جانبه، حتى ولو استوجب ذلك الحقارة والإحراج، وهذا سلوك شاق، ولكنه مهم.
ولهذا وصفه الإمام الباقر(عليه السلام) بأنه من أشدّ ما عمل العباد. وبالطبع فإن الانجازات الكبرى لا تتحقق إلا بالجهد الشديد.
والثانية(ومواساة المرء أخاه). وهناك فرق بين المواساة والمساواة، فلا تشابه بينهما.
إنّ المواساة تعني مساندة المؤمن للمؤمن في كل شؤونه، ومدّ العون له في جميع الأحوال من فكرية أو مالية أو بدنية أو اعتبارية. فهذه هي المواساة.
وأما الثالثة، فقوله(عليه السلام): (وذكر الله على كل حال) ويوضّح الإمام(عليه السلام) ذلك بقوله: (وهو أن يذكر الله عزَّ وجَلْ عند المعصية يهمّ بها) فيحول الذكر بينه وبين ارتكاب المعاصي بأنواعها من الكذب والغيبة والجحود والظلم والإهانة وأكل مال الناس وبيت المال والضعفاء وغمط حقوق الآخرين.
فالذكر هنا يقوم بدور المانع والحاجب له عن اقتراف هذه الآثام أو الاقتراب من تلك الخطايا.
يقول الإمام الباقر(عليه السلام): (فيحول ذكر الله بينه وبين تلك المعصية، وهو قول الله عزَّ وجَلْ إنّ الذين اتقوا إذا مسّهم طائف من الشيطان تذكروا) وعندئذ ــ وهم لم يرتكبوا المعصية بعد ــ { فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ} وهذا هو معنى (ذكر الله على كل حال).
وأما الرواية الثانية، والتي جذبت انتباهي أيضاً، فعباراتها تكاد تكون مشابهة لعبارات الرواية السابقة.
فالإمام الباقر يقول في الرواية السابقة(وذكر الله على كل حال).
ويقول الإمام الصادق في هذه الرواية الثانية (وذكر الله في كل المواطن) إلا أنّ المثير للانتباه في هذه الرواية فهو توضيح الإمام لذكر الله بالقول: {أَمَّا إنَّي لا أقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، وإن كان هذا من ذاك) فما المراد إذاً...؟ يقول عليه السلام: (ولكن ذكره في كل موطن إذا هجمت على طاعته أو معصيته) فالتعبير بالقول (هجمت) ورد في الرواية التي طالعتها، وإن كنت أظن أنه تصحيف عن (هممت) وهو الأرجح باعتقادي.


* من كلمة الإمام الخامني في لقائه مسؤولي البلاد في رحاب شهر رمضان. الزمان: 31/6/1386هـ. ش ـ 10/9/1428هـ.ق ـ 22/9/2007م.
 

2019-09-30