يتم التحميل...

في ذكرى‎ ميلاد سيدة نساء العالمين‎ فاطمة‎‎ الزهراء عليها السلام.

ثقافة إسلامية

في ذكرى‎ ميلاد سيدة نساء العالمين‎ فاطمة‎‎ الزهراء عليها السلام.

عدد الزوار: 60

كلمة الإمام الخامنئي في جمع من الشعراء ومداحي أهل البيت عليهم السلام.الزمان: 14/4/1386هـ. ش ـ 20/6/1428هـ.ق ـ 5/7/2007م.
في ذكرى‎ ميلاد سيدة نساء العالمين‎ فاطمة‎‎ الزهراء عليها السلام.

مديح أهل البيت يقوي الإيمان ويوثق الإرتباط بهم (ع)
إنّ دور الفن، والشعر، والأدب، والحضور في الميادين العلمية والعمل على ترشيد الروح الإيمانية، لمن أهم الأدوار البنّاءة والمؤثرة.

إنّ لكم أن تفكروا في دور مدّاحي وذاكري أهل البيت (عليهم السلام)، فهو دور يقوّي الإيمان، وينمّي الثقافة، ويرسّخ المشاعر العاطفية بين الأحبّاء والمحبوبين. ولهذا فهو دور في غاية الأهمية.

واجب المداحين أن يحدثوا تأثيرا في إيمان المتلقي
لقد كنّا مهتمّين جداً بانعقاد مثل هذه اللقاءات السنوية مع المدّاحين المحترمين، وظل هذا الاهتمام مستمراً على مدى أكثر من عشرين عاماً منذ عقد الستينيات وعندما كنت رئيساً للجمهورية، حيث كانت لي كلمة في كل لقاء حول مديح أهل البيت (عليهم السلام)، ولا أبغي تكرار ما قُلته آنفاً في لقائنا هذا، ولكنني أودّ أن أقول للأخوة المدّاحين: أن يدركوا قيمة وأهمية هذا العمل.

فإذا وقفتم عل الأهمية ستدركون المسؤولية، حيث إنّ الأهمية لا تنفكّ عن المسؤولية.

فماذا تعني المسؤولية؟ إنها تعني أننا سوف نُسأل. جاء في دعاء مكارم الأخلاق ((واستعملني بما تسألني غداً عنه)).

إذاً فلديكم مسؤولية، أي أنكم ستُسألون. فليكن عملنا استعمالاً بما نُسأل غداً عنه.

وعندما يتضح ذلك، فإننا نتساءل: ثم ماذا؟ وماذا نفعل؟ لقد تحدّث الكثيرون في هذا الاجتماع من ذوي المسؤولية والكلمة في طائفة المدّاحين، وتحمّل الآخرون مسؤولية إقامة هذا اللقاء بكل ما فيه من أعباء، وما كل هذا إلا جواب عن السؤال: فماذا نفعل؟ ومع هذا فهو سؤال عريض تحتاج إجابته الى مجلدات.

ولكننا إذا أردنا اقتباس بعض الكلمات من هذه المجلدات فإننا نقول: لنأخذ بالاعتبار عندما نلقي شعراً أنّ هذا الشعر سيرفع من مستوى إيمان المخاطبين.

إذاً فليس كل شعر يُلقى، وكيفما اتُّفق، بل يجب أن يكون الشعر والأداء معاً مما يُحدث تأثيراً لدى المتلقّي. في أي مجال؟ في مجال زيادة ما لديه من إيمان وعقيدة.

إنّ الكلام سهل، ولكن الصعوبة في العمل، حيث لا يمكن إصدار الأوامر من أعلى المنصّة، فيتحقق المطلوب تلقائياً، فهذا أمر عسير. ولكنكم تستطيعون.

إنّ لديكم صوتاً عذباً، وحافظة قوية، وحيوية متدفّقة، وباستطاعتكم تحقيق ما قلناه.

قيمة التجديد في بنائه على القديم
أوصي الشباب بألا يتخلّوا تماماً عن أساليب القدامى، وألا يهملوها.

إنني أوافق على التجديد، فلا غبار عليه، ولكن إذا أردتم بلوغ الكمال في هذا التجديد، فيجب أن يكون امتداداً لطريقة المتقدمين.

((العُلى محظورة إلا على مَنْ بنى فوق بناء السلف)) لقد شيّد السالفون طبقة، فأضيفوا إليها أخرى، وعندئذ يرتفع البناء. فإذا ما هدمتم ما قد سلف، ثم جاء من يهدم ما بنيتم، فإن النتيجة ستكون طبقة واحدة لا غير. تعلّموا محسنات الأساتذة والسابقين وكل من أبلى حسناً في هذه الصنعة، ثم أضيفوا إليها مما عندكم.

إنّ الأساليب الجديدة إذا ما أُبدعت على هذا المنوال ستكون ممتازة.

ضرورة محفاظ الألحان على التراث الموسيقى الأصيل
لقد سمعنا قديماً من الموسيقيين ذائعي الصيت أنهم كانوا يقولون: إنّ الذي حافظ على التراث الموسيقي الإيراني الأصيل هم المدّاحون وقرّاء المصائب واللطميات لـ (علي الأكبر, والقاسم) في ذكرى شهداء كربلاء بأساليب النواح المشهورة.

