روح الثورة لدى الشباب
حقيقة الشباب
في مواجهة الواقع السيئ المأساوي الذي تعيشه أمتنا الإسلامية، ما أحوجنا إلى روح الثورة، و مواقف الرفض والتمرد!!فالحكومات الديكتاتورية الظالمة لا تزال تفرض سيطرتها على شعوبنا المستضعفة وتنفذ فيها سياسة الاستعمار،و خطط الدول الكبرى..
عدد الزوار: 184
في مواجهة الواقع السيئ المأساوي الذي تعيشه أمتنا الإسلامية، ما أحوجنا إلى روح الثورة، و مواقف الرفض والتمرد!!
فالحكومات الديكتاتورية الظالمة لا تزال تفرض سيطرتها على شعوبنا المستضعفة وتنفذ فيها سياسة الاستعمار،و خطط الدول الكبرى..
والأفكار السلبية المتخلفة، ما برحت تعشعش في عقول زعمائنا وشخصياتنا الدينية والاجتماعية، ومن خلالها يقودون المجتمع ويوجهونه..
والعادات السيئة والتقاليد البالية لا تزال تخلق المزيد من المشاكل والعقد لمجتمعاتنا..
تخلف شامل.. ورجعية متحكمة.. وديكتاتورية متسلطة.. ذلك هو طابع حياتنا، والسمة العامة لشعوبنا..
ولكن ما هو موقف المجتمع تجاه هذا الواقع الأليم؟ إنه الاستسلام الكامل، والخنوع المذل، والخضوع الجبان!
لقد تلاشت روح الثورة المتقدة التي كانت تغمر نفوس أمتنا.. و انعدمت مواقف الرفض.. وانتهت نفسية التمرد.. وخمدت جذوة المعارضة..
أصبح كل واحد منا لا تهمه إلا حياته، ولا يفكر إلا في مصالحه الخاصة.. أما واقع الأمة وأوضاع الوطن السياسية والاقتصادية، وحالة المجتمع، فتلك أشياء لا يتسع لها فكره ولا تحوم حولها اهتماماته..
وبقينا ولا نزال نعيش هذا الواقع المهترئ، وقد تتبدل الوجوه، وتتغير الشعارات، وتتعدد المظاهر.. ولكن الواقع هو الواقع في تخلفه وانحطاطه، وفي جوهر بؤسه ومأساويته..
وسنبقى نعيش هذا الواقع إلى أن تتولد فينا روح الثورة، وتتوفر لدينا نفسية التمرد، ونمارس مواقف المعارضة والرفض لهذا التخلف المرير..
يقول تعالى: ﴿إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾1.
و إذا كنا نسعى للحصول على هذه الروح الثورية، ونتمنى امتلاك نفسية الرفض والمعارضة ففي مرحلة الشباب بذور حية واستعداد طبيعي للقيام بهذا الدور المطلوب..
وذلك للملابسات الآتية:
أولاً: لأن الشباب يستشعر بقوة نفسه وعضلاته، بعد أن كان يعيش ضعف الطفولة.. ولذا يجب أن يمارس هذه القوة في الثورة الحقّة والتمرد..
ثانياً: باعتباره يعيش أوائل الحياة وبدايتها، فهو غير متشبث بها ولا حريص عليها كحرص الكبار، بل يعشق المغامرة، ويود التعرض للأخطار، وهذا ما يؤهله لتقمص روح الثورة والرفض.
ثالثاً: إنه غير منشد ولا مرتبط بهذا الواقع، انشداداً قوياً أو ارتباطاً وثيقاً.. لقصر عمر معايشته لهذا الوقع، وعدم وجود مصالح كثيرة له تجلب رضاه على ذلك الواقع..
لأن الإنسان إذا عايش واقعاً معيناً لفترة طويلة، وتعددت ارتباطاته، ومصالحه بذلك الواقع، أصبح من الصعب عليه التفكير بتغيير ذلك الواقع، بل قد يقلقه احتمال تبديله.
كما كان ينظر "جان جاك روسو" إلى الملكية في فرنسا، فقد جاء عنه أنه كان يرعبه مجرد أن يتصور فرنسا بدون ملك، على الرغم من كونه من الدعاة الكبار فكرياً وفلسفياً إلى تطوير الوضع السياسي القائم وقتئذ، لأن "روسو" هذا نشأ في ظل الملكية، وتنفس هواها طيلة حياته.
