فيما يلي بعض الآيات القرآنية التي تتناول مسألة أسماء الله الحسنى:
1 ـ ﴿وَلِلهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ﴾([1]).
أسماء الله المختلفة جميعها حسنى تدلّ على كماله، وهي له وحده، ولا يُسمى بها غيره. فاذكروه وتوجهوا إليه بها، ولا تتبعوا الذين يميلون بأسمائه عن الحق، ويُسَمُّون بها باطلاً، كتسمية أصنام المشركين، أو ما لا يليق به سبحانه.
2 ـ ﴿اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى﴾([2]).
لا معبود بالحق إلا الله، لا شريك له، وأسماؤه كلها حسنى، تدلُّ على توحيده وكماله، دون أي نقص.
3 ـ ﴿قُـل ادْعُـواْ اللهَ أَوِ ادْعُـواْ الرَّحْمَنَ أَيًّا مَّا تَدْعُـواْ فَلَهُ الأَسْـمَاء الْحُسْنَى﴾([3]).
إستنكر المشركون على النبيّ «صلى الله عليه وآله» دعاءه بإسم الله تارة، والرحمن أخرى، وظنوا أنهما إلهان.. فنزلت الآية لتؤكد: أنّ جميع أسمائه الحسنى له وحده، ويمكن الدعاء بأي منها.
وكذلك بعض الروايات المعتـبرة ســـنداً حول أسماء الله الحسنى:
1 ـ روى الشيخ الصدوق عن أَحْمَد بْن زِيَادِ بْنِ جَعْفَرٍ الْهَمَدَانِيّ، عَن عَلِيّ بْن إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي الصَّلْتِ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ صَالِحٍ الْهَرَوِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ آبَائِهِ، عَنْ عَلِيٍّ «عليهم السلام» قَالَ:
«قَالَ رَسُولُ اللهِ «صلى الله عليه وآله»: لِلهِ عَزَّ وَ جَلَّ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ اسْماً، مَنْ دَعَا اللهَ بِهَا اسْتَجَابَ لَهُ، وَ مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ([4]).
2 ـ روى الشيخ الكليني عن عَلِيّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ:
«أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللهِ «عليه السلام» عَنْ أَسْمَاءِ اللهِ وَاشْتِقَاقِهَا: اللهُ مِمَّا هُوَ مُشْتَق؟!
فقال: يا هشام، اللهُ مُشْتَقٌّ مِنْ إِلَه، والإِلَه يَقْتَضِي مَأْلُوهاً، والِاسْمُ غَيْرُ الْمُسَمَّى، فَمَنْ عَبَدَ الِاسْمَ دُونَ الْمَعْنَى فَقَدْ كَفَرَ، ولَمْ يَعْبُدْ شَيْئاً، ومَنْ عَبَدَ الِاسْمَ والْمَعْنَى فَقَدْ أَشْرَكَ وعَبَدَ اثْنَيْنِ، ومَنْ عَبَدَ الْمَعْنَى دُونَ الِاسْمِ فَذَاكَ التَّوْحِيدُ، أفَهِمْتَ يَا هِشَامُ؟
قَالَ: قُلْتُ: زِدْنِي.
قَالَ: لِله تِسْعَةٌ وتِسْعُونَ اسْماً، فَلَوْ كَانَ الِاسْمُ هُوَ الْمُسَمَّى، لَكَانَ كُلُّ اسْمٍ مِنْهَا إِلَهاً، ولَكِنَّ الله مَعْنًى يُدَلُّ عَلَيْه بِهَذِه الأَسْمَاءِ، وكُلُّهَا غَيْرُه([5])...
3 ـ روى الشيخ الكليني عن أحْمَد بْن إِدْرِيسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي يَعْفُورٍ قَالَ:
سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ الله «عليه السلام» عَنْ قَوْلِ الله عَزَّ وجَلَّ: ﴿هُوَ الأَوَّلُ والآخِرُ﴾، وقُلْتُ: أَمَّا الأَوَّلُ، فَقَدْ عَرَفْنَاه، وأَمَّا الآخِرُ فَبَيِّنْ لَنَا تَفْسِيرَه؟!