لقد كانوا يعطون لكل منهم مقاماً وجهازاً وعليه أن يؤدي نَعْيَه على هذه الآلة، وهذا ما أدى إلى أن تصلنا الموسيقى الإيرانية الشفهية ـ التي لم تكن مدوّنة ولم تكن لها نوتة ـ فجاء المعاصرون ودوّنوها على النوتة بأدواتهم الجديدة.

فلا ينبغي أن يأتي شباب اليوم، سواء من المُنشدين في الإذاعة والتليفزيون ـ وهم في وضع يُرثى له للأسف ـ أو من المُنشدين في جماعات بشكل عشوائي وخاطئ، أو يقتبس موسيقى لأحد المطربين الغربيين أو لمطرب عربي كان يقلّد ذلك المطرب الغربي، ثم يركّب عليها نظماً وكلمات بصورة أو بأخرى، ويعتبر نفسه مدّاحاً مشهوراً ومبدعاً..!

إنّ هذا ما كان يحدث أيضاً ـ للأسف الشديد ـ قبل الثورة.

لقد أضاعوا الموسيقى الإيرانية الأصيلة التي كان من الممكن أن تشتمل على الموسيقى غير المحرمة، وللعلم فإن الموسيقى الأصيلة أو التقليدية منها ما هو محرّم، بلا فرق في ذلك بين الإيرانية وغير الإيرانية.

إنّ الأوضاع تحسّنت في عصر الثورة، ولكن لا ينبغي أن يقوم أحد المدّاحين أو المُنشدين في الإذاعة والتليفزيون بتقليد المطربين الغربيين أو الأداء على ألحان موسيقى مجالس اللهو والفسوق بشكل خاطئ، وذلك في مجالس الإيمان والعقيدة والقيم المعنوية، فهذا لا يجوز، وهو عمل خاطئ.

إننا مع التجديد، ولكن ليس بهذه الطريقة. وهذا فيما يتعلق باللحن والأداء.

ولا ريب أن الصوت الحسن يمكن أن يتحوّل إلى نشاز قبيح إذا ما أدّى لحناً قبيحاً. في حين أنّ الصوت المتوسط الجمال يمكن تحسينه بأداء اللحن الجميل. فالمسألة كلها في اللحن الموسيقي.

الشعر الجيد ما يترك تأثيرا في المخاطب
وأما الآن فلنا وقفة مع الشعر، والكلمات.

إنّ ألفاظ الشعر يجب أن تكون ألفاظاً جيدة، فليس باستطاعة كل واحد أن يتعرّف على الشعر الجيد.

إنّ ما يعتبره الجهلاء شعراً جيداً لا يدلّ بالضرورة على جودته.

فالشعر الجيد لا يعرفه إلا المتبحّرون في الشعر وقضاياه.

فما هي فائدة الشعر الجيد؟ فائدته أن يكون تأثيره عظيماً في المخاطب دون أن ندري، فهذا هو الفن بعينه.

إنّ الفن البديع هو الذي يترك أثره العميق على المتلقّي حتى ولو لم يعرف أنه بديع، فهذه فائدته، وذلك دون الفن العادي.

وأما ألفاظ الشعر ومفرداته، فينبغي أن تكون قوية، وجذلة وجميلة، وأن تنمّ عن مفاهيم جذابة، وأن تكون منتقاة وجديدة وليست بالمكررة، في حين يجب أن يكون الموضوع ـ وهو بيت القصيد ـ تربوياً.

الشعر الجيد ما كان مضمونه تربويا وينطوي على جديد
إنّ هناك مقولة تسمّى بمقولة الموضوع، وهي غير الألفاظ والمحتويات اللفظية. أي أنّ الذي تريدون بيانه يجب أن يكون تربوياً. ولنفترض الآن أنّ خطيباً واعظاً يصعد المنبر، ثم يتحدّث طويلاً دون أن يضيف شيئاً إلى ما يعرفه الحضور عن هذا الموضوع.

حسناً، لقد أضاع وقته ووقتهم معاً.

وهكذا هم المدّاحون، فما تؤدّونه من أشعار ومديح سيكون فيه إشكال، حتى ولو كانت ألفاظه جيدة، وحتى لو كان حول الزهراء(سلام الله عليها)، إذا لم تكن فيه فائدة للمستمع، وما لم يضف شيئاً إلى معلوماته عن هذه السيدة العظيمة ومنزلتها ومكانتها الجهادية وسيرتها وسجاياها؛ ذلك لأنها معصومة، وحركات المعصومين وسكناتهم تعتبر درساً وعبرة ونموذجاً يُحتذى.

إذاً .. فمسؤوليتكم جسيمة أيها الأعزاء. إنّ ما تقومون به ليس مجرد كلمات محفوظة تؤدى بصوت جميل كما قد يتصور البعض، كلا، فالمسؤولية كبيرة للغاية.

فلابد وأن يكون عملكم فنيّاً ومؤثراً وهادياً ومرشداً.
 

2017-03-16