المداحون يحملون كتاب مديح الفضيلة ونشر معارف الدين
ثقافة إسلامية
المداحون يحملون كتاب مديح الفضيلة ونشر معارف الدين
عدد الزوار: 70
من كلمة
الإمام الخامنئي في لقاء حشد من مداحي أهل البيت (عليهم السلام) بمناسبة ميلاد
السيدة فاطمة الزهراء (سلام الله عليها) 09-04-2015
المداحون يحملون كتاب مديح الفضيلة ونشر معارف الدين
المداحون يمدحون أهل بيت الفضيلة
بالنسبة للمسألة الأولى إنّ مهنة المديح مهنة شريفة جدًا؛ لماذا؟ لأنّه
طوال التاريخ كان هناك من يمدح الظالمين المتسلّطين والمستبدّين. واليوم أيضًا هناك
من يمدحهم، حيث يوجد في العالم أشخاص يطلقون ألسنتهم لمدح أنجس البشر، أو يحملون
أقلامهم المأجورة -بثمن بخس وسخ- ليقوموا بهذا العمل؛ أما أنتم فعلى العكس من ذلك:
إنّ ألسنتكم وأنفاسكم وحناجركم وقدراتكم الفنيّة في خدمة مديح الفضيلة. إنّ أهل بيت
الرسول هم أهل بيت الفضيلة؛ فهم مفعمون بالفضيلة من الرأس حتى أخمص القدمين. إنّ
مادح الشمس يمدح نفسه؛ ففي الحقيقة عندما تمدحون فضيلة أهل بيت النبي فإنّكم تمدحون
أنفسكم بذلك وتظهرون شرف هذه المهنة وهذا العمل، لقد قرأت قبل سنوات في هذا المجلس
المتعلق بفاطمة الزهراء (سلام الله عليها) شعر المرحوم "صغير الأصفهاني" هذا {ترجمة
شعر}
"ورد في الحديث أنّ الرسول في ليلة الإسراء
شاهد قافلة وأنا واحد من جِمال تلك القافلة
إن لم تصدق كلامي وأردت دليلًا فانظر
إلى كتاب المديح في يدي فهو سفري وحِملي"1
رحمة الله على صغير الأصفهاني. بناءً على هذا أنتم تحملون كتاب مديح الفضيلة في
أيديكم؛ هذا شرف كبير هنيئا لكم؛ إعرفوا قيمة هذا العمل واغتنموا هذه الخصوصيات
وهذه الفرصة. هذه هي النقطة الأولى حول المداحين.
الفرصة المتاحة للمداحين لتربية النفوس عظيمة
أما النقطة الثانية؛ إنّ لدى مجتمع مداحي البلاد فرصة عظيمة جدًا؛ فأنتم
تقيمون المجالس التي يجتمع فيها حضور حاشد يصل أحيانًا الى الآلاف وغالبًا ما يكون
من الشباب الذين يجتمعون أمام منبركم وموالدكم ومدائحكم ومرثياتكم؛ هل هناك فرصة
أكبر من هذه؟ كلّ هذا الجمهور المستمع، كلّ هذه القلوب المستعدّة للإنصات والتأثّر،
كلّ هذه النفوس الحاضرة للتربية هي في متناول أيديكم. إنّها فرصة؛
"إغتنموا الفرص فإنّها تمرّ مرّ السحاب"2.
أحسنوا الإستفادة من هذه الفرص بأحسن ما يكون.
مسؤولية المداحين تبليغ معارف الدين
النقطة الثالثة؛ ما هي الإستفادة المثلى من هذه الفرصة؟ إنّما تبليغ
معارف الدين؛ تبليغ ذلك الأمر الذي لأجله وضع هؤلاء العظماء، الذين هم مظهر للعظمة
والفضيلة، أرواحهم على أكفّهم وتحمّلوا كل هذا العذاب وعانوا كلّ هذه المصائب فحصلت
حادثة عاشوراء وغيرها من الأحداث الفجيعة في صدر الإسلام. لمَ حصل كلّ هذا؟ من أجل
نشر معارف الدين. نستفيد من هذه الفرصة لنشر تلك المعارف وللأخذ بيد جيل الشباب
للعمل بالدين وبالشريعة وتحمّل المسؤوليات الكبرى في هذا الزمن. إنّ بلدنا وشعبنا
والعالم الإسلامي اليوم بحاجة إلى الفهم الصحيح والعمل الصحيح والإستقامة. إنّ
الشعب الإيراني هو نموذج وأسوة؛ وفي أوساط الشعب، فإنّ الشباب هم المحرّك الفعّال.