وهكذا يكون الشباب أقرب فئات المجتمع إلى روح الثورة وأكثرهم استعداداً للمعارضة والرفض.
وقد استفادت كل الرسالات السماوية، والثورات الاجتماعية من هذه الظاهرة، فاعتمدت الشباب كطليعة للتغيير، ووقود للثورة..
أما في مجتمعاتنا الإسلامية فهناك خطأ كبير يحدث في التعامل مع الشبيبة الناشئة، فبدلاً من أن توجه روح الثورة لديهم، وميول المعارضة والرفض عندهم ضد التخلف السائد، والطغيان المسيطر، بدلاً من ذلك نحاول أن نقتل عند شبابنا روحه الثائرة وحماسه المشتعل في مواجهة هذه الأوضاع، ونعمل على إقناعه بالخنوع لهذا الواقع السّيء، والاستسلام لهذه الأوضاع الفاسدة عن طريق تثبيط العزائم، وبث اليأس في النفوس، وقد نستعين بتحريف المفاهيم الإسلامية لكي نقنع شبابنا بعدم المعارضة والرفض..
فالتقية واجبة شرعاً وهي تقتضي السكوت والخنوع لأي ظالم يسيطر على الشعب!!
والمقاومة تعني إلقاء النفس في التهلكة، وهذا محرم في شريعة الإسلام.
والمعارضة تحتاج إلى فتوى من المجتهد وهو لا يرى في الثورة والمعارضة مصلحة للدين!!
والثورة الآن سابقة لأوانها، ووظيفة المؤمن حالياُ هي الانتظار لظهور الحجة المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف!!
ولكن هل تنطلي هذه المفاهيم الخاطئة، والأفكار السلبية على كل الشباب الطامحين للتغيير، والمتحمسين للثورة والمعارضة؟
كلا.
فللناس عقول يفكرون بها ويستعرضون أمامها هذه المفاهيم والأفكار.. فقد ينخدع بها بعض الشباب، ويستسلمون لهذا الواقع الفاسد، يتنازلون عن ثوريتهم، وحماسهم.. بينما يبحث الآخرون عن طريق ثوري يسلكونه لتغيير الأوضاع وتبديل الواقع..
وهذه هي فرصة التيارات المناوئة، والخطط الاستعمارية، لكي تتصيد شبابنا باسم الثورة، وتحت شعارات الرفض والمعارضة..
وحينما يجد الشباب أمامه طريقين:
طريق الدين وهو يدعوه إلى الاستسلام والخنوع للتخلف والطغيان (كما يتصوره بعض الدعاة الرجعيين).
وطريق الإلحاد وهو يشجعه على الثورة، ويعطيه طموح التقدم والتغيير..
فمن الطبيعي أن تسلك الأكثرية الاتجاه الثاني لأنه ينسجم مع طبيعتهم الثورية، وميولهم الرافضة، ويتوافق مع طموحات الإنسان وآماله الواسعة..
وفي الحقيقة فإن الإسلام في جوهره وواقعه ثورة ضد التخلف ورفض للظلم والطغيان.. وتوحيد الله تعالى تحت شعار (لا إله إلا الله) إنما يعني الكفر بجميع أصنام الديكتاتورية والطغيان والانحراف..
وتعاليم الإسلام تفرض على الإنسان المسلم مكافحة الظلم، ومقاومة الباطل والفساد، والتمرد على الجور والانحراف.
ولو أننا عرضنا على شبابنا الإسلام الحقيقي بتعاليمه الثورية، ومناهجه التغييرية الصادقة، لأصبح شبابنا دعاة مخلصين لحضارة الإسلام، وثواراً مناضلين لعودة الإسلام إلى الحياة، وبناء الأمة المؤمنة الرائدة.
الشباب والتضحية في سبيل الله
سبيل الله هو سبيل الحق والعدالة والحرية..
والعمل في سبيل الله هو العمل من أجل تطبيق الحق، وسيادة العدل وتوفير الحرية..
وقد علمتنا أحداث التاريخ، وأثبتت لنا معادلات الحياة أن الحق والعدل والحرية لا يمكن أن تتوفر إلا عن طريق العطاء والنضال والتضحية..
فالشعب الذي يمتلك روح العطاء والتضحية، ويسلك درب النضال والكفاح يستحق العدالة والحرية، ويصل على أجواء الحق..
