البشريّة اليوم بحاجة إلى نور البعثة وإشعاعاتها
تربية دينية (مناسبات)
البشريّة اليوم بحاجة إلى نور البعثة وإشعاعاتها
عدد الزوار: 89خطاب القائد في لقاء مسؤولي النظام وسفراء الدول الإسلاميّة بمناسبة عيد المبعث النبوي الشريف (1) 1396_02_05 هـ.ش 25-4-2017
البشريّة
اليوم بحاجة إلى نور البعثة وإشعاعاتها
البعثة برنامج تحول اجتماعي في كل آن ومكان
أهميّة عيد المبعث هي أنّ هذه البعثة التي حدثت، والعلاقة الجديدة بين
الله والخلق، لا تزال حيّة، وكذلك البرنامج الجديد الموجود في هذه البعثة، لتحوّل
المجتمعات البشريّة والبشر. فهذه البعثة وهذا البرنامج وهذا التحوّل، له اليوم
–بالقوّة- القدرة على التغيير في جميع العصور، وفي جميع الأحوال، وفي جميع المناطق
الجغرافيّة، ، وذلك كما حصل وغيّر في ذلك الزمن؛ تحوّل نحو الخير والفلاح والسعادة.
هذه هي أهميّة البعثة.
حال البشرية عشية البعثة: جهل وفقر وظلم وأحقاد
يقول أمير المؤمنين (سلام الله عليه) إنه عندما بعث الله سبحانه النبيّ
الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بالرسالة، كانت الدنيا تعيش في الظلمات:
"والدنيا كاسفة النور ظاهرة الغرور"(2) فعالم البشريّة كان يعيش في الظلمات،
ومليئاً بالغرور. والغرور هو خداع النفس؛ حيث يتوهّم المرء ويظنّ نفسه في وضع، وهو
ليس كذلك واقعاً. والقرآن الكريم يرى أنّ فلسفة الوحي الإلهي تتلخّص في هذه الآية:
﴿ليخرجكم
من الظلمات إلى النور﴾؛
(3)
حسنٌ، لقد تحدّثت التواريخ كثيراً عن ظلمات تلك الفترة؛ سواءً في بيئة الجزيرة
العربيّة نفسها وما حولها، حيث الخرافة والجهل وانعدام الرحمة، العنف والقسوة،
الظلم وغياب العدل، وحياة الانحطاط، والجوع، أم في العالم المتحضر في ذلك العصر.
وإنّكم إذا نظرتم إلى المنطقتين الرئيستين التي كانت تحكمهما حضارتان كبيرتان في
ذلك العصر أي إيران وبلاد الروم ستشاهدون هناك أيضاً هذه الظلمة والظلمات.
ففي هاتين الإمبراطوريّتين أيضاً، كانت تسود الخرافات، والظلم ، والتمييز، وغياب
عدل، وعدم الرحمة بالضعفاء. وكان يوجد في إيران ملك اشتُهر بعدله كسرى آنو شيروان
هذا المعروف بالملك العادل قتل في يوم واحد عدة آلاف شخص لأنّهم يتّبعون ديانة
أخرى، ألا وهي المزدكيّة؛ أباد آلاف الناس في يوم واحد؛ هذه عيّنة. وفي إمبراطوريّة
الروم، قتل الملك نيرون أمّه، وزوجته، وأحرق المدينة بأكملها. هكذا كانوا يعيشون:
"والدنيا كاسفة النور ظاهرة الغرور. هذه الأمور لم تكن مختصّة بالجزيرة العربيّة
فحسب؛ كلّ العالم كان كذلك. في مثل هذه الأوضاع ،أشرقت شمس الإسلام.
البشريّة اليوم بحاجة إلى نور البعثة وإشعاعاتها
حسنٌ، إنّ دعوة الإسلام هي دعوة للنور؛ أي الدعوة إلى العلم، والإنصاف،
والمحبّة، والوحدة، والعدالة؛ وهذه الأمور جميعاً هي النورانيّة والنور في
المجتمعات البشريّة. المهمّ أن لا تبقى هذه الدعوة على الألسن والورق فقط. وإنّكم
اليوم إن نظرتم في وثيقة الأمم المتّحدة أو حتّى وثائق بعض الدول المستكبرة، تجدون
فيها الكثير من أمثال هذا الكلام الجيّد، وكذا تجدون في الإعلان العالمي لحقوق
الإنسان والوثائق الأخرى، الكثير من هذا الكلام الجيّد، لكن لا أثر له في عالم
الواقع.
تكمن أهمّيّة الإسلام في أنّ ما بيّنه الرسول وقاله منذ اليوم الأوّل للدعوة، وما
علّمته الآيات القرآنيّة للناس بشكل مستمرّ، على امتداد ثلاثة عشر عاماً من الكفاح
الشديد في مكّة، قد طُبّق فيما بعد عمليّاً، وظهر، وعُمل به. لقد أظهر الرسول
الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عمليّاً، تلك العدالة، والمحبّة، والإنصاف،
ومقاومة الظلم، والصمود في مقابل الكفر، وهداية الناس إلى ميدان العلم والمعرفة.
هذه القاعدة والأساس والبناء التحتيّ الذي أسّس له الرسول (صلّى الله عليه وآله
وسلّم) على مدى عشر سنوات من حكمه في المدينة، نفسها تبدّلت بعد مرور قرن وقرنين،
إلى أكبر حضارة بشريّة. نعم، لم تُراعَ كل أبعادها المختلفة. فالعدالة [مثلاً] لم
تُراعَ لكنّ العلم واستخدام المعرفة والإمكانيّات ونموّ الاستعدادات البشريّة التي
بدأ منذ بداية تشكيل الحكومة الإسلاميّة، كان في حال تطوّر دائم بحيث تحوّلت بعد
مدّة زمنيّة قصيرة قرن أو قرنين إلى أكبر حضارة بشريّة استفاد العالم كلّه منها
وانتفع. هذه هي البعثة.
إنّنا الآن بحاجة إلى البعثة. إلى تعريف البعثة. ففي الدرجة الأولى، على الرأي
العامّ العالمي أن يفهم مفهوم بعثة الإسلام ومعناها. وهذه مسألة غاية في الأهميّة.
فبعد قيام الجمهوريّة الإسلاميّة، والتي كانت ظهور رشحة من رشحات الحكومة النبويّة
(صلّى الله عليه وآله وسلّم) بحمد الله في نظامنا هذا، هذه الحكومة نفسها، أصبحت
منشأً لتحوّل وحركة عظيمين، ما زالا مستمرّين بحمد الله، وسيستمرّان [بعونه تعالى].
1ـ تحدّث في بداية هذا اللقاء
رئيس الجمهوريّة حجّة الإسلام والمسلمين الشيخ حسن روحاني.
2ـ نهج البلاغة، الخطبة 89
3ـ من جملة السور التي وردت فيها هذه الآية، سورة الأحزاب، جزء من الآية 43.