هؤلاء الشباب هم بين أيديكم؛ وستلاحظون بنظرة واحدة أنّ بأيديكم مفتاح محرّك العالم
الإسلامي؛ بلِّغوا معارف الدين.
إنّ كل ما يحتاجه الناس وما يحتاجه الشباب للعيش بطهارة ولنمط الحياة الإسلامية
وليكونوا مسلمين بكل معنى الكلمة هو في أيديكم. علّموهم كل هذا ليختم لهم بحسن
العاقبة، متى كان عندنا كل هذه المجالس على مر التاريخ؟ حيث يجتمع كل هذا العدد من
الشباب ويضعون قلوبهم بين أيديكم. في زماننا نحن وفي مرحلة شبابنا في مشهد حين
كانوا يعدّدون جميع المداحين لم يكن العدد يتجاوز ستة مداحين، ولعلّه في طهران كان
أكثر من ذلك بقليل. كل هذه المجالس كل هؤلاء الخطباء، هذا العدد الكبير من قراء
الموالد، كل هذا الفن، كل هذه الأصوات الجميلة حيث يقوم الشعراء بنظم الشعر ويقوم
المداحون بإنشاد هذه الأشعار. إستغلوا هذه الفرصة، هذه نقطة أخرى.
اجتنبوا النزعة الخرافيّة
والنقطة الأخيرة هي اجتناب الإنحراف، اجتناب النزعة الخرافية، اجتناب
إيجاد المشكلات في عقائد الشباب. أحيانًا نقول نحن كلمة، توجِد عقدة في ذهن الشاب
المستمع لنا؛ من الذي سيحل له هذه العقدة؟ هذه العقدة التي أوجدناها نحن في ذهن ذلك
الشاب من خلال بياننا الناقص أو بياننا الخاطئ أو عدم التفاتنا أو عدم تحمّلنا
للمسؤولية، كيف تحل هذه المشكلة؟ هذه مسؤولية. هل صحيح أن نبدّل مجلس عزاء أو مدح
سيد الشهداء - الذي نال هذه العظمة بسبب الشهادة والفداء في سبيل الله والإيثار
والتخلّي عن كل شيء- إلى مسألة خفيفة، إلى مكان يقوم فيه مجموعة من الشباب بتعرية
صدورهم والقفز في الهواء للأعلى وللأسفل دون أن يدروا ماذا يقولون؟ هل هذا صحيح؟ هل
هذا هو شكر تلك النعمة التي وهبكم إياها الله؟ هذا الصوت الجميل هو نعمة؛ هذه
القدرة على إدارة المجلس هي نعمة. هي أمور لم يهبها الله للجميع وقد وهبها لكم، يجب
أن تشكروا هذه النعم. بناء عليه فإنّني أحب المداحين من صميم قلبي؛ إنّني أدعو لكم؛
أن يوفّقكم الله جميعًا ويكون في عونكم. ولكنّي أقول لكم أيضًا إنّ ما هو منتظر من
المداحين اليوم في المجتمع الإيراني وفي كل المنطقة هي توقّعات مرتفعة. أنا لا
أستطيع أن أقول أي شيء حول الصدّيقة الطاهرة المعصومة الراضية المرضية (سلام الله
وسلام جميع أنبيائه وملائكته وعباده الصالحين عليها)؛ لقد بيّنتم أنتم في كلماتكم
بعض القضايا، وأنا العبد لله، لساني قاصر عن الحديث عنها، لذلك أترك هذا الموضوع.
1- مثنوي مولوي-الاصدار الخامس.
2- مستدرك الوسائل، ج12، ص142