أما الشعب البخيل الجبان فجزاؤه حكم الباطل، وديكتاتورية الظلم وذل الاستعباد.
والذين ينتظرون تطبيق العدل وتوفير الحرية بالدعاء أو التضرع إلى الله فحسب، وبالتمني والآمال!! هؤلاء عليهم أن ينتظروا المزيد من الظلم والكبت والإرهاب..
فللعدالة طريق لا يمكن الوصول إليها إلا بالسير فيه، وللحرية ثمن لا يمكن تحصيلها إلا بدفعه..
وطريق العدالة هو النضال، وثمن الحرية هو التضحية والفداء..
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: "الخير كله في السيف، وتحت ظل السيف، فلا يقيم الناس إلا السيف، والسيوف مقاليد الجنة"3.
وهذا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ينذر المتقاعسين عن التضحية والعطاء، ويحذر المتخاذلين عن سلوك طريق النضال والفداء.. فيقول:
"الجهاد باب من أبواب الجنة، فتحه الله لخاصة أوليائه، وهو لباس التقوى، ودرع الله الحصينة، وجنته الوثيقة، فمن تركه رغبة عنه، البسه الله ثوب الذل، وشمله البلاء، وديّث بالصغار والقمائة.."4.
وجميل جداً قول أحد الشعراء:
وللحرية الحمراء باب بكل يد مضرجة يدق
وشباب الأمة أقدر فئاتها على النضال والتضحية، وطبيعة مرحلة الشباب التي يعيشونها تدعوهم إلى المغامرة وعدم المبالاة بالحياة، لظروف نفسية.
فعلينا أن نستفيد من هذا الطبيعة المتوفرة لدى شبابنا، ونوجههم باتجاه التضحية في سبيل الله، أي في سبيل تحقيق الحق وتطبيق العدل وتأمين الحرية..
وإلا قد توجه هذه الظاهرة اتجاهاً خاطئاً، ومن هنا تتكون عصابات الإرهاب، وجماعات التخريب والانحراف، والمغامرات الفاسدة.. أو تحتضن التيارات الأخرى شبابنا، فتجعلهم وقود مخططاتها المعادية، وجسوراً لمطامعها الاستعمارية.
*مسؤولية الشباب، الشيخ حسن الصفار، دار البيان العربي، لبنان بيروت، الطبعة الثالثة1412هجرية1992م، ص15-19.
فالحكومات الديكتاتورية الظالمة لا تزال تفرض سيطرتها على شعوبنا المستضعفة وتنفذ فيها سياسة الاستعمار،و خطط الدول الكبرى..
والأفكار السلبية المتخلفة، ما برحت تعشعش في عقول زعمائنا وشخصياتنا الدينية والاجتماعية، ومن خلالها يقودون المجتمع ويوجهونه..
والعادات السيئة والتقاليد البالية لا تزال تخلق المزيد من المشاكل والعقد لمجتمعاتنا..
تخلف شامل.. ورجعية متحكمة.. وديكتاتورية متسلطة.. ذلك هو طابع حياتنا، والسمة العامة لشعوبنا..
ولكن ما هو موقف المجتمع تجاه هذا الواقع الأليم؟ إنه الاستسلام الكامل، والخنوع المذل، والخضوع الجبان!
لقد تلاشت روح الثورة المتقدة التي كانت تغمر نفوس أمتنا.. و انعدمت مواقف الرفض.. وانتهت نفسية التمرد.. وخمدت جذوة المعارضة..
أصبح كل واحد منا لا تهمه إلا حياته، ولا يفكر إلا في مصالحه الخاصة.. أما واقع الأمة وأوضاع الوطن السياسية والاقتصادية، وحالة المجتمع، فتلك أشياء لا يتسع لها فكره ولا تحوم حولها اهتماماته..
وبقينا ولا نزال نعيش هذا الواقع المهترئ، وقد تتبدل الوجوه، وتتغير الشعارات، وتتعدد المظاهر.. ولكن الواقع هو الواقع في تخلفه وانحطاطه، وفي جوهر بؤسه ومأساويته..
وسنبقى نعيش هذا الواقع إلى أن تتولد فينا روح الثورة، وتتوفر لدينا نفسية التمرد، ونمارس مواقف المعارضة والرفض لهذا التخلف المرير..
يقول تعالى: ﴿إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾1.
