طهارة نفوس الأساتذة والعلماء أكثر تأثيرا في سلوك الشباب
ثقافة إسلامية
طهارة نفوس الأساتذة والعلماء أكثر تأثيرا في سلوك الشباب
عدد الزوار: 81
من كلمة
الإمام الخامنئي في ملتقى أساتذة الجامعات في شهر رمضان المبارك 05-09-2010
طهارة نفوس الأساتذة والعلماء أكثر تأثيرا في سلوك الشباب
ها هو شهر رمضان في أيامه الأخيرة حيث تسيطر على قلب شعبنا وروحه ـ
وأنتم من جملتهم ـ حالة العبادة والخشوع والصفاء, إن شاء الله. لقد قرأتم في أدعية
هذه الأيام والليالي:
"اللهم وهذه أيام شهر رمضان قد انقضت ولياليه قد تصرّمت"1.
ومع انقضائها لا نعلم ما أدركنا من رحمتك وعنايتك يا الله في هذه الليالي والأيام
التي مضت وما هو مقدار استفادتنا، ونقول: "إن لم تكن رضيت عنا فالآن فارضَ عنا".
حسناً، إن طهارة النفس وصفاءها أمرٌ مهمٌّ ولازمٌ للجميع, وله تأثيرٌ في حياة
الجميع, ولكنه بنظري أكثر أهمية وفائدة ونفعاً للأساتذة والعلماء. وذلك أولاً:
لأنكم أساتذة فإنّ سلوككم وتصرّفكم له تأثيرٌ أكبر من كلامكم في تكوين شخصية
التلميذ والشاب ـ فغالباً ما يكون الأمر كذلك ـ بحيث أنه لو كان كلامكم سبباً لسوقه
نحو جهة ما ولم يكن سلوككم مصاحباً لكلامكم في هذا التوجيه، فإن هذا السلوك والتصرف
سيؤثر في مخاطبكم وتلميذكم، أي ذلك المتعلم والشاب. فهذا أحد أبعاد أهمية صفاء
النفس. لو تمتّع أستاذنا بالروحية المعنوية الصافية فإنّه سينوّر أجواء صفّه وقلوب
المتعلمين. فنحن نحتاج إلى هذا الأمر.
طهارة النفس تضع العلم في وجهته الصحيحة
وبالإضافة إلى ذلك فأنتم علماء, لهذا فإن العلم إذا صوحب بالنورانية
فإنه سيجد وجهته الصحيحة.
هذه المطالب التي ذكرتموها أيها الأعزاء، وما نراه من موانع ومشاكل وإشكالات في
المجالات المختلفة حيث ذكرتم بعضها، فإنّ الكثير منها إنما يحصل لأن العلم لا يتحرك
بالاتجاه الصحيح المرسوم له ـ وفق السنّة الإلهية. فصفاء النفس هذا، وهذه النورانية
تعين العالم ليوجّه علمه في الإتجاه الصحيح ويتقدّم.
فلنعلم قدر هذه الأيام والليالي، لقد صمتم أكثر من عشرين يوماً وكنتم بحمد الله
موفقين وباليقين استفدتم من الأنوار الملكوتية لهذه الأيام والليالي, فاسعوا فيما
بقي من هذا الشهر إلى أن تملأوا مهما استطعتم وجودكم من شلال اللطف والصفاء الإلهي
الذي ينهمر علينا.
العلوم الإنسانية الغربية لا تنظر إلى قضايانا ولا تستند
إلى معارفنا
وجوب إستناد العلوم الإنسانية إلى فلسفتنا وقضايانا
وبالنسبة لأهمية العلوم الإنسانية، فلحسن الحظ تحدّث الأصدقاء اليوم
بصورة وافية, وهو الكلام الذي ينبع من قلوبنا. وقد ذكرت مسألة في السنة الماضية
فيما يتعلق بالعلوم الإنسانية، وقد لاحظت أن كلامي قد تلقّاه بعض الأفراد وتعاملوا
معه بصورة غير علمية وغير منطقية، وقد استنتجوا من كلماتي أموراً لا تمت إليها
بصلة، وكلامي فيما يتعلق بالعلوم الإنسانية هو ما ذكره أصدقاؤنا هنا وهو صحيحٌ
تماماً: العلوم الإنسانية لها أهمية، العلوم الإنسانية الحالية في وطننا ليست وطنية
ولا ترتبط بنا ولا تنظر إلى احتياجاتنا ولا تستند إلى فلسفتنا أو معارفنا بل هي
ناظرة إلى قضايا أخرى ولا تحل مشاكلنا. غيرنا كان له في هذا المجال كلام وقد ابتكر
له حلاً ـ ولا علاقة لنا هنا بمدى صحته ـ وهو غريبٌ عنا من الأساس. فبالطبع، لا
يوجد الآن مجال للحديث عن العلوم الإنسانية. في المستقبل إذا أعطانا الله عمراً
وتوفيقاً فسوف يكون لي حديث مفصل فيما يتعلق بالعلوم الإنسانية إذا كان لنا لقاء
جامعي آخر مع الأساتذة الجامعيين أو طلاب الجامعات. فعند هذا العبد كلام كثير فيما
يتعلق بمسائل العلوم الإنسانية.
