رحمةً بالعباد؛ النبي (ص) يجاهد أعداء البشرية: قوى المال والسلطان
ثقافة إسلامية
رحمةً بالعباد؛ النبي (ص) يجاهد أعداء البشرية: قوى المال والسلطان
عدد الزوار: 75
من كلمة
الإمام الخامنئي لدي لقائه مسؤولي النظام الإسلامي وضيوف مؤتمر الوحدة الإسلامية في
يوم المولد النبوي الشريف وولادة الإمام الصادق (ص)17/12/2016
رحمةً بالعباد؛ النبي (ص) يجاهد أعداء البشرية: قوى المال والسلطان
إنّ أهمية الوجود الأقدس للنبي الأعظم هي لدرجة، أن الله تعالى منّ على
البشرية إذ منحها هذه النعمة؛ (لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ
عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ)1.
يقول الإمام السجاد (عليه الصلاة والسلام) في الصحيفة السجادية مخاطبًا الله تعالى:
«الحَمدُ لِلّهِ الَّذي مَنَّ عَلَينا بِمُحَمَّدٍ
نَبيِّه دونَ الأُمَمِ الماضيَة وَالقُرونِ السّالِفَة»2.
لقد صرّحت الآيات القرآنية والأحاديث الواردة عن الأئمة المعصومين بالمنة الإلهية
لهذه العطيّة الكبرى إلى البشرية. هذا أمرٌ في غاية العظمة. وقد عبّر الله تعالى عن
النبيّ أنّه (رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ)3،
ولم يقل: «لفرقة من البشر» أو
«لجمع من العالمين»، بل قال:
(رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ). فهو يُهدي للبشرية
تلك الرسالة التي جاء بها من عند الله تعالى، ويضع هذه البصيرة وهذا النهج بين يدي
أبناء البشر كافة.
رحمةً بالعباد؛ النبي (ص) يجاهد أعداء البشرية: أصحاب
المال والسلطان
هناك بالطبع مَن لا يرغب مِن أصحاب الذهب والتسلّط، في أن يجلس الناس
للضيافة على هذه المائدة الواسعة للرحمة الإلهية، ويعارض قوتهم، ولذلك يقف أمام هذه
الحركة الإلهية، فيقول الله سبحانه وتعالى حينئذٍ: (يَا
أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ)4.
لا تسر وراءهم واحذرهم، ويقول في موضع آخر: (يَا أَيُّهَا
النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ)5.
يقول تعالى «جاهد»، وليس «قاتل الكفار والمنافقين»، لأنّ القتال ليس واجبًا ضروريًا
دومًا، ولكن الجهاد ضروريّ ولازم على الدوام.
الجهاد جهاد سياسي تارةً، وجهاد ثقافي تارةً أخرى، ومرة جهاد ناعم، وأخرى جهاد صلب،
وتارة جهاد بالسلاح، وأخرى جهاد بالعلم. هذه كلها جهاد، ولكن ينبغي الالتفات فيها
جميعها أنّ الجهاد هذا إنما هو جهاد في مواجهة العدو، ومكافحة أعداء البشرية،
ومحاربة الأعداء الذين يفرضون أعباء وجودهم الثقيلة ومطامعهم على البشرية اعتمادًا
على قدرتهم وأموالهم وتسلطهم، ولا معنى للتوافق والانسجام معهم؛
(اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ
وَالْمُنَافِقِينَ).
إن الآيات الكريمة التي نزلت حول النبي، والتعاليم التي أُعطيت له لتعلّمه بناء
المجتمع الإسلامي الجديد خطوة بخطوة وكلمة بكلمة، كثيرة جدًا. وصيتنا إلى أنفسنا،
وإلى شبابنا، وإلى المبلّغين للشؤون الدينية، وإلى من بيده مقاليد أفكار الناس، هي
الرجوع إلى هذه الآيات كلها، ومشاهدة هذه المفاهيم القرآنية جميعًا، فإنها منظومة
كاملة. إن مشكلتنا تكمن في أننا نغفل عن مجموعة التعاليم الكاملة التي يخاطب الله
بها نبيّه، والصفات التي يصفه بها. فلو وضعنا هذه المنظومة الكاملة نصب أعيننا،
حينها سيظهر لنا بوضوح ذلك المسار والموقف الصحيح، وذلك الصراط المستقيم الذي كان
النبي يسلكه. (إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)6،
يجب إيجاد هذا الصراط المستقيم.
1- سورة آل عمران، جزء من الآية
164
2- الصحيفة السجادية
3- سورة الأنبياء،جزء من الآية107
4- سورة الأحزاب، جزء من الآية1
5- سورة التوبة، جزء من الآية 73
6- سورة الزخرف ،جزء من الآية 43