الحج هجرة إلى الله وهجران للدنيا بكل تعلقاتها
تربية دينية (عبادات)
الحج هجرة إلى الله وهجران للدنيا بكل تعلقاتها
عدد الزوار: 159
فرصة الحج بالنسبة للفرد المسلم هي فرصة دخول الإنسان إلى مناخ معنوي جد رحيب و واسع. ننتزع أنفسنا من ثنايا حياتنا العادية بكل شوائبها و إشكالاتها و نتجه صوب أجواء النقاء و الروح المعنوية والتقرب إلى الله والرياضة الاختيارية.
منذ بداية دخولكم هذه المراسم تحرّمون على أنفسكم الأمور المباحة لكم في حياتكم اليومية الدارجة.. إنه الإحرام.. أي تحريم أمور شائعة مباحة جائزة في الحياة العادية المألوفة، و الكثير منها مدعاةٌ للغفلة، بل إن بعضها سبب في الانحطاط.
تُنتزع منا جميع أسباب التفاخر الظاهري المادي، و أولها الثياب. تُستبعد جانباً المناصب، و المراتب، و الثياب الفاخرة و يرتدي الجميع لباساً واحداً.. لا تنظروا في المرآة لأن ذلك من مظاهر الأنانية و النرجسية. لا تتعطّروا بالعطور الطيبة لأن ذلك أداة من أدوات التظاهر و البروز. لا تهربوا من الشمس أو الأمطار إلى تحت السقوف - أثناء المسير - لأن ذلك من مظاهر طلب الراحة و الدعة. إذا مررتم بمكان تفوح منه روائح كريهة فلا تمسكوا أنوفكم، و كذلك سائر أعمال الإحرام.. تحريم الأمور الباعثة على الراحة وشهوة النفس والشهوات الجنسية خلال هذه المدة، سواء كانت سبباً في التفاخر، أو سبباً في التمييز؛ كل هذه تُرفع و تزول.
بعد ذلك يأتي الدور للدخول في فضاء بيت الله و المسجد الحرام و تلك العظمة و الجلال دون الابتعاد عن البساطة و عدم التجمّل، و الشعور بذلك بالعين، و اليد، و بكل الوجود. العظمة و الجلال و لكن ليس من نوع العظمة المادية و عظمة الأموال و الزينة المادية، بل من نوع آخر لا يمكن حتى وصفه للناس العاديين. و من ثم الدخول في هذا السيل الهادر الدوّار والتحرك حول مركز واحد، و بذكر الله، و الدعاء، و البكاء، و الخشوع، و الكلام مع الله تعالى. و كذا الحال بالنسبة للسعي بين الصفا و المروة بعد ذلك، و الوقوف في عرفات و المشعر، و فرائض أيام منى. هذا هو الحج.
* من كلمة الإمام الخامنئي في القائمين على شؤون الحج 05/11/2008 .