فَقَالَ: إِنَّه لَيْسَ شَيْءٌ إِلَّا يَبِيدُ أَوْ يَتَغَيَّرُ، أَوْ يَدْخُلُه التَّغَيُّرُ والزَّوَالُ، أَوْ يَنْتَقِلُ مِنْ لَوْنٍ إِلَى لَوْنٍ، ومِنْ هَيْئَةٍ إِلَى هَيْئَةٍ، ومِنْ صِفَةٍ إِلَى صِفَةٍ، ومِنْ زِيَادَةٍ إِلَى نُقْصَانٍ، ومِنْ نُقْصَانٍ إِلَى زِيَادَةٍ، إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ..
فَإِنَّه لَمْ يَزَلْ ولَا يَزَالُ بِحَالَةٍ وَاحِدَةٍ..
هُوَ الأَوَّلُ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ، وهُوَ الآخِرُ عَلَى مَا لَمْ يَزَلْ..
ولَا تَخْتَلِفُ عَلَيْه الصِّفَاتُ والأَسْمَاءُ كَمَا تَخْتَلِفُ عَلَى غَيْرِه، مِثْلُ الإِنْسَانِ الَّذِي يَكُونُ تُرَاباً مَرَّةً، ومَرَّةً لَحْماً ودَماً، ومَرَّةً رُفَاتاً ورَمِيماً، وكَالْبُسْرِ الَّذِي يَكُونُ مَرَّةً بَلَحاً، ومَرَّةً بُسْراً، ومَرَّةً رُطَباً، ومَرَّةً تَمْراً، فَتَتَبَدَّلُ عَلَيْه الأَسْمَاءُ والصِّفَاتُ، واللهُ جَلَّ وعَزَّ بِخِلَافِ ذَلِكَ([6]).
4 ـ روى الشيخ الكليني عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الأَشْعَرِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ، عَنْ صَفْوَانَ، عَنْ عِيصِ بْنِ الْقَاسِمِ، قَالَ:
قَالَ أَبُو عَبْدِ الله «عليه السلام»: إِذَا طَلَبَ أَحَدُكُمُ الْحَاجَةَ فَلْيُثْنِ عَلَى رَبِّه ولْيَمْدَحْه... إلى أن قال: وأَكْثِرْ مِنْ أَسْمَاءِ الله عَزَّ وجَلَّ، فَإِنَّ أَسْمَاءَ اللهِ كَثِيرَةٌ([7]).
هذه عقيدتنا في أسـماء الله:
جعلها الله تعالى لوصف نفسه والدلالة عليه، والتضرّع بها إليه، وإنّ جميع أسمائه تعالى هي أسماء حسنى، سواءً كانت صفات لذاته، أو صفات تحكي أفعاله، كالخالق، الرحمن، الرحيم..
ولفظ الجلالة «الله» هو الاسم الثابت لذاته سبحانه، والجامع لجميع أسمائه وصفاته، ولا يسمى به غيره.
والمشهور منها تسعة وتسعون إسماً، وأسماؤه الحسنى المذكورة في القرآن الكريم ، لها خصوصية في الدعاء، وما هي إلا صفات لذاته تعالى التي ليس كمثلها شيء، نحو: الحيّ، القيّوم، الرحمن، الرحيم، العالم، القادر الخ..
وجميع أسمائه تعالى تدل على كماله المطلق، الذي لا تحيط به العقول، ولا تدركه الأبصار، إذ ليس كمثله شيء.
وليست أسماؤه تعالى في معانيها كسائر الأسماء، وإنّما هي أحسنها وأكملها، فهو عليم لا كالعلماء، وغنيّ لا كالأغنياء، وحيّ لا يشبهه أحدٌ من الأحياء.
ولا نسمِّي الله تعالى، إلا بما جاء به القرآن الكريم، والنبيّ الأعظم وأهل بيته المعصومون «صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين».
سماحة الشيخ نبيل قاووق
([1]) الآية 180 من سورة الأعراف.
([2]) الآية 8 من سورة طه.
([3]) الآية 110 من سورة الإسراء.
([4]) التوحيد للشيخ الصدوق، ص195، وبحار الأنوار، ج4 ص187
([5]) التوحيد للشيخ الصدوق، ص220، والكافي، ج1ص87.
([6]) الكافي، ج1 ص115، ومرآة العقول، ج2 ص40.
([7]) الكافي، ج2 ص485، وبحار الأنوار، ج9 ص315.