لدى استقباله القائمين على مؤتمر تكريم ذكرى شهداء محافظة كرمان
2019
كلمة الإمام الخامنئي لدى استقباله القائمين على مؤتمر تكريم ذكرى شهداء محافظة كرمان
عدد الزوار: 73
كلمة
الإمام الخامنئي لدى استقباله القائمين على مؤتمر تكريم ذكرى شهداء محافظة كرمان
(1)_25/02/2019 م
رسالة الشهداء:ساحة الشهادة لا يشوبها خوف ولا حزن
محاور رئيسية
• الجهاد عز للأوطان ومنعة
• تكريم الشهداء تعزيز لمسيرة جهادهم
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على سيّدنا محمد وآله الطاهرين ولعنة الله
على أعدائهم أجمعين.
تكريم الشهداء تعزيز لمسيرة جهادهم
أوّلاً أتقدّم بالشكر الجزيل لكم أيّها السادة المحترمون والإخوة
الأعزّاء على هذه الخطوة التي أتت في مكانها والمؤثرة إن شاء الله؛ أي تكريم
الشهداء وإعلاء مكانة الاسم المكرّم المطهّر للشهداء. حينما نكرّم من يقوم بعمل
معيّن، أو صاحب حركة ما ونوليه الأهمية فهذا لا يعني تكريمه فقط، ولا تكريم فعله
وما قام به من إنجاز، بل يعني المساهمة في مواصلة حركته ومسيرته.وهذا هو المهمّ،.
وهو أهمّ من كلّ شيء. عندما يذهب شخص إلى ساحة الجهاد وتقومون أنتم بتكريمه تكونون
قد قمتم بثلاثة أعمال: الأوّل هو أنّكم كرّمتم هذا المجاهد في سبيل الله واحترمتموه،
والثاني هو أنّكم كرّمتم الجهاد، والثالث هو أنّكم شجعتم ورغّبتم الآخرين على
مواصلة هذا الدرب. وهذا هو ما حدث في الحرب المفروضة وفي دفاعنا المقدّس الذي استمر
لثمانية أعوام. أي إنّ شاباً ذهب إلى الجبهة واستشهد وصار والده ووالدته والآخرون
يفخرون باسمه ما أدّى إلى ذهاب أفراد كثيرين نحو ساحة الجهاد فيستمرّ هذا الدرب.
كان المقاتلون خلال فترة الدفاع المقدّس يُذكَرون باحترام، وهذا ما دفع كثيراً من
الأشخاص إلى السير نحو ساحة القتال.حسناً، هذا حدث وقع في فترة الدفاع المقدس، وهو
ما حصل بعد ذلك أيضاً بدرجات متفاوتة.
• التحاق الشباب بجبهة الجهاد في سوريا أنموذجاً
بالنسبة لهذه الخاصّيّة الثالثة، وهذه النقطة الثالثة؛ لاحظوا أنّ
معارضيكم وأعداءكم يريدون عدم إحياء ذكرى الشهداء وعدم تكريمهم وتقديرهم وذلك لكي
يُسدّ طريق الشهادة ويُغلق ولكي لا يتشجّع الآخرون على العمل الجهادي. لقد شاهدوا
وجرّبوا ونحن وأنتم أيضاً جرّبنا: عندما يذكر اسم الشهداء بالعظمة والإجلال فإنّ
الشابّ اليوم الذي لم يشهد فترة الحرب ولا فترة الإمام الخميني وليست لديه ذكريات
عن ذلك الزمن، عندما يعلم بأنّ هناك من يقاتلون الأعداء في مكان ما من الناحية
الأخرى من المنطقة وعلى بعد آلاف الفراسخ،سيعشق السير إلى ساحة الجهاد وسينهض ويذهب
إلى حلب وإلى البوكمال وإلى الزينبية ويقاتل ويستشهد. لاحظوا؛ هذا لأنّكم احترمتم
الشهيد ولأن الشهادة حظيت بالتكريم، وهذا ما يعزّز بنحو طبيعيّ، حركة طلب الشهادة
والحركة الجهادية في البلاد.
الجهاد عز للأوطان ومنعة
وهذا هو سرّ اقتدار شعب من الشعوب، أن يدخل شبابه وأفراده الفعّالون إلى
الساحات بشجاعة وجرأة ولا يخافوا. وهذا لا يعني أنّ على رجالنا أن يستشهدوا حتماً.
لا، إنّنا لا ننشد ذلك، بل ننشد أن نكون جميعاً في كلّ المجالات المتنوعة والصعبة
قادرين على جعل صدورنا دروعاً ونصمد ونثبت ونقاوم. هذا هو المهمّ. وإذا ما تحقّق
هذا فسيكون هذا الشعب منتصراً وسيكون مقتدراً ولن يكون ذليلاً أبداً ولن يستطيع أحد
إخضاعه. لاحظوا كم هو مهمّ ذكر الشهداء وإحياء ذكراهم.
رسالة الشهداء:ساحة الشهادة لا خوف فيها ولا حزن
حسناً، هذه النقاط التي ذكرها السادة وهذه الأعمال التي أنجزت أعمال
حسنة ومتنوعة وقد اخترتموها بشكل جيد. إنّها أعمال مختلفة راعيتم فيها الجوانب
الفنية والجوانب العلمية والجوانب الإعلامية وكذلك الجوانب الخدميّة، وجرى إنجاز
أعمال جيدة وستستطيعون إن شاء الله القيام بالمهمّة على أفضل وجه. المهمّ هو أن
ننتبه إلى ماهيّة رسالة الشهداء، وما هي رسالتهم إلينا؛ هذا هو المهمّ.