و إذا كنا نسعى للحصول على هذه الروح الثورية، ونتمنى امتلاك نفسية الرفض والمعارضة ففي مرحلة الشباب بذور حية واستعداد طبيعي للقيام بهذا الدور المطلوب..
وذلك للملابسات الآتية:
أولاً: لأن الشباب يستشعر بقوة نفسه وعضلاته، بعد أن كان يعيش ضعف الطفولة.. ولذا يجب أن يمارس هذه القوة في الثورة الحقّة والتمرد..
ثانياً: باعتباره يعيش أوائل الحياة وبدايتها، فهو غير متشبث بها ولا حريص عليها كحرص الكبار، بل يعشق المغامرة، ويود التعرض للأخطار، وهذا ما يؤهله لتقمص روح الثورة والرفض.
ثالثاً: إنه غير منشد ولا مرتبط بهذا الواقع، انشداداً قوياً أو ارتباطاً وثيقاً.. لقصر عمر معايشته لهذا الوقع، وعدم وجود مصالح كثيرة له تجلب رضاه على ذلك الواقع..
لأن الإنسان إذا عايش واقعاً معيناً لفترة طويلة، وتعددت ارتباطاته، ومصالحه بذلك الواقع، أصبح من الصعب عليه التفكير بتغيير ذلك الواقع، بل قد يقلقه احتمال تبديله.
كما كان ينظر "جان جاك روسو" إلى الملكية في فرنسا، فقد جاء عنه أنه كان يرعبه مجرد أن يتصور فرنسا بدون ملك، على الرغم من كونه من الدعاة الكبار فكرياً وفلسفياً إلى تطوير الوضع السياسي القائم وقتئذ، لأن "روسو" هذا نشأ في ظل الملكية، وتنفس هواها طيلة حياته.
وهكذا يكون الشباب أقرب فئات المجتمع إلى روح الثورة وأكثرهم استعداداً للمعارضة والرفض.
وقد استفادت كل الرسالات السماوية، والثورات الاجتماعية من هذه الظاهرة، فاعتمدت الشباب كطليعة للتغيير، ووقود للثورة..
أما في مجتمعاتنا الإسلامية فهناك خطأ كبير يحدث في التعامل مع الشبيبة الناشئة، فبدلاً من أن توجه روح الثورة لديهم، وميول المعارضة والرفض عندهم ضد التخلف السائد، والطغيان المسيطر، بدلاً من ذلك نحاول أن نقتل عند شبابنا روحه الثائرة وحماسه المشتعل في مواجهة هذه الأوضاع، ونعمل على إقناعه بالخنوع لهذا الواقع السّيء، والاستسلام لهذه الأوضاع الفاسدة عن طريق تثبيط العزائم، وبث اليأس في النفوس، وقد نستعين بتحريف المفاهيم الإسلامية لكي نقنع شبابنا بعدم المعارضة والرفض..
فالتقية واجبة شرعاً وهي تقتضي السكوت والخنوع لأي ظالم يسيطر على الشعب!!
والمقاومة تعني إلقاء النفس في التهلكة، وهذا محرم في شريعة الإسلام.
والمعارضة تحتاج إلى فتوى من المجتهد وهو لا يرى في الثورة والمعارضة مصلحة للدين!!
والثورة الآن سابقة لأوانها، ووظيفة المؤمن حالياُ هي الانتظار لظهور الحجة المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف!!
ولكن هل تنطلي هذه المفاهيم الخاطئة، والأفكار السلبية على كل الشباب الطامحين للتغيير، والمتحمسين للثورة والمعارضة؟
كلا.
فللناس عقول يفكرون بها ويستعرضون أمامها هذه المفاهيم والأفكار.. فقد ينخدع بها بعض الشباب، ويستسلمون لهذا الواقع الفاسد، يتنازلون عن ثوريتهم، وحماسهم.. بينما يبحث الآخرون عن طريق ثوري يسلكونه لتغيير الأوضاع وتبديل الواقع..
وهذه هي فرصة التيارات المناوئة، والخطط الاستعمارية، لكي تتصيد شبابنا باسم الثورة، وتحت شعارات الرفض والمعارضة..
وحينما يجد الشباب أمامه طريقين:
طريق الدين وهو يدعوه إلى الاستسلام والخنوع للتخلف والطغيان (كما يتصوره بعض الدعاة الرجعيين).
