درس "البعثة": الصمود والثبات هو سبيل نهضة الأمة الإسلامية
ثقافة إسلامية
درس "البعثة": الصمود والثبات هو سبيل نهضة الأمة الإسلامية
عدد الزوار: 77
كلمة
الإمام الخامنئي بمناسبة المبعث النبوي 30/07/2008
درس "البعثة": الصمود والثبات هو سبيل نهضة الأمة الإسلامية
مجرد أن نجلس ونقول إن آية نزلت وجاء جبرئيل وبعث النبي بالرسالة ونفرح
بأن آمن فلان ولم يؤمن فلان، فهذا لا يعالج مشكلة. المسألة هي أن نستلهم الدروس من
هذه الحادثة التي وهي أم كل الأحداث في فترة حياة الرسول المباركة. كل هذه الأعوام
الثلاثة والعشرين دروس.
ذات مرة قلت لبعض الأصدقاء إن علينا دراسة حياة الرسول بالملّي مترات. كل لحظة في
حياته حدث ودرس وتجل إنساني عظيم. وهكذا هو الحال بالنسبة لكل هذه السنوات الثلاثة
والعشرين. ليقرأ شبابنا تاريخ حياة الرسول من المصادر الموثوقة ويروا ما الذي حدث.
حين ترون أن أمة بهذه العظمة قد ظهرت إلى الوجود - واليوم أيضاً تكمن أفضل الأقوال
وأفضل الحلول، وأفضل الدروس، وأفضل المعالجات للبشرية في منظومة الأمة الإسلامية -
فقد ظهرت ونمت وتجذرت بهذا الشكل. وإلّا لن نتقدم إلى الأمام لمجرد أن الحق معنا.
الحق وبجانبه الصمود. يقول الإمام علي - وقد رويت عنه قوله هذا مراراً - في حرب
صفين: " لا يحمل هذا العلم إلّا أهل البصر والصبر". لا يستطيع حمل هذه الراية إلّا
من تكون لديهم بصيرة أولاً ، فيفهمون ما القضية وما الهدف. ثانياً: من يتحلّون
بالصبر، والصبر هو الاستقامة والصمود والثبات. هذا هو الدرس الذي ينبغي أن نتعلّمه
من البعثة.
الشعب الإيراني وثورته المظفرة نموذجا
كان إمامنا العزيز رشحة من ذلك الينبوع الفياض حيث استطاع إطلاق هذا
المشروع العظيم في العالم. هو أيضاً كان قلبه مفعماً بالإيمان بهذا السبيل. وكما
قال القرآن الكريم: " آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كلّ آمن بالله
ورسله وملائكته". الرسول نفسه كان أول المؤمنين.
وفي ثورتنا كان الإمام الجليل هو المؤمن قبل غيره بهذا السبيل والمفعم قلبه
بالإيمان بهذا الطريق وهذا الهدف؛ كان يفهمه ويعلم ماذا يفعل. كان يفهم عظمة هذا
العمل ومستلزماته، وأول مستلزماته هو أن يقف بصلابة في هذا الطريق بالتوكل على
الله. فوقف بقوة. واكتسب شباب هذا الشعب الصمود من صموده. وحينما فاضت ينابيع الصبر
والسكينة هذه استغرقت جميع أبناء الشعب، فصدق عليهم قول الله تعالى: " هو الذي أنزل
السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيماناً مع إيمانهم". حينما تنزل هذه السكينة في
قلوب الناس يتضاعف إيمانهم. ثم يقول: " ولله جنود السماوات والأرض". من ماذا
تخافون؟ جنود الأرض والسماء لله. كن مع الله تكون لك وطوعك جنود الأرض والسماء. هذه
هي السنن الإلهية.
لاحظوا أن الله تعالى خلق شيئين في آن واحد: أحدهما هذا العالم بكل قوانينه وسننه.
والآخر قواعد الشريعة ودين الناس ودليلهم. خلق هذين الشيئين معاً وهما متطابقان على
بعضهما. إذا عملتم طبقاً للقوانين الإلهية - أي طبق إرادته التشريعية - تطابق عملكم
وحياتكم وسلوككم مع قوانين الخلقة، كالسفينة التي تسير باتجاه الرياح فتساعدها
الرياح، أو تجري مع تيار الماء فيساعدها هذا التيار.
سنن الخلقة تعين الإنسان السائر في هذا الطريق، ولكن شريطة أن يتحركوا. وقد تحرك
الشعب الإيراني وأعانته سنن الخلقة وقوانين الله الطبيعية. وإلّا من كان يتصور أن
ترفع فجأة راية الإسلام في قلب المنطقة الأكثر حساسية في العالم - أي الشرق الأوسط
- وفي بلد تحكمه إحدى أكثر الحكومات تبعية للاستكبار العالمي - أي حكومة الشاه
البهلوي- وفي مجتمع تلوّثت أذهان الكثير من مثقفيه ونخبه طوال عشرات الأعوام
بالتعاليم الغربية والوساوس الغربية والأهواء النفسية وأن يدعو هذا المجتمع الأمة
الإسلامية إلى الإسلام؟ من كان يتصور أن مثل هذا الشيء ممكن؟ لكنه تحقق.
معنى ذلك أن الجماعة أو الشعب إذا تحرك في هذا الطريق فسوف تعينه الرياح الإلهية
الموافقة أي سنن الخلقة وتأخذ بيده إلى الأمام.
ليست القضية قضية إيران فقط. لقد استيقظ العالم الإسلامي اليوم وتحلّى بالوعي. ذات
يوم كان التصور السائد أن كل ما يريده جبابرة العالم وشقاته - أمريكا أحياناً
والاتحاد السوفيتي السابق أحياناً- سوف يحصل، ولا حيلة أمام رجال السياسة سوى
التصرف طبقاً لميولهم. واليوم غاب هذا التصور بين الشعوب نهائياً وهُمّش بين الساسة
والنخب السياسية إلى حد كبير. ينبغي الصمود والثبات.
أقول لشعب إيران وأتباع البعثة المحمدية أن السبيل هو الصمود. وقد اختار نظام
الجمهورية الإسلامية تبعاً لإمامه الجليل هذا الصمود وانتفعنا منه ولم نخسر شيئاً.