من كلمة
الإمام الخامنئي(دام ظله الشريف) في أعضاء المجمع العالمي لأهل البيت(عليهم السلام)
واتحاد الإذاعات والقنوات المرئية الإسلامية17/08/2015
مقتضيات الإنتساب لأهل البيت (ع)
أ ــ إحياء المعارف الإسلامية الحقة
في ما يخصّ المجمع العالمي لأهل البيت، فإنّ أهميته تكمن في انتسابه
لأهل البيت (عليهم السلام)؛ ذلك أنّ لله تعالى في كتابه بيانًا شديدَ الصراحة بشأن
أهل بيت النبي قلّما نجده قد تكرّر بشأن مجموعة أخرى وهو قوله:
(إِنَّما يُريدُ اللهُ لِيُذهِبَ عَنکُمُ الرِّجسَ أَهلَ
البَيتِ وَيُطَهِّرَکُم تَطهيرًا)1. فإن أهل البيت قد عُرفوا
بطهارتهم وتطهير الله لهم، ولهذا التطهير أبعاد كثيرة. ويجب على المجموعة التي
تنتسب لأهل البيت (عليهم السلام) أن تلتزم ببعض اللوازم، وهذا ما نقوله، فإنّ هناك
لوازم لا بد من الالتزام بها.
لقد تمحور عمل الأئمة (عليهم السلام) في الجهاد وصولاً للأهداف التالية: الأول
إحياء المعارف الإسلامية الحقة والأسس والمبادئ الإسلامية وصيانتها. فقد حاولت
الحكومات الظالمة وطواغيت الأمة القضاء على المعارف الإسلامية أو قلبها وتغييرها
وتحريفها. وإن من أهمّ ما قام به الأئمة (عليهم السلام) هو الوقوف أمام هذا التيار،
والحفاظ على المعارف الإسلامية وإحيائها.
ب ــ السعي لإقامة حكم الله
والخطوة الأخرى التي قطعها أهل البيت (عليهم السلام) هي إقامة أحكام
الله والسعي لتطبيقها، سواء خلال الفترة التي كان زمام الحكم بأيديهم، أو في الفترة
التي كانوا مُبعَدين عن الحكومة والسلطة، فقد بذلوا جهودهم لتطبيق أحكام الله في
المجتمع.
3 ــ الجهاد في سبيل الله
ومن الأمور الأخرى التي بادر إليها الأئمة الأطهار (عليهم السلام) هي
الجهاد في سبيل الله، حيث نقرأ في زيارتهم: «أشهَدُ أنّكَ
جاهَدتَ فِي اللهِ حَقَّ جِهادِه»، وحق الجهاد يعني أنهم لم يدّخروا
أيّ جهد في هذا السبيل، ووظّفوا كلّ قواهم وقدراتهم وطاقاتهم في الجهاد في سبيل
الله.
ومن أهمّ جوانب هذا الجهاد الذي يمثل بحد ذاته عنواناً منفصلاً، هو مكافحة الظلم
ومقارعة الظالم، فقد زخرت حياة الأئمة (عليهم السلام) بمجابهة الظلمة ومواجهة
الظلم. ولقد كان هذا سبب التعرض لتلك الضغوط ودسّ السمّ والقتل، إذ كانوا يقفون في
وجه الظلم والظالم؛ هذه هي حياة الأئمة. وحيث إنّنا نروم الآن أن نكون من أتباع أهل
البيت، علينا أن نلتزم بهذه الأمور. فلا بد لنا أن نقوم بترويج المعارف الإسلامية،
وأن نجعل إقامة أحكام الله هدفاً من أهدافنا، وأن نبادر إلى الجهاد في سبيل الله
بكل كياننا، وأن نواجه الظلم، ونجابه الظالم ونحاربه؛ هذه هي الوظيفة الملقاة على
عاتقنا. علماً بأن الجهاد لا يتلخّص في الحرب العسكرية، بل يشمل صنوف المواجهات
الثقافية والسياسية والاقتصادية، فإنها تنضوي كلها تحت عنوان الجهاد. ولا ينصرف
الذهن إلى الحرب العسكرية فقط، وقد يتفق اندلاع الحرب العسكرية في مكان ما، بيد أن
الجهاد لا يقتصر على ذلك.
مصداق الجهاد اليوم: مواجهة الإستكبار
وباعتقادنا فإن مصداق الجهاد الماثل أمامنا نحن المسلمون وأتباع أهل
البيت في الظرف الراهن، هو عبارة عن الوقوف بوجه مخططات الاستكبار في المنطقة
الإسلامية، وهو يمثل اليوم أحد أكبر صنوف الجهاد. فلا بد من مواجهة مخططات
الاستكبار. ويجب علينا أولاً معرفة هذه المخططات، ومعرفة نوايا العدوّ، والوقوف على
ما يريد العدوّ أداءه، ثم نخطط لمواجهة أهدافه، ولا يقتصر ذلك على حالة الدفاع
والانفعال، بل يشمل الجهاد والدفاع والهجوم، فقد يتطلب الأمر أن يتموضع الإنسان في
المواضع الدفاعية، وقد يستلزم الأمر أن يصبح في المواقع الهجومية، والهدف في كلتا
الحالتين عبارة عن مواجهة برامج الاستكبار الذي يشكل العدوّ الرئيسي اللدود في هذه
المنطقة، وفي جميع الأقطار الإسلامية، سيما في منطقة غرب آسيا؛ المنطقة التي يصرّ
الأوروبيون أن يطلقوا عليها اسم الشرق الأوسط، وهو شرقٌ بالنسبة إلى أوروبا حسب
مقياسهم، وعلى هذا الأساس يقسمون المنطقة إلى شرق أقصى وشرق أوسط وشرق أدنى، وهذا
يدلّ على تكبر الأوروبيّين، حيث أطلقوا منذ البداية على هذه المنطقة اسم «الشرق
الأوسط» وهو اسم مغلوط، وتعتبر هذه المنطقة غرب آسيا. فإن آسيا قارة كبيرة ونحن
نعيش في غربها. وتمتاز هذه المنطقة بموقع بالغ الحساسية، وهي منطقة مهمة من الناحية
الاستراتيجية، ومن الناحية العسكرية، ومن ناحية المصادر الجوفية، ومن حيث أنها تربط
بين قارات ثلاث - آسيا وأوروبا وأفريقيا - ومن هنا فإنهم يضعون البرامج ويرسمون
الخطط حول هذه المنطقة، وما علينا إلا ملاحظة هذه المخططات والتصدي لمواجهتها، وهذا
هو الجهاد. فإن القرآن يخاطبنا قائلاً: (جاهِدوا فِي
اللهِ حَقَّ جِهادِه)2، وهذا هو الجهاد في الله في الوقت
الراهن.
[1] سورة الأحزاب، جزء من الآية 33
[2] سورة الحج، جزء من الآية 78