وطريق الإلحاد وهو يشجعه على الثورة، ويعطيه طموح التقدم والتغيير..
فمن الطبيعي أن تسلك الأكثرية الاتجاه الثاني لأنه ينسجم مع طبيعتهم الثورية، وميولهم الرافضة، ويتوافق مع طموحات الإنسان وآماله الواسعة..
وفي الحقيقة فإن الإسلام في جوهره وواقعه ثورة ضد التخلف ورفض للظلم والطغيان.. وتوحيد الله تعالى تحت شعار (لا إله إلا الله) إنما يعني الكفر بجميع أصنام الديكتاتورية والطغيان والانحراف..
وتعاليم الإسلام تفرض على الإنسان المسلم مكافحة الظلم، ومقاومة الباطل والفساد، والتمرد على الجور والانحراف.
ولو أننا عرضنا على شبابنا الإسلام الحقيقي بتعاليمه الثورية، ومناهجه التغييرية الصادقة، لأصبح شبابنا دعاة مخلصين لحضارة الإسلام، وثواراً مناضلين لعودة الإسلام إلى الحياة، وبناء الأمة المؤمنة الرائدة.
الشباب والتضحية في سبيل الله
سبيل الله هو سبيل الحق والعدالة والحرية..
والعمل في سبيل الله هو العمل من أجل تطبيق الحق، وسيادة العدل وتوفير الحرية..
وقد علمتنا أحداث التاريخ، وأثبتت لنا معادلات الحياة أن الحق والعدل والحرية لا يمكن أن تتوفر إلا عن طريق العطاء والنضال والتضحية..
فالشعب الذي يمتلك روح العطاء والتضحية، ويسلك درب النضال والكفاح يستحق العدالة والحرية، ويصل على أجواء الحق..
أما الشعب البخيل الجبان فجزاؤه حكم الباطل، وديكتاتورية الظلم وذل الاستعباد.
والذين ينتظرون تطبيق العدل وتوفير الحرية بالدعاء أو التضرع إلى الله فحسب، وبالتمني والآمال!! هؤلاء عليهم أن ينتظروا المزيد من الظلم والكبت والإرهاب..
فللعدالة طريق لا يمكن الوصول إليها إلا بالسير فيه، وللحرية ثمن لا يمكن تحصيلها إلا بدفعه..
وطريق العدالة هو النضال، وثمن الحرية هو التضحية والفداء..
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: "الخير كله في السيف، وتحت ظل السيف، فلا يقيم الناس إلا السيف، والسيوف مقاليد الجنة"3.
وهذا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ينذر المتقاعسين عن التضحية والعطاء، ويحذر المتخاذلين عن سلوك طريق النضال والفداء.. فيقول:
"الجهاد باب من أبواب الجنة، فتحه الله لخاصة أوليائه، وهو لباس التقوى، ودرع الله الحصينة، وجنته الوثيقة، فمن تركه رغبة عنه، البسه الله ثوب الذل، وشمله البلاء، وديّث بالصغار والقمائة.."4.
وجميل جداً قول أحد الشعراء:
وللحرية الحمراء باب بكل يد مضرجة يدق
وشباب الأمة أقدر فئاتها على النضال والتضحية، وطبيعة مرحلة الشباب التي يعيشونها تدعوهم إلى المغامرة وعدم المبالاة بالحياة، لظروف نفسية.
فعلينا أن نستفيد من هذا الطبيعة المتوفرة لدى شبابنا، ونوجههم باتجاه التضحية في سبيل الله، أي في سبيل تحقيق الحق وتطبيق العدل وتأمين الحرية..
وإلا قد توجه هذه الظاهرة اتجاهاً خاطئاً، ومن هنا تتكون عصابات الإرهاب، وجماعات التخريب والانحراف، والمغامرات الفاسدة.. أو تحتضن التيارات الأخرى شبابنا، فتجعلهم وقود مخططاتها المعادية، وجسوراً لمطامعها الاستعمارية.
*مسؤولية الشباب، الشيخ حسن الصفار، دار البيان العربي، لبنان بيروت، الطبعة الثالثة1412هجرية1992م، ص15-19.
1- الرعد:11.
2- الشهيد الصدر: بحث حول المهدي/ ص45.
3- القمي: سفينة البحار/ ج1- ص195.
4- نهج البلاغة، خطبة رقم 27.