ضرورة تفحص مناهج العلوم الإنسانية دوريا
المشاكل التي عرض لها السادة صحيحة تماماً. فأنا أعرف أنه لم يتم تغيير
مناهج العلوم الإنسانية رغم مرور كل هذه المدة, وفي الواقع فمن العيب أن يمرّ أكثر
من عشرين سنة دون تغييرٍ في المنهج الدراسي للعلم الفلاني, فهذا يدلّ على عدم وجود
جرأة للمناقشة, وهذا هو الشيء الذي نخشاه.
لا توجد جرأة للمناقشة, فما كان موجوداً يُدرّس ثم يُعاد تدريسه حتى لو مرّت عشر
سنوات أخرى، في حين أنه بحسب تعبير هذا الأخ المحترم فإن العلوم الإنسانية تشهد كل
حوالي خمس سنوات تغييرات تكون في بعض الأحيان بنيوية. وبالحد الأدنى هذا ما يجري في
بعض العلوم الإنسانية. إنني أشكر هذا الأخ كثيراً، وكذلك الإخوة والأخوات الآخرين
والأساتذة المحترمين الذين يفكرون في قضية العلوم الإنسانية.
ضرورة النظر في مناهج العلوم الإنسانية الغربية ومناقشتها
أشار أحد السادة إلى أنه بدلاً من أن نتعامل مع العلوم الإنسانية
الحالية بطريقة سلبية، وخاصة المناهج الغربية، فلنتعامل معها بطريقة إيجابية بمعنى
أن نطرح المناهج الإسلامية. أجل، فأصل القضية هو هذا ولا شك بذلك. فالمرء لا يستطيع
أن يعيش في الفراغ. وعندما تُطرح القضية فإنها تتطلب جواباً، وهو إما أن يكون منهم
أو منا غاية الأمر أن ما هو مهم أمران:
الأول: هو هذا الجواب الذي نحمله، فيجب تدوينه ـ وهذا العمل ينبغي أن تقوموا به
أنتم، أساتذة الحوزة والجامعات, ومن ينهض به؟ فهو ليس وظيفة الحكومة.
الثاني: إيجاد الشجاعة لمناقشة المنهج الغربي الحالي الناشئ من الليبرالية
الديمقراطية, فهذان الأمران ضروريان. وكلاهما بأيديكم.
بيد الأساتذة المتخصصين في العلوم الإنسانية. وما ذُكر حول ضرورة وجود إدارة لهذا
الأمر وتشكيلات خاصة محلّ تأمل, ويجب البحث بشأنه وهو كلامٌ صحيحٌ ـ بالحد الأدنى
بإطاره الكلي ـ لكن على أي حال العمل هو عمل أساتذة العلوم الإنسانية.
أهمية إنتاج الفكر وضرورة إستناده إلى الفلسفة
أحد السادة ذكر مطلباً مهماً جداً فيما يتعلق بإنتاج العلم, وهو صحيح
تماماً. فأساس العلم وقاعدته هي الفلسفة, ولو لم يكن هناك فلسفة لم يوجد علم. ما لم
يكن تحليل واستنتاج فلسفي فالعلم سيكون بلا معنى. إن إنتاج الفكر مهم جداً. وبالطبع
فإن إنتاج الفكر أصعب من إنتاج العلم. فالمفكرون والنخب الفكرية معرضون للآفات التي
هي أقل في ساحة النخب العلمية. لهذا فإن العمل هنا صعب، لكنه مهم جداً.
ما ذكره هنا كان صحيحاً. لقد استفدت منه وأوافق عليه. وفيما يتعلق بتاريخ التفكير
العقلي هناك أعمال جارية. فلماذا يقال خلاف ذلك؟ حسناً، إن الفلسفة لنا، ومهدها هو
بلدنا. وما هو موجود في بلدنا تحت عنوان الفلسفة هو أقرب بكثير إلى الفلسفة مما هو
موجود في الغرب الذي ملأ ضجيجه الآفاق. حسنا، فليفعلوا ما يريدون. وحوزاتنا هي مركز
الفلسفة، والذين يتخرجون منها أساتذة كبار. وفي الجامعات أيضا فقد ترسّخ هذا الأمر
بحمد الله. لهذا يجب العمل في مجال إنتاج الفكر الذي ينبعث من الرؤية الفلسفية.
1- مفاتيح الجنان.
2017-03-16