يتم التحميل...

لا خلاص للبشرية من شقائها إلا بالإستضاءة بنورالقرآن

ثقافة إسلامية

لا خلاص للبشرية من شقائها إلا بالإستضاءة بنورالقرآن

عدد الزوار: 125

من خطاب سماحة الإمام الخامنئي (دام ظلّه الوراف) في جلسة الأنس بالقرآن الکريم (1) بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك في حسينيّة الإمام الخميني (قدس سره) ــ 27 ـ 05 ــ 2017


لا خلاص للبشرية من شقائها إلا بالإستضاءة بنورالقرآن

إذا ما أنسنا بالقرآن، عندها ستسنح الفرصة لأهل الفكر من الفئات المختلفة، لأن يتدبّروا في النكات القرآنيّة، ويستفيدوا ويستنبطوا من القرآن أشياء، ويدركوها، ويجيبوا من ثمّ عن الأسئلة المختلفة. لا أقصد بالأسئلة هنا، الشبهات؛ بل الأسئلة حول الحياة، ونمط العيش. أمامنا الآن ملايين الأسئلة. عندما يكون المجتمع والحكومة يقودان الحياة باتّجاه مبادئ معيّنة، فإنّ [هذا المجتمع] سيُواجه بآلاف آلاف الأسئلة: عن نوع العلاقات، والسلوك، واتّخاذ المواقف، والعداوات والصداقات، التعاطي مع المال، ومع الأمور الدنيويّة. هذه كلّها أسئلة تُطرح؛ ولكلّ هذه المسائل أجوبة. لم تضلّ البشريّة وتشقى، إلا لأنّها لم تجد الإجابات الشافية عن هذه الأسئلة. فتعاسة العالم والبشر اليوم، هي بسبب أنّهم لم يتوصّلوا إلى الإجابات الصحيحة عن هذه الأسئلة، ولم يتعلّموها. وقد تلقّوا إجابات خاطئة، منحرفة، ومضلّلة. وزُرعت هذه الأفكار في أذهانهم، وعملوا بها، فوصلوا إلى ما وصلوا إليه اليوم. العالم اليوم خال من الأمن، والصفاء، والمعنويّات، والاستقرار الروحي. وقلوب الناس ليست صافية باتّجاه بعضها بعضًا. هذا هو الوضع السائد في العالم اليوم، وهذا ما يعيشه العالم أجمع.

البشرية مبتلاة بنظم حياتية اغرقتها فقرا وحروبا
لقد خُلق البشر لكي يتواصل بعضهم مع بعض. على القلوب أن ترتبط بعضها ببعض، أن تحبّ بعضها بعضًا، أن يساعد الناس بعضهم بعضًا ويتعاونوا. على البشر أن يكونوا كجسم واحد في هذا العالم. وبالأصل، فهذا ما فُطر عليه البشر أساسًا. هكذا كان التدبير لهم. لكن، إن ألقيتم نظرة اليوم، تجدون أنّ الحرب وفقدان الأمن والخوف والضلال، واختلاف القلوب هو السائد في كلّ مكان: الأُسر المتفكّكة، الاختلاف الطبقي الفاحش، جماعة ثريّة ومتنفّعة، وجماعة محرومة؛ وهذا مرجعه كلّه إلى عدم الإجابة الصحيحة عن أسئلة الحياة هذه، وإلى فهمها بنحو خاطئ. عندها، وُجدت هذه النظم الاقتصاديّة والسياسيّة المعوجّة في العالم، وابتُليت البشريّة بها. فملايين البشر مبتلون بهذا الوضع. وحتّى أولئك الأثرياء والمتنفّعون مبتلون. وليست المسألة أنّنا حين نقول يوجد اختلاف طبقي، فمعنى ذلك أنّ ذلك الشخص مثلًا، الذي يشكّل ـ بناءً على القولـ السائد، واحدًا في المائة من المجتمع الأمريكي، مرتاح وسعيد. لا، فهو أيضًا يعاني في حياته من التعاسة، ويواجه صعوبات، ومشاكل روحيّة ونفسيّة كثيرة، قد تفوق أحيانًا مشاكل الناس الفقراء. بمعنى آخر، الجميع مبتلًى. هكذا هو المجتمع الذي لا يعرف الطريق الصحيح، ولا يهتدي إلى الصراط المستقيم، ولا يرتبط بالله. هذه المجتمعات الإنسانيّة تعاني اليوم، وللأسف، مثل هكذا ضلالة وضياع.

من أجل هذا تكرّرون [في صلاتكم كلّ يوم] وطُلب إليكم أن تكرّروا [ قوله تعالى]: ﴿اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ. فالصراط المستقيم هو ذلك الطريق الخالي من هذه الآفات والمشاكل؛ تطلبون دومًا من الله تعالى أن يهديكم؛ وهذه هي الهداية في القرآن.

إذا ما أنسنا بالقرآن، وفهمناه بنحو صحيح، وتدبّرنا فيه، عندها سيمنحنا الإجابة الشافية عن أسئلة الحياة. علينا السعي وراء هذا الأمر. وهو أمر بالغ الأهمّيّة. أعزائي الشباب، كلّما أنستم بالقرآن أكثر، ستتّضح لكم هذه الحقائق أكثر إن شاء الله. وكلّما شربتم من هذا الشراب العذب، ستشتاقون له أكثر، وستتعطّشون له أكثر. هكذا هو القرآن.

2017-10-04