"وَيَستَبشِرونَ بِالَّذينَ لَم يَلحَقوا بِهِم مِن
خَلفِهِم ألّا خَوفٌ عَلَيهِم وَلا هُم يَحزَنون" (2). هذه هي رسالة
الشهداء. على ماذا تنصب كلّ مساعي أعداء الشعب الإيراني في الحرب الناعمة اليوم؟
تنصب على جعل الشعب الإيراني حزيناً يائساً خائفاً وما إلى ذلك، وأن يدفعوا شعب
إيران إلى الخوف واليأس من النزول إلى الساحة. ورسالة الشهداء على الضدّ من ذلك: "ألّا
خَوفٌ عَلَيهِم وَلا هُم يَحزَنون"فالخوف والحزن مرتفعان في ساحة الشهادة.
وهذه الرسالة هي ليست رسالة الأيّام الأولى للشهداء، حتّى نفكّر ونقول لقد مضت
ثلاثون سنةً أو خمس وثلاثون سنة على استشهادهم [ولم تعد الآن هذه الرسالة جارية].
لا. إنّها رسالة الشهداء الدائمة، أي إنّهم إلى جوار القدس الإلهي والنعمة الإلهية
يبعثون لنا بالرسائل دائماً ويبشّروننا: «وَيَستَبشِرونَ
بِالَّذينَ لَم يَلحَقوا بِهِم مِن خَلفِهِم ألّا خَوفٌ عَلَيهِم وَلا هُم
يَحزَنون». هذه هي رسالة الشهداء.
• حال مجاهدي "الدفاع المقدس" أنموذجاً
إذا نزلنا إلى ساحة الكفاح ـ وهو ما يخافه أعداؤنا ويخشونه ـ فيجب أن
نعلم بأنّ الله سيبعد عنّا الخوف والحزن والقلق. وقد كان هذا هو الحال خلال فترة
الدفاع المقدس. فالذين كانوا يذهبون إلى الجبهات ويبقون هناك لمدة من الزمن، عندما
كانوا يريدون العودة إلى أجواء العائلة والمدينة كانت أجواء المدينة ثقيلة على
قلوبهم. أي إنّها، واقعاً، كانت تشكّل ضغطاً عليهم ، بينما كانت أجواء الجبهة
بالنسبة إليهم كالجنة. فهناك كانوا يعيشون حالة معنوية وروحانية وكانوا سعداء
بالمعنى الروحي والمعنوي للكلمة وغارقين في ذكر الله، هكذا كانوا. كان الشباب هناك
يشعرون باللذّة حقاً وهم [يعيشون] تحت النيران والرصاص والقذائف والشظايا. وهذه من
سمات التضحية والحضور في ساحة الكفاح من أجل الله والجهاد في سبيل الله. عندما
كانوا يعودون إلى داخل المدينة ويرون هذه العلاقات والنظم المُدُنية والعلاقات
المختلفة السائدة في الأجواء، غالباً ما كانوا يشعرون بالضيق وانقباض القلب، وكانوا
يخبروننا بذلك. وهذا هو الواقع. والسبب هو أنّهم كانوا يعيشون في الجبهات أجواء
الإخلاص والنقاء والصفاء والمعنوية والجنان. وكان الوضع هناك مصداقاً كاملاً لـ
«لا خَوفٌ عَلَيهِم وَلا هُم يَحزَنون».
أهالي كرمان مؤمنون محبون نجباء
حسناً، الحمد لله أنّ أهالي كرمان قد خاضوا على مرّ الزمن اختبارات صعبة
وخرجوا منها مرفوعي الرأس. ولديّ ذكريات طيّبة جداً عن كرمان وأهالي كرمان وعلماء
كرمان وشباب كرمان. منذ ما قبل الثورة؛ منذ أعوام 42 و 43 [1963 و 1964] حيث كنا
على تواصل مع [أهالي] كرمان وكنّا نتردّد عليها، كانت هكذا دائماً: أناس محبون
مؤمنون شرفاء نجباء حقّاً؛ يسيرون في الطريق الصحيح. أي إنّ عموم الناس كانوا هكذا،
وقد ظهرت بحمد الله بينهم شخصيات بارزة أيضاً، وكذا الحال بين علمائهم أيضاً.
العلماء الذين شاهدناهم في كرمان كانوا أناساً صالحين للغاية: مؤمنين، محبّين
ونجباء. ونجابة الكرمانيين معروفة. واليوم أيضاً، فإنّ أهالي كرمان هم بحمد الله في
خدمة الإسلام والثورة وعليهم أن يجدّوا ويسعوا ويعملوا أكثر فأكثر ـ خاصّة الشباب ـ
ليستطيعوا أداء سهمهم من الواجب في تقدم البلاد إن شاء الله، كما أدّوه سابقاً.
ونحن بدورنا ندعو الله تعالى أن يوفّقكم جميعاً لتستطيعوا أداء هذه الواجبات الكبرى
بما في ذلك أعمال تكريم ذكرى الشهداء على أفضل وجه إن شاء الله. حفظكم الله إن شاء
الله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
1 ـ في بداية هذا اللقاء الذي أقيم
ضمن إطار اللقاءات الجماعية، تحدّث كلّ من حجة الإسلام حسن علي دادي سليماني (ممثل
الولي الفقيه في محافظة كرمان وإمام جمعتها) وقائد حرس الثورة الإسلاميّة في كرمان
اللواء غلام علي أبو حمزة.
2 ـ سورة آل عمران، شطر من الآية 170 .