يتم التحميل...

الثورة الإسلامية في إيران مرآةٌ للثورة المهدوية المباركة

ولادة بقية الله الأعظم

الثورة الإسلامية في إيران مرآةٌ للثورة المهدوية المباركة

عدد الزوار: 42


 
قد يشكك بعض الأفراد في أن هذه الثورة (الثورة الإسلامية في إيران) وذلك التغيير يمكن أن يشكل بداية العصر المهدوي على يد عدد يسير من تلامذة الإمام عليه السلام وجنوده وخواصه ويبشر بالنهاية بتغيير النظام الحاكم على الكون، كما قد يستبعد آخرون بدء هذا التحول العظيم الذي يقف وراءه ظاهراً عدة قليلة من الأنصار.

وأنت خبير بأن الثورة الإسلامية في إيران مثال واضح يبيّن إمكان وقوع القيام بتلك الحركة العظيمة، إذ أوضحت الثورة الإسلامية العظيمة بقيادة الإمام الراحل (قدسره) بأنه يمكن بالاعتماد على ثلة قليلة لتحقيق قيام مهيب وحركة عظيمة ضد الظلم والطغيان، وإحياء القلوب الهامدة، وإسقاط نظام الطاغوت، فيكون هذا القيام شاهد صدق على سطوع شمس الحكومة الإلهية الإسلامية.

لقد مثلت هذه الحركة الحاسمة التي ساهم فيها الأطفال والشيوخ وسائر أطياف المجتمع بأياد مجرّدة خالية من وسائل القوة – وإن كانوا مسلحين بسلاح الإيمان واليقين بالنصر الإلهي – ثورة عظيمة على مستوى العالم، ما دفع بعض وسائل الإعلام الأجنبية أن تكتب تحت صور الإمام الخميني (قدسره) في منفاه في باريس ما يلي: «هذا المنفى قد أزعج الشرق، وحير الغرب، وشغل العالم». والحق: أن هذا الرجل العظيم لم يغير إيران والشرق الأوسط فحسب، بل شغل أذهان البشر في العالم، فتلألأ الكون بأنواره، ووقع تحت أسر حرارة ثورته المباركة.

فإن كان لنائب من نواب إمام العصر (عجل الله تعالى فرجه) كالإمام الراحل (قدسره) هذه القدرة، فلا شك في أن للوجود المبارك لولي الله الأعظم (عجل الله تعالى فرجه) القدرة على تغيير العالم وتسخيره بواسطة 313 ناصراً ومريداً – كالإمام الراحل (قدسره) وغيره – وإن التحق سائر الناس بركب أصحاب إمام العصر (عجل الله تعالى فرجه) وأنصاره وأوليائه لاحقاً.

وعلى ضوء ذلك تكون الثورة الإسلامية العظيمة من جهات متعددة مرآة للثورة المهدوية العالمية. ولا شك أن الثورة المهدوية العظيمة نقطة تحول في التاريخ، كما أن مصداقها المصغر كان كذلك نقطة تحول تاريخي. إلا أن نقطة التحول التي أحدثتها الثورة الإسلامية بالقياس إلى نقطة التحول التي تحدثها الثورة المهدوية العالمية من قبيل قطر الندى في قبال البحر الصاخب. كما أن الأنبياء (عليهم السلام) وإن شكلوا نقطة تحول تاريخي في عصورهم، إلا أن نقطة التحول هذه مقارنة بالثورة المهدوية كالندى بالإضافة إلى البحر الزاخر. والوجه فيه: أن الثورة التي تغير العالم وتملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعدما ملئت ظلماً وجوراً تمثل نقطة تحول شاملة عالمية. وإليه الإشارة في ما أفاده مولى الموحدين علي (عليه السلام) بالقول: «يعطف الهوى على الهدى إذا عطفوا الهدى على الهوى، ويعطف الرأي على القرآن إذا عطفوا القرآن على الرأي»[1].

ثم إن للثورة المهدوية أثراً على القلوب، إذ تخرجها من حب الأنا والهوى إلى حب الله الواحد الأحد، فتحيل ظلمة الجهل والضلال إلى نور الهداية والعلم، وتبدل الخوف والاضطراب بالشجاعة والثبات. ويمكن ملاحظة مثال لها في ما حصل من تحول إبان اندلاع الثورة الإسلامية في إيران بقيادة الإمام الخميني (قدسره) من خلال الثبات على المقاومة طيلة ثمان سنوات من الدفاع المقدس.

إن أولئك الذين يشمون رائحة أبنائهم الشهداء ويقبلون جباههم ثم ينطلقون بأنفسهم إلى جبهة القتال مصاديق بارزة لقوله تعالى: ﴿يهدون بأمرن[2]، وذلك أنه حصل تغير وتبدل في قلوبهم، ما دفعهم إلى نحت أبهى صور الإيثار والفداء. إن شدة الشوق القلبي والحماس الكبير والإحساس غير القابل للوصف والتواجد في الصفوف الأمامية للقتال والدفاع عن التعاليم المقدسة وعن حريم الإسلام وحفظ كيان جمهورية إيران الإسلامية إلى جانب التعلق الشديد بالشهادة والابتعاد عن أسر مظاهر الحياة الطبيعية لا يمكن تصوره وتحققه إلا من خلال قوله تعالى: ﴿يهدون بأمرن ضمن تحول جذري للقلوب. لقد كان أولئك الرجال جند الله الذين ادخرهم تعالى لوقت الشدة، فحين تفتر العزائم يأتيهم الإلهام الباطني، فيتركون حياة الدعة، ويساقون إلى الشهادة والفداء، ما يفضي إلى التحقق العيني للجهاد الذي أشارت إليه الآية الكريمة: ﴿لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم[3].
 
* آية الله الشيخ جوادي آملي – بتصرف يسير


[1]  نهج البلاغة، الخطبة 138.
[2]  سورة الأنبياء، الآية 73.
[3]  سورة آل عمران، الآية 154.

2018-04-27